حسين شبكشي
رجل أعمال سعودي، ومستشار اقتصادي لعدد من الشركات الخليجية الكبرى، وعضو مجلس إدارة ورئيس مجلس إدارة في عدد من الشركات السعودية والأجنبية. نشر العديد من المقالات في مجالات مختصة، وفي صحف ومجلات عامة في العالم العربي. اختير عام 1995 «أحد قادة الغد» من قبل «المنتدى الاقتصادي العالمي» في دافوس. أول رجل أعمال سعودي وخليجي ينضم إلى «منتدى أمير ويلز لقادة الأعمال».
TT

اقتصاد السعودية: أرامكو والبيك!

لا يزال السعوديون يتحدثون عن المقابلة التلفزيونية التي تم فيها استضافة ثلاثة من المسؤولين الاقتصاديين للحديث عن الوضع المالي والاقتصادي في البلاد، والتي كان من المفروض أن تقدم جرعة طمأنة للناس ولكن على العكس كانت سببًا مباشرًا للقلق والتوتر لما تضمنته من كلمات مرعبة وغير لائقة تتعلق «بإفلاس السعودية» و«عدم إنتاجية السعودي إلا ساعة واحدة». هناك قول مأثور ومهم للمالي والاقتصادي ذائع الصيت جورج سوروس يقول فيه: «الأحداث اللاحقة لا تخدم إن كانت متغيرًا مستقلاً عن توقعاتنا، فلو اختلفت التوقعات ربما أدى ذلك إلى مسار آخر للأحداث». وما ينطبق على الواقع السعودي فإن المعنى من هذه المقولة أنه لا بد أن تأتي آمال السعوديين وطموحاتهم لائقة بتحقيق رؤية 2030 الطموحة والجريئة، فهذا بحد ذاته سيساعد على تغيير مسار الأحداث للوصول إلى نتائج رؤية 2030.
استمرار توقعات «أبو سروال وفلينة» الهشة والسطحية والساذجة لن تكون نتيجته أكثر من طموح الحصول على سندويتش كبدة مع خيار وحيد بشطة أو من غير شطة! والحديث عن فكرة إفلاس السعودية في هذه الظروف قصة مقززة وباعثة للسخرية، خصوصًا أنه تم تداولها من عقول وأذهان يفترض أنها حكيمة ومتخصصة.
الدول لا تفلس أبدًا مثل الشركات، فعثرات الدول عندما تحصل يكون من المفروض لديها برامج مقنعة وقوية تستطيع من خلالها جذب وإقناع المؤسسات المالية العالمية لمساعدتها ودعمها أو يكون أمامها الخيار المر الآخر وهو الغرق والسقوط في دوامة وأوحال التضخم وسلسلة التوابع التي تترافق معها وبالتالي تجني الفشل وتبعاته المستحقة. ويبقى السؤال الواجب والمفروض طرحه بقوة وجرأة:
هل توجد اليوم برامج إصلاح اقتصادي مقنعة وكاملة؟ وهل لدينا كامل الأدوات والأشخاص المؤهلون لإنجاز ذلك؟ فاليوم لا يمكن أن تأتي بفريق كرة قدم متواضع وتلبسه قمصان فريق «برشلونة» وتتوقع منه أن يصبح بقدرة قادر «برشلونة».
هل ستفلس السعودية؟ ليس هناك إجابة، فليس هناك سؤال حقيقي من الأساس وراءه. إنها مجرد سفسطة خيال بحتة. السعوديون ركزوا في الأيام الأخيرة على خبر قرب اكتتاب أيقونة اقتصادهم العظيمة شركة «أرامكو»، عملاق الطاقة العالمي وهي درة التاج في الاقتصاد السعودي. وبدأت العدادات في حساب ما يمكن الحصول عليه من عوائد نتاج هذا الاكتتاب العظيم، ولكن ماذا لو نظرنا في عوائد الشركات المتوسطة والصغيرة؟ ماذا تم عمله لكي تطرح شركات صغيرة ومتوسطة أسهمها في السوق السعودية؟ أقارن بين «أرامكو» وشركة سعودية أخرى لها الكثير من المكانة الخاصة في قلوب السعوديين، وهي شركة «البيك» للوجبات السريعة. هذه الشركة تحولت لقصة نجاح ومصدر فخر للسعوديين، لو طرحت للاكتتاب سيكون من المؤكد أنها ستحصل على قدر هائل من الاستثمارات العريضة لو توفرت لها (ولغيرها) أدوات التشجيع الاستثماري للتوسع، لأن هذه الشرائح من الشركات مهملة لصالح الشركات العملاقة رغم قدرتها على النجاح والتميز، كما أثبتت الأيام ذلك بشكل قطعي.
الاقتصاد السعودي بخير، ولكنه يحتاج إلى طمأنة في الخطاب والاعتماد على أهل الكفاءة ومصارحة الناس.