خلية «حرز الله»، خلية هوائية (أي أنها عبارة عن تجويف هوائي داخل الجيوب الأنفية ويُطلق عليها جراحيا مصطلح خلية) تقع ضمن مجموعة خلايا الجيوب الأنفية الواقعة بين العينين. وقد نسبت هذه الخلية إلى الطبيب العربي الذي وصفها لأول مرة وهو «الدكتور إسلام رشدي حرز الله» البروفسور المشارك بجامعة الزقازيق بمصر واستشاري الأنف والأذن والحنجرة بمدينة الملك عبد الله الطبية بمكة المكرمة؛ حيث إن هذه الخلية توصف لأول مرة بشكل تفصيلي لجراحة مناظير الجيوب الأنفية من خلال بحث قام، مع فريقه الطبي، بنشره حديثا.
وأطلق عليها هذا الاسم في المجلة الرسمية للأكاديمية الأميركية للأذن والحنجرة وجراحة الرأس والعنق (American Academy of Otolaryngology—Head and Neck Surgery) (العدد 155 (2):3406 في أغسطس (آب) 2016) وكان البحث تحت عنوان (Retromaxillary Pneumatization of Posterior Ethmoid Air Cells: Novel Description and Surgical Implications. - PubMed - NCBI).
تجويف هوائي
ما هي قصة هذا البحث العلمي؟ وما هي أهمية الخلية الجديدة «خلية حرز الله Herzallah Cell «؟ وما هي التوصيات التي تمخضت عن هذا البحث؟ توجهت «صحتك» بتلك الأسئلة إلى الدكتور فيصل عبد الله ساعاتي، أحد الأطباء السعوديين المشاركين في ذلك البحث الذي أجري في قسم الأنف والأذن والحنجرة والرأس والعنق بمدينة الملك عبد الله الطبية بمكة المكرمة، وقد حصل البحث على المركز الأول بجائزة أفضل بحث لأطباء الزمالة السعودية في تخصص الأنف والأذن والحنجرة وجراحة الرأس والعنق والذي تبنته وأقامته الجمعية السعودية في هذا التخصص ضمن مؤتمرها السنوي الـ23 الذي عقد في العام الحالي 2017 في منطقة الباحة بالمملكة العربية السعودية - فأفاد د. ساعاتي بأنه كي نتعرف على أهمية هذه الخلية، لا بد أن نعرف أولا وظائف الجيوب الأنفية نفسها، حيث تأتي أهمية الجيوب الأنفية من أنها هي الخط الأول للهواء الداخل إلى الرئة، فتقوم بعملية تنقية وفلترة وترطيب ومعادلة درجة حرارة الهواء، كما أن لها دوراً في حاسة الشم وتنظيف الأنف وإفراز (ترشيح) المخاط.
وهي كأي عضو من أعضاء الجسم قد تصيبها الأمراض كالحساسية واللحميات والفطريات، ومن هذه الأمراض ما يحتاج إلى علاج جراحي يتضمن فتح جميع الجيوب الأنفية وتنظيفها وإزالة اللحميات أو الفطريات منها عن طريق المنظار، ولتقليل نسبة عودة المرض مرة أخرى يجب أن تفتح جميع الجيوب الأنفية والخلايا الهوائية الأنفية بحيث تكون واسعة ومتاحة للتنظيف من خلال الغسولات والبخاخات.
ومن هنا ندرك أهمية وصف «خلية حرز الله» التي كان يغفل عنها الكثيرون في السابق بسبب عدم وجود وصف لمكانها وأهميتها.
وأوضح الدكتور فيصل ساعاتي، بصفته الطبيب الجراح الذي تعامل مع هذه الخلية وأحد فريق البحث مع البروفسور إسلام حرز الله بأن البروفسور إسلام حرز الله صاحب خبرة طويلة وعميقة في مجال جراحات الأنف وقاع الجمجمة بالمناظير، ما أهله لأن يكون أحد مؤلفي الكتاب العالمي «الوصف الجراحي لمناظير الجيوب الأنفية» بدار النشر العالمية (تيم - نيويورك). وأضاف أن البروفسور حرز الله كان قد بدأ يلاحظ أن بعض الخلايا الهوائية في الجيوب الأنفية تترك دون أن تنظف أثناء الجراحة وأن هذا قد يكون سببا في عودة المرض. وهنا بدأ البروفسور إسلام حرز الله مع فريقه الطبي من مدينة الملك عبد الله الطبية والمكون من كلِ من: د. أسامة مرغلاني، د. فيصل ساعاتي ود. رحاب سمسم بدراسة ووصف هذه المنطقة في الجيوب الأنفية وكذلك الأشعات المقطعية المختلفة.
