يصادف هذا اليوم الجمعة اليوم العالمي للسمع World Hearing Day، WHDوالذي أطلقته منظمة الصحة العالمية عام 2007 ليصبح حدثاً سنوياً تقام فيه مجموعة من الفعاليات حول العالم، بهدف توجيه الاهتمام لمخاطر فقدان السمع التي تنشأ عن اتباع الكثيرين لسلوكيات وأنماط خاطئة في حياتهم المعاصرة مثل استعمال الأجهزة السمعية والهواتف الذكية بشكل غير آمن. كما يهدف إلى تعزيز الوعي بالآثار المتزايدة من الضجيج الناشئ عن وسائل الترفيه وما لها من أضرار على السمع، وتشجيع الأشخاص على تعديل سلوكهم الشخصي في تلك المواقف، وضرورة حماية الأذن بالوسائل المناسبة أثناء العمل ومنحها استراحة من وقت لآخر، ولا بد من اتخاذ الإجراءات الضرورية بمجرد الشعور بضعف في مستوى السمع.
ضعف وفقدان السمع
تقدّر منظمة الصحة العالمية عدد الأشخاص الذين يعانون من فقدان السمع حالياً بما يقارب 360 مليون شخص حول العالم، وتتزايد أعداد المهددين بضعف السمع ففي الغالب يدرك الأشخاص متأخرين جداً أنهم لا يستطيعون سماع أصوات معينة، ولحسن الحظ يمكن الوقاية من فقدان السمع في 60 في المائة من الحالات، ويزداد الأمر سوءاً لدى الأشخاص المعرضين لأصوات عالية جداً في العمل مثل عمال الطرق بالشوارع السريعة أو العمال الذين يعملون بمعدات تحدث ضجيجا مرتفعا كبعض أدوات الحفر أو المناشير الآلية التي تنتج أصواتاً تصل شدتها إلى «مائة ديسيبل»، وهو ضجيج مقارب لضجيج إقلاع الطائرات. وإن لم يكن من الممكن تجنب الضجيج، فالحل الوحيد يكمن في ارتداء واقيات السمع، وهي في الواقع مطلب قانوني في بيئات العمل التي تشهد الضجيج المرتفع، ويجب أن يمنحها صاحب العمل للعمال.
شعار «اسمعني»
تحدثت إلى «صحتك» الدكتورة سارة علي الشهري أستاذ مساعد في جراحة الرأس والعنق والأذن والحنجرة بكلية الطب جامعة الملك خالد في أبها، وأوضحت أنه ضمن فعاليات الاحتفال باليوم العالمي للسمع WHD وتحت شعار «اسمعني hear me!» نظم قسم الأنف والأذن والحنجرة بجامعة الملك خالد ومستشفى عسير المركزي في أبها يوما توعويا يهدف للتوعية بأمراض الأذن والحد منها وإلقاء الضوء على أهمية الاهتمام بالأذن والسمع وطرق الوقاية من أمراضها، فالإعاقة السمعية تعتبر من أكثر الإعاقات شيوعا على مستوى العالم، وهي أكثر انتشارا في الملكة العربية السعودية، وفقا لدراسات أجراها البروفسور سراج زقزوق وفريقه الطبي على مستوى المملكة، أثبتت نتائجها أن نسبة فقدان السمع لدى الأطفال في السعودية هي من 1 - 4 في كل 1000 طفل مولود، وهذه النسبة هي أعلى من الدراسات التي أجريت على مستوى العالم. وتشير دراسة أخرى للبروفسور زقزوق، أيضا، إلى أن نسبة الأطفال ضعاف السمع تزيد في المناطق التي يكثر فيها زواج الأقارب سواء من الدرجة الأولى أو حتى من الدرجة الثانية، حيث إن نسبة ضعف السمع لدى الأطفال من الأقارب المتزوجين من الدرجة الأولى تكون 1.7 في المائة ومن الدرجة الثانية ترتفع النسبة إلى 2.8 في المائة وهذه نقطة ألقي الضوء عليها من خلال الفعاليات العلمية والنشاط التوعوي الذي أقيم لأول مرة في مدينة أبها، بهذه المناسبة، والتي تعد من أكثر المناطق التي يكثر فيها زواج الأقارب في الملكة العربية السعودية.
