ترمب يتوقع اتفاقاً نووياً مع إيران: طهران خائفة ودفاعاتها ضعفت

بزشكيان دعا للتعايش السلمي في المنطقة... والبرلمان الإيراني عدّ التفاوض مع واشنطن ضاراً

إيرانيون في مسيرة ذكرى الثورة بينما يعرض «الحرس الثوري» صاروخاً باليستياً قبالة معلم ميدان آزادي وسط طهران (برنا)
إيرانيون في مسيرة ذكرى الثورة بينما يعرض «الحرس الثوري» صاروخاً باليستياً قبالة معلم ميدان آزادي وسط طهران (برنا)
TT
20

ترمب يتوقع اتفاقاً نووياً مع إيران: طهران خائفة ودفاعاتها ضعفت

إيرانيون في مسيرة ذكرى الثورة بينما يعرض «الحرس الثوري» صاروخاً باليستياً قبالة معلم ميدان آزادي وسط طهران (برنا)
إيرانيون في مسيرة ذكرى الثورة بينما يعرض «الحرس الثوري» صاروخاً باليستياً قبالة معلم ميدان آزادي وسط طهران (برنا)

قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب إنه يتوقع إبرام اتفاق مع إيران لوقف برنامجها النووي، مشيراً إلى أن طهران «تشعر بالخوف»، ودفاعاتها «في حالة انهيار»، وفي المقابل واصل الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان انتقاداته لإعادة فرض «الضغوط القصوى» على طهران، فيما عدّ البرلمان الإيراني «التفاوض مع واشنطن ليس محظوراً لكنه ضار».

ويرى ترمب أن تراجع القوة العسكرية الإيرانية جعلها في موقع دفاعي ضعيف، مما يزيد من احتمال لجوئها إلى طاولة المفاوضات بدلاً من التصعيد العسكري. وصرح في مقابلة مع «فوكس نيوز»: «أفضل الحلول الدبلوماسية على المواجهة العسكرية»، مؤكداً أن إسرائيل لن تهاجم إيران إذا تم التوصل لاتفاق بين واشنطن وطهران.

وأشار ترمب إلى الهجوم الإسرائيلي الذي شنته على إيران في 26 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، رداً على هجوم صاروخي إيراني مباشر استهدف الأراضي الإسرائيلية في مطلع الشهر نفسه.

وقدمت إسرائيل وإيران روايات متضاربة حول مدى تضرر الدفاعات الجوية الإيرانية؛ زعمت إسرائيل ومصادر غربية أنها تمكنت من تعطيل أنظمة الدفاع الجوي والرادارات الإيرانية، بما في ذلك منظومة «إس 300» روسية الصنع.

في المقابل، أجرت إيران خلال الشهرين الماضيين مناورات عسكرية شملت تدريبات جوية لمحاكاة هجمات على أهداف معادية بالقرب من منشآت نووية حساسة في وسط البلاد، في محاولة لإظهار استعدادها وقدرتها على مواجهة التهديدات. وقال التلفزيون الرسمي، الأسبوع الماضي، إن أحدث التدريبات شملت منظومة «إس 300».

لكن ترمب قال إن «إيران قلقة للغاية. وهي في الحقيقة خائفة، لأن دفاعاتها انهارت إلى حد كبير»، وأضاف: «الجميع يعتقد أن إسرائيل، بمساعدتنا أو موافقتنا، ستدخل وتقصفهم بقوة. أنا أفضل ألا يحدث ذلك»، لكنه كرر أقواله في حوار لصحيفة «نيويورك بوست»، السبت الماضي، قائلاً إن «إسرائيل لن تقصف إيران إذا توصلت إلى اتفاق مع واشنطن».

وأضاف: «أعتقد أننا سنبرم اتفاقاً مع إيران. أعتقد أنهم خائفون، وأعتقد أن إيران ترغب في عقد اتفاق، وأنا أرغب في ذلك دون الحاجة إلى قصفهم».

وقال ترمب: «أفضل بكثير أن نرى اتفاقاً مع إيران يمكننا من خلاله التفاوض والإشراف عليه وفحصه، ثم نقرر ما إذا كنا سنلغيه أو نتأكد من عدم وجود برنامج نووي».

«ضار وليس ممنوعاً»

في طهران، واصل الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان توجيه الانتقادات الحادة للولايات المتحدة، وذلك في وقت رحبت الصحف المتشددة بخطابه في ذكرى الثورة، الاثنين، إذ هاجم ضغوط ترمب.

