أول وآخر مرة أعرت اهتماماً بحدث «ملكة جمال الكون» كان عند فوز اللبنانية جورجينا رزق باللقب. ومن قبيل الوطنية لا الجمالية، فالحدث نسائي وليس رجالياً. هذا العام رأيت نفسي مرغماً على متابعة الحدث، ولكن ليس بوصفه حفلاً دولياً بل رواية روسية مذهلة. ذهب اللقب إلى الأميركية ريبوني غابرييل، لكن الإثارة كانت في حكاية منافستها التايلاندية آنا سوينغام. ذهل الجمهور عندما وقفت هذه العارضة الجميلة تقول: «أنا إنسانة نشأت في مكب نفايات». كان والدها زبالاً، وأمها كناسة شوارع. وكانت العائلة تعيش في أحد أفقر أحياء بانكوك. وكان عليها أن تبحث في القمامة عن قناني بلاستيكية لجمعها، وكسب بعض النقود للإسهام في ميزانية الأسرة. كما قامت سوينغام بتنظيف المراحيض العامة، والتبرع بالدم كل ستة أشهر، وتناول بقايا الطعام التي تتخلّص منها الراهبات المحليات. لطالما حلمت بأن تكون ملكة جمال، ولكن بسبب وضعها، سخر منها أقرانها، وأطلقوا عليها لقب «ملكة القمامة».
بدلاً من إخفاء هذه الأصول المتواضعة، شاركت ملكة جمال تايلاند هذه الأصول مع لجنة التحكيم وزملائها، وجعلتها جزءاً من القصة التي قدمت بها نفسها في المسابقة. في المسابقة التمهيدية، التي أقيمت في 11 يناير (كانون الثاني) 2023 بنيو أورلينز، اعتلت عارضة الأزياء المسرح بفستان معدني لامع.
لكن الفستان حمل رسالة أخرى، فقد كان مصنوعاً من أعواد علب الصودا. كتبت سوينغام على حسابها على «إنستغرام»، الذي وصل مؤخراً إلى نصف مليون متابع: «هذا الفستان مستوحى من البيئة المألوفة في طفولتي».
صمم هذا الفستان الفريد خصوصاً من مواد مهملة ومعاد تدويرها، وتحديداً «علامة العلبة»، ليظهر للعالم أن ما يعدّه الكثيرون بلا قيمة يمتلك في الواقع قيمته وجماله الخاص.
سرعان ما تحوّل فستان «علامة الصودا» إلى رمز، ووسيلة إعلامية قوية، ما أكسب من ارتدته جائزة التأثير الاجتماعي. كان الرئيس الأميركي دونالد ترمب مالكاً لهذا الحدث من 1994 إلى 2015.
