يبدو احتمال وجود تضارب في المصالح واضحاً للغاية في المناظرة الرئاسية المقبلة، وذلك بالنظر إلى أن شبكة «إيه بي سي نيوز» الأميركية، التي ستستضيف المناظرة عالية المخاطر الشهر المقبل، تقع تحت إشراف أحد كبار المديرين التنفيذيين في شركة «والت ديزني»، حيث تربط علاقة صداقة قديمة بين المديرة التنفيذية دانا والدن ونائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس، المرشحة المفترضة للحزب الديمقراطي.
التقت والدن بهاريس لأول مرة في عام 1994، ويعرف زوجاهما مات والدن ودوج إيمهوف أحدهما الآخر منذ الثمانينات، ووفقاً لنائبة الرئيس، فإنَّ أسرة والدن ظلت تتبرَّع بالأموال لحملاتها السياسية منذ عام 2003 على الأقل، عندما ترشحت لمنصب المدعية العامة في سان فرانسيسكو.
حتى إنَّ هاريس قالت مازحة في فعالية لجمع التبرعات في أبريل (نيسان) 2022 في منزل عائلة والدن في برينتوود، وهي منطقة للأثرياء في لوس أنجليس حيث تمتلك نائبة الرئيس وزوجها مسكناً أيضاً: «دانا ومات مسؤولان عن زواجي من إمهوف بطريقة ما»، وأوضحت هاريس أن دانا وزوجها قاما بترتيب موعد غرامي لها مع إمهوف قبل زواجهما.
وقام منافس هاريس الجمهوري، الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، مؤخراً، برفع دعوى قضائية ضد «إيه بي سي نيوز» بتهمة التشهير، وغالباً ما يسارع هو وحلفاؤه إلى اتهام المؤسسات الإخبارية بالتحيز عندما يكونون غير راضين عن التغطية.
ومن جانبها، تقول «إيه بي سي نيوز» إن أي تصور لوجود تضارب في المصالح يتعلق بوالدن ليس له أساس من الصحة، وأضافت الشبكة أن المديرة التنفيذية، التي تشرف على 18 منصة ضمن إمبراطورية «والت ديزني» الواسعة، تشارك في الشؤون الإدارية فقط لقسم الأخبار، مثل الأمور المتعلقة بالميزانية أو حجم الموظفين، مؤكدة أنها ليس لها أي تأثير على القرارات التحريرية في الشبكة.
وأضافت الشبكة في بيان: «لقد بنت (إيه بي سي نيوز) سُمعتها طويلة الأمد على النزاهة الصحافية، وجميع القرارات التحريرية تقع في أيدي إدارة الشبكة وصحافييها ومنتجيها المخضرمين، الذين يلتزمون أعلى المعايير الصحافية».
وقد دعم بعض المسؤولين التنفيذيين في وسائل الإعلام الأخرى المرشحين السياسيين في الولايات المتحدة، إذ قدَّم رئيس والدن، روبرت إيغر، وهو الرئيس التنفيذي لشركة «والت ديزني»، التي تمتلك «إيه بي سي نيوز»، مئات الآلاف من الدولارات للمرشحين الديمقراطيين على مَرّ السنين، كما كان روبرت مردوخ، الذي تسيطر عائلته على شركة «فوكس»، ضيفاً في المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري، الذي عُقد في يوليو (تموز) الماضي، في ميلووكي.
ولكن الصداقات الحقيقية والمستمرة مثل تلك التي بين هاريس ووالدن تبدو نادرة، ولا تعد علاقتهما معاً سراً في دوائر لوس أنجليس أو واشنطن، وذلك على الرغم من أن الأمر أصبح أكثر وضوحاً في ضوء صعود هاريس إلى قمة قائمة المرشحين الرئاسيين عن الحزب الديمقراطي، وإعلان «إيه بي سي نيوز»، يوم الخميس، أن الشبكة ستستضيف مناظرة رئاسية في وقت الذروة، يمكنها أن تحدد شكل المستقبل السياسي لنائبة الرئيس أو تؤدي لتدميره.
وبصفتها أعلى مسؤولة تنفيذية في قسم القنوات التلفزيونية في شركة «والت ديزني»، فإن والدن (59 عاماً) التي تحمل لقب الرئيسة المشاركة لقسم الترفيه في الشركة، تشرف على «إيه بي سي» التي تضم مجموعة من محطات التلفزيون المحلية، وكثيراً من الاستوديوهات التلفزيونية، ومجموعة من شبكات الكابل وخدمات البث المباشر الخاصة بشركة «والت ديزني».
