بكين تحتج رسمياً على اتهامات أميركية بتصنيع «الفنتانيل»

 واشنطن تتهم 8 شركات صينية و25 مسؤولاً بإنتاج المخدرات

العَلم الصيني بجانب لافتة كُتب عليها «صنع في الصين» (رويترز)
العَلم الصيني بجانب لافتة كُتب عليها «صنع في الصين» (رويترز)
TT

بكين تحتج رسمياً على اتهامات أميركية بتصنيع «الفنتانيل»

العَلم الصيني بجانب لافتة كُتب عليها «صنع في الصين» (رويترز)
العَلم الصيني بجانب لافتة كُتب عليها «صنع في الصين» (رويترز)

ظهرت بوارد أزمة جديدة بين الولايات المتحدة والصين، على خلفية إعلان وزارة العدل الأميركية، الثلاثاء، فرض عقوبات على ثماني شركات صينية تنتج مواد كيميائية أولية لتصنيع المخدرات والفنتانيل.

وردت بكين برفض الاتهامات والعقوبات الأميركية، قائلة: إن مشكلة المواد الأفيونية «متجذرة» في الولايات المتحدة. وكانت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، أعلنت مساء الثلاثاء، فرض عقوبات على 25 فرداً وكياناً مقرّهم في الصين، إلى جانب ثلاثة أطراف أخرى في كندا. وأصدرت ثماني لوائح اتهام للشركات الصينية ومديريها في الصين.

واتهمت وزارة العدل الأميركية الشركات الصينية بتزويد عصابات المخدرات المكسيكية بمواد كيميائية يتم استخدامها في التصنيع غير القانوني للفنتانيل والمخدرات التي يتم تهريبها إلى الولايات المتحدة، وتتسبب في مقتل أكثر من 100 ألف أميركي سنوياً.

المدعي العام الأميركي ميريك جارلاند ونائب وزيرة الخزانة والي أدييمو وكبار المسؤولين الأميركيين خلال المؤتمر الصحافي لإعلان العقوبات ضد الشركات الصينية (أ.ف.ب)

وقال المدعي العام، ميريك غارلاند، في مؤتمر صحافي في وزارة العدل مساء الثلاثاء: «نعلم مَن المسؤول عن تسميم الشعب الأميركي بالفنتانيل، ونعلم أن سلسلة التوريد العالمية للفنتانيل غالباً ما تبدأ بشركات الكيميائيات في الصين». وأشار إلى أن عملاء أميركيين سريين طلبوا المواد الكيميائية من بائعين عبر الإنترنت في الصين، واستجابت شركات صينية وعرضت إرسالها باستخدام ملصقات شحن مزيفة وإجراءات تسليم خادعة لتجنب اكتشافها.

وأوضح المدعي العام الأميركي، أن الشركات الصينية أرسلت ما يقرب من 43 كليوغراماً من المواد الكيميائية الأولية إلى عملائها من العصابات المكسيكية، وهو ما يكفي لتصنيع 15 مليون جرعة من الفنتانيل، وهو مادة أفيونية صناعية أقوى بخمسين مرة من مخدر الهيرويين. وقالت وزارة الخزانة الأميركية: إن الشبكة التي يقع مقرّها في الصين «مسؤولة عن تصنيع وتوزيع كميات كبيرة من الفنتانيل والميثامفيتامين وعقار إم دي إم إيه». وقال نائب وزير الخزانة والي أدييمو: إن الصين هي مصدر الإمداد للكثير من تجار المخدرات المقيمين في الولايات المتحدة، وبائعي الويب المظلم، وغاسلي الأموال بالعملة الافتراضية، والمنظمات الإجرامية التي تتخذ من المكسيك مقراً لها، متهماً الشركات الصينية بالتورط في الاتجار بمادة الزيلازين - وهو مسكن بيطري يُعرف باسم «ترانك» – ومادة النيتازين، والتي غالباً ما يتم خلطها مع الفنتانيل أو مخدرات أخرى، وتشكل خطراً أكبر للجرعات الزائدة المميتة.

ومن بين الأفراد الذين حددتهم وزارة الخزانة يوم الثلاثاء، وانغ شوتشنغ ودو تشانغجين، العضوان في «نقابة» صينية، بالإضافة إلى الشركات التابعة لهما. وأوضحت الخزانة الأميركية، أن وانغ وجّه آخرين بتأسيس شركات تُستخدم غطاءً لنقل السلع الصيدلانية على مستوى العالم، بينما يحتفظ دو بأكبر قدر من التأثير على المنظمة.