الفحص المبكر للمواليد
وأضافت الدكتورة سارة الشهري أن فحص السمع المبكر للمواليد قد أصبح إلزاميا في السعودية منذ شهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2014 بعد صدور المرسوم الملكي بذلك، وتكمن أهميته في إظهار أي خلل في السمع منذ الولادة والذي يمكن تداركه وعلاجه في وقت مبكر بحيث لا يؤثر على تطور لغة الطفل أو تعليمه ولا على نمو قدراته في التعامل مع المجتمع. فقد بينت الدراسات أن الأطفال الذين تمت معالجتهم في الثلاث سنوات الأولى من عمرهم استطاعوا أن ينضموا في الدراسة إلى أمثالهم من العمر في المدارس العادية؟ وفي بعض الدول التي قامت بدراسات على المدى الطويل مثل فرنسا، أوضحت أن التدخل الطبي المبكر سمح للأطفال ضعاف السمع بأن يلتحقوا بالجامعات وإكمال الدراسات العليا من دون أي تأثير على مسيرة دراستهم.
وتؤكد الدكتورة سارة الشهري أن الخدمات الطبية لضعاف السمع في السعودية تعتبر ضمن أعلى المستويات في العالم في هذا المجال.
ومن بين أهم أسباب ضعف السمع: التهابات الأذن والتعرض للضجيج بشكل مستمر في العمل كالمصانع والمطارات على سبيل المثال أو عن طريق استخدام سماعات الأذن بشكل غير آمن. فمن المهم استشارة الطبيب المختص عند التعرض لالتهابات الأذن وسرعة علاجها، كما أن حماية السمع من الضجيج عن طريق لبس السدادة الواقية المناسبة يسهم في الحد من ضعف السمع لدى العاملين المتعرضين للضجيج والضوضاء في العمل.
ندوة متخصصة
ذكرت الدكتورة سارة علي الشهري أنه بمناسبة اليوم العالمي للسمع تم تنظيم ندوة للمتخصصين في مجال جراحة الأذن وزراعة الأجهزة السمعية. وكان في مقدمة المتحدثين رئيس الجمعية السعودية للأنف والأذن والحنجرة المشرف على كرسي الأمير سلطان لأبحاث الإعاقة السمعية وزراعة القوقعة الأستاذ الدكتور عبد الرحمن عبد الله حجر - الذي أكد على أن الخدمات التي تقدمها مراكزنا التخصصية بالمملكة لضعاف السمع أضحت تضاهي المراكز العالمية للعناية بالأذن والسمع، وأشار إلى مختلف الخدمات الطبية المقدمة في المملكة العربية السعودية بشكل عام لضعاف السمع وإلى الخطط المستقبلية لتطويرها وانتشارها لمختلف المناطق.
وأوضح المستشار بوزارة الصحة استشاري أمراض الأطفال الخدج بمستشفى الرياض الوطني الدكتور فهد العقل أن هناك طريقة معتمدة عالميا للفحص المبكر للسمع عند الأطفال وقد أقرتها الوزارة لفحص السمع لدى المواليد لدينا بالمملكة، وقد جرى تطويرها في وقت قياسي منذ إقرارها على جميع المواليد بالمملكة.
وفي مجال الخدمة المجتمعية، كان هناك نشاط توعوي أقيم في أحد مراكز التسوق التجارية وهو «عسير مول» تضمن محاضرات تثقيفية عن سلامة الأذن كما كانت هناك زيارات إلى المدارس لفحص الأطفال وحثهم على العناية بالأذن.
هذا وقد تزامن مع اليوم العالمي للسمع انعقاد ندوة عسير «التاسعة عشرة» لجراحة الأنف والأذن والحنجرة والرأس والرقبة والتي نظمها قسم الأنف والأذن والحنجرة في كلية الطب بجامعة الملك خالد بأبها بالتعاون مع مستشفى عسير المركزي. وقد تم التركيز على دور المنظار في جراحة الأذن الوسطى، والتطورات في جراحة زراعة القوقعة، كما تم استعراض مجموعة من الأدوية ذات الآثار الضارة بالسمع، وتم أيضا تقييم تطبيقات الهواتف الذكية الخاصة بتحديد مستوى قوة السمع.