كليف كروك
TT

الانتخابات البريطانية تأخذ منحى أخرق

فيما يقترب ميعاد إجراء الانتخابات البريطانية والمزمع إجراؤها غدا الخميس، تشير استطلاعات الرأي في بريطانيا إلى أن أصوات الناخبين قد تميل باتجاه المحافظين. وليس من المستبعد وقوع مفاجآت، فالكثير من الناخبين يقولون إنهم لم يحسموا أمرهم بعد، والتغييرات الصغيرة في قرارات الناخبين في الدوائر التي تشهد منافسات محتدمة، يمكن أن تغير كثيرا في موازين القوى في وستمنستر.
ولا يتبيّن حتى هذه اللحظة إذا ما كان بمقدور المحافظين أو العمال الفوز بأغلبية برلمانية. ويعد هذا أمرا غريبا في نظام يعتبر أن حكم الحزب الواحد أمر مسلم به، ولكن الأمور لا تتوقف عن التداعي. لنتخيل أن الانتخابات أفضت إلى نتيجة معقولة جدا، وهي رفض إنجلترا للعمال، واختيار أغلبية من المحافظين كما ترفض اسكوتلندا حزب العمال، وتمنح الحزب الوطني الاسكوتلندي فوزا ساحقا لتجد بريطانيا نفسها تحت حكم العمال.
في هذا السيناريو، يمثل العمال الأقلية في البرلمان، ربما بعدد أقل من المقاعد عن المحافظين، ولكن الدعم الخفي الذي سيمنحه الحزب الوطني الاسكوتلندي للعمال، والذي لن يرقى إلى مرتبة التحالف أو حتى الصفقة والتي تعهد زعيم العمال إيد ميليباند بعدم إبرامها مع الحزب الوطني الاسكوتلندي، سيمكنهم من الحصول على عدد أكبر من الأصوات المؤيدة لهم تحت قبة البرلمان، بالمقارنة مع المحافظين والليبراليين الديمقراطيين معا في نفس الوقت.
وستحصل حينها إنجلترا على حكومة لا ترغب فيها، وفرضت عليها نتيجة أفعال اسكوتلندا المترعة بالدوائر الانتخابية التي لا يتناسب عددها مع عدد سكانها، والتي تسعى دوما للانفصال عن إنجلترا.
لكن لنفترض جدلا أن نتيجة الانتخابات جاءت بشكل أفضل مما سبق ذكره، والافتراض هنا من منظور دستوري. فلو دخل العمال في تحالف مع الليبراليين الديمقراطيين قد يتمكنون من تشكيل أغلبية من ناحية الأصوات والمقاعد في إنجلترا. لكن تمرير التشريعات حتى في هذه الحالة قد يتطلب تلقي دعم من الاسكوتلنديين.
وفي كلتا الحالتين فإن النقطة الحرجة في كل هذا لن تتعلق بالنفور التقليدي الذي تظهره بريطانيا إزاء الحكومات الائتلافية، على الرغم من قوتها، ولكن سيتعلق بالدور المحوري في الحكومة البريطانية الذي سيلعبه حزب مناهض للاتحاد مع بريطانيا، وهو نفس الحزب الذي لا يحظى سوى بنسبة 5 في المائة من أصوات الناخبين في إنجلترا واسكوتلندا وويلز، بل ولا يحظى سوى بنحو 50 في المائة من الأصوات في اسكوتلندا نفسها.
هذا الاحتمال السخيف يعزز من موقف الداعين لاستقلال اسكوتلندا، أو أولئك المنادين بإجراء تعديلات انتخابية أو ربما كلاهما معا.
يبدو أن الاسكوتلنديين يشعرون بالعار بعدما صوتوا ضد استقلال بلادهم في استفتاء العام الماضي، لذا فإنهم يعاقبون العمال وإنجلترا على سبيل التكفير عن افتقارهم للشجاعة الكافية.
وعلى هذا المنوال، فإن اقتراحا بإجراء استفتاء على مصير اسكوتلندا يشارك فيه كل مواطني بريطاني، سيمر في البرلمان دون مشكلات. فبعد عدة شهور قليلة على وجود ألكس سالموند ورفاقه في وستمنستر، سينادي الإنجليز بمنح الحرية لاسكوتلندا بحماس يفوق نظيره لدى الاسكوتلنديين. وعلى ما يبدو فإن الطلاق الودي بدأ يلوح، باعتباره أفضل حل لكل الأطراف المعنية.
وسط هذه الاضطرابات الدستورية، يمكن لنا أن نشهد حدوث تعديلات على قانون الانتخابات، فسوء التقدير الذي يتسم به نظام (الفوز لمن يحصل على عدد أكبر من الأصوات) يوضح كيف أن أغلبية بسيطة من الاسكوتلنديين بإمكانها إلحاق هزيمة ساحقة بالعمال في اسكوتلندا، والسيطرة على مقاليد الأمور في لندن. وينطبق ذلك على مصير الليبراليين الديمقراطيين بل وبصورة أكبر على حزب الاستقلال. فالقاعدة الانتخابية للحزب الوطني الاسكوتلندي تتركز في مناطق محددة جغرافيا بينما القواعد الانتخابية لحزب الاستقلال والديمقراطيين الليبراليين فهي مبعثرة الأمر الذي يحد من فاعليتها.
تشير التوقعات إلى حصول الليبراليين الديمقراطيين على أكثر من 8 في المائة من الأصوات في إنجلترا واسكوتلندا وويلز، بينما بلغت نسبة المقاعد المتوقع حصولهم عليها أقل من 4 في المائة. ويتوقع حصول حزب الاستقلال على 13 في المائة من الأصوات ومقعدين من أصل 650 مقعدا. قد تشعر بالأسى إزاء حصول الليبراليين الديمقراطيين على عدد قليل من المقاعد، وستظن بالتأكيد أن نظام الانتخابات هذا الذي يعيق حصول حزب متطرف مثل حزب الاستقلال على عدد كبير من الأصوات، يعد نظاما فعالا. كلا ليس بالضرورة. فمثل هذه النتائج غير العادلة، يمكن أن تغذي التطرف، بدلا من أن تقضي عليه.
*بالاتفاق مع {بلومبيرغ}