مشاري الذايدي
صحافي وكاتب سعودي. عمل في عدة صحف ومجلات سعودية. اشتغل في جريدة المدينة السعودية في عدة أقسام حتى صار عضو هيئة التطوير فيها. ثم انتقل لـ«الشرق الأوسط» من 2003، وتدرَّج بعدة مواقع منها: المشرف على قسم الرأي حتى صار كبير المحررين في السعودية والخليج، وكاتباً منتظماً بها. اختير ضمن أعضاء الحوار الوطني السعودي في مكة المكرمة. وشارك بأوراق عمل في العديد من الندوات العربية. أعدَّ وقدَّم برنامجي «مرايا» وبرنامج «الندوة». في شبكة قنوات «العربية».
TT

هل انتهت المغامرة الروسية؟

في وقت ماض قال رئيس تركيا رجب طيب إردوغان إن التدخل الروسي في سوريا، سيكون مصيره مثل مصير تدخلهم السابق في أفغانستان، الهزيمة والورطة.
هل يكون الرئيس الروسي بوتين، بسحبه «الجزئي» كما عبر الروس، لقواتهم من سوريا، تجنب هذا المصير؟
راهن كثيرون على انغماس روسيا في الوحل السوري، وجلس الجالسون على ضفة النهر الأسود، يفركون كفوفهم بانتظار مرور جثة الدب الروسي على صفحة الموت السوري.
دخلت القوات الروسية مفاجئة الجميع في سبتمبر (أيلول) الماضي بجلبة وصخب للمشهد السوري، نصرة للنظام، وتحسينا لمواقعه، وكان النظام ومعه ميليشيات سليماني و«حزب الله»، في موقع حرج، لصالح المعارضة. فتغير الميزان لصالح النظام بفعل العسكرية الروسية.
لكن ربما أدرك العقل الروسي لاحقا أن القصة ليست في غارة جوية هنا أو هناك، النهاية الحقيقية للمعضلة السورية تكون بحل سياسي، وليس ببلطجة عسكرية. خطورة الموقف الروسي في سوريا، كما قيل سابقا، هي مغازيه التي تصل للعقول والقلوب، وهي أن روسيا انغمست في الصراع السوري لصالح المحور الإيراني الأسدي، يعني بصريح العبارة، لصالح الشيعة، ضد السنة، فهكذا فهم الناس الأمر، فهل تطيق روسيا تكلفة هذا الانحياز في العالم كله؟
الأمر الآخر التكلفة الاقتصادية الباهظة للتدخل العسكري، الأنباء تقول إن بوتين قرر تخفيض ميزانية الدفاع الروسي بنسبة 5 في المائة خلال العام الحالي. وهو ما لم يحدث منذ عام 2000. أيضا تدني سعر البترول أكثر من 70 في المائة، وتراجع الاستثمارات في الاقتصاد الروسي بدءًا من عام 2012. وتأثير العقوبات الاقتصادية الغربية المتزايد على الاقتصاد الروسي، وقيل أيضا إن رفع سعر البترول صار مطلبا حيويا لموسكو، ولذلك ربما قدمت بادرة حسن نية للسعودية من خلال هذه الخطوة، بانتظار ما ذكر عن زيارة منتظرة للعاهل السعودي إلى روسيا.
صحيفة «التايمز» البريطانية ذكرت عن محللين قولهم إن بوتين قرر التحرك والخروج من سوريا لتجنب التورط بحرب طويلة هناك.
قيل أيضا إن «عناد» وغرور بشار الأسد وموظفيه في الاستماع للنصيحة الروسية، في المفاوضات السياسية بين المعارضة والنظام، أثار غضب سيد الكرملين، وهذه الخطوة محاولة لتذكير بشار بواقع الحال. ففي فبراير (شباط) الماضي، قال ميخائيل بوغدانوف نائب وزير الخارجية الروسي إن على «بشار الأسد أن يستمع لنصيحة موسكو».
يبقى أن هذا الانسحاب مهما قيل عن طبيعته ودلالاته، إشارة إيجابية للمستقبل السوري، وأنه لا يمكن هزيمة الحقيقة والحق.
الحقيقة أن أغلب السوريين لن يستسلموا، والحق أن بشار خطير على السلام والإنسانية.