وردت بكين على واشنطن، الأربعاء، قائلة: إن الحكومة الصينية «من بين أولى الحكومات في العالم التي تنظم وتحارب مواد مثل الفنتانيل». وقالت وزارة الخارجية الصينية لوكالة الصحافة الفرنسية: «إننا نعارض بشدة العقوبات والملاحقات القضائية التي تفرضها الولايات المتحدة ضد كيانات وأفراد صينيين، والانتهاك الخطير للحقوق والمصالح المشروعة للشركات والأشخاص المعنيين».

وشددت على «أن الحكومة الصينية تتخذ إجراءات صارمة ضد جرائم المخدرات، وتطبق أقصى درجات الرقابة على المواد الكيميائية». وأضافت الوزارة أنه تم تقديم «احتجاجات رسمية» ضد الولايات المتحدة، وقالت: إن «أزمة الفنتانيل في الولايات المتحدة متجذرة في البلاد نفسها، وأن فرض الضغوط والعقوبات لا يمكن أن يحل مشاكل الولايات المتحدة. ولن يؤدي إلا إلى خلق عقبات أمام التعاون الصيني - الأميركي في مكافحة المخدرات».


مقالات ذات صلة

الجهاز الأمني الجزائري يتعامل مع «بيئة معادية» داخل الحدود مع الساحل

شمال افريقيا تجار مخدرات مع بضاعتهم الممنوعة التي صادرها الجيش (وزارة الدفاع)

الجهاز الأمني الجزائري يتعامل مع «بيئة معادية» داخل الحدود مع الساحل

نشرت وزارة الدفاع الجزائرية، في الأشهر الأخيرة، تقارير عن «المخاطر والتهديدات في الجنوب»، حيث تفلت الحدود البرية المترامية من المراقبة، خصوصاً في مالي والنيجر.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
المشرق العربي حبوب الأمفيتامين -المعروفة باسم كبتاغون- التي كانت معدة للإخفاء داخل مكونات كهربائية شوهدت في المستودع حيث تم تصنيع المخدرات قبل سقوط حكومة بشار الأسد في منشأة بمدينة دوما (أ.ب)

سقوط «جمهورية الكبتاغون» التي موَّلت دولة الأسد (صور)

مشاهد من سقوط مستودعات لمخدر الكبتاغون في عدة مناطق بسوريا

يسرا سلامة (القاهرة)
الخليج البلجيكي عثمان البلوطي الذي يُعد أحد أبرز المطلوبين دولياً للسلطات البلجيكية والصادر بحقه نشرة دولية حمراء (الشرق الأوسط)

دبي تقبض على بلجيكي مطلوب دولياً في قضايا اتجار بالمخدرات

أعلنت القيادة العامة لشرطة دبي إلقاء فرقها القبض على عثمان البلوطي، بلجيكي الجنسية، الذي يُعد أحد أبرز المطلوبين دولياً للسلطات البلجيكية.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
العالم تتلقى امرأة المساعدة عندما أحرق مدنيون غاضبون جثث أفراد عصابة مشتبه بهم في هايتي (رويترز)

العالم يخسر المعركة ضد الجريمة المنظمة

العصابات الدولية تعيد تشكيل خريطة الجريمة باستخدام التكنولوجيا والمخدرات، في وقت تبدو فيه الحكومات متأخرة عن مواكبة هذا التطور.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق «البلوغر» والمذيعة المصرية داليا فؤاد بقبضة الشرطة (صفحتها في «فيسبوك»)

توقيف «بلوغر» مصرية لحيازتها مخدرات يجدّد أزمات صانعات المحتوى

جدَّدت واقعة توقيف «بلوغر» أزمات صانعات المحتوى في مصر، وتصدَّرت أنباء القبض على داليا فؤاد «التريند» عبر «غوغل» و«إكس».

محمد الكفراوي (القاهرة )

تزايد المخاوف بشأن اصطدام الأقمار الاصطناعية في الفضاء مع كثرة أعدادها

صواريخ يمكنها حمل أقمار اصطناعية بقاعدة فضائية في شيتشانغ جنوب غربي الصين (أ.ف.ب)
صواريخ يمكنها حمل أقمار اصطناعية بقاعدة فضائية في شيتشانغ جنوب غربي الصين (أ.ف.ب)
TT

تزايد المخاوف بشأن اصطدام الأقمار الاصطناعية في الفضاء مع كثرة أعدادها

صواريخ يمكنها حمل أقمار اصطناعية بقاعدة فضائية في شيتشانغ جنوب غربي الصين (أ.ف.ب)
صواريخ يمكنها حمل أقمار اصطناعية بقاعدة فضائية في شيتشانغ جنوب غربي الصين (أ.ف.ب)

لم يسلم الفضاء من تزايد التنافس الاقتصادي والتكنولوجي والجيوسياسي بين الولايات المتحدة والصين، وسط تحذيرات من الخبراء من التعقيدات التي يسببها الازدحام الفضائي بالأقمار الاصطناعية التي تطلقها الدولتان.

