مشاري الذايدي
صحافي وكاتب سعودي. عمل في عدة صحف ومجلات سعودية. اشتغل في جريدة المدينة السعودية في عدة أقسام حتى صار عضو هيئة التطوير فيها. ثم انتقل لـ«الشرق الأوسط» من 2003، وتدرَّج بعدة مواقع منها: المشرف على قسم الرأي حتى صار كبير المحررين في السعودية والخليج، وكاتباً منتظماً بها. اختير ضمن أعضاء الحوار الوطني السعودي في مكة المكرمة. وشارك بأوراق عمل في العديد من الندوات العربية. أعدَّ وقدَّم برنامجي «مرايا» وبرنامج «الندوة». في شبكة قنوات «العربية».
TT

تونس: معركة بن قردان المجيدة

قبل أيام سجلت تونس سابقة، كعادتها، ودحر جيشها وشرطتها وحرسها الوطني وشعبها «غزوة داعشية» خطيرة على مدينة بن قردان بالقرب من الحدود الليبية.
في التفاصيل أن كتيبة من التوانسة الدواعش، يرجح أن شطرًا كبيرًا منهم من أهل المدينة نفسها، ظهروا بشوارع المدينة معلنين سيطرتهم عليها وإقامة «ولاية بن قردان» ضمن ولايات العراقي إبراهيم عواد خليفة «داعش».
ظهر قتلة «داعش» على مفارق المدينة يوقفون المارة ويفتشون الهويات، ظانّين أن هذه المدينة الصغيرة المرتبطة بحركة السلع الحدودية والتبادل مع ليبيا، ستكون أول لقمة لهم بتونس الخضراء.. لكن خاب ظنهم.
برهنت الدولة التونسية على كفاءة ونباهة وحزم، والأهم شعب بن قردان الذي بادر للتضامن مع الجيش والحرس الوطني والشرطة ضد «غزاة داعش».
رئيس الحكومة الحبيب الصيد أعلن أن الهجمات نفذها نحو 50 مسلحًا حاولوا «احتلال» المنشآت الأمنية الثلاث وإقامة «إمارة داعشية» في بن قردان.
قتلت قوات الأمن خلال ثلاثة أيام 46 إرهابيًا في بن قردان، حسبما أعلنت وزارتا الدفاع والداخلية. وما زال التعقب لفلول «داعش» جاريًا. قتل في المواجهات بين قوات الأمن والإرهابيين 13 عنصر أمن و7 مدنيين أيضًا.
«داعش ليبيا» تتعرض الآن لبداية ضغط، مع تقدم قوات الجيش الوطني بقيادة الجنرال حفتر، وأيضًا غارات «الأطلسي» والأميركان السرية على مواقع التنظيم في سرت وغيرها، كما صبراتة القريبة من الحدود التونسية. ربما كانت «غزوة بن قردان» محاولة للتوسع نحو تونس وتعقيد المسألة على قوات «الأطلسي» والأميركان، لكن فوّت التوانسة عليهم هذه الحركة الخبيثة.
هناك سعي حثيث من مخططي «داعش» لخلق جزر في أكثر من مكان بالمنطقة، لعدة أهداف؛ منها إظهار قوة التنظيم، وتشتيت قوة التحالفات الدولية والعربية لمواجهة «داعش».. ومن هنا كان التمدد في ليبيا مؤخرًا.
لتونس قصة خاصة مع «داعش»، لأن الأنباء تؤكد أن التوانسة، سواء قدموا من المهاجر الأوروبية، أو من تونس نفسها، يشكلون النسبة العظمى من قيادات وكوادر «داعش» في سوريا خاصة، والعراق بعد ذلك.
هذا الأمر يجعل التحدي مضاعفًا على الدولة التونسية، لأنه من المؤكد أن هؤلاء الدواعش التوانسة يملكون قاعدة داخل تونس، مهما كان حجمها، وهم أشاروا لذلك في بيانهم الذي تبنوا فيه «غزوة بن قردان».
غير أن الدولة التونسية، والشعب التونسي أيضًا، رغم كل المتاعب الاقتصادية والسياسية، كانا على الموعد.. تحقق نصر مهم للعرب والمسلمين، وليس للتوانسة فقط.
معركة بن قردان، نقطة ضوء تونسية في ظلام «داعش»، لذا تستحق تونس الدعم العربي.
[email protected]