ليس الدهون فقط... كيف يؤدي السكر إلى ارتفاع الكولسترول؟

تشير الدراسات إلى أن الإفراط في تناول السكر يرفع مستويات الكولسترول (بكسلز)
تشير الدراسات إلى أن الإفراط في تناول السكر يرفع مستويات الكولسترول (بكسلز)
TT

ليس الدهون فقط... كيف يؤدي السكر إلى ارتفاع الكولسترول؟

تشير الدراسات إلى أن الإفراط في تناول السكر يرفع مستويات الكولسترول (بكسلز)
تشير الدراسات إلى أن الإفراط في تناول السكر يرفع مستويات الكولسترول (بكسلز)

لطالما ارتبط ارتفاع الكولسترول بتناول الدهون، لكن الأدلة العلمية الحديثة تكشف عن عامل آخر لا يقل خطورة، هو السكر المضاف.

وتشير الدراسات إلى أن الإفراط في تناول السكر لا يرفع فقط مستويات الكولسترول الكلي، بل يخلّ بالتوازن بين الكولسترول الجيد (HDL) والسيئ (LDL)، مما يعزز خطر الإصابة بأمراض القلب.

ويشرح تقرير لموقع «فيريويل هيلث»، كيف يؤثر السكر على الكولسترول في الجسم، ولماذا يستحق الانتباه كعامل رئيسي في صحة القلب.

السكر والكولسترول

استهلاك كميات كبيرة من السكر، حتى لمدة قصيرة لا تتجاوز بضعة أسابيع، يؤدي إلى ارتفاع مستويات الكولسترول وزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب؛ إذ يتم تحويل السكريات مثل السكروز وشراب الذرة عالي الفركتوز، وهما من السكريات التي تضاف عادة إلى المشروبات والأطعمة خلال التصنيع، إلى الفركتوز والجلوكوز داخل الجسم.

وتؤدي المستويات العالية من هذه السكريات البسيطة إلى تحفيز الجسم لإنتاج المزيد من الكولسترول، كما أنها تعيق عملية تكسيره والتخلص من الكولسترول الموجود.

فيما يلي أبرز ما توصلت إليه الأبحاث الحديثة حول تأثير السكر على الكولسترول:

أظهرت الدراسات أن تناول كميات كبيرة من السكر قد يرفع مستويات الدهون التالية في الجسم: الدهون الثلاثية، الكولسترول الكلي، كولسترول البروتين الدهني منخفض الكثافة (LDL أو «الكولسترول الضار»)، وكولسترول البروتين الدهني عالي الكثافة (HDL أو «الكولسترول الجيد»).

الاستهلاك المفرط للفركتوز قد يؤدي أيضاً إلى زيادة مستويات البروتينات الدهنية منخفضة الكثافة جداً (VLDL)، التي تسهم في تراكم الدهون في الشرايين.

فالبالغون الأصحاء الذين يتبعون نظاماً غذائياً غنياً بالسكر المضاف لديهم مستويات كولسترول كلي أعلى قليلاً مقارنة بمن يتبعون نظاماً منخفض السكر. مع ذلك، لم تُسجّل فروقات كبيرة في مستويات LDL أو HDL بين المجموعتين.

وربطت عدة دراسات بين استهلاك المشروبات المحلاة بالسكر مثل المشروبات الغازية والعصائر، وارتفاع مستويات LDL والدهون الثلاثية، إلى جانب انخفاض في مستويات HDL.

كما أن الأفراد الذين يتبعون أنظمة غذائية غنية بالسكر يكونون أكثر عرضة للوفاة بأمراض القلب بثلاثة أضعاف مقارنة بغيرهم.

الخبر الإيجابي أن خفض كمية السكر إلى المستويات الموصى بها يمكن أن يساعد في تقليل مستويات الكولسترول، حتى من دون تقليل إجمالي السعرات الحرارية المستهلكة.

ما دور الكولسترول في الجسم؟

الكولسترول هو مركب شمعي يلعب دوراً مهماً في حماية أغشية الخلايا داخل الجسم، كما يُستخدم كعنصر أساسي في إنتاج عدة مركبات حيوية، منها: الهرمونات الستيرويدية مثل الإستروجين والتستوستيرون، والأحماض الصفراوية وفيتامين «د».