وتضم هذه المهام، واسعة النطاق، الإشراف على قناة «إيه بي سي نيوز»، وتنص السيرة الذاتية الرسمية الموجودة على موقع «والت ديزني» على الإنترنت على أن «(إيه بي سي نيوز) تواصل، تحت قيادة والدن، الهيمنة باعتبارها الشبكة الإخبارية رقم 1 في الولايات المتحدة».
إلا أن والدن لم تقم بتنظيم فعاليات لجمع التبرعات لهاريس منذ يونيو (حزيران) 2022، عندما أصبحت «إيه بي سي نيوز» تحت إشرافها، وفقاً لما ذكره قسم الترفيه في «والت ديزني» في بيان.
لكن على الرغم من ذلك، فإن المديرة التنفيذية للشبكة الأميركية تبرعت في عام 2023 بمبلغ 20 ألف دولار لدعم الرئيس الأميركي جو بايدن والحزب الديمقراطي، وفقاً للوثائق الرسمية المُعلنة.
ومن المقرر إجراء مناظرة رئاسية في شبكة «إيه بي سي» بين هاريس وترمب في 10 سبتمبر (أيلول) المقبل، وستتم إدارة المناظرة بواسطة المذيعين ديفيد موير ولينسي ديفيس، ويتم الإشراف على التغطية السياسية في «إيه بي سي نيوز» من قبل ريك كلاين، وهو رئيس مكتب الشبكة في واشنطن المُعيَّن حديثاً، ويقدم كلاين تقاريره إلى ديبورا أوكونيل، رئيسة المجموعة المسؤولة عن الأخبار والشبكات في قسم الترفيه في «والت ديزني»، فيما تقدم أوكونيل تقاريرها إلى والدن (صديقة هاريس). وعادةً ما يكون لدى «إيه بي سي نيوز» رئيسها الخاص، الذي يعمل كمستوى إضافي من الإدارة بين قسم الأخبار ووالدن، لكن الشبكة الأميركية تعمل من دون أي شخص في هذا المنصب، منذ استقالة رئيسها الأخير، كيم غودوين، تحت ضغوط في مايو (أيار) الماضي.
ووفقاً للوثائق العامة، فإنَّ كثيراً من المديرين التنفيذيين في الشبكات التلفزيونية الأميركية الأخرى، الذين تولوا في النهاية مسؤولية أقسام الأخبار، ساهموا في دعم المرشحين السياسيين.
وتُظهر السجلات أن جورج تشيكس، الذي أصبح الرئيس التنفيذي لشبكة «سي بي إس» الأميركية في مارس (آذار) 2020، تبرع بمبلغ 400 دولار لدعم حملة بايدن في وقت لاحق من ذلك العام، كما ساهمت ويندي ماكماهون، وهي الرئيسة التنفيذية لشركة «سي بي إس نيوز آند ستيشنز»، بمبلغ 3550 دولاراً لحملة المرشح الديمقراطي (بايدن) في عام 2020، وفي ذلك الوقت، كانت ماكماهون تعمل في القسم الإداري في شبكة «إيه بي سي»، حيث كانت تقدم تقاريرها إلى والدن، ولم تقدم ماكماهون أي تبرعات سياسية منذ انضمامها إلى «سي بي إس نيوز» في عام 2021.
كما أظهرت السجلات أيضاً أن سيزار كوندي، رئيس مجموعة «إن بي سي يونيفرسال نيوز»، تبرع بمبلغ 2300 دولار لدعم الحملة الرئاسية للمرشح السابق جون ماكين في عام 2008، لكن كوندي في ذلك الوقت كان المسؤول الاستراتيجي الرئيسي في «يونيفيجن»، ولم يكن يشارك في التغطية الإخبارية للشبكة. وتحظى والدن بتقدير الآخرين في هوليوود، حيث تُعرف بقدرتها الإبداعية، إذ أشرفت على نجاحات متعددة، كما أنها معروفة بعدم قبولها كلمة «لا» كإجابة.
وتعد والدن مرشحة لخلافة إيغر رئيسةً تنفيذية لشركة «والت ديزني»، عندما ينتهي عقده في عام 2026، وقد عملت في الشركة منذ عام 2019، عندما باع مردوخ معظم شركة «21st Century Fox» لشركة «والت ديزني»، كما أدارت سابقاً مجموعة «تلفزيونات فوكس» التي تتكون من استوديوهات المحتوى وشبكة «فوكس» للبثّ، لكنها لم تكن تشمل قناة «فوكس نيوز».
* خدمة «نيويورك تايمز»