مشاري الذايدي
صحافي وكاتب سعودي. عمل في عدة صحف ومجلات سعودية. اشتغل في جريدة المدينة السعودية في عدة أقسام حتى صار عضو هيئة التطوير فيها. ثم انتقل لـ«الشرق الأوسط» من 2003، وتدرَّج بعدة مواقع منها: المشرف على قسم الرأي حتى صار كبير المحررين في السعودية والخليج، وكاتباً منتظماً بها. اختير ضمن أعضاء الحوار الوطني السعودي في مكة المكرمة. وشارك بأوراق عمل في العديد من الندوات العربية. أعدَّ وقدَّم برنامجي «مرايا» وبرنامج «الندوة». في شبكة قنوات «العربية».
TT

براءة مبارك وحكايته

حصل المتوقع، وبعد جولات ونزالات قانونية، صدر حكم محكمة النقض المصرية ببراءة حسني مبارك، الرئيس المخلوع، أو المتنحيّ، حسب وجهة نظرك، من جناية قتل الناس في ميدان التحرير وغيره من الميادين.
تهمة التوجيه بالقتل، كانت هي القضية التي أقيمت عليها عمارة النيابة والمدخل القانوني لمعاقبة مبارك.
الرجل، ومن خلال محاميه فريد الديب، أصرّ على سلامته من هذه التهمة، وأن الذي ولغ في دماء المصريين، كانت عناصر من حماس الفلسطينية و«حزب الله» اللبناني وجماعة الإخوان.
بكل حال؛ براءة مبارك هي شغل تفاصيل قانونية، وجدارة محام، وظرف سياسي ملائم، ومناخ موائم للبراءة.
لدى المصريين اليوم قضايا تشغلهم أهم من إدانة مبارك أو سلامته القانونية، غير أن الذي يلفت النظر، هو أن الضابط المصري القدير، والرئيس العتيد، حسني مبارك، «عاش ليروي»، كما هو عنوان العبقري الكولومبي «ماركيز».
هل يتجه مبارك اليوم ليكتب سيرة حياته بكل وضوح، أو الممكن من الوضوح؟!
نحتاج كلنا لمعرفة التاريخ القريب، ومبارك من صنّاع هذا التاريخ، ليس لمصر وحدها، بل للمنطقة كلها.
4 مايو (أيار) 2014 زار الفنان المصري حسن يوسف الرجل بمشفاه العسكري، وتحدث معه حسني مبارك حديثاً نادراً.
وحسب تصريحات يوسف لـ«العربية نت»، فقد قال: «سألت الرئيس مبارك: لماذا تنحيّت؟» فأجاب:
«لم يكن أمامي مفر من التنحي بعد أن أبلغني عمر سليمان، نائب الرئيس في ذلك الوقت، بأن الإخوان سيطروا على الشارع، وتمكنوا من ميدان التحرير، ولديهم فرقاً مسلحة وجاهزة لقتل الثوار في الميدان لو قرر هؤلاء الشباب فض الاعتصامات والمظاهرات، بعد أن لبيّت لهم كل طلباتهم؛ من إقالة الحكومة وحل مجلسي الشعب والشورى، فخروج هؤلاء الشباب من الميدان يعني نهاية الثورة واستمرار النظام، وهو ما لم يكن يريده الإخوان، وفي يوم 11 فبراير (شباط) اتصل بي عمر سليمان، وكنت وقتها في شرم الشيخ، وقال لي إن الإخوان تمكنوا بالفعل من الميدان وسيقتلون الثوار ويلقون المسؤولية على الجيش والنظام، وسألني: ما الحل؟ فقلت له: لا بد أن أتنّحى، وأبلغته بأنني اتخذت قراري حقناً لدماء هؤلاء الشباب، وحتى نفوّت الفرصة على الإخوان (...) وكان لدي معلومات بما يعتزم الإخوان فعله من جرائم قتل وحرق وجر البلاد لحرب أهلية».
قد يقال: هذا رأي منحاز من مبارك ضد خصومه التاريخيين. ونقول: ليكن! فالتاريخ هو حصيلة الروايات المتعددة، شرط أن تكون الرواية من بطلها.
هل يكتب مبارك الحكاية كاملة؛ منذ «حرب أكتوبر» حتى اليوم، وهو الذي قال إن التاريخ سيكتب ما له وما عليه؟

[email protected]