مشاري الذايدي
صحافي وكاتب سعودي. عمل في عدة صحف ومجلات سعودية. اشتغل في جريدة المدينة السعودية في عدة أقسام حتى صار عضو هيئة التطوير فيها. ثم انتقل لـ«الشرق الأوسط» من 2003، وتدرَّج بعدة مواقع منها: المشرف على قسم الرأي حتى صار كبير المحررين في السعودية والخليج، وكاتباً منتظماً بها. اختير ضمن أعضاء الحوار الوطني السعودي في مكة المكرمة. وشارك بأوراق عمل في العديد من الندوات العربية. أعدَّ وقدَّم برنامجي «مرايا» وبرنامج «الندوة». في شبكة قنوات «العربية».
TT

صبّوا علينا من ماء الديمقراطية... ولن نسقيكم!

استمع إلى المقالة

الكاتب الكويتي أحمد الصرّاف يتسم بالوضوح والمباشرة في إبداء رأيه، كما في كشف انحيازه للقيم الليبرالية لكن تحت سقف «الوطن» الكويت.

أشرق فجرٌ جديد بعد الفصل العظيم الذي دشّنه «مشعل الكويت» وأميرها الحازم، الشيخ مشعل الأحمد الصباح، بالدعوة لتنقيح الدستور الكويتي، وحلّ البرلمان وكل ما يتصل به من مفاعيل، بعد أن بلغ السيل الزُّبى، وصار مصير الكويت نفسها على مفترق الطريق من ناحية لحاقها بقطار النهضة الخليجية.

هذا القرار التاريخي، لم يعجب خليطاً من المستفيدين من اللعبة السابقة، المتكررة، المرهقة، حيث برلمان زاعق، بلا جدوى، وصلاحيات غامضة، وأجندات غريبة كـ: ملاحقة معارض الكتب والحفلات الموسيقية، ونغمات طائفية وقبلية ومصالحية، كما حذّر الأمير مشعل شخصياً، أكثر من مرة، وسبقه الأمير صباح الأحمد، من الفساد «اللي ما تشيله البعارين» أي الجِمال.

قد نفهم أن يتغنّى ليبرالي يساري أو عروبي حرَكي أو حتى فتاة من الحركة النسوية، أو شاب متحمس بمثالية ساذجة «لعبادة» الديمقراطية بشكل صوفي مطلق.

كل هذا قد نفهمه إذا بكى صاحبه وناح على الديمقراطية «المنحورة» كما زعموا، لكن أن يتباكى على الليبرالية «شيخ» وخطيب مُنتمٍ بعمق لطرح ديني يقيني مطلق، فهذا ما يثير التأمل.

نرجع لكاتبنا الذي بدأنا به، أحمد الصرّاف، الذي ردّ على نائب كويتي ينتمي لحركات الإسلام السياسي الشيعي، وهو صالح عاشور. ذكر الصرّاف أن النائب السابق، عاشور، غرّد على منصة «إكس (X)» كاتباً: «إلى الآن لم أفهم ولم أستوعب الليبرالي والعلماني بالكويت، وكيفية تأقلمه مع الوضع السياسي بالكويت ومن دون مجلس الأمة ومع ضوابط الحريات والتعبير عن الرأي، وتبين لي أنهم أصحاب شعارات أكثر من مبادئ وقيم!!». علامتا التعجّب من عاشور نفسه.

ردّ الصرّاف على عضو مجلس أمة لأكثر من عقدين، ومَن كان سيصبح رئيس السن لمجلس الأمة، بالقول إن الانتماء إلى الليبرالية أو أي مرجعية علمانية لا تعني جميعها: «إلقاء النفس في التهلكة، لكي يسعد هو أو يضحك غيره شماتة».

هناك حالة من «الفهلوة» لدى بعض حُذّاق الإسلاميين أو متحاذقيهم، خلاصته القول لمخالفيهم: ألستم تقدّسون الديمقراطية والليبرالية وحرية التعبير والعمل، حسناً لماذا تنحازون للسلطة ضد الديمقراطية «يا متعلمين يا بتوع المدارس»؟! إذا قيل لهم، وماذا عنكم، لماذا ترفضون أن يبدي الإنسان رأيه حيال مسلمّاتكم، التي ترون أنها مقدّسة، وما هي إلا محض أفكاركم وتأويلاتكم؟! قالوا، لا يستويان، نحن أهل الحق وغيرنا أهل الباطل.

بعبارة أخرى، نحن نريد «استخدام» ديمقراطيتكم وليبراليتكم هذه للفوز بمغانمها فقط، يعني «لعب من طرف واحد»!

الأمر حقاً كما قال عنه الكاتب والصحافي الإيراني المخضرم أمير طاهري، وهو يخاطب منطقاً قريباً من هذا المنطق، مع غلاة اليسار الإيراني، إن: «الحرية للذئب يمكن أن تعني قتل الخروف».

اُستخدم هذا المنطق الانتهازي «المصلحجي» المتذاكي من طرف «الإخوان» وأنصارهم ومطاياهم أيام «الربيع العربي»، وهم يرون في قرارة خطابهم أنهم وكلاء السماء وحدهم.

فعلوها من قبل، ويفعلونها اليوم، وسيفعلونها في الغد.