وأشار بزشيكان ضمناً إلى المذكرة التي وقعها ترمب، الأسبوع الماضي. وقال إن «الذين يعدون أسلحة الدمار الشامل ويشعلون الحروب هم من يغذون العنف وسفك الدماء، وليس نحن».

وشدد الرئيس الإيراني على ضرورة «تعزيز السلام والتعايش السلمي في المنطقة والعالم»، وقال: «نحن لا نسعى للحرب، بل نؤمن بالسلام والتعايش مع جيراننا»، ورأى أن تحقيق الاستقرار في المنطقة «يتطلب التخلي عن العنف، والانتقال من لغة القصف (التهديد)، والاستعراض إلى سياسة الحوار البناء والتعاون الإقليمي».

وانتقد بزشكيان بشدة ما وصفه بـ«النفاق» في تعامل القوى العالمية مع قضايا حقوق الإنسان، مشيراً إلى ما وصفه بـ«التناقض الصارخ» بين ادعاءات تلك الدول وممارساتها على الأرض.

وقال: «كيف يمكن لأولئك الذين يقصفون عشرات، بل مئات الآلاف من البشر الأبرياء، أن يدعوا الدفاع عن حقوق الإنسان؟ أولئك الذين يستهدفون المدنيين العزل في غزة، بما في ذلك النساء والأطفال وكبار السن، وحتى المدارس والجامعات، كيف يمكنهم اعتبار أنفسهم مدافعين عن حقوق الإنسان؟ بينما يدّعون في الوقت نفسه أنهم يحاربون الإرهاب. هل هذا يتوافق مع مبادئ حقوق الإنسان؟».

بزشكيان يصافح قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي على هامش اجتماع اللجنة العليا لإدارة الإنترنت الثلاثاء (الرئاسة الإيرانية)
بزشكيان يصافح قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي على هامش اجتماع اللجنة العليا لإدارة الإنترنت الثلاثاء (الرئاسة الإيرانية)

والاثنين، تحدى بزشكيان في خطاب بمناسبة ذكرى «ثورة 1979» ترمب بعد عودة الأخير إلى استراتيجية «الضغوط القصوى»، واتهمه بالسعي لـ«تركيع» إيران. وقال: «إذا كانت الولايات المتحدة صادقةً في التفاوض، فلماذا تفرض عقوبات؟»، وأضاف: «أحلامهم بضرب إيران ستذهب أدراج الرياح... يريدون ترسيخ فكرة ضعف إيران لدى الرأي العام، وأن هذا هو أفضل وقت لضربها... لكنهم سيأخذون أحلامهم معهم إلى القبر».

وقال المرشد علي خامنئي، الجمعة، إن المحادثات مع الولايات المتحدة «ليست من الفطنة أو الحكمة أو الشرف»، في تصريحات تفسَّر في الفضاء السياسي الإيراني بأنها أوامر لحظر أي محادثات مباشرة مع إدارة ترمب.

وفي سياق الردود المؤيدة لخطاب خامنئي، أصدرت لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، الاثنين، بياناً أكدت فيه أن التفاوض مع الولايات المتحدة «ليس محظوراً ولكنه ضار»، مشيرة إلى أن واشنطن «لم تلتزم بتعهداتها في الاتفاقيات السابقة، بل زادت من فرض العقوبات على إيران».

وجاء في البيان: «على الرغم من التزام إيران الكامل ببنود الاتفاق النووي، فإن الولايات المتحدة لم تلتزم برفع العقوبات، بل قامت بزيادة عددها من 600 عقوبة إلى آلاف، قبل أن تنسحب تماماً من الاتفاق»، متسائلاً: «هل يمكن الوثوق بدولة تنكث بوعودها وتفرض عقوبات جديدة حتى في اللحظات الأخيرة؟ التفاوض معها لن يؤدي إلا إلى المزيد من الخسائر لمصالح إيران».

وقالت اللجنة إن حل المشاكل الاقتصادية لا يتم باللجوء إلى «العدو الغادر»، بل من خلال تعزيز الإنتاج المحلي، والاعتماد على الكفاءات الوطنية، وبناء علاقات مع الدول الصديقة، خصوصاً الجيران. واختتم بالقول: «التفاوض مع أميركا ليس محظوراً، لكنه ضار».

