مع انطلاق بطولة كأس العالم للأندية في الولايات المتحدة، استعاد عشاق كرة القدم في منطقة الشرق الأوسط الذكريات المزعجة لتوقيت مباريات مونديال 1994، وتأثيره على برنامج حياتهم اليومي، وتحديداً حين تقام في مدن الغرب الأميركي بفارق زمني يصل إلى 12 ساعة؛ ما يفرض مشاهدة المنافسات الرياضية على مائدة الإفطار صباحاً بدلاً من متابعتها في المساء كالمعتاد.
ولا يبدو فوز أميركا بتنظيم البطولات العالمية خبراً سعيداً لكثير من أصحاب الأنشطة التجارية القائمة على استقبال المشجعين في المقاهي والمطاعم لمشاهدة المباريات في أجواء حماسية، خصوصاً أن بعض المدن في الشرق الأوسط حققت أرباحاً قياسية خلال منافسات كأس العالم الأخيرة، بفضل الإقبال الكبير على مناطق المشجعين والأماكن التي توفر لروادها متابعة المنافسات؛ ما يعني أن هذا النوع من الأنشطة الاقتصادية سيتضرر حين تستضيف لوس أنجليس وسان دييغو ولاس فيغاس وغيرها من مدن الغرب الأميركي مباريات المونديال.
الاتحاد الدولي لكرة القدم حاول سابقاً تضييق الفارق بين الشرق والغرب، من خلال إقامة بعض المباريات في وقت الظهيرة، غير أن الأمر أثار انزعاج كثير من المدربين واللاعبين، لا سيما أن درجات الحرارة العالية أحياناً تؤثر على أداء المنتخبات القادمة من مناطق باردة لصالح أخرى اعتاد لاعبوها على الطقس الحار، ومع أن هذا لم يؤثر كثيراً على أداء منتخب السويد عندما تغلب على نظيره السعودي (3 - 1) عام 1994 في مباراة شهيرة أقيمت في دالاس الساعة الثانية عشرة ظهراً، وسط طقس لاهب تجاوزت فيه الحرارة 40 درجة مئوية خلال مونديال 1994، فإن التوقيت الأميركي ما زال يشكل إزعاجاً لكثير من اللاعبين بغياب الملاعب المغطاة في المدن المستضيفة.
فارق التوقيت بين غرب أميركا وجزء كبير من العالم من شأنه أن يجعل المونديال في بلاد العم سام أقل جاذبية لكثير من عشاق كرة القدم، وبالتالي التأثير على نسبة المشاهدة بدرجة تؤدي إلى تراجع أرباح القنوات التلفزيونية من عائد الإعلانات والاشتراكات، ما جعل المستثمر في السنوات الأخيرة يسأل أولاً عن مكان المضيف قبل اتخاذ قرار الاستثمار في البطولات التي تستضيفها أميركا، ومنها بطولة كأس العالم المقررة في صيف العام المقبل، وربما يشكل هذا الأمر تحدياً خاصاً لذراع «فيفا» التجارية في تسويق الحقوق والوصول إلى جميع الأسواق.
توقيت مباريات مونديال الأندية المقام حالياً في أميركا تسبَّب في قتل متعة المنافسات لدى عشاق كرة القدم في منطقة الشرق الأوسط، خصوصاً أنه يأتي هذه الأيام بعد موعد حفلة تقاذف الصواريخ الليلية بين إيران وإسرائيل، وما تحمله من إثارة تتولى القنوات الإخبارية تغطيتها ببراعة، من خلال استقطاب أهم المحللين في المجال العسكري، وتسليط عشرات الكاميرات على المناطق المستهدفة في طهران وتل أبيب، في انتظار إسقاط صاروخ هنا أو سقوط آخر هناك، وهذه جرعة إثارة نوعية ربما تغني كثيرين عن انتظار موعد بدء المباريات المقامة في غرب أميركا!