سمير يوسف لـ«الشرق الأوسط»: هدفي من برنامج «عاطل عن الحرية» هو التغيير

يُشارك في «مهرجان الأفلام اللبنانية في أستراليا»

سمير يوسف أول مَن قدّم برنامجاً تلفزيونياً عن السجون في لبنان (حسابه الشخصي)
سمير يوسف أول مَن قدّم برنامجاً تلفزيونياً عن السجون في لبنان (حسابه الشخصي)
TT

سمير يوسف لـ«الشرق الأوسط»: هدفي من برنامج «عاطل عن الحرية» هو التغيير

سمير يوسف أول مَن قدّم برنامجاً تلفزيونياً عن السجون في لبنان (حسابه الشخصي)
سمير يوسف أول مَن قدّم برنامجاً تلفزيونياً عن السجون في لبنان (حسابه الشخصي)

عبر برنامجه التلفزيوني «عاطل عن الحرية»، يُقدّم سمير يوسف تجربة إعلامية مختلفة، يطلّ من خلالها على المساجين في لبنان، يتعرّف إلى جرائمهم وعقوباتهم ويترجمها في هذا البرنامج، فتتحوّل قصصهم إلى رسائل توعوية تُسهم في تحذير أشخاص يفكرون مثلهم من مواجهة مصير أسود. يقدّم كل ذلك في إطار درامي؛ إذ يجسّد شخصيات المساجين والأشخاص المحيطين بهم ألمع الممثلين في لبنان. وهو يؤكد أنّ هذه الفقرة التمثيلية أسهمت في النجاح.

قريباً، يطلّ «عاطل عن الحرية» عبر شاشة «إم تي في» بموسمه الـ12. وهذه المرة ستتولّى كارولين ميلان إدارة إخراجه. ويقول في هذا السياق: «سيكون المُشاهد على موعد مع قصص جديدة تتناول جرائم مثل الخطف والقتل وتهريب المخدرات، وتحمل كلّ حلقة التشويق والإثارة كما في المواسم السابقة. بالتالي سيكون للدراما المحلّية ونجومها مساحة خاصة بها، وهي تُشكّل 40 في المائة من نسبة نجاح البرنامج وانتشاره».

اليوم، يحضُر سمير يوسف في أستراليا، وقد رُشّح ليكون واحداً من المُشاركين في «مهرجان الأفلام اللبنانية» من خلال برنامجه التلفزيوني «عاطل عن الحرية». ويوضح لـ«الشرق الأوسط»: «هناك حصة في المهرجان للأفلام الوثائقية. ويُعدّ برنامجي من هذه الفئة. وبعد مشاركتي في المهرجان العام الماضي، رشّحوني للقيام بهذه التجربة مرة جديدة».

مشهد من «سجون أستراليا نحو نظام عقابي جديد» المُشارك في المهرجان (سمير يوسف)

العام الماضي، شارك يوسف في فعاليات المهرجان من خلال وثائقي ضمن سلسلة تلفزيونية بعنوان «آخر رسالة»، يحكي عن ثنائي أسترالي من أصل لبناني، أتاح لهما فرصة زيارة لبنان بعد 70 سنة من الغياب. حصدت الحلقة النجاح المطلوب وتركت أثرها عند المشاهد اللبناني المقيم والمغترب. ومن هذا المنطلق، جرى ترشيح إحدى حلقات برنامجه في النسخة الجديدة للمهرجان، تتعلّق بسجون أستراليا. ويوضح يوسف: «عنوان هذه الحلقة (من سجون أستراليا نحو نظام عقابي جديد)، وهي من إنتاج تلفزيون (إم تي في)، وضمن سلسلة (عاطل عن الحرية)، نُضيء فيها على نظام العقوبات في السجون الأسترالية. وكان هدفنا نقل تلك التجربة إلى سجون لبنان من باب التغيير والتطوير. فحازت الحلقة إعجاب القيمين على المهرجان وطلبوني للمشاركة من خلالها».

يطرح يوسف من خلال هذا الوثائقي إمكان تطبيق النظام العقابي الأسترالي في سجون لبنان: «هناك يفعلون المستحيل لئلا يُسجن الشخص المرتكب جريمة. يحاولون تجنيبه هذا الموقف من خلال نظام عقوبات خارج السجن. يفضّلون هذا الأسلوب على غيره. أولاً من باب توفير قسط من الحرية للسجين، وكذلك توفير الكلفة المادية. وتُعرف أستراليا بنظام السجن المفتوح، فيتسنّى للسجين ممارسة عمله في النهار والعودة إلى السجن ليلاً من أجل المنامة. وأحياناً يحاولون إبعاده قدر الإمكان عن السجن. في هذه الحالة يزوّدونه بسوار إلكتروني لتعقّبه».

