باسم الجسر
كاتب لبناني
TT

انضمام عمان لتحالف محاربة الإرهاب

في منطقة الشرق الأوسط الملبدة سماؤها بالغيوم القاتمة والفواجع الدامية، تشهد سماؤها من حين لآخر مفاجآت سارة أو مؤملة، كقرار مجلس الأمن بلاشرعية الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الفلسطينية، وكوقف إطلاق النار في سوريا، وكإعلان سلطنة عمان انضمامها إلى التحالف الإسلامي لمكافحة الإرهاب، الذي نشأ بدعوة من المملكة العربية السعودية، ويضم أربعين دولة عربية وإسلامية وأفريقية، لتكون سلطنة عمان الدولة الواحدة والأربعين فيه.
لم يكن هذا الانضمام في الحقيقة مفاجأة، بل كان منتظرًا. فسلطنة عمان كانت، ولا تزال، من دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي عضوًا متضامنًا وفاعلاً. وإذا كان لها أحيانًا بعض التحفظات الطفيفة التي لا تفسد للود قضية، فذلك يعود - كما هي حال دول خليجية أخرى - إلى أوضاع ومصالح يتفهمها الأعضاء الآخرون. وأما بشأن محاربة الإرهاب، فإن السلطنة لا تختلف عن الدول الخليجية في إدانة أي نوع من الإرهاب ومحاربته، أسوة بالدول العربية والخليجية. أما انضمامها إلى التحالف، فجاء - كما قال وزير خارجيتها - «موقفًا مناسبًا في الوقت المناسب».
إن تحالف محاربة الإرهاب، الذي لعبت المملكة العربية السعودية دورًا محوريًا في إنشائه، مرشح للتوسع، وللقيام بدور رئيسي، لا في محاربة الإرهاب عسكريًا فحسب، بل في تحرير العالمين العربي والإسلامي من التنظيمات السياسية المتطرفة والممارسة للإرهاب تحت شعارات دينية. وشهادة الأزهر الداعمة لهذا التحالف تدفعه إلى خوض معركة قد تكون أهم من اللجوء للسلاح، ونعني بذلك معركة فكرية عقائدية تصحح ما شوهته تلك التنظيمات الإرهابية، وما بات العالم يحمله للعرب والمسلمين من نظرة تخوف وعداء نتيجة هذا البلاء الذي أوقعتنا فيه تلك التنظيمات المتطرفة.
يومًا بعد يوم، بات دور الدول الخليجية ومجلس تعاونها، وفي مقدمه المملكة العربية السعودية، دورًا محوريًا، وأساسيًا، في معركة المصير المحتدمة اليوم في الشرق الأوسط، والمرشحة ربما للامتداد إلى أنحاء أخرى من العالم، لا سيما بعد أن باتت دول عربية كانت سابقًا تلعب دورًا سياسيًا رياديًا مشلولة، أو شبه مشلولة بالصراعات المحتدمة فيها. ومن هنا، باتت آمال الشعوب العربية والإسلامية معلقة على هذه المجموعة من الدول التي لم ينجح الإرهاب في تمزيق مجتمعاتها، بل تحصنت في وجهه، وانتقلت في محاربته من الدفاع إلى الهجوم. ومن هنا أيضًا، فإن كل تقارب بين الدول الخليجية، وكل تعاون وتنسيق، يشكل خطوة إيجابية لا في محاربة الإرهاب فحسب، بل أيضًا في إنقاذ المصير العربي مما أعد أو يعد له. لذا، جاء إعلان انضمام سلطنة عمان إلى التحالف الإسلامي لمحاربة الإرهاب خطوة عربية وإسلامية إيجابية وطبيعية، بل وضرورية حملت معها نفحة أمل في الأفق المصيري العربي.
ذلك أن إنقاذ سوريا والعراق وليبيا واليمن من الحروب الأهلية التي تمزقها، وتجنيب الدول والشعوب العربية والإسلامية المصير الذي تعده هذه الجماعات الإرهابية المتطرفة، بل وتجنيب العالم حربًا عالمية ثالثة بين الشرق والغرب - ولا نغالي - لا يتحقق، ولا يجوز أن يتحقق، على أيد غير عربية وغير مسلمة، بل إنه واجب ينبغي إنجازه لتخليص المنطقة من هذه الشرور والآفات.