تعتمد معرفة سبب ألم الثدي لدى المرأة على ما إذا كان يحدث في منطقة واحدة منه، أو في كامل الثَّدي. وكذلك على علاقته بتغيرات الدورة الشهرية أو مدى تناول حبوب منع الحمل أو أي إصابات تعرضت لها المرأة. وكذلك تعتمد على نتائج الفحص الإكلينيكي والإجابة عن أسئلة الطبيب.
ومع ذلك، لا يُعد ألم الثدي Breast Pain أحد الأعراض الأولية لدى غالبية (أكثر من 95%) مريضات سرطان الثَّدي. ولكن ينبغي تقييم ألم الثدي الشديد، أو الذي يستمر لأكثر من شهر واحد. ووجود أي أعراض أخرى مرافقة، غير الألم، هي التي تحدد في الغالب ما إذا كانت ثمة حاجة إلى فحوصات طبية. وتستند المعالجة بالدرجة الأولى إلى معرفة السَّبب.
وتفيد الدكتورة باميلا آن رايت، المديرة الطبية لمركز الثدي بمستشفى سوبربان (التابع لجونز هوبكنز) في ماريلاند، قائلة: «يعاني معظم النساء من شكل من أشكال آلام الثدي في وقت أو آخر. عادةً ما يكون علاج ألم الثدي أمراً سهلاً، ولكن في حالات نادرة يمكن أن يكون علامة على شيء أكثر خطورة».
اسباب ألم الثدي
وبمراجعة الكثير من المصادر الطبية، إليك أهم 8 أسباب لآلام الثدي لدى المرأة، وفق مدى الانتشار، وهي:
1. التقلبات الهرمونية. التغيرات التي تعتري مستويات الهرمونات الأنثوية، هي السبب الأول وراء ألم الثدي لدى معظم النساء. ومن الطبيعي لدى غالبية النساء أن يصبح الثدي مؤلماً قبل ثلاثة إلى خمسة أيام من بداية الدورة الشهرية ويتوقف الألم بعد أن يبدأ خروج الحيض. والسبب هو ارتفاع مستويات هرمون الإستروجين Estrogen والبروجسترون Progesterone، قبل بدء الدورة الشهرية مباشرة. ويسبب هذان الهرمونان تضخم الثدي، ويمكن أن يؤديان إلى الشعور بالألم فيهما عند اللمس Tender Pain، ولو كان خفيفاً. وتقول الدكتورة رايت: «من الطبيعي أن تصابي بألم في الثدي، يأتي ويختفي في وقت قريب من دورتك الشهرية. لا شيء في هذا يدعو للقلق». وتضيف: «إذا أصبحتِ حاملاً، فقد يظل ثدياك مؤلمين خلال الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل، مع زيادة إنتاج الهرمونات. وآلام الثدي عند اللمس، هي واحدة من أولى علامات الحمل لكثير من النساء». وتقترح المصادر الطبية عدة خطوات للتعامل مع هذه الحالة، منها:
- تجنب الكافيين.
- اتباع نظام غذائي قليل الدسم.
- التقليل من تناول الملح.
- تجنب التدخين.
- تناول مسكنات الآلام المتاحة دون وصفة طبية.
- اسألي طبيبك عمّا إذا كان من المفيد تبديل حبوب منع الحمل أو أدوية العلاج بالهرمونات البديلة HRT.
2. إصابة الثدي. يمكن أن يُصاب الثدي بالرضوض أو الكدمات Breast Injury، مثل أي جزء من الجسم، بسبب حادث أو في أثناء ممارسة الرياضة. وقد تشعر المرأة بألم حاد لحظة الإصابة، أو ينشأ بعد ذلك. ويمكن أن يستمر الألم، وبخاصة عند اللمس أو الضغط، لبضعة أيام، أو حتى عدة أسابيع بعد إصابة الثدي. وتجدر مراجعة الطبيب إذا لم يتحسن الألم أو لاحظت المرأة أياً من العلامات التالية:
- انتفاخ شديد.