ويحتاج الجسم إلى الكولسترول لأداء وظائفه الحيوية، ولكن التوازن بين أنواعه هو المفتاح.

ويساعد HDL على حماية القلب من خلال نقل الدهون إلى الكبد، حيث يتم تكسيرها والتخلص منها.

أما ارتفاع مستويات LDL، فهو يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب لأنه ينقل الدهون من الكبد إلى أنحاء الجسم، مما قد يؤدي إلى تراكمها على شكل لويحات تسد الشرايين وتمنع تدفق الدم إلى القلب والدماغ والكلى.

ويرتبط ارتفاع الكولسترول الضار (LDL) بالحالات التالية:

تصلب الشرايين (تراكم اللويحات في الشرايين)

ارتفاع ضغط الدم

تجلط الدم

ألم الصدر

النوبات القلبية

السكتات الدماغية

ما كمية السكر الموصى بها؟

وفقاً للإرشادات الغذائية للأميركيين 2020–2025، ينبغي أن تشكل السكريات المضافة أقل من 10 في المائة من إجمالي السعرات الحرارية اليومية، أي ما يعادل نحو 12 ملعقة صغيرة من السكر يومياً ضمن نظام غذائي يحتوي على 2000 سعرة حرارية.

لكن جمعية القلب الأميركية توصي باستهلاك كمية أقل، بحيث لا تتجاوز السكريات المضافة 6 في المائة من إجمالي السعرات اليومية، أي نحو 7 ملاعق صغيرة فقط يومياً.

توجد السكريات المضافة في المحليات، والشراب (السيروب)، والعسل، والعصائر، وهي تُضاف إلى الأطعمة خلال عملية التصنيع. ولا تشمل هذه السكريات الطبيعية الموجودة في الفواكه والخضراوات والحليب.

وأكثر مصادر السكر المضاف تشمل:

- المشروبات المحلاة (مثل المشروبات الغازية والعصائر ومشروبات الطاقة)

- المخبوزات والحلوى والحلويات

- المربى والشراب المحلى

- حبوب الإفطار

- الزيوت والدهون الأخرى

مضار أخرى للنظام الغذائي الغني بالسكريات

إلى جانب رفع مستويات الكولسترول، يرتبط الإفراط في تناول السكر المضاف بزيادة خطر الإصابة بعدة مشكلات صحية أخرى، منها:

السكري من النوع الثاني

ارتفاع ضغط الدم

أمراض القلب

زيادة الوزن

السمنة

متلازمة الأيض

تسوس الأسنان

ورغم أن المشروبات المحلاة تُعد من أبرز مصادر السكر الضار، فإن السكر الموجود في الأطعمة لا يزال ينبغي تناوله باعتدال.

كيف نقلل من استهلاك السكر؟

لحماية القلب وتعزيز الصحة العامة، إليك بعض النصائح لتقليل استهلاك السكر المضاف:

- قراءة الملصقات الغذائية: تعرف على أسماء السكر المختلفة المدرجة في المكونات، مثل السكروز، والجلوكوز، والدكستروز، وشراب الجلوكوز، وشراب الذرة عالي الفركتوز، والدكسترين، والمحليات الصناعية الأخرى.

- التقليل من المشروبات المحلاة: استبدل المشروبات الغازية والعصائر المحلاة بالماء أو المشروبات غير المحلاة. يُنصح بعدم تناول أكثر من مشروب محلى واحد في الأسبوع.

- مراقبة حجم الحصص الغذائية: تقليل الكمية يساهم في تقليل السكر دون الحاجة لتغيير جذري في النظام الغذائي.

- استبدال الحلويات السكرية بالفواكه: الفواكه تحتوي على سكريات طبيعية بالإضافة إلى الألياف والعناصر الغذائية المفيدة.

- التفكير في بدائل السكر: يمكن استبدال السكر بمحليات خالية من السعرات لتقليل كمية السعرات الحرارية، لكن يجب الحذر. فبينما تُعد كحوليات السكر مثل السوربيتول والزيليتول خياراً أفضل نسبياً، فإن المحليات غير المغذية مثل الأسبارتام (Equal) والسكرالوز (Splenda) ترتبط بزيادة خطر الإصابة بالسكري وزيادة الوزن وحتى السرطان.

