د. سعاد كريم
باحثة لبنانية
TT

لبنان في موسم الأعياد

استمع إلى المقالة

يشهد لبنان منذ سنوات انكماشاً اقتصادياً، لكن تصريح وزير الاقتصاد، عامر البساط، بأن عام 2025 هو الأفضل اقتصادياً منذ 2011 حمل الكثير من الإيجابية، وأشار إلى أن لبنان في طريق التعافي وعلى السكّة الصحيحة. هذا من جهة، أما من جهة أخرى فإنه من المتوقّع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي بشكل ملحوظ في السنوات المقبلة، مع توقعات تشير إلى نموّ حقيقي بين 4.7 في المائة (البنك الدولي) وربما أعلى من ذلك مع نهاية عام 2025، للوصول بناتج محلي إلى نحو 43 مليار دولار (بنك عودة)، وتوقعات للوصول إلى ذروة النمو بنسبة 6 في المائة خلال عام 2026 (JP Morgan)، ليكون أول نمو إيجابي منذ عام 2017، ونموٍ فعلي بنحو 0.8 في المائة (Moody’s) مع استمرار الإصلاحات. فبعد سنوات من التخبّط والتراجع والانهيار الاقتصادي، هل يمكن القول إن لبنان يعيش عاماً من الأفضل اقتصادياً؟!

حقّاً، بدأ لبنان يشهد معدّلات نمو حقيقيّة، أضف إلى ذلك أن ميزان المدفوعات يُعطي مؤشرات إيجابية، وهو ما يزيد من الأموال والرساميل التي تُضخّ في الاقتصاد، ويحقّق فائضاً، كذلك فإنه من المتوقّع أن تشهد الموازنة فائضاً أيضاً. لكن من المستحيل أن ينمو الاقتصاد من دون إصلاح مالي واستقرار نقدي بالتزامن مع حلّ لملف أموال المودعين وإعادة الثقة إلى القطاع المصرفي... فهل سيسلك لبنان مسار التطوّر والإصلاح عمّا قريب؟!

يجد لبنان نفسه مجدّداً أمام حركة سياحية مزدهرة وأجواء احتفالية تعمّ سائر المناطق والقرى اللبنانية، مما يدلّ على الإنماء المتوازن، في مقابل تطوّرات سياسية وأمنية ووضع ميداني مقلق خاصة في القرى الحدودية. ورغم ذلك، تشهد البلاد حركة وافدين لافتة مع اقتراب موعد موسم الأعياد، وحركة أسواق تجارية في نشاط دائم وعجلة اقتصادية تتحرك بسرعة، وتبث أجواء إيجابية في الشارع اللبناني. وهكذا، فإن لبنان في موسم الأعياد يشهد زخماً سياحياً رغم التهديدات الأمنية الإسرائيلية.

لا شكّ أن الآفاق المستقبلية تفتح أبوابها مجدداً أمام حركة سياحية واقتصادية وتجارية ملحوظة، وأضواء ومظاهر احتفالية تعمّ المدن والقرى والبلدات، وزيادة في الإنماء المتوازن بمعظم المناطق اللبنانية، في مقابل تطوّرات سياسية ووضع ميداني حدودي مقلق وخطير للغاية.

لكن ما يثير العجب هو أن عدد الوافدين يزداد يوماً بعد يوم، ويستعيد مطار رفيق الحريري الدولي نشاطه المعهود، وقد استقبل ما بين 15 ألفاً و18 ألف وافد يومياً، على أن تبدأ الذروة بين 22 ديسمبر (كانون الأول) و3 يناير (كانون الثاني)، وقد تمتدّ إلى أبعد من ذلك، مع توقعات لوصول نحو 20 ألف وافد خلال هذه الفترة، ووصول نحو 80 إلى 100 رحلة يومياً، بحيث يشهد اليوم إقبالاً مذهلاً لا سيّما من الاغتراب اللبناني المنتشر في أميركا وكندا وأوروبا وأفريقيا والخليج. وفي السياق، فإن كل هذا من شأنه أن يُحرّك كامل الدورة الاقتصادية من فنادق ومطاعم ومقاهٍ وخدمات واستئجار سيارات، وعلى المدى الطويل، من المتوقع أن يتّجه الناتج المحلي إلى نحو 15.41 مليار دولار أميركي في عام 2026، و19.88 مليار دولار أميركي في عام 2027.

ويبقى السؤال: هل سيعود لبنان إلى سابق عهده وبالثقة في مصارفه و«عصره الذهبي» ليصبح «سويسرا الشرق» مجدّداً؟!



عاجل «التحالف»: رصدنا دخول سفينتين قادمتين من ميناء الفجيرة بالإمارات إلى ميناء المكلا