مشعل السديري
صحافي وكاتب سعودي ساخر، بدأ الكتابة في الصحف السعودية المحلية، ثم في صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، تتميز كتاباته بالسخرية اللاذعة، ويكتب عموداً ثابتاً في «الشرق الأوسط».
TT

(استجواب) من ثقيل

ذهبت لزيارة صديق بمنزله في الطائف، ووجدت عنده لفيفًا من الزوار، وبما أن الفصل كان صيفًا، والوقت مساءً، والطقس لطيفًا، فقد كانت الجلسة بالهواء الطلق في حديقته، وكان البعض يلعبون (الكوتشينة)، والبعض يتحدثون، والأغلبية يتفرجون على مباراة كرة قدم في التلفزيون.
لفت نظري أول ما دخلت رجل بين الحضور، لم أستلطفه يا سبحان الله من أول نظرة، حيث إنه لم يكن من اللاعبين ولا المتحدثين المتحاورين ولا من الصامتين المتابعين للكرة.
ومن صفاته أنه رجل مكتنز الجسم، ذو لحية طويلة مبالغ فيها، وأنا لدي حساسية تجاه أي لحية تزيد عن (قبضة) اليد كما ورد بالسنة الشريفة.
على أية حال لم يكن هذا هو سبب عدم استلطافي له، فهذا هو شأنه، وكل إنسان حر في لحيته يوجهها حيث يشاء.
غير أن ما بعص مزاجي من هذا الرجل، هي نظراته الفضولية تجاهي، لم أعرها في البداية تلك الأهمية، على أساس أن نظرته المتفحصة تلك إما أن تكون إعجابًا أو اشمئزازًا، وفي كلتا الحالتين لن تزيدني رفعة ولن تنقصني قدرًا.
وبعد أن طال تركيزه بنظراته نحوي إلى درجة أن المباراة لم يعد لها طعم لديّ، عندها التفت نحوه قائلاً: مساك الله بالخير - (علّ وعسى) أن يفهم أنني أعني كف عن نظراتك لي، (حل عن سمايا)، غير أنه ما صدق على الله أنني توجهت له بالكلام حتى استعد لي بالأسئلة المستفزة التي تسم البدن، قائلاً:
إيش اسمك؟! قلت (فلان الفلاني)، هل أنت موظف وكم راتبك؟! قلت له: لا، هل لديك زوجة أو زوجتان؟!، قلت ولا واحدة، فزوجتي ماتت، قال: إذن لماذا لا تتزوج هل لديك عجز؟! سألته بغضب ماذا تقصد بالعجز؟!، قال: أقصد العجز المادي، ولكن هل لديك أولاد وبنات وكم أعمارهم؟! وقتها بدأ التبرم عندي يبلغ حد الغضب، فقلت له: ليه هل تريد أن تناسبني؟!، واستمر في أسئلته كأنه لم يسمعني قائلاً: هل بيتك بالإيجار أم بالتقسيط؟! قلت لا هذا ولا ذاك، وأين تسكن؟! قلت في جدة، ولماذا أتيت للطائف؟! عندها انفجرت قائلاً له: لكي أتمسى بخلقتك، والله لا يبارك بهذه الليلة التي شاهدتك وسمعت فيها استجواباتك؟!
رميت بهذه الكلمات، واستأذنت من صاحب المنزل خارجًا قبل أن تنتهي المباراة، حاول مشكورًا استبقائي بشتى الوسائل، غير أن عفاريتي كانت قد ركبتني وخرجت لا ألوي على شيء.
بقي أن أقول لكم إن الذي جعلني أخرج عن طوري، هي الأسئلة الشخصية من ذلك الأهبل، واحترامًا مني لكم لم أطرحها كلها أمامكم، لأن بعضها مخجل وغير قابل للنشر.