أسهم برنامج «عاطل عن الحرية» في التغيير داخل السجون اللبنانية (سمير يوسف)

ويُجري يوسف مقارنة بسيطة بين النظامين في لبنان وأستراليا: «نحن نمارس نظام السجن المُغلق، على عكس أستراليا. فتتصدَّر احتمالية السجن المقدّمة. ويُمنع على السجين الخروج بتاتاً».

يستمر «مهرجان الأفلام اللبنانية» في أستراليا حتى 13 سبتمبر (أيلول) الحالي، في نسخته الـ12 التي تجول في مختلف المدن، بدءاً من سيدني ووصولاً إلى ملبورن وغيرهما. ومن الأفلام اللبنانية المشاركة، «نهاد الشامي»، و«ثالث الرحابنة»، و3 أفلام قصيرة من إخراج كريم مروان الرحباني. ويوضح سمير يوسف: «ثمة عدد كبير من الأفلام المشاركة في فعاليات المهرجان، وتشمل الناطقة باللبنانية أو التي تتناول قصة من لبنان. مؤسِّس المهرجان هو اللبناني الأصل كميل لطوف، ويشتهر بشغفه بالسينما واطّلاعه على صناعتها لبنانياً وعالمياً».

وكانت السفارة الأسترالية في بيروت قد أقامت حفلاً هذا العام دعت إليه نجوم الإعلام والسينما والتمثيل، بهدف إبقاء جسر التواصل الثقافي والفنّي بين لبنان المقيم والمهاجر.

وبالعودة إلى برنامج «عاطل عن الحرية»، يشير سمير يوسف إلى أنّ فكرته بُنيت على ركيزة تقديم الجديد على الشاشة المحلّية. ولم يتوقّع أن يلاقي نجاحاً يستمرّ 12 موسماً متتالياً. ويضيف: «مقتنع بما أقدّمه في هذا المجال. والبرنامج ينبع من عمل دؤوب وصادق. استطعت وضع مدماك للتغيير في السجون اللبنانية. كما أنّ البرنامج جذب المشاهد وصار يُشكّل موعداً أسبوعياً على شاشة (إم تي في) اللبنانية. ومن ناحية ثانية، تمكّن من الإسهام في تقبّل السجناء في المجتمع اللبناني، بعدما كانوا شبه منبوذين. فذهنية اللبناني اختلفت بعدما تعرَّف عن قرب إلى قصص هؤلاء المساجين. والقانون اللبناني صار يسمح للسجين بأن يطلّ إعلامياً للتعبير عن رأيه. ولا يجب أن ننسى عنصر التوعية الذي أرساه في مجتمعنا، فشرَّع الأبواب أمام أي شخص كي يتنبَّه لمستقبله، ويبتعد عن الجرائم على أنواعها».

وعن برنامج «آخر رسالة» الذي يُعرض في مناسبات الأعياد، يختم سمير يوسف: «أعددتُ حلقة خاصة مؤثرة ستُعرض في مناسبة عيد الميلاد. فهذا البرنامج يلاقي نسبة مشاهدة مرتفعة. وكذلك يستغرق التحضير له وقتاً طويلاً يفوق الـ7 أشهر».


مقالات ذات صلة

«شي تيك توك شي تيعا»... طارق سويد يُحرز المختلف

يوميات الشرق المجتمع الذكوري والتحدّيات بين المرأة والرجل (الشرق الأوسط)

«شي تيك توك شي تيعا»... طارق سويد يُحرز المختلف

اختار طارق سويد أبطال المسرحية من بين طلابه الموهوبين في أكاديمية «بيت الفنّ» التي تديرها زميلته الممثلة فيفيان أنطونيوس...

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق مساحة تُعيد صياغة علاقة الفنّ بجمهوره (شاترستوك) play-circle 02:50

المنصّات الرقمية والفنّ العربي... جمهور جديد أم امتحان الإبداع؟

لم تعُد المنصّات الرقمية مجرّد وسيط حديث لعرض الأعمال الفنية، بل تحوّلت إلى عنصر فاعل في صناعة المحتوى وفي إعادة تشكيل العلاقة بين الفنان والجمهور.

أسماء الغابري (جدة)
إعلام مَن يتحمل مسؤولية «أكاذيب» الذكاء الاصطناعي؟

مَن يتحمل مسؤولية «أكاذيب» الذكاء الاصطناعي؟

لم يكن الذكاء الاصطناعي مجرّد أداة تقنية مساعدة في الإعلام، بل بات اليوم شريكاً فعلياً في صياغة الخبر، وتحرير المحتوى، بل تشكيل الانطباعات عن الأشخاص والشركات.