- نتوء في الثدي.
- احمرار جلدي وسخونة، مما قد يشير إلى وجود عدوى.
- كدمة على جلد الثدي لا تزول.
3. حمّالة صدر غير داعمة. من الممكن جداً، وفي كثير من الأحيان، أن ينشأ ألم في الثديين أو أحدهما، نتيجة ارتداء حمّالة صدر غير داعمة بشكل ملائم وبحجم ملائم للثديين. والسبب أنه من دون الدعم المناسب لثقل الثدي، يمكن أن تصبح الأربطة التي تربط الثدي بجدار الصدر، متوترة بشكل مفرط ومؤلمة، وبخاصة في نهاية اليوم. كما أن ارتداء حمّالة صدر غير داعمة يمكن أن يسبب ضغطاً وضيقاً على أنسجة الثدي، مما يؤدي إلى الأوجاع والآلام. والنتيجة هي ثدي مؤلم، خصوصاً عند فترة النوم. وقد يكون هذا ملحوظاً للمرأة بشكل خاص في أثناء أو بعد أداء التمرين الرياضي، عندما لا تكون حمّالة الصدر بالحجم الصحيح أو لا توفر دعماً جيداً.
وحمّالة الصدر المناسبة بشكل صحيح هي التي يكون الشريط الخلفي لها ثابتاً بدرجة كافية حول الظهر، لأن هذا هو المكان الذي يأتي منه معظم الدعم. وأنواع حمّالات الصدر ذات الكوب الكامل، التي تحتوي على أحزمة أوسع وبطانة مريحة، مناسبة للثدي الثقيل. ذلك أن الكوب الكامل سيوفر الكثير من التغطية والدعم وسيقلل من الاهتزاز أيضاً. وهناك عدة علامات تدل على أن حمّالة الصدر غير مناسبة بشكل صحيح، منها:
- حمالة الصدر ترتفع إلى الخلف.
- شريط حمالات الكتف Shoulder Straps يضغط على الجلد.
- خروج أو بروز أجزاء من الثدي خارج كوب حمّالة الصدر Bra Cups.
وإذا كنتِ تواجهين أياً من هذه المشكلات أو تتساءلين عمّا إذا كنتِ ترتدين مقاس حمالة الصدر المناسب، اسألي المتخصصة في قياسات حمّالات الصدر.
4. ألم في جدار الصدر. ما قد يشتبه على المرأة أنه ألم في الثدي، قد يأتي في الواقع من جدار الصدر. وفي جدار الصدر توجد العضلات والأربطة والأنسجة والعظام والغضاريف، التي تحيط وتحمي الرئتين والقلب والمريء. وتشمل الأسباب الشائعة لألم جدار الصدر، الذي قد يتسبب كذلك في ألم في الثدي، ما يلي:
- إحدى العضلات التي تعرضت للشد أو الإجهاد أو التهتك في داخل أليافها العضلية، بفعل حمل شيء ثقيل أو وضعية النوم أو غيرها من الأسباب.
- التهاب حول الضلوع.
- الإصابة برضوض أو كدمات في جدار الصدر.
- كسر العظام.
العقاقير والعلاجات
5. الآثار الجانبية للدواء. ربما لا يخطر على بال بعضهن، ولكن قد يكون ألم الثدي بسبب أحد الآثار الجانبية لدواء قد تكون المرأة تتناوله. وتقول الدكتورة باميلا آن رايت: «قد يسبب بعض الأدوية ألم الثدي كأثر جانبي. تحدّثي إلى طبيبك حول الأدوية التي تتناولينها، وما إذا كان هذا هو الحال بالنسبة لكِ. يتضمن بعض الأدوية التي لها هذا التأثير الجانبي المعروف ما يلي:
- العلاجات الهرمونية، مثل حبوب منع الحمل، أو أدوية الهرمونات الأنثوية التعويضية، أو العلاجات الهرمونية للعقم.
- عقار الديجيتال Digitalis، يوصف لأنواع من خفقان اضطرابات نبض القلب أو في حالات فشل القلب.
