طوّر باحثون في «معهد شيبورا للتكنولوجيا» باليابان مركبات جديدة مشتقة من فيتامين «ك» قادرة على عبور الحاجز الدموي الدماغي وتحفيز الخلايا الجذعية العصبية على التمايز إلى خلايا عصبية ناضجة.
وأوضح الباحثون أن هذا الابتكار قد يفتح الباب أمام استراتيجيات علاجية مبتكرة لأمراض «التنكس العصبي» مثل «ألزهايمر» و«باركنسون»، ونشرت النتائج، الجمعة، بدورية «ACS Chemical Neuroscience».
وتُعرف أمراض «التنكس العصبي» بأنها مجموعة من الاضطرابات المزمنة التي تتميز بفقدان تدريجي للخلايا العصبية ووظائفها، مما يؤدي إلى تدهور القدرات العقلية والحركية بمرور الوقت، ومن أبرزها «ألزهايمر» الذي يسبب فقدان الذاكرة والوظائف الإدراكية، و«باركنسون» أو الشلل الرعاش الذي يؤثر على الحركة والتوازن. وتُعد هذه الأمراض من أبرز تحديات الطب الحديث لغياب علاج شافٍ حتى الآن، حيث تقتصر العلاجات الحالية على تخفيف الأعراض وإبطاء تقدم المرض، ما يجعل البحث عن استراتيجيات علاجية جديدة أمراً ملحاً. ومن بين هذه الاستراتيجيات تحفيز تكوّن خلايا عصبية جديدة لتعويض الخلايا المفقودة.
ويلعب فيتامين «ك» دوراً أساسياً في تجلط الدم والحفاظ على صحة العظام، ويوجد بشكل طبيعي في الخضروات الورقية الخضراء مثل السبانخ والبروكلي والكرنب.
ولاكتشاف دوره في حماية الجهاز العصبي، صمّم الفريق 12 مركباً هجيناً لفيتامين «ك»، عبر ربطها بمركبات مثل حمض «الريتينويك»، وهو المشتق النشط لفيتامين «أ» المعروف بدوره في نمو الخلايا العصبية.
وأظهرت النتائج أن أحد هذه المركبات، الذي أطلق عليه اسم فيتامين «ك» الجديد (Novel VK)، كان أكثر فاعلية بثلاثة أضعاف من فيتامين «ك» الطبيعي في تحفيز نمو الخلايا العصبية.
كما كشفت الدراسة عن آلية جديدة لعمل فيتامين «ك»، حيث تبين أن تأثيره العصبي يتم عبر مستقبلات «الغلوتامات الأيضية» (mGluR1) المسؤولة عن تنظيم النقل العصبي.
وأظهرت المحاكاة الجزيئية أن المركب الجديد يرتبط بقوة أكبر بهذه المستقبلات مقارنة بالشكل الطبيعي للفيتامين.
استقرار دوائي
وفي التجارب الحيوانية، أثبت فيتامين «ك» الجديد قدرة أعلى على عبور الحاجز الدموي الدماغي، كما أظهر استقراراً دوائياً، وحقق تركيزات أكبر في أنسجة الدماغ، مع سرعة تحوله داخل الجسم إلى الشكل النشط المعروف باسم «MK-4».
وأشار الباحثون إلى أن فيتامين «ك» الجديد أظهر قدرة ملحوظة على توليد خلايا عصبية جديدة، مضيفين: «إذا ترجم هذا الاكتشاف إلى علاج سريري، فقد تكون لدينا وسيلة ثورية لإبطاء أو حتى عكس مسار أمراض مثل (ألزهايمر)، الأمر الذي سينعكس إيجاباً على المرضى وعائلاتهم، ويقلل من الأعباء المتزايدة على أنظمة الرعاية الصحية».
وتابع الفريق أن هذه الدراسة تقدم أساساً لاستخدام مشتقات فيتامين «ك» علاجاً تجديدياً يعوض فقدان الخلايا العصبية، كما تفتح النتائج الباب أمام جيل جديد من الأدوية قد يُحدث تحولاً في كيفية التعامل مع أمراض «التنكس العصبي» مستقبلاً.