- الطبخ وتناول الطعام في المنزل قدر الإمكان: يمنحك هذا سيطرة أفضل على مكونات طعامك، بما في ذلك كمية السكر المضاف.


مقالات ذات صلة

10 أطعمة تمنحك نوماً عميقاً بلا أرق

صحتك الخضراوات الورقية والكيوي من الأغذية التي تساعد على تعزيز النوم العميق (جامعة جورج فوكس)

10 أطعمة تمنحك نوماً عميقاً بلا أرق

يمكن لنوعية الطعام الذي نتناوله قبل النوم أن يلعب دوراً حاسماً في تحسين جودة النوم ومدته، في وقت يعاني فيه ملايين الأشخاص حول العالم من قلة النوم واضطراباته.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
صحتك واقيات الشمس تُعد من أبرز وسائل الحماية من الأشعة فوق البنفسجية الضارة (جامعة كاليفورنيا)

واقٍ شمسي طبيعي مستخلص من البكتيريا

كشف فريق بحثي دولي عن مركّب طبيعي جديد مستخلص من البكتريا، يتمتع بقدرة عالية على الحماية من الأشعة فوق البنفسجية دون التسبب في آثار جانبية ضارة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي عناصر من الدفاع المدني الفلسطيني يزيلون ركام منزل في خان يونس خلال عمليات البحث عن جثامين ضحايا الحرب على غزة يوم السبت (إ.ب.أ)

انهيار مبانٍ على رؤوس قاطنيها... أحد جوانب حرب غزة القاتمة

انهار 20 مبنى ومنزلاً على الأقل بمدينة غزة في غضون 10 أيام؛ ما تسبب بوفاة ما لا يقل عن 15 فلسطينياً، بينهم أطفال ونساء.

«الشرق الأوسط» (غزة)
صحتك التصلب المتعدد هو مرض مناعي ذاتي يهاجم الجهاز العصبي المركزي (أرشيفية - رويترز)

«المواد الكيميائية الدائمة» قد تصيبك بمرض مناعي خطير

كشفت دراسة جديدة أن «المواد الكيميائية الأبدية» قد تتسبب في الإصابة بمرض خطير قد يستمر مدى الحياة وهو مرض التصلب المتعدد.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك تناول كميات كبيرة من الفلفل الحار قد يؤدي إلى تهيج البروستاتا (رويترز)

دور الفلفل الحار في التهاب البروستاتا

يلعب النظام الغذائي دوراً أساسياً في الوقاية من أمراض غدة البروستاتا، أو زيادة مخاطرها، ويسهم بعض الأطعمة في التهاب أو تضخم البروستاتا، ومنها الفلفل الحار.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

10 أطعمة تمنحك نوماً عميقاً بلا أرق

الخضراوات الورقية والكيوي من الأغذية التي تساعد على تعزيز النوم العميق (جامعة جورج فوكس)
الخضراوات الورقية والكيوي من الأغذية التي تساعد على تعزيز النوم العميق (جامعة جورج فوكس)
TT

10 أطعمة تمنحك نوماً عميقاً بلا أرق

الخضراوات الورقية والكيوي من الأغذية التي تساعد على تعزيز النوم العميق (جامعة جورج فوكس)
الخضراوات الورقية والكيوي من الأغذية التي تساعد على تعزيز النوم العميق (جامعة جورج فوكس)

يمكن لنوعية الطعام الذي نتناوله قبل النوم أن يلعب دوراً حاسماً في تحسين جودة النوم ومدته، في وقت يعاني فيه ملايين الأشخاص حول العالم من قلة النوم واضطراباته.

فوفقاً للمراكز الأميركية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC)، لا يحصل ما يقرب من ثلث البالغين على عدد الساعات الموصى بها من النوم، التي تتراوح بين 7 و9 ساعات يومياً.

ولا يقتصر تأثير قلة النوم على الشعور بالإرهاق فقط، بل يمتد ليضعف جهاز المناعة، ويزيد خطر الإصابات أثناء التمارين الرياضية، كما يؤثر سلباً على الهرمونات المنظمة للشهية، ما يؤدي إلى زيادة الإحساس بالجوع والرغبة في تناول أطعمة غير صحية.

