سعد المهدي
TT

كرة القدم حين تصبح مهمة عمل

397 لاعبا غير سعودي تعاقد معهم 22 ناديا سعوديا خلال 7 مواسم كروية، ليلعبوا مع فرقها في دوري المحترفين السعودي لكرة القدم، مقابل 2.4 مليار ريال، بحسب ما أكده التقرير الصحافي الذي نشر على صفحات رياضة «الشرق الأوسط» الخميس 26 فبراير (شباط) الماضي، وتوزع هؤلاء اللاعبون على 59 دولة من 5 قارات هي بترتيب عدد اللاعبين أفريقيا وأميركا اللاتينية وآسيا وأوروبا والولايات المتحدة الأميركية.
اللافت أن الأردن نافس البرازيل التي كانت الأولى في عدد اللاعبين المتعاقد معهم (82). حيث كان نصيب الأردن 27 وأعتقد أن هذا الرقم الأردني قد وصل إلى هذا العدد في المواسم الخمسة الماضية فقط، وهو مرشح للزيادة، والسبب أن هناك في الأردن من يريد أن يعمل كلاعب كرة قدم، ويملك استعدادا للتعايش والاندماج وهي صفات يفتقدها غيره، سواء من اللاعبين السعوديين أو حتى من العرب الآخرين، بالطبع اللاعب الأردني جيد، ويتطور، لكن ذلك ما كان سيميزه لولا تفاعله مع محيطه الجديد، بالسرعة والقدر الكافيين.
أحيانا تثار مسألة عدم احتراف اللاعب السعودي في الخارج، والبعض يعتبر ذلك دليلا على أن الملاعب السعودية لا تملك من يستحق أن يجد له عقدا احترافيا ولو حتى في دولة ضعيفة كرويا، والحقيقة غير ذلك، فهو كغيره من السعوديين في مهن كثيرة، الفرص المقدمة لهم في الداخل أكثر قبولا، إن لم تكن في الغالب لجوانب مادية، فهي تتعلق بعدم الرغبة المبدئية في خوض المغامرات، والبعد عن الديار، وتلك مسائل تخص كل فرد، وقد يأتي وقت ويتغير هذا النمط من التفكير، وسيسرع ذلك حين تضيق الفرص في الداخل أكثر، ولعل المتابع لحركة التنقلات للاعبين السعوديين بين كافة أندية البلاد الواسعة والمترامية الأطراف، يدرك أن الدور ربما يأتي قريبا على القبول بالأندية من خارج البلاد.
أيضا أفريقيا تجاوزت أوروبا في عدد اللاعبين الذين صدرتهم للملاعب السعودية لنفس السبب (الاندماج والتعايش)، وهو مهم عندما تريد أن تعمل كفريق واحد، بل إن اللعبة تفرض ذلك باعتباره محيط العمل، الذي يؤدي إلى التفاعل مع الأهداف المرجو تحقيقها، إضافة إلى التكلفة الأقل، ويمكن أن يطلق على ذلك السلعة المناسبة وليس الزهيدة، ولكن ولأن الأصل في فكرة الاستعانة باللاعبين غير المحليين هي فنية بحتة، بغرض تحسين مستوى المنافسات، وإفادة الأندية في سد عجزها من المراكز والقدرات، خاصة عند مشاركاتها الخارجية، وإفادة اللاعب المحلي من الاحتكاك به، وإمتاع الجماهير، ورفع قيمة الدوري، فإن ذلك غير متوفر في اللاعب الأفريقي، خاصة من الذين تتعاقد معهم الأندية وجلهم من اللاعبين المغمورين.
الاستعانة باللاعب غير المحلي اختيار لكل ناد، فالنظام لا يفرض وجوده جبرا، والأندية القادرة على تحمل التكاليف عليها أن تقتطع جزءا يسيرا منه لمن يمكنه أن يدلها على الاختيار الصحيح، والاختيار الصحيح لا تحدده موهبة وإمكانات اللاعب ولا جنسيته، ولا توفر مبلغ العقد، ولكن مدى مناسبته للفريق، وقدرته على التفاعل، وإذا ما كان الفريق يحتاجه فعلا لاستكمال نقصه حتى ولو لدكة الاحتياط، وإذا كان النصر والأهلي قد تصدرا الأندية الـ22 التي تعاقدت مع الـ397 لاعبا بـ35 و34 لاعبا والاتحاد 30 خلال 7 مواسم، على اعتبار أنها أندية غنية فكيف نفسر أن يليهم الرائد بـ28 لاعبا.. في هذا التقرير الصحافي الكثير مما يمكن اكتشافه برسم التحليل والنقاش والدراسة.