- عقار ميثيل دوبا Methyldopa، الذي يستعمل بشكل شائع لعلاج ارتفاع ضغط الدم خلال فترة الحمل.
- عقار أوكسيميثون Oxymethone، ويستخدم لعلاج بعض أشكال فقر الدم.
- عقار الكلوربرومازين Chlorpromazine، ويستخدم لعلاج مختلف حالات الصحة العقلية.
- أدوية إدرار البول، التي تزيد من التبول وتستخدم لعلاج أمراض الكلى والقلب وارتفاع ضغط الدم».
6. كيس بالثدي. تقول الدكتورة رايت: «إذا ظهرت كتلة رقيقة فجأة في ثديك، فقد يكون لديك كيس Breast Cyst». وتضيف: «هذه الكتل المملوءة بالسوائل ليست خطيرة ولا تحتاج في كثير من الأحيان إلى العلاج لأنها قد تتحلل من تلقاء نفسها. ولكن من المهم أن يتم فحص أي كتلة في ثديك من الطبيب».
ولتشخيص الكيس، قد يوصي الطبيب بإجراء تصوير الثدي بالأشعة السينية أو الموجات فوق الصوتية. وقد يُجري الطبيب سحب السوائل من الكتلة باستخدام إبرَة رقيقة. وهذا التصريف للسائل من الكيس هو لدقة التشخيص، وأيضاً هو شكل من أشكال العلاج. وعادةً ما يكتفي الطبيب بذلك. ولا يتم عادةً إرسال السائل للفحص للتحري عن السرطان إلاّ إذا كان السَّائِل مُدمَّى أو عَكِراً، أو كانت كمية السَّائِل التي جرى شفطها قليلةً جداً، أو إذا بقيت الكتلة موجودةً بعد شفط السائل.
وإذا لم يحدث أيّ مما سبق ذكره، يُعاد فحص المريضة خلال 4 إلى 8 أسابيع. وإذا لم يعُد في الإمكان الإحساس بالكيس في هذا الوقت، فإنَّها تعد غير سرطانية، وإذا ظهرت مَرَّةً أخرى، يَجرِي شفطها من جديد، وفحص السَّائِل تحت المجهر. وإذا ظهرت الكيسة للمرَّة الثالثة أو إذا بقيت موجودة بعد شفطها، تؤخذ خزعة لعينة نسيجية من الكتلة.
7. حالات مَرضية في الثدي. قد يكون سبب ألم الثدي التهاباً في الثدي. ومن المرجح أن تصاب النساء المرضعات بالتهابات الثدي، ولكنه قد يحدث أحياناً عند غيرهن. وغالباً ما ترافق الشعور بألم الثدي، أعراض أخرى، مثل حمى ارتفاع حرارة الجسم، أو احمرار في منطقة الألم بالثدي، أو الشعور بسخونة فيه عند اللمس، أو تورم تلك المنطقة المؤلمة من الثدي. وإذا كان الأمر كذلك، فمن المهم مراجعة الطبيب. ويشمل العلاج عادةً المضادات الحيوية ومسكنات الألم.
كما يمكن في حالات نادرة، أن يكون ألم الثدي في بعض الأحيان علامة على الإصابة بسرطان الثدي. وتقول الدكتورة رايت: «إنه من غير المعتاد أن يسبب سرطان الثدي الألم في الثدي، لكنّ هذا ليس مستحيلاً. وغالباً ما يسبب سرطان الثدي الالتهابي الألم ولكنه نادر، حيث يمثل أقل من 5% من حالات سرطان الثدي في الولايات المتحدة. إذا كنتِ قلقة بشأن سرطان الثدي الالتهابي، فاستشيري طبيبك على الفور».
8. مضاعفات زراعة الثدي. مع انتشار عمليات زراعة الثدي Breast Implants، ونجاحاتها، يعاني بعض النساء من مضاعفات مؤلمة من زراعة الثدي (تكبير الثدي). وهذا الأمر لا علاقة له بنوعية الثدي الصناعي المزروع (سيليكون أو محلول ملحي). كما قد يعاني بعض النساء من آلام في الثدي بعد عمليات إعادة تشكيل حجم الثدي (تصغير الثدي).
