ربع البريطانيين يعانون من نوبات الصداع النصفي

العلماء يدققون في مسببات الإصابة به ومثيرات نوباته

ربع البريطانيين يعانون من نوبات الصداع النصفي
TT

ربع البريطانيين يعانون من نوبات الصداع النصفي

ربع البريطانيين يعانون من نوبات الصداع النصفي

أظهر تقرير بريطاني حديث أن مقدار الفاتورة الاقتصادية للإصابات بالصداع النصفي Migraine، أو ما يُعرف بـ«صداع الشقيقة»، تتجاوز حالياً كل التوقعات السابقة. ووفق ما أفاد به التقرير الاقتصادي - الطبي الجديد، الذي أعدته ونشرته مؤسسة العمل البريطانية Work Foundation في أواسط شهر أبريل (نيسان) الماضي، فإن ما يُعادل 86 مليون يوم عمل تتم خسارتها سنوياً في بريطانيا بسبب صداع الشقيقة النصفي. وهي النتيجة التي تعني بلغة أرقام الأوراق المالية، خسارة نحو 8.8 (ثمانية فاصلة ثمانية) مليار جنيه إسترليني سنوياً، كما ذكر التقرير.
وأضاف التقرير أن ما يُقارب المليار جنيه إسترليني يتم إنفاقها سنوياً في بريطانيا وحدها، دون بقية دول العالم، لتقديم الرعاية الطبية لحالات صداع الشقيقة النصفي. وكان عنوان التقرير: «الصداع في المجتمع: التأثير الاجتماعي الاقتصادي لصداع الشقيقة النصفي».
- إصابات واسعة
وأشار التقرير إلى أن صداع الشقيقة النصفي يُصيب أكثر من 23 في المائة من البالغين في بريطانيا، أي أنه يُصيب نحو 10 ملايين شخص. ويُعاني من نوبات صداعه المؤلم في كل يوم نحو 200 ألف شخص، مما يجعل صداع الشقيقة النصفي الحالة المرضية العصبية الأعلى في التسبب بزيارات أقسام الإسعاف في المستشفيات البريطانية.
وعلّقت بعض المصادر الطبية البريطانية بقولها إن هذا التقرير الحديث هو الأول في فحص مدى العبء الاقتصادي والاجتماعي والطبي للصداع النصفي في المملكة المتحدة، وأن التقرير قدم معلومات غير مسبوقة في حساب تأثيرات معاناة العاملين من صداع الشقيقة النصفي على مستوى إنتاجيتهم إما بسبب الغياب عن الحضور للعمل Absenteeism أو بسبب تدني مستوى الإنتاجية عند الحضور إلى العمل على الرغم من المعاناة المرضية Presenteeism، كما قدم التقرير الكثير من المقترحات للتعامل مع هذه المشكلة الصحية ذات الأبعاد المتعددة.
ويُعتبر الصداع النصفي الثالث في ترتيب الأمراض الأعلى شيوعاً في العالم، كما يُعتبر عالمياً الأعلى تسبباً في «عيش سنوات من العجز (Years Lived With Disability (Ylds) لدى منْ تتراوح أعمارهم ما بين الخامسة عشر والتاسعة والأربعين، وهي الفترة التي يكون فيه الإنسان عادة أعلى قدرة على الإنتاج، وأكثر اجتهاداً في تطوير مسيرته العملية، وأشد رغبة بالبدء في تكوين الأسرة.
ووفق التقديرات الأخيرة لـ«دراسة العبء العالمي للأمراض» Global Burden Of Disease Studyالصادرة في عام 2016، يُصيب الصداع النصفي 23.3 (ثلاثة وعشرين فاصلة ثلاثة) في المائة من البالغين على مستوى العالم.
ووفق ما تشير إليه المصادر الطبية، فإن معاناة مرضى الصداع النصفي لا تقتصر فقط على الألم الشديد والحاد في الرأس خلال نوبات الصداع النصفي، أي ليس فقط «إعاقة النوبات»، بل أيضاً في المعاناة خلال الفترات ما بين النوبات المتكررة للصداع نتيجة للقلق من العوامل التي تثير حصول النوبات تلك والعمل على تفاديها، وهو ما يُسمى طبياً «إعاقة ما بين النوبات» Interictal Disability.