وحسب خبراء التغذية، فإن تبني عادات غذائية ذكية قبل النوم يمكن أن يساعد الجسم على الاسترخاء والدخول في نوم أعمق وأكثر جودة، بفضل عناصر غذائية تعزز إفراز هرمونات النوم وتقلل التوتر، حسب مجلة «Real Simple» الأميركية.

وفيما يلي أبرز 10 أطعمة ينصح خبراء التغذية بتناولها قبل النوم:

اللوز

حفنة واحدة من اللوز توفر نحو 25 في المائة من الاحتياج اليومي للمغنسيوم لدى النساء، وهو معدن أساسي يساعد على تهدئة الجهاز العصبي وتحسين جودة النوم، خاصة لدى من يعانون الأرق.

الخضراوات الورقية

مثل السبانخ والجرجير والكرنب، وهي غنية بالمغنسيوم وفيتامين «سي»، الذي يساهم في تقليل التوتر، ما يساعد على النوم المتواصل، خاصة لمن يستيقظون ليلاً ويصعب عليهم العودة للنوم.

الكيوي

فاكهة صغيرة لكنها غنية بالسيروتونين، وهو ناقل عصبي ينظم النوم. وأظهرت دراسات أن تناول حبة أو اثنتين من الكيوي قبل النوم قد يحسّن سرعة الدخول في النوم ومدته وكفاءته.

الحمص

يعد مصدراً نباتياً للتريبتوفان، وهو حمض أميني يساعد على زيادة إنتاج هرمون الميلاتونين الذي ينظم دورة النوم والاستيقاظ، ما يجعله خياراً مثالياً كوجبة خفيفة مسائية، مثل الحمص المهروس (الحمص بطحينة).

الكرز الحامض

يتميز باحتوائه على نسبة مرتفعة من هرمون الميلاتونين المنظم لدورة النوم والاستيقاظ. وتشير دراسات إلى أن تناوله قد يزيد مدة النوم ويحسّن جودته، خصوصاً لدى المصابين بالأرق.

التوت الأحمر

مصدر ممتاز للألياف؛ إذ يحتوي الكوب الواحد على 8 غرامات من الألياف. وقد ربطت دراسات بين الأنظمة الغذائية منخفضة الألياف وتراجع النوم العميق، في حين ارتبطت زيادة الألياف بنوم أكثر جودة.

أسماك السلمون

تجمع بين أحماض «أوميغا-3» الدهنية وفيتامين «د»، وهما عنصران يساعدان على تعزيز إنتاج السيروتونين وتقليل هرمونات التوتر، ما ينعكس إيجاباً على جودة النوم.

الشوفان

كشفت دراسات أن الأنظمة الغذائية الغنية بالكربوهيدرات الصحية قد تقلل اضطرابات النوم مقارنة بالأنظمة المرتفعة بالبروتين أو الدهون. ويعد الشوفان مصدراً جيداً للكربوهيدرات المعقدة والمغنسيوم.

الزبادي

يلعب الزبادي دوراً مهماً في دعم صحة الأمعاء، التي ترتبط بشكل وثيق بإيقاع النوم والمزاج. فالزبادي الغني بالبروبيوتيك يعزز تنوع البكتيريا النافعة في الأمعاء، ما قد يسهم في تحسين إيقاع النوم وجودته.

الفواكه الحمضية

مثل البرتقال والجريب فروت والليمون، وهي غنية بفيتامين «سي»، الذي يساعد على خفض مستويات هرمونات التوتر في الجسم، مما يسهل الاستغراق في النوم والاستمرار فيه.

ويؤكد خبراء التغذية أن تحسين النوم لا يعتمد فقط على عدد الساعات، بل على جودة النوم أيضاً، ويمكن تحقيق ذلك من خلال مزيج من التغذية المتوازنة، والنشاط البدني المنتظم، وعادات الاسترخاء اليومية.


واقٍ شمسي طبيعي مستخلص من البكتيريا

واقيات الشمس تُعد من أبرز وسائل الحماية من الأشعة فوق البنفسجية الضارة (جامعة كاليفورنيا)
واقيات الشمس تُعد من أبرز وسائل الحماية من الأشعة فوق البنفسجية الضارة (جامعة كاليفورنيا)
TT

واقٍ شمسي طبيعي مستخلص من البكتيريا

واقيات الشمس تُعد من أبرز وسائل الحماية من الأشعة فوق البنفسجية الضارة (جامعة كاليفورنيا)
واقيات الشمس تُعد من أبرز وسائل الحماية من الأشعة فوق البنفسجية الضارة (جامعة كاليفورنيا)

كشف فريق بحثي دولي عن مركّب طبيعي جديد مستخلص من البكتيريا، يتمتع بقدرة عالية على الحماية من الأشعة فوق البنفسجية دون التسبب في آثار جانبية ضارة.

