وجدت دراسة أميركية أن العلاج بمركب «سيلوسيبين» الدوائي المستخلَص من نوع من الفطر يُعرَف بـ«الفطر السحري»، عندما يُدمج مع جلسات العلاج النفسي، يمكن أن يمنح مرضى الاكتئاب تحسناً طويل الأمد يستمر لسنوات.
وأوضح الباحثون من جامعة ولاية أوهايو أن المرضى ظلوا في حالة شفاء كامل من الاكتئاب، حتى بعد مرور خمس سنوات من العلاج. ونُشرت النتائج، الأربعاء، بدورية (Journal of Psychedelic Studies).
ويُعد الاكتئاب اضطراباً نفسياً شائعاً يتميز بمشاعر مستمرة من الحزن وفقدان الاهتمام أو المتعة في الأنشطة اليومية، وقد تصاحبه تغيرات في النوم والشهية والطاقة، وصعوبة في التركيز. ولا يُعد مجرد شعور عابر بالحزن، بل حالة تؤثر على طريقة تفكير الشخص وشعوره وسلوكه، وقد تعرقل قدرته على العمل أو الدراسة أو التفاعل الاجتماعي.
ورغم أنه مرض معقَّد وله أسباب متعددة تتداخل فيها العوامل البيولوجية والنفسية والاجتماعية، فإنه قابلٌ للعلاج بطرق مختلفة، مثل الأدوية، والعلاج النفسي، أو المزج بينهما.
وتابعت الدراسة 24 مشاركاً في تجربة سريرية، نُشرت عام 2021، أظهرت حينها أن العلاج بجرعتين من مركب «سيلوسيبين»، إلى جانب نحو 13 ساعة من العلاج النفسي، أدى إلى انخفاض كبير في أعراض الاكتئاب، حيث بلغ معدل الشفاء 58 في المائة، بعد عام واحد. وبعد خمس سنوات، شارك 18 شخصاً في المتابعة، عبر استبيانات ومقابلات سريرية لقياس مستويات الاكتئاب والقلق والقدرة الوظيفية. وكانت المفاجأة أن نسبة الشفاء من الاكتئاب ارتفعت إلى 67 في المائة، وفق نتائج الدراسة.
و«سيلوسيبين» مركب طبيعي يوجد في بعض أنواع الفطر المعروف بـ«الفطر السحري». وينتمي لفئة المواد المهلوسة، حيث يؤثر على الدماغ، من خلال تغيير طريقة تواصل الخلايا العصبية وتنشيط مستقبِلات السيروتونين، ما يؤدي لتغييرات في الإدراك والمزاج والوعي.
وأشار الباحثون إلى أن النتائج لا تعني أن العلاج بـ«سيلوسيبين» وحده مسؤول عن استمرار التحسن، إذ أفاد معظم المشاركين بأنهم لجأوا لاحقاً إلى أدوية مضادة للاكتئاب أو جلسات علاج نفسي، أو حتى تجارب أخرى مع علاجات بديلة. ومع ذلك، أكد المشاركون أن تجربة «سيلوسيبين» غيّرت نظرتهم للاكتئاب من كونه حالة خانقة ومعرقلة للحياة إلى وضعٍ أكثر قابلية للإدارة، ما منحهم قدرة أكبر على التفاعل مع الحياة والإحساس بالمشاعر الإيجابية.
كما كشفت بعض المقابلات مع المشاركين أن مَن جرّبوا عقاقير الهلوسة خارج الإطار العلاجي لم يحصلوا على الفوائد نفسها، ما يعزز أهمية وجود إطار علاجي ودعم نفسي مصاحب للتجربة. أما من حيث الآثار الجانبية، فلم يُبلّغ معظم المشاركين عن مشكلات طويلة الأمد.
ورغم أن حجم العيّنة صغير نسبياً، يرى الباحثون أن هذه النتائج تُقدم لمحة مشجِّعة عن قدرة العلاج المساعد بـ«سيلوسيبين» على إحداث آثار إيجابية طويلة الأمد لدى مرضى الاكتئاب الشديد، وأنه قد يفتح الباب أمام اعتماد علاجات نفسية أكثر فاعلية واستدامة في المستقبل.