وقال التقرير: «كبيرة هي التكاليف غير المباشرة ذات الصلة بالصداع النصفي نتيجة فقدان الإنتاجية في العمل، ومع ذلك، وعلى الرغم من تأثيره الاجتماعي والاقتصادي الكبير، فإن الصداع النصفي مهمل، ووفقا لدراسة استندت على بيانات من دول أوروبية، فإن الصداع النصفي هو الأقل تمويلاً بين جميع الأمراض العصبية بالنسبة إلى تأثيرها الاقتصادي».
- أعراض المرض ومراحله
ورأس الدكتور جيمس كاندلر فريق عمل إعداد هذا التقرير الحديث، وقال: «الصداع النصفي هو الصداع الأكثر شيوعاً، والأعلى تعطيلاً، والذي يؤثر على أكثر من 20٪ من البالغين في المملكة المتحدة. ويميل إلى التأثير على الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و49 عاماً، لذلك يصابون به في وقت يكون فيه الأشخاص أكثر إنتاجية وأعلى تأثيرا في حياتهم المهنية وفي حياتهم الأسرية وفي مستوى الاقتصاد على نطاق أوسع». وأضاف ما ملخصه: «وعلى الرغم من انتشاره وآثاره السلبية، فإن الفهم له ضعيف بشكل عام من قبل عموم الناس، وغالباً ما يتم التعامل معه بشكل سيء من قبل مقدمي الرعاية الصحية. إن الصداع النصفي يمكن علاجه إذا ما تم التعامل معه بطريقة صحيحة».
> الأعراض. ومن أجل فهم الصداع النصفي ومراحله التي يُعاني منها المُصابون به، تجدر ملاحظة أن الصداع النصفي يسبب نوعية من الألم النابض الشديد في الرأس، وعادةً ما يكون على جانب واحد فقط من الرأس، وقد يشمل جانبي الرأس. وغالباً ما يكون مصحوباً بالغثيان والقيء والحساسية المفرطة للضوء والصوت. ويمكن أن تسبب نوبات الصداع النصفي ألماً كبيراً لساعات أو لأيام، ويمكن أن تكون شديدة لدرجة أن الألم يعطل المرء عن العمل والإنتاج.
وقد تحدث أعراض التحذير المعروفة باسم الـ«أورا» قبل أو مع نوبة ألم الصداع، وهو ما يمكن أن يشمل ومضات من الضوء، وبقع عمياء، أو وخز على جانب واحد من الوجه أو في الذراع أو الساق.
> المراحل. ويقول أطباء مايو كلينك: «عادة ما يبدأ الصداع النصفي في مرحلة الطفولة أو المراهقة أو مرحلة البلوغ المبكرة.
ويحصل الصداع النصفي من خلال أربع مراحل، قد لا يُعاني من جميعها المصاب خلال النوبة الواحدة منه.
وفي المرحلة الأولى، أي التي تحصل قبل يوم أو يومين من نوبة ألم الصداع النصفي، قد يُلاحظ المريض تغيرات طفيفة تحذره من أن ثمة نوبة للصداع النصفي قادمة، ومنها: الإمساك، وتغير المزاج من الاكتئاب إلى الشعور بالسعادة، والرغبة الشديدة في تناول الطعام، وتصلب الرقبة، وزيادة العطش والتبول، والتثاؤب المتكرر.
والمرحلة الثانية، أو «مرحلة أورا الهالات» Aura، قد تبدأ قبل نوبة ألم صداع الرأس أو خلالها، وتتميز بحصول أعراض لها صلة بالجهاز العصبي، مثل اضطرابات بصرية على هيئة رؤية هالات ضوئية في مجال الرؤية البصرية أو ومضات ضوئية متموجة أو متعرجة Zigzag Vision.
كما قد تحصل اضطرابات في الإحساس باللمس أو الحركة العضلية أو نطق الكلام، مع ضعف في العضلات. وكل هذه الأعراض تبدأ عادة بشكل متدرج، وتتراكم على مدى عدة دقائق وقد تستمر لمدة 20 إلى 60 دقيقة.