وأوضح الباحثون من جامعة ميجو اليابانية وجامعة شولالونغكورن التايلاندية في النتائج التي نُشرت، النتائج، الجمعة بدورية «Science of The Total Environment» أن هذا الاكتشاف يمثل خطوة واعدة نحو تطوير واقيات شمس صديقة للبيئة وأكثر أماناً للاستخدام البشري.

وتُعد واقيات الشمس من أهم وسائل الحماية من الأشعة فوق البنفسجية؛ إذ تقلّل مخاطر حروق الجلد والشيخوخة المبكرة وسرطان الجلد. ومع اعتماد معظم المنتجات الحالية على مرشحات كيميائية أو معدنية قد تسبب تهيجاً جلدياً أو أضراراً بيئية، يتجه البحث العلمي نحو تطوير واقيات شمس طبيعية أكثر أماناً وفعالية باستخدام مركبات حيوية.

ونجح الباحثون في اكتشاف المركّب الجديد الذي تنتجه البكتيريا الزرقاء المحبة للحرارة، المعروفة باسم «سيانوبكتيريا»، التي تعيش في البيئات القاسية مثل الينابيع الساخنة في تايلاند.

وتُعد السيانوبكتيريا من أقدم الكائنات الحية القادرة على البناء الضوئي وإنتاج الأكسجين، وتشتهر بقدرتها على البقاء في ظروف بيئية قاسية مثل الحرارة المرتفعة والملوحة العالية والإشعاع الشديد. وللتكيّف مع هذه الظروف، تنتج هذه الكائنات مجموعة واسعة من المركبات الحيوية المعروفة بدورها الطبيعي في الحماية من الأشعة فوق البنفسجية والعمل كمضادات أكسدة.

وينتمي المركّب، الذي أُطلق عليه اسم «GlcHMS326»، إلى فئة الأحماض الأمينية، ويتميز بتركيبته الكيميائية الفريدة التي تمنحه خصائص استثنائية، تجعل منه فعالاً كواقٍ طبيعي من الأشعة فوق البنفسجية ومضاداً للأكسدة في الوقت نفسه.

وبحسب نتائج الدراسة، يعمل المركب الجديد عن طريق امتصاص الأشعة فوق البنفسجية من نوعي «UV-A» و«UV-B»، ما يحمي الخلايا من التلف الناتج عن الأشعة الضارة.

وأظهرت التجارب أن إنتاج هذا المركب يزداد بشكل واضح عند تعرض البكتيريا للأشعة فوق البنفسجية، وكذلك عند التعرض للإجهاد الملحي، بينما لا يرتبط بالإجهاد الحراري، رغم أن الكائنات المنتجة له تعيش في بيئات مرتفعة الحرارة.

تقليل تلف الخلايا

كما بيّنت النتائج أن المركب يمتلك نشاطاً مضاداً للأكسدة يفوق المركبات التقليدية المستخدمة للحماية من الأشعة فوق البنفسجية، إذ أظهر قدرة أعلى على مكافحة الجذور الحرة؛ ما يساهم في تقليل تلف الخلايا وتأخير مظاهر الشيخوخة الناتجة عن التعرض للشمس.

وأكد الباحثون أن أهمية هذا الاكتشاف لا تقتصر على المجال العلمي فحسب، بل تمتد إلى التطبيقات الصناعية، حيث يمكن استخدام هذا المركب بديلاً طبيعي لبعض المرشحات الكيميائية الشائعة في واقيات الشمس، والتي ترتبط أحياناً بتهيج الجلد أو أضرار بيئية، خصوصاً على النظم البحرية.

وأشار الفريق إلى أن السيانوبكتيريا يمكن استغلالها كمصانع حيوية لإنتاج المركب على نطاق واسع بطرق مستدامة، ما يعزز فرص إدخاله في صناعات مستحضرات التجميل والعناية بالبشرة، إضافة إلى التطبيقات الدوائية المرتبطة بمكافحة الإجهاد التأكسدي.


