تشارلز بلو
كاتب أميركي
TT

معاداة المسلمين هي معاداة للأميركيين

يبدو أنه لا قعر لبالوعة الخطاب المعادي للإسلام القادم من مرشحي الحزب الجمهوري لخوض الانتخابات الرئاسية الأميركية.
إن لهجة الدعاية المعادية للمسلمين في أعقاب هجمات باريس بلغت مستوى من السمية، لا يشي بخروج أي شيء إيجابي منها.
وفي أحدثها، قال متصدر السباق لنيل ترشيح الحزب الجمهوري دونالد ترامب إن الولايات المتحدة لن يكون لديها «مطلقًا أي خيار» إلا إغلاق بعض المساجد. وعندما سأله أحد الصحافيين، بدا أنه لا يجد أي غضاضة في تسجيل أسماء المسلمين، والذي أدانه كثيرون، وشبهوه بطريقة معاملة اليهود في الماضي. (وبعد انتقادات شديدة من الحزبين، حاول التراجع عن تصريحاته بخصوص التسجيل).
ثم جاء الدكتور بن كارسون ليقول كلاما غير مسؤول ضد اللاجئين السوريين.
في الواقع، هذه هي المشكلة في لغة الخطاب العنصرية والمتهورة: كل عبارة منها تلقي مزيدًا من الحطب في النيران التي يمكن أن تشق طريقها إلى المجهول.
كان الدكتور مارتن لوثر كينغ قد حذر في كلمته التي ألقاها عام 1967 تحت عنوان «أميركا الأخرى» من أن «العنصرية هي شر، لأن منطقها النهائي هو الإبادة الجماعية». وكما قال كينغ: «إذا قال أحدهم إنني لست أهلاً كفاية لأن أعيش في المنزل المجاور له، وإنني لست أهلاً كفاية لأن آكل في مطعم، أو أحظى بوظيفة جيدة ومحترمة أو ارتاد المدرسة نفسها معه فقط بسبب عرقي، فإنه يقول سواء عن وعي أو لا وعي، إنني لا أستحق الوجود».
وبينما قد لا يكون هؤلاء المرشحون على وعي تام بهذا «المنطق النهائي»، أو يقرونه على أي نحو، لا يقلل ذلك من خطورة كلامهم، عندما يصل إلى مسامع الأقليات المهمشة، أو هؤلاء الذين يبحثون عن سبب لإضفاء مسحة من الصلاح على تشددهم الخاطئ.
وخلصت دارسة أجرتها جامعة كارنيغي ميلون عام 2013، إلى أنه «في الولايات الأكثر دعمًا للحزب الجمهوري في البلاد، قد تقل فرص إجراء أرباب الأعمال مقابلات مع المرشحين لشغل وظيفة ما، ممن تشير حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي إلى كونهم مسلمين»، حسبما يفيد مركز بيو.
وكما يفسر بيو: «في الولايات العشر التي ضمت أعلى نسبة من المصوتين لصالح المرشح الجمهوري السابق ميت رومني في انتخابات الرئاسية عام 2012، تلقى 17 في المائة من مقدمي طلبات التوظيف من المسيحيين اتصالات لإجراء مقابلة، مقابل 2 في المائة من المرشحين المسلمين للوظيفة. بينما لم تكن هناك أي اختلافات في عدد الاتصالات التي تلقاها المرشحون المسيحيون والمسلمون في الولايات العشر الأقل تصويتا لرومني».
وكتب أواخر الشهر الماضي لورانس داونز عن استطلاع في ولاية (جمهورية) يقول: «أجري استطلاع واحد في ولاية جنوبية واحدة، نورث كارولينا، من جانب مؤسسة.. لها صلات بالحزب الديمقراطي، وجهت من خلاله أسئلة إلى بضعة مصوتين جمهوريين في الانتخابات التمهيدية».
ويواصل دونز: «ولكن رغم ذلك.. كانت هذه هي النتائج: 72 في المائة أعربوا عن اعتقادهم بأنه لا ينبغي السماح لمسلم بتولي رئاسة الولايات المتحدة، بينما أعرب 40 في المائة عن اعتقادهم بضرورة تجريم الإسلام في هذا البلد».
لا عجب إذن في أن استطلاعًا أجراه مركز بيو للأبحاث بين المسلمين الأميركيين وجد أن 11 في المائة من المسلمين يميلون نحو الجمهوريين، بينما يميل 70 في المائة نحو الديمقراطيين.
علاوة على ذلك، خلصت ورقة بحثية عام 2013 نشرها كل من مركز التقدم الأميركي ومركز برينان للعدالة في كلية الحقوق بجامعة نيويورك إلى أن: «اتجاها مزعجًا يتطور سريعًا في المجالس التشريعية للولايات عبر البلاد: في محاولة شبه مكشوفة لتأجيج المواقف المعادية للمسلمين، تحرك المشرعون في 32 ولاية نحو حظر القوانين الأجنبية أو الدولية. ويستند ذلك الحظر إلى نموذج تشريعي صممه الناشط المعادي للمسلمين ديفيد الأورشليمي، وشجعه نشطاء أثاروا المخاوف من هيمنة القوانين والعادات الإسلامية - التي تعرف باسم الشريعة - على المحاكم الأميركية. ورغم أن أنصار ذلك الحظر فشلوا في إيراد مثال واحد لمحكمة أميركية لجأت إلى الشريعة لحل أي نزاع قضائي، جرى حظر القوانين الأجنبية في أوكلاهوما وكنساس ولويزيانا وتينيسي وأريزونا، بينما جرى تطبيق حظر ذي صلة على القوانين الدينية في ساوث داكوتا».
وكتب الاتحاد الأميركي للحريات المدنية عن تلك القوانين: «إن المساعي الرامية للتمييز ضد المسلمين وطرح الفكرة القبيحة القائلة بأن أي شيء إسلامي هو غير أميركي، تعد غير عادلة وانتقائية وينبغي رفضها. إن القوانين التي تستهدف الشريعة تنتهك التعديل الأول من الدستور عبر اعتبارها أحد المعتقدات مثيرًا للريبة».
إن هذه الشيطنة لمعتقد ديني بعينه تمثل منحدرًا زلقًا. ويغذي أمرًا يتعارض مع أنبل مطمح لهذا البلد: المساواة.
كان مسح بيو عام 2011 قد خلص إلى أنه بين الأميركيين المسلمين: «توجد أعداد كبيرة أبلغت عن تعرضها لنظرات الشك والريبة (28 في المائة)، والنعت بألقاب مهينة (22 في المائة). وبينما أفاد 21 في المائة من المشاركين في المسح بأنهم تعرضوا للتمييز من قبل سلطات أمن المطارات، يقول 13 في المائة إن مؤسسات أخرى لإنفاذ القانون مارست التمييز بحقهم. وإجمالا، قال 52 في المائة من المشاركين إن السياسات الحكومية لمكافحة الإرهاب تختص المسلمين في الولايات المتحدة بتشديد إجراءات الرصد والمراقبة».
إننا ينبغي أن نضع حدًا لهذه اللغة الضارة. وبصياغة بسيطة، إن معاداة المسلمين على وجه الخصوص هي على نحو أو آخر معاداة للأميركيين.

* خدمة: «نيويورك تايمز»