دشنت الصين مبادرة جديدة في مجال الفضاء تعرف باسم «كيانفان» تهدف إلى بناء شبكة واسعة من الأقمار الاصطناعية لإتاحة الدخول على شبكة الإنترنت لمختلف مناطقها، مما يجعلها في موضع المنافس مع كوكبة «ستارلينك» المزودة لشبكة الإنترنت عن طريق الأقمار الاصطناعية، وتمتلكها شركة سبيس إكس الأميركية.

وأطلقت الصين مؤخراً الدفعة الأولى من الكوكبة التي تضم 18 قمراً اصطناعياً.

علم صيني حمله مسبار إلى القمر (إ.ب.أ)

وتأتي هذه المبادرة في إطار اتجاه عالمي أوسع نطاقاً، حيث أطلقت شركة سبيس إكس، أكثر من ستة آلاف قمراً اصطناعياً لتشغيل منظومة ستارلينك، على ارتفاعات منخفضة لإتاحة الاتصال بشبكة الإنترنت في جميع أنحاء العالم،

مع خطط لزيادة العدد ليصل الإجمالي إلى 34 ألف قمر اصطناعي.

غير أنه مع وجود العديد من كوكبات الأقمار الاصطناعية في الأفق، تتزايد المخاوف بشأن حجم الفضاء المتاح في المدار الأرضي المنخفض، بما يسمح

بإطلاق أقمار جديدة، وتتراوح مساحة هذا المدار بين 200 إلى 2000 كيلومتر فوق سطح الأرض.

وهذه المخاوف تدفع الخبراء للتساؤل، حول الكيفية التي ستتجنب بها الأقمار الاصطناعية، الاصطدام ببعضها داخل هذه المساحة الفضائية المزدحمة.

صاروخ «سبيس إكس» حاملاً 56 قمراً اصطناعياً لوضعها في مدار حول الأرض (أ.ب)

وتقول وكالة الفضاء الأوروبية إنه يوجد حالياً 13230 قمراً اصطناعياً في المدار حول الأرض، من بينها 10200 قمر لا يزال يعمل.

ومع زيادة عدد الأقمار الاصطناعية الموجودة في الفضاء، يزداد خطر التصادم بينها، مما قد يتسبب في حدوث أضرار جسيمة في سلسلة تفاعلات حطام الأقمار التي انتهى عمرها التشغيلي، وفقاً لما يقوله جوزيف أشباتشر رئيس وكالة الفضاء الأوروبية.

ويدعو إلى وضع قانون ينظم حركة المرور في الفضاء، يمكن تطبيقه على المستوى العالمي، ومن شأنه أن يوضح من الذي يجب عليه أن يفسح الطريق، في المدار الفضائي في المواقف المحفوفة بالمخاطر.

وتتطلع وكالة الفضاء الأوروبية إلى الحد بشكل كبير من كمية حطام الأقمار الاصطناعية السابحة في الفضاء التي تتكون بحلول عام 2030، أيضاً في ضوء العدد المتزايد من الأقمار الاصطناعية.

يظهر صاروخ «فالكون 9» بحمولة 20 قمراً اصطناعياً في سماء لونديل بكاليفورنيا (أ.ف.ب)

ويوضح أشباتشر أن كل قمر اصطناعي يتم إرساله إلى الفضاء، ستتم إزالته من المدار في نهاية عمره التشغيلي، وسمحت وكالة الفضاء الأوروبية في سبتمبر (أيلول) الماضي، عمداً لأحد أقمارها الاصطناعية بالاحتراق في الغلاف الخارجي للأرض.

وتشير التقديرات إلى أن أكثر من 40 ألف قطعة من الحطام، يزيد قطر الواحدة منها عن سنتيمتر واحد، نتجت في إطار التخلص من الأقمار الاصطناعية التي انتهى عمرها التشغيلي، ومنذ ذلك الحين كانت مناورة واحدة من كل اثنتين من مناورات تجنب الاصطدام، التي أجرتها أقمار وكالة الفضاء الأوروبية تسببت فيها قطع الحطام.

قمر اصطناعي من شركة نورثروب جرومان (محطة الفضاء الدولية عبر منصة إكس)

كما أن وكالة الفضاء الأميركية (ناسا)، التي لديها ما يقرب من 2000 قمر اصطناعي في الفضاء، تشعر أيضاً بالقلق إزاء وجود هذا العدد المتزايد من الأقمار الاصطناعية وحطامها في الفضاء، وتردد أنها تعمل على وضع خطط «لتنظيف» المدار من الحطام.

وذكرت «ناسا» في تقرير بثته على موقعها الإلكتروني، المخصص لحطام الأقمار الاصطناعية في الفضاء أن «النفايات الفضائية ليست مسؤولية دولة بعينها، ولكنها مسؤولية كل دولة لها أنشطة في الفضاء».