«الضغوط القصوى»

وتدعو مذكرة ترمب إلى فرض «أقصى درجات الضغط» على إيران بسبب برنامجها «النووي» القريب من مستويات الأسلحة، و«دعمها للإرهاب»، و«انتهاكاتها لحقوق الإنسان». وتتهم المذكرة إيران بدعم «جماعات إرهابية» مثل «حزب الله» و«الحوثيين» وتهديد «المصالح الأميركية» عبر «هجمات إلكترونية» و«عمليات اختطاف وقتل».

وتأمر مذكرة ترمب بمنع إيران من امتلاك «أسلحة نووية» أو «صواريخ باليستية»، وتحجيم «نفوذها الإقليمي»، وتعطيل أنشطة «الحرس الثوري» و«وكلائه الإرهابيين». وتشمل الإجراءات «عقوبات اقتصادية صارمة»، و«عزلاً دولياً»، و«منع تصدير النفط»، و«ملاحقة قضائية» لقادة الجماعات المدعومة من إيران.

وقال ترمب إن هذه الإجراءات تهدف إلى حماية «المصالح الأميركية» و«حلفائها في المنطقة»، وإنهاء «سياسة الابتزاز النووي الإيراني».

وغداة توقيع المذكرة، قال ترمب الأربعاء الماضي: «أريد أن تكون إيران دولة عظيمة وناجحة، لكن أريدها أيضاً أن تكون دولة لا يمكنها امتلاك السلاح النووي»، مضيفاً: «أفضل اتفاقاً نووياً سلمياً مع إيران خاضعاً للتفتيش يسمح لإيران بالنمو والازدهار سلمياً».

«الرد الأقصى»

وتجد طهران نفسها أمام خيار التفاوض مع ترمب، وسط انتكاسات لنفوذها الإقليمي وسخط داخلي متزايد بسبب الاقتصاد. ويؤكد المحللون أن طهران مضطرة للتفاوض مع ترمب، خصوصاً بعد تراجع «محور المقاومة» نتيجة تفكك حلفائها، وسقوط الأسد، وضربات استهدفت «حزب الله» اللبناني.

ووصفت صحيفة «هم ميهن» خطاب بزشكيان، الأحد، بأنه «مساندة من بزشيكان لموقف المرشد بشأن ترمب». وأشارت إلى تشكيكه برغبة ترمب في إجراء مفاوضات تزامناً مع توقيع مذكرة لإعادة «الضغوط القصوى».

صحيفة «كيهان» المتشددة أبدت ارتياحها تجاه خطاب بزشكيان بعد أيام من مهاجمة دعوات فريقه للتفاوض مع واشنطن
صحيفة «كيهان» المتشددة أبدت ارتياحها تجاه خطاب بزشكيان بعد أيام من مهاجمة دعوات فريقه للتفاوض مع واشنطن

أما صحيفة «آرمان امروز» فقد وصفت ترمب بمقالها الافتتاحي بـ«المتوهم المجنون». ومع ذلك أشارت في تقرير رئيسي تحت عنوان «ضرورة الرضا الأقصى مقابل الضغط الأقصى»، إلى توصيات بعض الخبراء بضرورة تعزيز «القدرة على الصمود» بين المواطنين الإيرانيين. وأضافت: «يمكن أن يكون للضغوط الاقتصادية والسياسية، التي تفرض عبر عقوبات واسعة النطاق، تأثير مباشر على الوضع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي للشعب. في مثل هذه الأجواء، تحتاج الحكومة إلى تعزيز الرضا العام، وزيادة القدرة على الصمود الاجتماعي للحفاظ على استقرار البلاد».

وكتبت صحيفة «اعتماد» الإصلاحية المؤيدة لبزشيكان: «نحن صامدون»، واقتبست من بزشكيان قوله بشأن عدم الرضوخ لضغوط ترمب. وهو العنوان نفسه الذي أبرزته صحيفة «إيران» الناطقة باسم الحكومة.

أما صحيفة «كيهان»، المقربة من مكتب المرشد الإيراني، فقد نشرت صورة من حشود الإيرانيين المشاركين في مسيرة ذكرى الثورة، في الحد الفاصل بين ميدان انقلاب (الثورة) وميدان آزادي (الحرية)، حيث تحشد طهران غالبية المشاركين لتوجيه رسالة «قوة» للإعلام الخارجي، في المسيرات المماثلة.

وأشارت إلى أن الرئيس «عدّ رسالة المرشد كلمة الفصل»، مبديةً ارتياحها من الشكوك التي أبداها بزشكيان بشأن نيات نظيره الأميركي.

