نيكولاس كريستوف
TT

الاتفاق النووي الإيراني لا يتعلق بالقنابل فقط

مع اقتراب المحادثات النووية الإيرانية من مضاعفة الوقت الإضافي، دعونا نتذكر أن المحادثات لا تدور حول أجهزة الطرد المركزية فحسب، بل حول إيجاد فرصة ما مع مرور الوقت لإعادة تنظيم منطقة الشرق الأوسط وإخراج إيران من عزلتها الحالية. إنه لطريق طويل بحق، أجل، ولكنه أحد أسباب قلق السعودية، إلى جانب فريق الصقور الإيراني نفسه؛ حيث يقتات أولئك الصقور على سرديات الصراع مع الغرب، وإن حرمانهم من تلك المزية يعد تقويضا لمكانتهم.
من الغريب فعلا مناقشة اتفاق لم يُبرم بعد، ولكن، يعد النقاد غير مجانبين للصواب من حيث اعتراضاتهم المحددة على الاتفاق، وحيال تطلعاتهم من خلاله كذلك.
يُذكر لرئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو قوله: «إن الاتفاق الأفضل من شأنه تقويض البنية التحتية النووية الإيرانية. والاتفاق الأفضل من شأنه ربط الرفع النهائي للعقوبات عن البرنامج النووي الإيراني بالتغير المنتظر في سلوكيات إيران».
كل ذلك صحيح، وبطبيعة الحال، فإن الاتفاق الأفضل سوف يتضمن أيضا هدايا من البقلاوة الإيرانية اللذيذة لكل أميركي، مع حصان هدية لكل مواطن!
يقترح نتنياهو كذلك أن الاتفاق سوف يمنح «نظام إيران القاتل سبيلا واضحة إلى امتلاك القنبلة النووية».
فإيران بالفعل على طريق القدرة النووية. وينبغي على نتنياهو أن يعلم ذلك لأنه ظل يشير إلى تلك الجزئية عبر عقدين كاملين من الزمان. بداية من عام 1992، أكد نتنياهو أنه أمام إيران من ثلاث سنوات إلى خمس سنوات لتمتلك القدرات النووية. وبمرور الوقت، انتهى الأمر بعام أو عامين فقط، ثم إلى عدة شهور.
ولكن مع اعتبار تحذيرات نتنياهو مثيرة فعلا للقلق، فلديه حق في تلك الجزئية: إن إيران تقترب من ذلك فعليا.
أمام الغرب ثلاثة خيارات بالأساس:
أولا: يمكننا إبرام اتفاق يغلق كافة السبل إلى القنبلة، واليورانيوم، والبلوتونيوم، وشراء السلاح النووي، مما يسمح لإيران بالبقاء على المسار النووي، ولكن مع تجميد تقدمها على ذلك المسار، إذا لم تتحول إيران إلى لعبة الغش. وللحيلولة دون الغش، فإننا نحتاج إلى أكثر نظم التفتيش صرامة في التاريخ.
ثانيا: يمكننا الاستمرار في فرض العقوبات، وشن الحروب والتخريب الإلكتروني لإبطاء التقدم الإيراني. وقد رجع ذلك بنتائج جيدة أفضل مما كان متوقعا. أيضا، قد ينهار الدعم الدولي لفرض العقوبات على إيران نظرا، لتدخل الكونغرس في ذلك.
ثالثا: يمكننا توجيه ضربات عسكرية ضد المنشآت النووية الإيرانية في ناتانز، وأصفهان، وآراك، وفوردو، وربما طهران كذلك. وسوف تكون عملية عسكرية كبيرة تستغرق عدة أسابيع. وسوف يتم توجيه الضربات في ضوء النهار للقضاء على أكبر عدد من العلماء النوويين الإيرانيين. وكل ذلك من شأنه تعطيل حصول إيران على السلاح لمدة تتراوح بين عام وثلاثة أعوام.
بوجه عام، سوف ينتهي الأمر بإيران لامتلاك القدرات النووية خلال عشر سنوات سواء انتهجنا مسار العقوبات أو الخيار العسكري. ولكن من خلال الاتفاق النووي، من الممكن الحيلولة دون حدوث ذلك. وربما لا يجري إبرام أي صفقات على الإطلاق، حيث بات الجانب الإيراني متمردا في الآونة الأخيرة. وفي تلك الحال، تستمر حزمة العقوبات المفروضة، ونأمل أن تؤدي الضغوط الاقتصادية إلى نزع الشرعية عن النظام الحاكم هناك وإجبار إيران في نهاية المطاف على العودة لطاولة المفاوضات.
لم أرَ دولة أكثر تأييدا للولايات المتحدة من إيران، من حيث القاعدة الشعبية بطبيعة الحال، وهناك قدر من الغضب المكبوت إثر الفساد والمحسوبية. لكن ذلك لا يعني توقع اندلاع ثورة في إيران في أي وقت قريب. ولكنه يعني أن هناك فرصة للتحرك عقب وفاة المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، البالغ من العمر 75 عاما.
وُصفتُ ذات مرة، في مكتب آية الله العظمى حسين علي منتظري، على سبيل المزاح بأنني قادم من عند «الشيطان الأكبر». وأحد المساعدين قال على الفور، مشيرا إلى نظام إيران الحاكم: «ليست أميركا إلا شيطانا صغيرا؛ فلدينا شيطاننا الأكبر هنا في طهران».
لذا، وبكل تأكيد، يحمل الاتفاق النووي قدرا من المخاطر وسوف يكون اتفاقا قبيحا ومنقوصا، وبوجه عام، قد يقلل من خطر حصول إيران على القنبلة النووية خلال السنوات العشر المقبلة. كما أنه، بعد رحيل خامنئي، سوف يخلق فرصة لإيران تنهي من خلالها فصلا كاملا من فصول التطرف السياسي، ولذلك تُعرف إيران بأنها بلد العقيلات الراقيات بمدينة مشهد أكثر من كونها بلد آيات الله الجشعين في طهران.
* خدمة «نيويورك تايمز»