سوسن الشاعر
إعلامية بحرينية تكتب في بعض الصحف البحرينية منها «الوطن» و«بوابة العين الإخبارية». عضو في مجلس أمناء «جائزة الصحافة العربية». كانت مقدمة لبعض البرامج التليفزيونية. خريجة جامعة بيروت العربية.
TT

لماذا هذا التزلف لإيران؟

بول رايان رئيس مجلس النواب الأميركي جمهوري، ويعتبر أصغر من تولى هذا المنصب منذ الحرب الأهلية، وكان ميت روني المرشح السابق للرئاسة قد اختاره لمنصب نائب الرئيس في حال فوز الأخير، ولد في يناير (كانون الثاني) 1970، وأصبح عضوا في الكونغرس في يناير 1999. أحد أهم الشخصيات التي التقى بها الأمير محمد بن سلمان في زيارته الأخيرة للولايات المتحدة الأميركية.
ورغم أننا لا نعول كثيرا على تغيرات راديكالية ممكن أن تحدث وتغير سير اتجاه الرياح في العلاقات الأميركية الخليجية، مع الإدارة الجديدة، وأغلب الظن أن استمرار السياسة الأميركية الجديدة تجاه إيران والداعية على الانفتاح هو السائد، فإن تيارا أميركيا أغلبه من الجمهوريين وبعضه من الديمقراطيين ومعهم (العسكر) لا يرغب في أن يكون الانفتاح على إيران مندفعا بالشكل الذي تقوم به الإدارة الحالية، ومخلا حتى بالكرامة الأميركية كما حدث في مع الزورق الأميركي الذي احتجزته السلطات الإيرانية، وأجبرت بحارته على اتخاذ وضع الأسرى، ومع ذلك تلقت إيران (شكرا) من وزير الخارجية، مما دفع بول رايان إلى رفع سقف الاتهامات لهذه الإدارة بشكل غير مسبوق، فقد وجه الأسبوع الماضي سؤالا لجون كيري على موقع «واشنطن فري بيكون»: «هل ورد في الاتفاق النووي أن الرئيس أوباما قال لإيران إن جون كيري يجب أن يلعب دور السمسار الأكبر لإيران؟!».
أي إهانة هذه طالت أكبر وأقوى دولة في العالم؟ أي واقع مفرط في الوضوح كهذا الانحياز التام لهذه الإدارة لإيران، أجبر رئيس مجلس النواب لتوجيه هذا السؤال لوزير خارجيته؟
فإن كان رئيس مجلس النواب الأميركي وصل إلى قناعة بأن كيري تحول لسمسار لإيران، فماذا نقول نحن في البحرين الذين نتعرض لحملة ضغط منه شخصيا لصالح إيران لم يشهد تاريخ العلاقات الأميركية البحرينية مثلها؟
بول رايان يتحدث عن سلسلة مواقف أهينت فيها الولايات المتحدة الأميركية، وكأن هستيريا الحلف الإيراني أصيبت بها هذه الإدارة حتى باتت على استعداد لفعل أي شيء من أجل إتمام الصفقة الإيرانية الأميركية قبل مغادرتها البيت الأبيض، إذ هاجم بول رايان كبار مسؤولي إدارة الرئيس باراك أوباما، قائلاً لقد تجاوزتم التعهدات المنصوص عليها في الاتفاق النووي، من خلال محاولاتكم السرية والعلنية وإطلاقكم حملة دولية لتشجيع وترغيب الشركات والدول، في التعامل مع إيران (لاحظ السرية والعلنية).
اندفاعهم لإتمام الصفقة تجاوز الاتفاق النووي بكثير. إنهم تجاوزوا حدَّ البروتوكول السياسي والدبلوماسي مع البحرين، ظنا منهم أن البحرين دولة صغيرة ما أن يبدو لها قلقهم من إجراءاتها القانونية لحفظ أمنها حتى تسارع بالتخلي عن سيادتها وأمنها، من أجل ألا تقلق هذه الإدارة، فتطلق يد إيران على أرضها إكراما للحلف الأميركي الإيراني!!
إنهم يفرشون الأرض لإيران في كل موقع، يشيدون بالحشد الشعبي الطائفي في العراق، ويغضون الطرف عن جرائمه وكيري يقلل منها بوصفها (حالات استثنائية) يضيعون فرصا كثيرة لمساندة الشعب السوري، ويمهدون للتمدد الإيراني فيها حتى وصلت بهم المذلة أن خامنئي هو الذي يرفض التعاون معهم في الملف السوري، بعد أن عرضوا التنسيق معه، هل هذه هي أميركا التي نعرفها؟!
وحسب موقع «واشنطن بيكون» ونقلته «العربية» أكد تقرير أن إدارة أوباما قامت بالضغط على مؤسسة «مجموعة العمل المالية» الدولية والتي أدت إلى تأجيل معاقبة إيران، بسبب دعمها للإرهاب وتورطها بغسل الأموال إلى عام آخر، للتخفيف من شروطها ولإطلاق يد إيران في تحصيل أموالها دونما التزام منها بالشروط المتفق عليها.
من جانبهم، اعتبر المشرعون في الكونغرس الأميركي أن إدارة أوباما تستغل، بشكل خاطئ، الاتفاق النووي، كذريعة من أجل إيجاد لوبيات لصالح طهران، لم يخطئ بول رايان فعلا حين شبه كيري بسمسار إيراني.
فقد نقل موقع «واشنطن فري بيكون» عن عضو لجنة الاستخبارات بمجلس النواب الأميركي، مارك بمبيو، قوله إن «إدارة أوباما كما ضغطت لعدم عودة مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى إيران، فإنها مارست نفس الضغوط الآن على مجموعة العمل المالية».
وبحسب بومبيو، فإن «نتيجة لهذه الضغوط فقدت أميركا السيطرة على مراقبة الأجزاء الحساسة من برنامج إيران النووي، ويحدث الشيء نفسه بالنسبة لجبهة القضايا المالية». كما كشفت مصادر مطلعة أن إدارة أوباما تحاول أن «تمنح غطاء قانونيًا للشركات والمؤسسات الراغبة في التعامل مع إيران، للحيلولة دون تعرضها للضرر نتيجة العقوبات المالية والمصرفية المفروضة على إيران».
ختاما دون الإخلال بتوجه دول الخليج الجديد، والمستقل والمبتعد خطوات عن البيت الأبيض، نأمل مع ذلك أن يقود التيار السياسي الأميركي الشاب الجديد، ممثلا في شخص كبول رايان، توجها جديدا يعيد لدولتهم القيم والمبادئ التي تأسست عليها، وجعلت منها أقوى دولة في العالم، وينقذها من تدهور طالها في السنوات الماضية جعل من البيت الأبيض مجرد (دلال) إيراني!!