بدورها، وصفت صحيفة «جوان» التابعة لـ«الحرس الثوري» مسيرة ذكرى الثورة بأنها «الرد الأقصى». وقالت صحيفة «فرهيختغان» التابعة لمكتب مستشار المرشد الإيراني، علي أكبر ولايتي، إن خطاب بزشكيان «رد مشرف»، في إشارة إلى تحذيرات خامنئي التي وصفها فيها المفاوضات مع الولايات المتحدة بأنها «غير مشرفة».

من جهتها، وصفت صحيفة «خراسان» المتشددة دعوة ترمب بأنها «مرونة في الكلام، وعنف في العمل». وأضافت: «وقع الرئيس الأميركي، على خلاف ما أعلنه، وثيقة تستهدف بلادنا، لا تقتصر فقط على تفكيك (محور المقاومة) بالكامل، بل تؤكد أيضاً على نزع سلاح إيران في المجالات الصاروخية والنووية وغيرها من القطاعات العسكرية».


مقالات ذات صلة

الحكومة الإيرانية تُدين التجمعات ضد بزشكيان وتدعم ظريف

شؤون إقليمية بزشكيان ورئيس مكتبه محسن حاجي ميرزايي على هامش اجتماع الحكومة (الرئاسة الإيرانية)

الحكومة الإيرانية تُدين التجمعات ضد بزشكيان وتدعم ظريف

نددت الحكومة الإيرانية بالتجمعات المناهضة للرئيس مسعود بزشكيان، مؤكدةً أنه لم يبتُّ بعد في استقالة نائبه للشؤون الاستراتيجية، محمد جواد ظريف.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية وزير الخارجية العماني بدر بن حمد البوسعيدي خلال استقباله نظيره الإيراني عباس عراقجي حيث أجريا مباحثات في مسقط (العمانية)

عراقجي يبحث في مسقط «تهيئة الظروف للحلول الدبلوماسية»

أجرى وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، مباحثات في مسقط، اليوم، مع نظيره العماني بدر بن حمد البوسعيدي، تركَّزت على المستجدات الإقليميّة والدوليّة.

ميرزا الخويلدي (مسقط)
شؤون إقليمية قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي في مراسم تنصيب القائد الجديد للمنطقة الغربية (سباه نيوز)

إيران تتوعد بردّ «مدمر» على أي تهديد ينفذه ترمب

فيما رفضت طهران «الإملاءات» بعد إنذار أميركي بشأن دعم الحوثي، توعّد «الحرس الثوري» بـ«رد مدمر» على تنفيذ أي تهديد من ترمب، نافياً اتخاذ قرارات للجماعات الحليفة.

«الشرق الأوسط» (لندن-طهران)
المشرق العربي محمد شياع السوداني (أ.ف.ب)

السوداني وماكرون يبحثان هاتفياً تطورات الأوضاع في الشرق الأوسط

بحث رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني خلال اتصال هاتفي تلقاه من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اليوم (السبت)، تطورات الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط.

«الشرق الأوسط» (بغداد )
شؤون إقليمية صورة جماعية لوزراء خارجية الدول السبع الصناعية الكبرى في كندا يوم 13 مارس 2025 (رويترز)

«مجموعة السبع» تحث إيران على خفض التصعيد

قالت الدول السبع الصناعية الكبرى إن إيران مصدر رئيسي لعدم الاستقرار، وحذرت من لجوئها إلى اعتقال ومحاولة اغتيال أجانب كأداة للإكراه.

«الشرق الأوسط» (لندن)

الحكومة الإيرانية تُدين التجمعات ضد بزشكيان وتدعم ظريف

بزشكيان ورئيس مكتبه محسن حاجي ميرزايي على هامش اجتماع الحكومة (الرئاسة الإيرانية)
بزشكيان ورئيس مكتبه محسن حاجي ميرزايي على هامش اجتماع الحكومة (الرئاسة الإيرانية)
TT
20

الحكومة الإيرانية تُدين التجمعات ضد بزشكيان وتدعم ظريف

بزشكيان ورئيس مكتبه محسن حاجي ميرزايي على هامش اجتماع الحكومة (الرئاسة الإيرانية)
بزشكيان ورئيس مكتبه محسن حاجي ميرزايي على هامش اجتماع الحكومة (الرئاسة الإيرانية)

نددت الحكومة الإيرانية بالتجمعات المناهضة للرئيس مسعود بزشكيان، مؤكدةً أنه لم يبتّ بعد في استقالة نائبه للشؤون الاستراتيجية، محمد جواد ظريف، في ظل ظهور بوادر انقسام بين المحافظين بشأن تداعيات الإصرار على تطبيق قانون الحجاب.