إيلي يوسف (واشنطن)
الخليج من اجتماع اللجنة الإعلامية المنبثقة عن «مجلس التنسيق السعودي - القطري» في الدوحة الخميس (واس)

مباحثات سعودية - قطرية لتعزيز التعاون الإعلامي

بحث سلمان الدوسري وزير الإعلام السعودي مع الشيخ حمد بن ثامر آل ثاني رئيس المؤسسة القطرية للإعلام، سبل تعزيز وتطوير آليات التعاون والشراكة الإعلامية بين البلدين.

«الشرق الأوسط» (الدوحة)
يوميات الشرق وزير الإعلام السعودي يلتقي رئيس صحيفة الشعب الصينية بالتزامن مع افتتاح مكتبها الإقليمي في الرياض (الوزارة)

صحيفة الشعب الصينية تفتتح مكتبها الإقليمي في الرياض

افتتحت صحيفة الشعب الصينية مكتبها الإقليمي في الرياض، ليُمثِّل جسراً للتواصل الثقافي والتبادل الإعلامي والمعرفي بين البلدين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

حسن هادي: «مملكة القصب» كوميديا سوداء من ذاكرة الحصار

لقطة من فيلم «مملكة القصب» (مؤسَّسة الدوحة للأفلام)
لقطة من فيلم «مملكة القصب» (مؤسَّسة الدوحة للأفلام)
TT

حسن هادي: «مملكة القصب» كوميديا سوداء من ذاكرة الحصار

لقطة من فيلم «مملكة القصب» (مؤسَّسة الدوحة للأفلام)
لقطة من فيلم «مملكة القصب» (مؤسَّسة الدوحة للأفلام)

أبدى المخرج العراقي حسن هادي سعادته وفخره بترشيح فيلمه «مملكة القصب» ضمن «القائمة المختصرة» لجوائز «الأوسكار» الـ98، وقال إن اختياره لمرحلة التسعينات ليروي تفاصيل قصته التي تتمحور حول الظروف التي مرَّ بها الشعب العراقي وقت الحصار وتبعاته السلبية على الناس كافة «كان ضرورياً لتوثيق بعض الأحداث المريرة».

وأضاف في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أنه عندما علم بترشيح الفيلم ضمن القائمة المختصرة لجوائز «الأوسكار»، انتابه شعور بالفخر والسعادة لوصول فيلم عراقي مصنوع محلِّياً إلى هذه القائمة.

وأوضح أنَّ «الترشيح أضفى الشرعية على فكرة أنَّ السينما المحلِّية من الممكن أن تكون سينما عالمية بامتياز»، مُعرباً عن أمنيته أن يكون الوصول إلى هذه القائمة مجرَّد بداية: «لأنَّ هناك كثيراً من العمل لإنجازه حتى الوصول إلى صناعة سينمائية عراقية محترفة، تكون ضمن المنافسين على أهم الجوائز السينمائية»، وفق تعبيره.

المخرج حسن هادي يتحدَّث عن فيلم «مملكة القصب» (مؤسَّسة الدوحة للأفلام)

الفيلم الحاصل على تمويل «مؤسَّسة الدوحة للأفلام»، والذي عُرض خلال فعاليات مهرجان «الدوحة السينمائي» 2025، للمرة الأولى في الشرق الأوسط، نافس في «المسابقة الدولية للأفلام الطويلة»، عقب فوزه بجائزتين في مهرجان «كان السينمائي» بدورته الماضية، وشهد حضوراً جماهيرياً كبيراً في الدوحة، إلى جانب إشادات نقدية.

ويقول هادي إنّ «(مؤسَّسة الدوحة للأفلام) أصبحت تمثل اليوم مقصداً لرواد الإبداع في العالم العربي، فهي آمنت بأنَّ الصوت المحلِّي في المنطقة يستحق أن يروي قصته بنفسه، وكان دعمها ووقوفها خلف هذه المشروعات ذا أثر بالغ في وصول السينما العربية إلى آفاق عالمية، فقد منحتنا الصدقية التي احتجنا إليها، وكانت شهادتها قيمة لا تُقدَّر».