والمرحلة الثالثة هي «مرحلة النوبة»، والتي يستمر فيها الصداع، عند عدم تلقي المعالجة، مدة تتراوح ما بين 4 إلى 72 ساعة. وتختلف وتيرة تكرار الإصابة بنوبة الصداع النصفي من شخص لآخر، كما تختلف لدى نفس الشخص من فترة لأخرى. ويكون الألم خلال النوبة إما في جانب واحد من الرأس أو على جانبيه، ونوعية الألم تكون ألماً نابضاً، وتُرافقه حساسية من الضوء ومن سماع الأصوات، وخصوصا الضوء المتوهج والصوت العالي.
وفي كثير من الأحيان يُرافق نوبة الصداع النصفي شعور بالغثيان والقيء مع عدم وضوح في الرؤية والشعور بالدوار مع احتمال حصول الإغماء.
والمرحلة الأخيرة تحصل بعد النوبة وتستمر نحو أربع وعشرين ساعة، ويتخللها الشعور بالارتباك الذهني وتعكّر المزاج والدوار ووهن الضعف البدني والتأذي من الضوء والأصوات المزعجة.
- الصداع النصفي... مسببات غير مفهومة ومثيرات شائعة
> على الرغم من أن «أسباب» إصابة البعض بمرض الصداع النصفي لا تزال لدى أطباء الأعصاب غير مفهومة على وجه الدقة واليقين، ولكن يبدو أن العوامل الوراثية والعوامل البيئية تلعب دوراً أساسياً في ذلك. وتشير بعض المراجع الطبية إلى أن الصداع النصفي قد يحدث نتيجة لبعض التغيرات في منطقة جذع الدماغ Brainstemوتفاعلات تلك المنطقة مع العصب الثلاثي التوائم Trigeminal Nerve، وهو عصب ذا صلة بمسارات الألم في منطقة الرأس.
كما قد يكون للاختلالات في المواد الكيميائية في الدماغ، مثل السيروتونين Serotonin الذي يساعد على تنظيم الألم في الجهاز العصبي، دور مهم في الإصابة بنوبة الصداع النصفي. ويعتقد بعض الباحثين في علم الأعصاب أن ثمة معنى لانخفاض مستويات السيروتونين أثناء نوبات الصداع النصفي، ولذا تُجرى أبحاث طبية كثيرة في هذا الجانب لمعرفة دور السيروتونين وآليات الإصابة بالصداع النصفي.
ويُعتقد أن انخفاض السيروتونين قد يتسبب في إطلاق العصب الثلاثي التوائم مواد تسمى نيوروببتيد Neuropeptides، التي قد تنتقل إلى الغطاء الخارجي للدماغ، أي غشاء السحاياMeninges ، وبالتالي تكون النتيجة هي ألم الصداع النصفي. كما قد تلعب نواقل عصبية Neuropeptides أخرى دورا في نشوء ألم الصداع النصفي، بما في ذلك الببتيد المرتبط بالوراسيتين CGRP.
أما من ناحية «مثيرات» حصول نوبة الصداع النصفي، فإن ثمة الكثير منها، ومع تكرار الإصابة بنوبات الصداع تلك قد يتعرف بعض المرضى على أنواع منها. وبالعموم لدى النساء، يبدو أن التغيرات الهرمونية، وخصوصا التقلبات في مستوى هرمون الاستروجين، هي إحدى مثيرات حصول نوبة الصداع النصفي عند كثير من النساء. ولذا قد تعاني المرأة من نوبة الصداع النصفي في الفترة التي تسبق بشكل مباشر حيض الدورة الشهرية أو خلالها، أي حينما تنخفض نسبة هرمون الاستروجين في الجسم بشكل واضح. كما قد ترتفع احتمالات حصول النوبات تلك خلال فترة الحمل أو مع بلوغ سن اليأس من المحيض، وكذا الحال مع تناول أدوية منع الحمل الهرمونية على الرغم من أن بعض النسوة قد يشعرن بتحسن في الصداع النصفي جراء تناول حبوب منع الحمل الهرمونية.
وهناك مثيرات أخرى، مثل أنواع تناول الجبن المعتق أو تناول الأطعمة المالحة الطعم، والجوع نتيجة عدم تناول الطعام والصوم، والتوتر النفسي، والتعرض للضوء الشديد أو الضجيج الشديد، والتعرض لبعض أنواع الروائح كالعطور القوية أو الدهان أو دخان السجائر.
كما أن اختلال النظام المعتاد للنوم والاستيقاظ قد يثير لدى البعض الإصابة بنوبة الصداع النصفي. وكذا الحال مع التقلبات المناخية وتغير الفصول السنوية.