ويتعرض بزشكيان لضغوط من التيار المحافظ بشأن تنفيذ قانون الحجاب، فيما نظَّم أنصار هذا التيار تجمعاً أمام مقر البرلمان، دعماً لمطالب النواب المحافظين.

وتمسَّك بزشكيان بمواقفه الرافض لتنفيذ قانون الحجاب والعفاف، وذلك بعدما وقَّع نواب البرلمان الإيراني عريضة، في وقت سابق من هذا الشهر، تطالب بتدخل قضائي لإجبار الحكومة على الامتثال لقانون البرلمان.

وقالت المتحدثة باسم الحكومة، فاطمة مهاجراني إن التجمعات ضد الرئيس «تصرفات غير أخلاقية تتجاوز القانون»، موضحةً أن نهج الحكومة في التعامل مع هذه التجمّعات «يعتمد على الصبر والتسامح والوفاق» في إشارة إلى الشعار الذي يرفعه بزشكيان للجمع بين حلفائه الإصلاحيين وخصومهم المحافظين.

لكنها أشارت إلى أنه في حال «تجاوزت الإهانة الفرد ووصلت إلى الشعب، فإنه سيكون من الضروري اللجوء إلى الأدوات القانونية».

وقالت إن بزشكيان «يعتقد أنه يجب تجاهل هذه الإجراءات دون التفاعل معها، لكن الحقيقة هي أن القضية لا تتعلق بشخص الرئيس فقط، بل هي مرتبطة أيضاً بالناخبين وبمنصب رئاسة الجمهورية».

وأضافت: «الحكومة ستظل تتبع نهج الصبر والتسامح»، مشيرةً إلى أن «الإجراءات القضائية ليست على جدول الأعمال حالياً»، ودعت الجميع إلى «احترام القانون والأخلاق».

استقالة ظريف

من جانب آخر، أكدت مهاجراني أن قرار تعيين ظريف «ما زال سارياً، وأنه لم يُلغَ، رغم أنه لا يحضر اجتماعات الحكومة حالياً».

وأشارت إلى اجتماع جمع بزشكيان وظريف بعد إعلان الاستقالة، موضحةً أن الاستقالة «كان قراراً من ظريف للحفاظ على مصلحة الرئيس والحكومة والبلاد»، وأضافت: «النص الذي نشره ظريف يشير إلى تنحيه، وذلك حرصاً على عدم الإضرار بالحكومة».

وقدم ظريف استقالته إلى بزشكيان مطلع الشهر الحالي، وهي المرة الثانية التي يقدم فيها على الاستقالة في منصبه الجديد. وأرجع قراره إلى «توصية» من رئيس القضاء، غلام حسين محسني إجئي، وقال: «لتجنب مزيد من الضغوط على الحكومة، نصحني رئيس السلطة القضائية بالاستقالة».

وجاءت استقالة ظريف بعد ساعات من إقالة البرلمان وزير الاقتصاد عبد الناصر همتي، في ضربة أخرى لحكومة بزشكيان.

وقال ظريف: «أشار محسني إجئي إلى ظروف البلاد ونصحني بالعودة إلى الجامعة لتجنب مزيد من الضغط على الحكومة. قبلت على الفور، حيث كنت دائماً أرغب في أن أكون عوناً لا عبئاً».

وأضاف ظريف في بيانه: «آمل بهذا العزل أن تُزال الذريعة لعرقلة مطالب الشعب ونجاح الحكومة»، وأكد في رسالته الأخيرة دعمه المستمر لرئيس الجمهورية.

ظريف يحضر لقاء بين المسؤولين والمرشد علي خامنئي (الرئاسة الإيرانية)
ظريف يحضر لقاء بين المسؤولين والمرشد علي خامنئي (الرئاسة الإيرانية)

وعيّن بزشكيان الذي تولى السلطة في يوليو (تموز)، ظريف في منصب نائب الرئيس المعنيّ بالشؤون الاستراتيجية في الأول من أغسطس (آب)، لكنَّ ظريف استقال بعد أقل من أسبوعين على ذلك قبل أن يعود إلى المنصب في وقت لاحق من الشهر ذاته. وأكد يومها أنه واجه ضغوطاً لأن ولديه يحملان الجنسية الأميركية إلى جانب الإيرانية.

وقالت مهاجراني إنه «إذا كان سيجري تطبيق القوانين المتعلقة بجنسية الأبناء، فيجب تطبيقه على جميع الأفراد في البرلمان، والسلطة القضائية، وسائر المؤسسات الأخرى».