وبعد جراحة تكبير الثدي، أحد الأسباب الأكثر شيوعاً للألم هو انكماش المحفظة Capsular Contracture، عندما تتشكل الأنسجة المتندبة Scar Tissue بشدة حول كتلة الثدي الصناعي. كما يمكن أن يكون ألم الثدي أيضاً مؤشراً على تمزق الثدي المزروع. ولذا يجدر التحدث إلى الطبيب حول أي ألم يظهر بعد عمليات زراعة الثدي، للاطمئنان وتحديد ما إذا كان يمكن أن يكون مرتبطاً بزراعة الثدي.
آلام الثدي... نصائح من «مايوكلينك» لزيارة الطبيب وللوقاية
يفيد الأطباء في «مايوكلينك» بالقول: «يمكن وصف ألم الثدي بأنه إيلام عند اللمس، أو ألم نابض أو حاد أو حارق، أو ألم يشبه الطعن، أو الشعور بضيق في أنسجة الثدي. وقد يكون الألم مستمراً، أو ربما يحدث فقط من حين لآخر. وتتراوح حدة آلام الثدي من خفيفة إلى شديدة. وفي معظم الأوقات، يشير ألم الثدي إلى حالة ثدي غير سرطانية (حميدة)، ونادراً ما يكون دليلاً على الإصابة بسرطان الثدي. وينبغي الخضوع لتقييم في حالة ألم الثدي غير المبرر الذي لا يزول بعد دورة أو دورتين من دورات الحيض، أو الألم الذي يستمر بعد انقطاع الطمث، أو ألم الثدي الذي لا يبدو أنه مرتبط بالتغيرات الهرمونية».
وحول متى ينبغي زيارة الطبيب، يذكرون أن ذلك في الحالات التالية:
- إذا استمر ألم الثدي أكثر من بضعة أسابيع.
- إذا حدث ألم الثدي في منطقة واحدة محددة من الثدي.
-إذا تفاقم ألم الثدي بمرور الوقت.
-إذا أعاق ألم الثدي الأنشطة اليومية.
-إذا أيقظكِ ألم الثدي من النوم.
وللوقاية، أفادوا بالقول: «قد تساعد الخطوات التالية على منع مسببات ألم الثدي، رغم الحاجة إلى إجراء المزيد من الأبحاث لتحديد مدى فاعليتها.
- تجنبي العلاج بالهرمونات إن أمكن.
- تجنبي الأدوية المعروف أنها تسبّب ألم الثدي أو تجعله يتفاقم.
- ارتدِ حمالة صدر بمقاس مناسب وحمالة رياضية في أثناء التمارين.
- جرّبي العلاج بالاسترخاء، إذ يمكن أن يفيد في مواجهة ارتفاع مستويات القلق المرتبط بألم الثدي الحاد.
- قللي تناول الكافيين أو امتنعي عنه، وهو من التغييرات الغذائية التي لمس البعض فائدتها بالنسبة لهم، رغم أن الدراسات التي أُجريت عن تأثير الكافيين في ألم الثدي والأعراض الأخرى السابقة للطمث لم تخلص إلى نتائج حاسمة.
- تجنبي الأنشطة التي تنطوي على حمل أوزان ثقيلة لمدد طويلة.
- اتّبعي نظاماً غذائياً منخفض الدهون وتناولي المزيد من الكربوهيدرات المركبة.
-فكري في استخدام أحد المسكنات المتاحة دون وصفة طبية مثل الأسيتامينوفين (Tylenol وغيره) أو الأيبوبروفين (Advil وMotrin IB وغيرهما)، ولكن أسألي طبيبك عن إرشادات استخدامها، حيث إن الاستخدام الطويل قد يزيد التعرض لمشكلات الكبد وغيرها من الآثار الجانبية».
* استشارية في الباطنية