لقب الدوري أيضًا لعبة

سيدافع النصر عن لقبه الذي أحرزه مرتين متواليتين دون التهوين من بدايته المتعثرة، لكن من غير التهويل باعتبارها حكما قاطعا على ما سيقدمه في جولات الدوري المقبلة، لن تكون مشكلة النصر فقط إعداده غير الجيد ولا عمل المدرب أو الإدارة كل ذلك يمكن تجاوزه بل فيما يمكن أن يفعله ومنافسوه، هذا ما يجب أن يشغل النصر وبقية الفرق التي تريد البطولة.
في أكثر من مرة كنت أسأل ما إذا كان ما تتنافس عليه فرق الدوري جمع نقاط أم خروج مغلوب، ذلك لأن ما طرأ على ذهنية التنافس على بطولة الدوري مؤخرًا بدأ يأخذ شكلا غير صحيح يتمثل في أن هناك بطلا وخاسرا من أولى الجولات، قد يكون استثناء ما حدث في المواسم الثلاثة الماضية، لكن عودة التنافس على اللقب هذا الموسم توحي بتوجهه للمسار الصحيح، ستحدث جولات ست متقلبة واختتام للقسم الأول بمؤشر يدل على تحديد متنافسين حقيقيين.
كل الدوريات الأوروبية وبالنظر إلى جولاتها الأربع تعكس واقع الدوري السعودي، تفريط في بعض النقاط لحاملي اللقب، وعلامة كاملة لمنافسين محتملين وفرق وسط، لكن ستتتابع الجولات ومعها ستتغير النتائج وتدور لعبة الكراسي، ومعها تتشكل صورة الدوري على نحوها الصحيح، كل الفرق التي تملك العدة والعتاد ستأخذ فرصتها، لا مكان للفريق الذي يستسلم لصيحات الجماهير وغضبها المتسرع العاطفي، بل لمن ينفذ برنامجه ويصحح مساره، ويمضي بثبات.
النصر سيدافع عن لقبه، والأهلي لن يسمح بتكرار ما حدث له الموسم الماضي، والهلال والاتحاد والشباب يريدون العودة لمنصة هذه البطولة التي غابوا عنها، وستكون مواجهاتهم هي الفيصل أكثر مما كانت عليه فيما مضى، حيث سيكون لفرق الوسط والمؤخرة حلبات صراع خاصة بعيدا عنهم بعد أن تغيرت تركيبة الدوري بدخول القادسية والوحدة عوضا عن الشعلة والعروبة، هذا التصور مبني على نشوء كتلة صلبة في قاع الدوري لن تسمح بنزول مبكر يمكن له أن يريح فرق الوسط لتتفرغ لمشاغبة فرق المقدمة بارتياح يمكنها من لعب مواجهات إحراج كما كانت تفعل، وهذا ما يسهل ضربها.
إذا أردت تشغيل جهاز جديد لا بد أن تقرأ «كتالوغه» المرفق معه، أو دخول مركز ترفيهي لا بد من الاطلاع على التعليمات الخاصة به، كل ذلك حتى يمكن أن تحصل على أقصى حد للكفاءة أو المتعة الآمنة، لا يمكنك الدخول في منافسة دوري دون قراءة تحليلية لجدوله وبرنامجه الزمني وما يمكن أن تواجهه ويواجهه غيرك، والمصاعب المتوقعة، وهامش الخطر المحتمل، وقياس قدرة العناصر، وغير ذلك من الأمور المرتبطة عضويا بالمنافسة، وهنا أهمية إحاطة فريق العمل علما بطبيعة ذلك كله، ومعرفة مدى استعدادهم لخوض هذه المهمة، هذا سيساعد في تهيئتهم نفسيا، وسيضاعف من طاقتهم لتقديم أقصى ما يمتلكونه.
المنافسة على بطولة دوري محترفين من 26 جولة ليست عزفا منفردا، بل إذا أردت أن تعرف ما يمكنك فعله، فعليك أن تعرف ما سيفعله غيرك، الخسارة والتعادل والفوز نتائج يتبادلها الكل، المهم كيف تصنع من خسارة الغير انتصارا لك، وأن تتأكد أن انتصارك يعني خسارة لغيرك من منافسيك.. تحقيق اللقب لعبة تحتاج أيضًا إلى شيء من الذكاء، وكثير من الحكمة والصبر، طبعا الحظ يدخل في التفاصيل.