ودافعت عن ظريف، قائلةً إنه «من الكفاءات القَيّمة»، مؤكدةً أنه «يجب استغلال قدراته بأكبر قدر ممكن». وأضافت: «ظريف لا يزال نائب الرئيس الاستراتيجي، وعندما يُصدر شخص ما حكماً، فإنه إما يُلغى ويتم عزله، وإما يتم تعيين بديل له. وحتى الآن، لم يتحقق أي من هذين الأمرين».

وزادت الضغوط على ظريف بسبب تصريحات أدلى بها في «منتدى دافوس» الاقتصادي في يناير (كانون الثاني) الماضي، حيث قال إن حكومة بزشكيان أرجأت تطبيق قواعد الحجاب.

وأضاف: «إذا نزلت إلى شوارع طهران، فستجد نساءً لا يغطين شعورهن. هذا مخالف للقانون، لكنَّ الحكومة قررت عدم وضع النساء تحت الضغط».

«إشعال البلاد»

ورغم الضغوط البرلمانية على بزشكيان بشأن تنفيذ قانون الحجاب، كشف النائب المحافظ المتشدد، محمود نبويان، عضو «جبهة الصمود»، عن صدام نادر بينه تياره حول تنفيذ القانون.

ونشر نبويان مقطع فيديو عبر قناته على شبكات التواصل الاجتماعي، من احتجاجه على ضغوط النواب المحافظين بشأن تنفيذ القانون. ويقول نبويان خلال جلسة برلمانية، يشير فيها إلى تصويت البرلمان على قانون الحجاب قبل سقوط بشار الأسد في سوريا، ومقتل أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله: «تجنباً لأي محاولة من العدو لتحويل إيران إلى سوريا أخرى، قررت الأمانة العامة للمجلس الأعلى للأمن القومي منع أي خطوة قد تؤدي إلى استقطاب المجتمع».

وکتب نبویان، الأحد، على منصة «إكس»: «بالنظر إلى أوضاع البلاد والمنطقة، خصوصاً اليمن، وأهمية الحفاظ على الوحدة الوطنية، يجب على الجميع المطالبة بتطبيق القانون».

وحذر من أن «استقطاب المجتمع لأي سبب، والدعوة إلى تجمعات غير قانونية من أي جهة أو تيار، والتعبئة في الشوارع، كلها أمور تتعارض مع مصلحة البلاد».

صورة من فيديو منتشر على شبكة «تلغرام» يُظهر نواب البرلمان في أثناء التوقيع على عريضة تطالب بتنفيذ قانون الحجاب
صورة من فيديو منتشر على شبكة «تلغرام» يُظهر نواب البرلمان في أثناء التوقيع على عريضة تطالب بتنفيذ قانون الحجاب

وكتب موقع «خبر أونلاين» المقرب من أوساط البرلمان إنه «من الأحداث اللافتة في هذه الأيام، ابتعاد نبويان عن صف النواب الذين يؤججون الجدل حول إبلاغ قانون الحجاب، ويدفعون نحو الضغوط والاعتصامات والتجمعات. فرغم كونه أحد المصادقين على قانون العفاف والحجاب، فإنه يرى الآن أن إبلاغه قد يشعل البلاد».

وحذرت الأوساط المؤيدة لموقف الحكومة من تداعيات تطبيق قانون الحجاب على إذكاء اضطرابات في البلاد.

وأدت وفاة الشابة الكردية مهسا أميني في أثناء توقيفها من شرطة الأخلاق بدعوى انتهاك قواعد اللباس المعمول بها في البلاد، إلى موجة غير مسبوقة من الاحتجاجات في سبتمبر (أيلول) 2022.

ولم يُنشر نص القانون الجديد رسمياً. لكن حسب الخطوط العريضة التي نقلتها الصحافة، يقضي النص بعقوبة تصل إلى 10 سنوات سجناً وغرامة تعادل 6000 دولار الأشخاص الذين يشجعون «العري» أو «الفحش».

ويجب دفع الغرامة في غضون عشرة أيام تحت طائلة حظر مغادرة البلاد والحرمان من بعض الخدمات العامة منها إصدار رخصة قيادة. كما يمنح النص الشرطة صلاحيات استخدام الذكاء الاصطناعي للتعرف على النساء غير المحجبات باستخدام الكاميرات.

جدير بالذكر أن مزيداً من النساء أصبحن يخرجن الآن من دون حجاب، منذ وفاة مهسا أميني.