«المواد الكيميائية الدائمة» قد تصيبك بمرض مناعي خطير

التصلب المتعدد هو مرض مناعي ذاتي يهاجم الجهاز العصبي المركزي (أرشيفية - رويترز)
التصلب المتعدد هو مرض مناعي ذاتي يهاجم الجهاز العصبي المركزي (أرشيفية - رويترز)
TT

«المواد الكيميائية الدائمة» قد تصيبك بمرض مناعي خطير

التصلب المتعدد هو مرض مناعي ذاتي يهاجم الجهاز العصبي المركزي (أرشيفية - رويترز)
التصلب المتعدد هو مرض مناعي ذاتي يهاجم الجهاز العصبي المركزي (أرشيفية - رويترز)

لطالما تحدثت الدراسات والأبحاث السابقة عن مخاطر «المواد الكيميائية الأبدية» على الصحة، حيث عرفت هذه المواد بتسببها في السرطان ومشكلات الكبد والغدة الدرقية، والعيوب الخلقية، وأمراض الكلى، وانخفاض المناعة، وارتفاع نسبة الكوليسترول، وغيرها من المشكلات الصحية الخطيرة.

والمواد الكيميائية الأبدية هي مواد لا تتحلل بسهولة في البيئة، وتوجد في كثير من المنتجات، مثل مستحضرات التجميل، وأواني الطهي غير اللاصقة، والهواتف الجوالة، كما تستخدم في تغليف المواد الغذائية لجعل الأغلفة مقاومة للشحوم والماء.

وقد كشفت دراسة جديدة أن هذه المواد قد تتسبب أيضاً في الإصابة بمرض خطير قد يستمر مدى الحياة وهو مرض التصلب المتعدد، بحسب ما نقلته صحيفة «نيويورك بوست» الأميركية.

والتصلب المتعدد هو مرض مناعي ذاتي يهاجم الجهاز العصبي المركزي، مما يعطل التواصل بين الدماغ وبقية الجسم. ويتسبب ذلك في مجموعة واسعة من الأعراض المحتملة، بما في ذلك مشكلات في الرؤية أو حركة الذراع أو الساق أو الإحساس أو التوازن أو الإدراك.

وفي الدراسة الجديدة، قام الباحثون بتحليل عينات دم من 900 شخص في السويد تم تشخيص إصابتهم بالتصلب المتعدد مؤخراً، وقارنوها بعينات من أشخاص غير مصابين بالمرض.

وقام الباحثون بقياس مستويات المواد الكيميائية الأبدية في كل مجموعة، ثم استخدموا نماذج إحصائية لمعرفة مدى ارتباط التعرض للمواد الكيميائية باحتمالية الإصابة بالتصلب المتعدد.

ونظراً لأن الأشخاص يتعرضون عادةً لعدة مواد كيميائية في آنٍ واحد، فقد بحث الفريق أيضاً في كيفية تأثير التعرض لأكثر من مادة على خطر الإصابة.

ووجدت الدراسة أن الأشخاص الذين يتعرضون لاثنين من أخطر أنواع «المواد الكيميائية الأبدية»، وهما حمض البيرفلوروكتان سلفونيك (PFOS) وثنائي الفينيل متعدد الكلور (PCBs) - هم أكثر عرضة للإصابة بالتصلب المتعدد بنحو مرتين، مقارنة بغيرهم الذين لم يتعرضوا لهاتين المادتين.

وأشار الفريق إلى أن السبب في ذلك يرجع إلى حقيقة أن «المواد الكيميائية الأبدية» قد تتداخل مع الجهاز المناعي، إما بإضعافه أو بتحفيزه بشكل مفرط.

وهذا الخلل المناعي قد يتسبب في أمراض المناعة الذاتية مثل التصلب المتعدد.

كما أشاروا إلى أنها قد تتسبب في أمراض مناعية أخرى مثل الذئبة والتهاب المفاصل الروماتويدي ومرض التهاب الأمعاء.

ويقول الخبراء إن هناك خطوات يمكن اتخاذها للحد من التعرض لـ«المواد الكيميائية الأبدية» مثل ترشيح مياه الشرب وتجنب استخدام أواني الطهي غير اللاصقة وعبوات الطعام المقاومة للدهون.