طارق الشناوي
ناقد سينمائي، وكاتب صحافي، وأستاذ مادة النقد بكلية الإعلام في جامعة القاهرة. أصدر نحو 30 كتاباً في السينما والغناء، ورأس وشارك في لجان تحكيم العديد من المهرجانات السينمائية الدولية. حصل على العديد من التكريمات، وقدم أكثر من برنامج في الفضائيات.
TT

النجوم وحساباتهم المعقدة!

ودعنا مهرجان القاهرة بعدما أعلنت رئيسة المهرجان الباحثة السينمائية د. ماجدة واصف أنها نجحت بنسبة 50 في المائة، أي أن الإخفاق كان أيضًا حاضرًا بنفس الدرجة، وهكذا صار المهرجان الذي انطلقت أولى دوراته عام 1976 وهو يعيش في مرحلة اللانجاح واللافشل، تشبه ما كان يطلق عليه بعد هزيمة 67 وفي زمن أنور السادات قبل حرب أكتوبر 73 «اللاسلم واللاحرب»، وما أبغض الوقوف على الحافة!
كانت نقطة الانطلاق في ضبابية المشهد الذي شغل «الميديا» هم النجوم، أين هم المصريون والعرب في الافتتاح، وأين أيضًا الأجانب؟ دعونا نبدأ بالأجانب، كان لدى المهرجان طموح مثل كل مهرجانات الدنيا أن يجد لديه على خشبة المسرح في الافتتاح، نجمًا هوليووديًا له بريق ليوناردو دي كابريو مثلاً، أو نجمة لديها رسوخ مثل ميريل ستريب، انتظروا أن يتطوع رجل أعمال من أصحاب الملايين لكي يسدد النفقات المطلوبة، ولكن لم يتقدم أحد، كان الحل الوحيد هو أن يوجه المهرجان نصف ميزانيته على الأقل لكي يتمكن من الإنفاق على دعوة نجم عالمي يعلن لمدة دقائق عن حبه لمصر والنيل والأهرامات، ثم يسافر في اليوم التالي بعد أن يعقد مؤتمرًا صحافيًا عالميًا لا يتجاوز 30 دقيقة.
لو فعلها المهرجان لتوقفت كل أنشطته الأخرى، وفي تلك الحالة سيناله هجوم ضارٍ. كان السؤال الأول الذي أرجأنا إجابته، أين نجومنا المحليون؟ حيث لم يعثر لهم على أثر يذكر، انشغل الإعلام المحلي في عدد من الجرائد والمواقع المصرية والعربية بفنانة درجة ثالثة استطاعت أن تجعل المؤشر يذهب إليها بما ارتدته، وإن شئت الدقة بما لم ترتدِه من ملابس، وهكذا نجحت خطتها في لفت الانتباه. نجومنا الكبار لم يحضروا لا الافتتاح ولا الختام، تعودنا أن النجم يشارك فقط إذا كان هو صاحب الليلة، إما له فيلم أو في لجنة التحكيم أو يحصل على تكريم، ولكنه لا يشارك في الحضور لمجرد أن المهرجان يقام في بلده، هذه الثقافة مع الأسف لا نعثر عليها، النجم يتعامل مع الموقف وكأنه ذاهب إلى فرح، فهو يحضر في حالة واحدة من الثلاث، أن يصبح هو العريس أو العروس أو المأذون، ولكنه لا يلعب أبدًا دور أحد المعازيم.
قال عدد منهم إن الحزن على محمود عبد العزيز الذي ودعنا قبل ثلاثة أيام من الافتتاح، دفعهم للاعتذار، رغم أن الدورة أساسًا مهداة لاسم محمود فكيف يغيبون والفرصة كانت مهيأة للتعبير العملي، عن حبهم لمحمود، مثلما فعل أحمد حلمي الحاصل على جائزة فاتن حمامة للتميز في الافتتاح أو مثلما فعل يحيى الفخراني في الختام، حيث أهدى كل منهما جائزته إلى محمود عبد العزيز.
شاهدت في مهرجان قرطاج مطلع هذا الشهر، كيف أن الفنان التونسي موجود في جنبات المهرجان، يرحبون بالضيوف، بل أكثر من ذلك عندما انتقلت عروض الأفلام في إحدى الأمسيات لسجن شهير هناك وهو «مرناق» وجدت أن مخرج فيلم «زيزو» فريد بوغدير وعددًا من النجوم شاركوا بالحضور، وأجابوا بصدر رحب على كل تساؤلات المساجين.
البعض في «الميديا» لا يزال مصرًا على أن يحدد درجة نجاح المهرجان أو فشله طبقًا لعدد النجوم الحاضرين، وهي في الحقيقة قسمة غير عادلة، الصحيح أن يتحدد قيمته بعدد الأفلام والندوات المهمة وانتظامها، وطبقًا لهذا المؤشر فإن مهرجان القاهرة في طبعته الأخيرة، ينطبق عليه توصيف «اللافشل واللانجاح»!!