مقالات ذات صلة

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

صحتك أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

قد يتمكن الأشخاص الذين فقدوا أسناناً من الحصول على أخرى بشكل طبيعي، بحسب أطباء أسنان يابانيين يختبرون عقاراً رائداً.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
صحتك مرض ألزهايمر يؤدي ببطء إلى تآكل الذاكرة والمهارات الإدراكية (رويترز)

بينها الاكتئاب... 4 علامات تحذيرية تنذر بألزهايمر

يؤثر مرض ألزهايمر في المقام الأول على الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 65 عاماً، ولكن ليس من المبكر أبداً أن تكون على دراية بالعلامات التحذيرية لهذا الاضطراب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تناول وجبة إفطار متوازنة ودسمة يساعد على إدارة السعرات الحرارية اليومية (رويترز)

تخطي وجبة الإفطار في الخمسينات من العمر قد يسبب زيادة الوزن

أظهرت دراسة حديثة أن تخطي وجبة الإفطار في منتصف العمر قد يجعلك أكثر بدانةً، ويؤثر سلباً على صحتك، وفقاً لصحيفة «التليغراف».

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك 10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

وصل إلى بريد «استشارات» استفسار من أحد المرضى هو: «عمري فوق الستين، ولدي مرض السكري وارتفاع ضغط الدم. وتناولت (فياغرا) للتغلب على مشكلة ضعف الانتصاب.

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)
صحتك الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين

الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين

مع بداية فصل الشتاء وزيادة احتمالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي واستمرار الحديث عن الأعراض المزمنة لمرض «كوفيد - 19»....

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
TT

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)

قد يتمكن الأشخاص الذين فقدوا أسناناً من الحصول على أخرى بشكل طبيعي، بحسب أطباء أسنان يابانيين يختبرون عقاراً رائداً يأملون أن يشكل بديلاً لأطقم الأسنان أو عمليات الزرع.

على عكس الزواحف والأسماك التي عادة ما تكون قادرة على استبدال أنيابها، من المعروف على نطاق واسع أنّ البشر ومعظم الثدييات الأخرى لا ينمو في فمها سوى مجموعتين من الأسنان. لكن تحت اللثة ثمة براعم نائمة من مجموعة ثالثة، بحسب رئيس قسم جراحة الفم في المركز الطبي التابع لكلية البحوث الطبية في أوساكا، كاتسو تاكاهاشي.

في أكتوبر (تشرين الأول)، أطلق فريقه تجارب سريرية في هذا المستشفى، موفراً لأشخاص بالغين دواء تجريبياً يقول الفريق الطبي إنّه قادر على تحفيز نمو هذه الأسنان المخفية. ويقول تاكاهاشي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إنها تقنية «جديدة تماماً» في العالم.

وغالباً ما يُنظر إلى العلاجات المستخدمة للأسنان المفقودة بسبب التسوس أو الالتهابات على أنها مكلفة وتتطلب تدخلاً جراحياً. ويؤكد تاكاهاشي، قائد المشروع، أن «استعادة الأسنان الطبيعية لها بالتأكيد حسناتها».

وتشير الاختبارات التي أُجريت على فئران وقوارض إلى أن وقف عمل بروتين «أوساغ-1» (USAG-1) يمكن أن يوقظ المجموعة الثالثة من الأسنان، وقد نشر الباحثون صوراً مخبرية لأسنان حيوانات نمت من جديد.

وفي دراسة نُشرت العام الماضي، قال الفريق إن «العلاج لدى الفئران فعّال في تجديد الأسنان، ويمكن أن يشكل اختراقاً على صعيد علاج تشوهات الأسنان لدى البشر».

«ليست سوى البداية»

في المرحلة الراهنة، يعطي أطباء الأسنان الأولوية للاحتياجات «الماسة» للمرضى الذين خسروا ستاً من الأسنان الدائمة أو أكثر منذ الولادة.

