مشاري الذايدي
صحافي وكاتب سعودي. عمل في عدة صحف ومجلات سعودية. اشتغل في جريدة المدينة السعودية في عدة أقسام حتى صار عضو هيئة التطوير فيها. ثم انتقل لـ«الشرق الأوسط» من 2003، وتدرَّج بعدة مواقع منها: المشرف على قسم الرأي حتى صار كبير المحررين في السعودية والخليج، وكاتباً منتظماً بها. اختير ضمن أعضاء الحوار الوطني السعودي في مكة المكرمة. وشارك بأوراق عمل في العديد من الندوات العربية. أعدَّ وقدَّم برنامجي «مرايا» وبرنامج «الندوة». في شبكة قنوات «العربية».
TT

تحنيط بشار الأسد

هل يمكن أن تولد سوريا جديدة، مع بقاء بشار الأسد، شخصًا ونظامًا؟
كشف دبلوماسي في مجلس الأمن أن وزير الخارجية الأميركي أبلغ بعض الدول العربية بأن بلاده توصلت لتفاهمات مع روسيا حول مستقبل الوضع السياسي السوري، من ضمن هذه التفاهمات رحيل رئيس النظام السوري لـ«دولة أخرى» لم يسمِّها. وذلك بحسب ما كشفته صحيفة «الحياة» اللندنية. وهو الأمر الذي نفاه ديمتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين لاحقًا.
بشار الأسد، منتشيًا بما قيل إنه نصر تدمر«تجاوز» سقف تفاهمات جنيف، وهو السقف الذي حدده الروس والأميركان، ومن معهم، وعلى أساسه يتحرك المبعوث الدولي دي ميستورا.
بشار قدم، في مقابلته الإعلامية الروسية، تفسيره «الخاص» به حول ما ورد في معايير جنيف عن «الهيئة الانتقالية» أن الانتقال يعني من دستور لدستور، فقط، طبعًا مثلما جرى في عهود الأسد، الوالد والولد.. هذا قصف بالصميم لمعنى التفاوض السياسي.
أسعد الزعبي رئيس الوفد السوري المعارض لجنيف قال إن الأسد «لا يمكن أن يبقى ولو ساعة واحدة بعد تشكيل هيئة الحكم الانتقالي في البلاد».
هناك حديث غامض بين الروس والأميركان حول مصير بشار الأسد؛ مرة يخرج حديث روسي بأن بحث مصير الأسد، ليس واردًا في هذا المرحلة، وأن ثمة تفاهمًا مع الأميركان حول هذا الأمر، ثم يخرج المتحدث باسم الكرملين نافيًا هذا الأمر، ولكنه نفي بارد، يزيد الشك. ويخرج أيضًا المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، جون كيربي، مؤكدًا أن موقف بلاده من رحيل الأسد، ثابت لأنه «فقد شرعية حكم سوريا»، وإن هذا متفاهم عليه مع الروس.
القيادي السوري في المعارضة، رياض نعسان آغا، قال متهكمًا، «إذا كان مصير بشار ليس مطروحًا الآن، فعلى ماذا نتفاوض»؟!
القصة ليست حردًا شخصيًا، بل إن بشارًا نفسه هو مصدر أساسي للاضطراب والعسكرة في سوريا. بعد جرائمه الهائلة التي ارتكبها بحق السوريين، بالملايين، وهتك سيادة بلاده، وسلمه الأهلي الداخلي.
أي معارضة سورية تقبل بوجود بشار، ستفقد بشكل آلي أهليتها وقاعدتها الشعبية، التي هي أساس تمثيلها ووجاهتها على طاولة جنيف.
يجب أن يشعر السوريون أن هذا الرجل، بشخصه، وزمرته، هم جزء من الماضي، وإلا فإن القتال سيستمر، وكذا ولادة التنظيمات المتطرفة.
الموت السياسي لبشار ونظامه، هو ضمانة الحياة لسوريا الجديدة. هل يكون الموت بالقتل المادي أو التغيبب السياسي؟ موضوع بحث.
الأكيد أن بشار جثة سياسية، وليس هناك أخطر من الجثث إذا استمرت في تمثيل الحياة الحقيقية.. بشعة وقاتلة!
[email protected]