وشملت الدراسة ما يقرب من 700 ناحية من الجيوب الأنفية من أجل الوصف الدقيق لهذه الخلية الهوائية التي وجدت بأحجام متفاوتة في نحو 80% من المرضى، وتبين أيضاً أن 50% من خلية خرز الله لم يكن يتم الوصول له بشكل جيد في العمليات السابقة لدى المرضى المحولين من الخارج بسبب عدم وجود وصف لها في السابق، ووجودها بهذه النسبة يطرح أهميتها لجميع جراحي مناظير الجيوب الأنفية في المستقبل.
فطريات الجيوب الأنفية
يقول الدكتور فيصل ساعاتي إن فطريات الجيوب الأنفية مرض مزمن يحتاج للعلاج الدوائي والجراحي وإلى المتابعة المنتظمة مع الطبيب المختص بعد ذلك، ولا بد من معرفة أعراضه وكيف يمكن التعامل معه والسيطرة عليه.
وكما علمنا بأن الجيوب الأنفية تعتبر من المنقيات والمرشحات لتنقية الهواء الداخل للجسم، وقد تصاب بالكثير من الملوثات الموجودة في الجو مثل البكتريا والفطريات والتحسس لها، ومرض فطريات الجيوب الأنفية التحسسي له أعراض مشابهة مع غيره من الأمراض، لذلك فهو يحتاج إلى دقة في التشخيص. أما أعراضه المألوفة والشائعة فهي انسداد مزمن في الأنف والجيوب الأنفية وفقدان حاسة الشم وقد يرافقها صداع. ويتم تأكيد تشخيص مرض فطريات ولحميات الجيوب الأنفية من خلال المنظار وكذلك الأشعة المقطعية لمعرفة حدود انتشار الفطريات أو اللحميات المصاحبة، ولا يعرف حتى الآن أسباب الإصابة بهذه الفطريات إلا أنه من المؤكد أنها حالة خطيرة إذا أهملت فقد تنتشر إلى المناطق المحيطة بالعينين، بل وقد تصل إلى الدماغ ولذلك فإن المريض بهذه الفطريات يحتاج للعلاج بمنظار الجيوب الأنفية الجراحي إضافة إلى العلاج الطبي الدوائي والمتابعة المستمرة.
خطوات علاج الفطريات
أوضح د. ساعاتي أن فطريات الجيوب الأنفية تحتاج إلى خطة علاجية محكمة تختلف من مريض إلى آخر بحيث إن تشخيص المرض في المراحل المبكرة ومعرفة نوع الفطريات يلعب دورا مهما في التسلسل العلاجي لهذا المرض، ويكون كالآتي:
* أولا: نبدأ بالعلاج الدوائي حيث يتكون من الأدوية التي تعطى عن طريق الفم، ومنها الستيرويد ومضادات الهيستامين والمضادات الحيوية في حال مصاحبتها بالتهاب بكتيري، بالإضافة إلى البخاخات الموضعية بالأنف لتقليل الاحتقان والالتهاب.
* ثانيا: يليه العلاج الجراحي الذي يتم بإجراء عملية عن طريق المنظار، يقوم الجراح فيها بفتح جميع الجيوب الأنفية وتنظيفها تحت التخدير العام، وتختلف مدة العملية باختلاف حدة وانتشار المرض من ساعتين إلى 6 ساعات في الفطريات التي تؤثر على عصب العين وقاع الجمجمة.
* ثالثاً: المتابعة والانتظام على الأدوية بعد العملية، فانتظام المريض على استخدام الأدوية والبخاخات والغسولات الأنفية أُثبتَ دراسياً أنه يقلل من عودة الفطريات مستقبلا عن المرضى غير المنتظمين على العلاج بعد العملية.
الوقاية من فطريات الجيوب الأنفية
تنقسم الوقاية من الفطريات إلى قسمين:
- الأول: يخص الناس المعرضين للإصابة بالفطريات بحيث إن البيئة المحيطة تلعب دوراً في تكونها من الأساس مثل الجو الرطب والعيش والعمل بالأماكن المكتظة سكانيا وعدم تنظيف فلاتر المكيفات وعدم تنظيف الأنف بالماء والغسولات. وهنا لفتة مهمة يتبعها المسلمون بالإسباغ في الوضوء في الاستنشاق.
- ثانياً: يخص المرضى الذين تم تشخيصهم بفطريات الجيوب الأنفية أو تم عمل عمليات جراحية لهم، فإن الانتظام على تناول الأدوية لمدة بسيطة بعد العملية، ثم الانتظام على المدى البعيد بالغسولات الأنفية والبخاخات الأنفية والمتابعة مع الطبيب لعمل كشف دوري بالمنظار في العيادة، له الدور الأكبر بعد الله في منع حدوث المرض مرة أخرى أو تقليل فرص عودته.