ويشير تاكاهاشي إلى أنّ الجانب الوراثي يؤثر على نحو 0.1 في المائة من الأشخاص الذين قد يواجهون صعوبة كبيرة في المضغ، وفي اليابان غالباً ما يمضون معظم مراهقتهم وهم يضعون كمامة لإخفاء الفجوات الواسعة في أفواههم. ويضيف أنّ «هذا الدواء قد يكون نقطة تحوّل لهم»؛ لذلك يستهدف الدواء الأطفال في المقام الأول، ويريد الباحثون إتاحته قبل عام 2030.

ولا يعرف أنغراي كانغ، وهو أستاذ في طب الأسنان لدى جامعة كوين ماري في لندن، سوى فريق واحد آخر يسعى إلى تحقيق الهدف المماثل باستخدام الأجسام المضادة لجعل الأسنان تنمو من جديد أو لإصلاحها.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول الخبير في تكنولوجيا المناعة وغير المنخرط في البحث الياباني، إنّ «مجموعة تاكاهاشي تقود المسار».

ويعتبر كانغ أنّ عمل تاكاهاشي «مثير للاهتمام ويستحق المتابعة»؛ لأنّ دواء للأجسام المضادة يستهدف بروتيناً مطابقاً تقريباً لـ«USAG-1» يُستخدم أصلاً لعلاج هشاشة العظام.

ويضيف: «السباق لتجديد أسنان الإنسان ليس قصيراً، لكنه مجموعة من سباقات الماراثون المتتالية، على سبيل التشبيه». ويتابع: «إنها ليست سوى البداية».

ويرى الأستاذ في علاج جذور الأسنان في جامعة هونغ كونغ، تشينفي تشانغ، أنّ طريقة تاكاهاشي «مبتكرة وتحمل إمكانات».

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن «التأكيد على أن البشر يمتلكون براعم أسنان مخفية قادرة على إنتاج مجموعة ثالثة من الأسنان، هو مسألة ثورية ومثيرة للجدل».

ويشير إلى أنّ «النتائج التي لوحظت لدى الحيوانات لا يمكن دائماً ترجمتها بشكل مباشر إلى البشر». ويقول تشانغ إن نتائج التجارب على الحيوانات تثير «تساؤلات بشأن ما إذا كانت الأسنان الجديدة قادرة وظيفياً وجمالياً على أن تحل محل الأسنان المفقودة».

«في قمة السعادة»

يشير تاكاهاشي إلى أنّ موقع السنّ الجديدة في الفم يمكن التحكم به إن لم يكن تحديده، من خلال موقع حقن الدواء.

وفي حال نمت الأسنان في المكان الخطأ فيمكن نقلها عن طريق تقويم الأسنان أو الزرع، على حد قوله.

ولم يشارك أي مريض صغير يعاني من مشكلة خلقية في الأسنان في التجربة السريرية الأولى؛ إذ إن الهدف الرئيس هو اختبار سلامة الدواء لا فاعليته؛ لذا فإن المشاركين في المرحلة الحالية هم بالغون صحتهم جيدة خسروا سناً واحدة على الأقل.

ومع أنّ تجديد الأسنان ليس الهدف الصريح للتجربة هذه المرة، فإن هناك فرصة ضئيلة لحدوث ذلك للمشاركين، بحسب تاكاهاشي.

وإذا نمت أسنانهم، فسيكون الباحثون قد أكدوا أن الدواء فعّال لمَن يعانون من خسارة أسنان، وهو ما سيشكل نجاحاً طبياً. ويقول تاكاهاشي: «سأكون في قمة السعادة في حال حدث ذلك».

وقد تلقى هذه الأنباء ترحيباً خاصاً في اليابان التي تضم ثاني أعلى معدّل من السكان في العالم. وتظهر بيانات وزارة الصحة أن أكثر من 90 في المائة من الأشخاص الذين تتخطى أعمارهم 75 عاماً خسروا سنّاً واحدة على الأقل.

ويقول تاكاهاشي: «ثمة توقّعات عالية بأن تكون تقنيتنا قادرة بشكل مباشر على إطالة متوسط العمر الصحي المتوقع».