مشعل السديري
صحافي وكاتب سعودي ساخر، بدأ الكتابة في الصحف السعودية المحلية، ثم في صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، تتميز كتاباته بالسخرية اللاذعة، ويكتب عموداً ثابتاً في «الشرق الأوسط».
TT

شيء من {هذر} الشعراء

ذكر أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه سمع أن شاعراً قد قال:
اسقني شربة ألذ بها... واسق بالله مثلها ابن هاشم
فاستدعاه عمر، وسأله بغضب عن ذلك البيت، فقال له: نعم، ولكن له تكملة أقول فيها:
عسلاً بارداً بماء سحاب ... إنني لا أحب شرب المدام
فقال له عمر: الله، الله. ارجع إلى عملك.
والواقع أن الشاعر كان يكذب، فالبيت الثاني كان خلاف ذلك تماماً، ولكنه الخوف من (ضرّة) عمر.
وإليكم الثانية:
يُحكى أن (شهاب الدين الخفاجي) شرب الدخان هو وجماعة، فاعترض عليهم (شيخي زاده)، فكتب له الشهاب يقول له:
إذا شرب الدخان فلا تلمنا ... وجد بالعفو يا روض الأماني
تريد مهذباً لا عيب فيه ... وهل عود يفوح بلا دخان؟
فأجابه شيخي زاده:
إذا شرب الدخان فلا تلمني ... على لومي لأبناء الزمان
أريد مهذباً من غير ذنب ... كريح المسك فاح بلا دخان
وإليكم الثالثة أيضاً:
دخل النابغة على النعمان بن المنذر فقال:
تخف الأرض أن تفقدك يوماً ... وتبقى ما بقيت بها ثقيلا
فنظر إليه النعمان نظر الغضبان، وكان كعب بن زهير حاضراً فأنجده قائلاً: أصلح الله الملك، إن مع هذا بيتاً غاب عنه:
لأنك موضع القسطاس منها ... فتمنع جانبيها أن تميلا
فاستوى النعمان على مقعدته، وأخذ يهز جسمه طرباً.
وإليكم الرابعة كذلك:
مدح الأخطل عبد الملك بن مروان بقصيدة أعجبته، فقال له: لمَ لا تسلم يا أخطل؟ قال: إنْ أنت.. وضعت عني الفرائض، فقال له عبد الملك: إنْ أنت أسلمت ثم قصرت في شيء من الإسلام ضربت عنقك.
ثم سأله: وما بلغ منك الشراب؟! قال: يا أمير المؤمنين، إذا شربتها فالموت عندي يكون أهون من شسع نعلي، فقال له الخليفة: قل فيه شعراً، رد عليه: إنني لن أقول فيه إلا إذا أمنتني بالله، رد عليه: لقد أمنتك بالله، فقال:
إذا ما نديمي علّني ثم علّني ... ثلاث زجاجات لهن هدير
فرحت أجر الذيل زهواً كأنني ... عليك أمير المؤمنين أمير
وأسقط في يد عبد الملك، وسكت.
وخامسة البلاوي، ما تفتقت به قريحة الشاعر يحيى بن زياد الحارثي عندما قال:
أعاذل ليت البحر خمر وليتني ... مدى الدهر حوت ساكن لجة البحر
قاتل الله (أم الخبائث)، أما هذا الشاعر الذي يتمنى أن يكون حوتاً، فيستاهل الضرب بالنعال، ولو أنني كنت حاضرا لكنت أول من يخلع نعله