تحولت الاحتجاجات المطالبة بالتنمية والتشغيل منذ أول من أمس في تطاوين التونسية (جنوب شرقي) إلى مواجهات عنيفة بين رجال الأمن ومئات المحتجين، أرغمت الشرطة على استخدام الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين، فيما لجأ المحتجون إلى أعمال تخريبية واستعملوا قنابل المولوتوف الحارقة. وفي غضون ذلك قالت مصادر مطلعة إن الحكومة تدرس قرارا لإعلان حظر التجول.
وأسفرت هذه المواجهات وفق مصادر أمنية عن وفاة أحد المحتجين دهسا تحت أقدام رفاقه، بعد مواجهات مع قوات الحرس، كما تعرض مقري إقليم الحرس الوطني والمنطقة الجهوية للأمن العمومي إلى الحرق بعد انسحاب قوات الأمن منهما، بالإضافة إلى حرق شاحنة إطفاء تابعة للحماية المدنية، وتهشيم سيارة إسعاف تابعة لمستشفى تطاوين، وتعرض رجل حماية مدنية إلى حروق من الدرجة الثالثة نتيجة هذه المواجهات، كما استقبلت المستشفيات عشرات الأشخاص الذين أصيبوا بالاختناق نتيجة قنابل الغاز المسيل للدموع.
وإثر اجتماع أمني في العاصمة، ترأسه رئيس الحكومة يوسف الشاهد، وحضره فرحات الحرشاني وزير الدفاع، وهادي المجدوب وزير الداخلية، أعلنت الحكومة عن اتخاذ مجموعة من القرارات الأمنية المشددة، وفي مقدمتها متابعة كل من يخرق القانون ويعطل السير العادي للإنتاج، ويقطع الطرقات ويمنع حرية التنقل. وكانت منطقة بن قدان المجاورة قد تعرضت قبل فترة لهجوم مسلح بهدف إقامة إمارة داعشية في المنطقة المجاورة للحدود الليبية. ولذلك نبه خبراء في مجالي الأمن والجماعات المتطرفة إلى إمكانية استغلال تنظيم داعش الإرهابي هذه الاحتجاجات والمواجهات العنيفة لدخول المنطقة الغنية بالنفط والغاز والسيطرة عليها، خاصة أن المحتجين في المنطقة الصحراوية بجنوب تونس أقدموا قبل أيام على غلق مضخة البترول بمنطقة الكامور في تطاوين، وهو ما تسبب في توقف نشاط الشركات البترولية الموجودة بالصحراء. كما أغلق محتجون في مدينة دوز بولاية(محافظة) قبلي الجنوبية أنبوب نقل الغاز بمنطقة العرقوب، ما شكل تصعيدا قويا ضد حكومة الوحدة الوطنية التي يقودها يوسف الشاهد.
وعلى إثر هذه الاحتجاجات أغلقت عدد من المداخل الرئيسية لمدينة تطاوين أمام كل أنواع العربات، وذلك بالتوازي مع ما يحدث في منطقة الكامور النفطية. وقد تحاشى رئيس الحكومة خلال ندوة مخصصة للولاة الحديث عن قرار إغلاق مضخة البترول، وقال إن «إقفال الطرقات غير مقبول.. ولا مشكلة عندنا مع الاحتجاجات السلمية، لكن في نفس الوقت يجب حماية المنشآت»، وتابع موضحا «نحن نقبل الاعتصام السلمي، لكن لا لإقفال الطريق ومناطق الإنتاج.. لم يعد من الممكن قبول ذلك».
ودعا الشاهد السلطات الجهوية إلى استباق عمليات إغلاق الطرقات، لكن مع ضرورة النأي برجال الأمن عن التفاوض مع المحتجين، وترك الأمر للسلطات الجهوية وهياكلها بالتكفل بذلك، حسب تعبيره.
وقبل يومين، تلافت وحدات الجيش، التي تؤمن مضخة البترول بمنطقة الكامور في ولاية تطاوين، المواجهة مع المحتجين الغاضبين، وسمحت لهم بإقفال مضخة البترول بالمنطقة ليتوقف بذلك نشاط الشركات البترولية المنتصبة بالصحراء المحاذية لها.
وقال مصدر من الجيش إن ثلاثة مهندسين تم جلبهم من مدينة تطاوين هم الذين نفذوا عملية غلق المضخة، مشيرا إلى أن الجيش تصرف بهذه الطريقة لتجنب الصدام مع المعتصمين، وأيضا لتهدئة الوضع، خاصة بعد التحاق عدد كبير من الأهالي بالمحتجين.
واعتبر سامي الطاهري، المتحدث باسم الاتحاد العام التونسي للشغل (نقابة العمال)، محاولة التصادم بين الجيش والمحتجين بعد إغلاق مضخة البترول في تطاوين بأنه «عملية مدبرة وخطيرة يجب أن تتوقف»، ودعا الطرفين إلى عدم السقوط في «الفخ»، على حد تعبيره.
وقاد عماد الحمامي، وزير التكوين المهني والتشغيل ممثل الحكومة، مفاوضات مضنية مع المحتجين، وعرض على المعتصمين نحو ألف فرصة عمل داخل الشركات البترولية خلال هذه السنة، وخمسمائة فرصة شغل إضافي خلال السنة المقبلة، بالإضافة إلى ألفي فرصة عمل في شركة البيئة والبستنة (شركة حكومية)، علاوة عن رصد نحو خمسين مليون دينار تونسي (نحو 20 مليون دولار) لصندوق التنمية في جهة تطاوين.
وفي حين قبلت الأغلبية بالعرض الحكومي، تمسك الرافضون بتنفيذ كل المطالب التي قدموها إلى حكومة الشاهد، والتي ترتقي إلى مرتبة «شروط»، وتشمل توفير 1500 فرصة عمل في الشركات البترولية الموجودة في صحراء تطاوين، و3000 فرصة عمل في شركات البيئة التي تعود للحكومة، وإضافة ألف مليون دينار تونسي(نحو 400 مليون دولار) للصندوق الجهوي للتنمية. ونصبوا خيامهم داخل سياج مضخة البترول الرئيسية في المنطقة لتعطيل الإنتاج والضغط على الحكومة.
الحكومة التونسية تدرس إعلان حظر التجول بعد تزايد الاحتجاجات في الجنوب
وفاة أحد المحتجين دهساً... واختناق العشرات بالغاز المسيل للدموع
الحكومة التونسية تدرس إعلان حظر التجول بعد تزايد الاحتجاجات في الجنوب
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة