علي المزيد
كاتب وصحفي سعودي في المجال الاقتصادي لأكثر من 35 عاما تنوعت خبراته في الصحافة الاقتصادية وأسواق المال. ساهم في تأسيس وإدارة صحف محلية واسعة الانتشار والمشاركة في تقديم برامج اقتصادية في الإذاعة السعودية، ومدير التحرير السابق لصحيفة الشرق الأوسط في السعودية وهو خريج جامعة الملك سعود.
TT

ضريبة

أسهل عمل تقوم به الدول العربية سواء كانت نفطية أم غير نفطية إذا أرادت أن تزيد دخل الدولة، هو أن تفرض ضريبة أو رسومًا، غير مبالية بما يحدث بعد ذلك إلا فيما ندر، وأوضح مثال ما قامت به الحكومة المصرية الأسبوع الماضي من فرض رسوم على المستثمرين الأجانب في البورصة المصرية، فما كان من المستثمرين الأجانب إلا أن قاموا ببيع أسهمهم مما جعل البورصة المصرية تتراجع، وجعل المستثمر المصري يتذمر فما كان من الحكومة المصرية إلا أن قامت بتعليق فرض الضريبة لمدة عامين.
هذا التخبط واضح للعيان، ولكن دعوني أحدثكم عن تخبطات أخرى في الاقتصاد العربي، فكثير من المستثمرين يؤمنون بجدول استثمار في الدول العربية بسبب الجغرافيا واللغة وغيرها، ولكنهم يواجهون البيروقراطية فإذا نجوا من البيروقراطية فإنهم لا ينجون من تقلب الأنظمة، والأدهى والأمر أن كبار موظفي الدولة والنافذين إذا رأوا مشروعا ناجحا أرغموا مالكه على أن يشاركهم فإن لم يفعل فإنهم يترصدون لمشروعه حتى يفشل.
ومن المعروف أنه لجلب الاستثمار الأجنبي لا بد من توفر عدة شروط منها استقرار الأنظمة، لأن المستثمر يبني دراسة الجدوى في زمن معين ووفق ما هو سائد، فإذا اختلفت الضريبة مثلا أو اختلفت رسوم الجمرك فإنه يفشل، والأهم من ذلك عدم تغيير أسعار الطاقة فإذا تم تغييرها على المواطن لأي سبب من الأسباب فإنها تبقى للمصانع لمدة خمس سنوات على الأقل حتى لا تذهب استثمارات هذه المشاريع في مهب الريح.
القرار المصري كشف عورة القرارات العربية وأنها لا تنظر لما هو أبعد من أرنبة أنفها، وأنا واثق لو كان المسؤولون لديهم رؤية واستراتيجية وخطة عمل لجلب الاستثمار الأجنبي لرأينا حجم الاستثمارات العربية في الدول العربية أضعاف ما هو حاصل اليوم عدة مرات. فهل ستقوم الدول العربية خاصة المحتاجة لمثل هذه الاستثمارات بمراجعة أنظمة الاستثمار لديها؟.