مشاري الذايدي
صحافي وكاتب سعودي. عمل في عدة صحف ومجلات سعودية. اشتغل في جريدة المدينة السعودية في عدة أقسام حتى صار عضو هيئة التطوير فيها. ثم انتقل لـ«الشرق الأوسط» من 2003، وتدرَّج بعدة مواقع منها: المشرف على قسم الرأي حتى صار كبير المحررين في السعودية والخليج، وكاتباً منتظماً بها. اختير ضمن أعضاء الحوار الوطني السعودي في مكة المكرمة. وشارك بأوراق عمل في العديد من الندوات العربية. أعدَّ وقدَّم برنامجي «مرايا» وبرنامج «الندوة». في شبكة قنوات «العربية».
TT

الهرب من منطاد «غوغل»

يبدو أن فكرة سيطرة الآلات على البشر لم تعد نوعًا من الخيال العلمي في أفلام هوليوود، بل تجاوزته إلى عالم الواقع، ولكن ليس بنفس الصيغة التي وردت في أفلام سبيلبرغ أو «ماتريكس».
في كل مكان تجلس به؛ في المنزل، والمكتب، والمقهى، والمطار، والمشفى، وحيدًا أو مع مجموعة، لا بد أن تلاحظ أن الكل صار محبوسًا في شاشة هاتفه الذكي أو جهازه اللوحي.
قبل أيام في مقهى بدبي، رأيت عائلة عربية مكونة من أب وأم ومراهق ومراهقة، تحلقوا حول الطاولة، ثم لم يتحدثوا مع بعضهم البعض، فيما يفترض أنهم في نزهة عائلية، وانشغل كل منهم بشاشة هاتفه؛ الصغار والكبار، حتى أتاهم الطعام.. أكلوه بيد، واليد الأخرى على شاشة الهاتف بتركيز شديد.
العالم كله صار رهينًا للإنترنت، وللـ«سوشيال ميديا» في الإنترنت، ولم ينج من هذا الطوفان إلا أوزاع من الناس، هنا وهناك، ولم يعصم جبل الخصوصية أحدًا من جنون التواصل والانكشاف.
حتى المناطق الفقيرة الجائعة الخائفة الموجوعة في أفريقيا وغيرها، هدف من أهداف وحوش الإنترنت، فهذه شركة «غوغل» تطلق المناطيد في عنان السماء لتوفير الاتصال بالإنترنت لكل من على المعمورة، لتزيد الطين بلة، وتفترس ما تبقى من براءة وغفلة.
هل يكفي هذا؟
فمُ الإنترنت يقول هل من مزيد، فحسب مارك غودمان، خبير التقنيات في إدارة الشرطة بمدينة لوس أنجليس الأميركية المتخصص في الجرائم الإلكترونية، فإن على الجميع الحذر من «المساحة المظلمة المريعة للتقنيات الرائعة التي تعمل سريعًا على تغيير وتشكيل حياتنا».
ويقول غودمان مؤلف الكتاب الجديد «جرائم المستقبل» حسب ما جاء في صحيفة «الشرق الأوسط»: «العالم سيشهد توسع الإنترنت بشكل لا مثيل له. والأمر يشبه الأيام الخوالي عندما نفدت أرقام الهواتف لدى لندن أو نيويورك، وكان لزامًا إنشاء أرقام هاتفية جديدة للمناطق. وهذا بالضبط ما نفعله بالإنترنت حاليا، ولسوف يكون التأثير مهيبًا».
ويضيف في معلومات مخيفة، أن الإنترنت القديمة تدعم نحو 4.5 مليار اتصال متزامن، ولكن نظام العنونة الجديد المزمع الإعلان عنه قريبًا تحت اسم «بروتوكول الإنترنت السادس» سوف يدعم حتى 79 اكتليونا (واحد وبجانبه 27 صفرًا) اتصال في وقت واحد، أي ما يقابل خدمة 78 مليار مليار مليار من الأشياء التي يمكن وصلها على الإنترنت في نفس الوقت. لذا، إذا كانت الإنترنت في يومنا هذا بحجم ملعب للغولف، فإنها خلال الأعوام القليلة المقبلة سوف تنمو حتى تقارب حجم الشمس ذاتها.
ويختم، برعب أفلام السينما، أننا قد اقتربنا من اختراع ملايين من أجهزة الكومبيوتر التي تسير، وتزحف، وتتدحرج، وتسبح. إنها ستحلق مثل الطائرات التي تعمل من دون طيار، وتلاحقنا في أسراب، وتتبعنا في الشوارع.
هل انفجار الاتصالات سبب رئيسي لما نراه من خراب أمني وسياسي في العالم الآن.
كيف الخلاص وأين الجبل العاصم؟
[email protected]