سمير عطا الله
كاتب عربي من لبنان، بدأ العمل في جريدة «النهار»، ويكتب عموده اليومي في صحيفة «الشرق الأوسط» منذ 1987. أمضى نحو أربعة عقود في باريس ولندن وأميركا الشمالية. له مؤلفات في الرواية والتاريخ والسفر؛ منها «قافلة الحبر» و«جنرالات الشرق» و«يمنى» و«ليلة رأس السنة في جزيرة دوس سانتوس».
TT

«شخصيات على الطريق»

في الدبلوماسية وفي السياسة وفي العمل الأكاديمي تميز الدكتور مصطفى الفقي بشخصية ودودة وتواضع رفيع. وعندما انضم إلى كتّاب مصر الكبار، نقل هذه الصفات إلى سطوره وكلماته، ساعياً أبداً إلى المصالحة الدائمة والكبرى بين الناس، شجاعته الكبرى في الدفاع عن الألفة وعزة مصر.
بسبب هذه الشخصية الطيبة أقام صداقات كثيرة داخل وخارج مصر، منذ أن بدأ عمله الدبلوماسي شاباً في الهند ولندن. وكان المشاهير يأنسون إليه فيروون له ما لا يروون لسواه. وكتابه الأخير «شخصيات على الطريق» حافل بذكريات كاشفة عن طباع وحياة أصدقائه، قد لا تقرأها عند كاتب آخر.
عندما كان سكرتيراً للرئيس حسني مبارك، اتصل به محمد عبد الوهاب يطلب موعداً من الرئيس. وبعد أشهر قابل الفنان رئيس الدولة. ولدى خروجه، طلب منه أن يرافقه حتى السيارة «متكئاً علي في هبوط الدرجات القليلة بسبب ضعف بصره الشديد، وهمس في أذني أنه يريد صورة لقائه بالرئيس على الصفحات الأولى. وقد تم له ما أراد».
يعلق الدكتور الفقي أن استقبال مبارك لعبد الوهاب ذلك الصباح، هو سادس استقبال رئيس للدولة المصرية للفنان الكبير: الملكان فؤاد الأول وفاروق الأول، والرؤساء محمد نجيب، وجمال عبد الناصر وأنور السادات.
أوائل السبعينات كان كاتبنا دبلوماسياً في سفارة لندن. وقد التقى المطربة المعروفة ليلى مراد بعدما بدت عليها علامات السنين والسمنة. وروت ذات مرة ذكريات الماضي. ومنها أن لها ابنا من علاقة بأحد الضباط الأحرار. لكن الأب رفض التعرف على الابن خوفاً على مكانته «وذات يوم اصطدمت سيارة الأب بسيارة صغيرة يقودها الابن، فإذا بالأب يترجل من سيارته ويربت على كتف صاحب السيارة الصغيرة ويسأله: هل أنت بخير يا ابني؟». وكان الابن يعرف الأب، والأب لا يعرفه.
ربطت الدكتور مصطفى صداقة طويلة بالروائي يوسف إدريس. وعندما وقف إدريس ضد اتفاقات كامب ديفيد، أراد نائب الرئيس (يومها) العراقي صدام حسين، أن يكرمه، فدعاه إلى زيارة بغداد. وفور وصوله المطار، نقلته سيارة الرئاسة «إلى حيث كان صدام يشرف بنفسه على (وجبة) إعدام لعدد من معارضيه. وكاد يغمى عليه. وعندما عاتب صدام فيما بعد، أجابه: (الأدباء الكبار لا يجزعون الموت لأنهم يصنعون الحياة)».
تطيب لصاحب المذكرات رفقة الأدباء في صورة خاصة، ويسمي نجمة «الأهرام» سناء البيسي «سناء الوطن». ويقول «إنها واحدة من الكتّاب المعاصرين القلائل الذين يمكن أن تتعرف إلى كتاباتهم من دون ذكر أسمائهم».