فيلم «مملكة القصب»، أو «كعكة الرئيس» كما أطلق عليه البعض بعد ترجمته إلى العربية، وفق المخرج العراقي، يدور حول فتاة قدَّمت شخصيتها بطلة الفيلم الممثلة العراقية بنين أحمد نايف، البالغة 11 عاماً، والتي حاولت بكلِّ الطرق الممكنة صنع كعكة لعيد ميلاد الرئيس الراحل صدام حسين، بعدما وقع الاختيار عليها لإتمام هذه المهمة، وسط تحدِّيات وظروف قاسية شهدتها تلك المرحلة، من عقوبات أثَّرت في الناس تحت ضغط واقع صعب في العراق.

وأكد حسن هادي أنَّ الفيلم حاول عكس صورة المجتمع خلال التسعينات بسبب الحصار والعقوبات المفروضة؛ مشيراً إلى التأثير السلبي للحصار على أخلاقيات المجتمع آنذاك، وأنَّ ما حدث ما زال محفوراً في الذاكرة، ولا يمكن محوه؛ لأن آثاره قائمة حتى اليوم.

«مملكة القصب» يترشَّح ضمن قائمة الجوائز القصيرة بـ«الأوسكار» (الشركة المنتجة)

وتطرَّق الفيلم إلى كثير من التفاصيل التاريخية والواقعية للعراق وتاريخه وثقافته، وعدَّ المخرج العراقي تقديم هذه القصة في أول فيلم روائي طويل له، بعد تجارب قصيرة: «حلماً تحقق».

وكشف حسن هادي أنه تعمَّد توظيف «الكوميديا السوداء» في التفاصيل؛ لأنها نتاج ما عاشه العراق من ضغوط في عهد صدام حسين، لافتاً إلى أنَّ العراق غني بالحكايات التي تمسُّ الشعب، ولا بد من أن تُروى، وهو حريص على ذلك.

وعن التحدِّيات التي واجهته، قال: «العودة بالزمن إلى مرحلة التسعينات لم تكن سهلة، وكذلك وجود فريق من الممثلين غير المحترفين. كلها تحدِّيات وليست معوقات، وربما هي أفضل التحدِّيات التي واجهتُها؛ لأن العمل على تفاصيل دقيقة بحرص وإتقان تنتج عنه صورة مختلفة ومتميِّزة».

وعن أداء الطفلة بنين لدور البطولة، أوضح: «كانت خجولة جداً، ولكننا أردنا من الممثلين الأطفال أن يدركوا أنه لا شيء اسمه صواب أو خطأ، لذلك كنا نرحِّب باللحظات العفوية والسعيدة، والتي استقبلها الناس بأريحية بعد مُشاهدة الفيلم».

وفي جلسته الحوارية خلال فعاليات «الدوحة السينمائي»، قال حسن هادي، المولود في العراق والمقيم فيه، إنَّ بداياته في عالم السينما جاءت عبر أشرطة الفيديو، مؤكداً أنه نشأ ودور السينما مغلقة، مع وجود حظر على تصدير الأفلام إلى العراق، قائلاً: «ولكننا كنا نتداول أشرطة الفيديو فيما بيننا بشكل سرِّي لمُشاهدة الأفلام».

وحرص خلال التحضيرات للفيلم على عدم تحديد عام بعينه خلال التسعينات، حتى لا يقع في أخطاء تاريخية، موضحاً أنَّ حماسته لعرض هذه المرحلة يعود إلى قلَّة التطرُّق إليها فنِّياً من قبل، وأنه لم يفكر في صناعة أفلام تناقش المرحلة الحالية في العراق؛ لأن المقارنة بين اليوم وما عاشه العراقيون في تسعينات القرن الماضي لا تُذكر.

وأكد المخرج العراقي أنَّ صناعة الفيلم لم تنطلق من معاناة شخصية؛ بل من إطار عام تألَّم منه وعايشه الشعب العراقي في تلك المرحلة، سواء بالحرب أو بالاعتقال أو بغير ذلك من الأساليب المُتَّبعة آنذاك، موضحاً أنَّ «الهدف من الفيلم ليس إدانة صدام حسين؛ بل إبراز تفاصيل معاناة الشعب، وقد تعمَّدت عدم كتابتها من منظور سياسي»، وفق تعبيره.


«حبّ في شبه مدينة»... مسرحية عن الإنسان العالق في المكان المُنهَك

في هذا المشهد لا خلاص واضحاً... فقط هدنة قصيرة مع الواقع (الشرق الأوسط)
في هذا المشهد لا خلاص واضحاً... فقط هدنة قصيرة مع الواقع (الشرق الأوسط)
TT

«حبّ في شبه مدينة»... مسرحية عن الإنسان العالق في المكان المُنهَك

في هذا المشهد لا خلاص واضحاً... فقط هدنة قصيرة مع الواقع (الشرق الأوسط)
في هذا المشهد لا خلاص واضحاً... فقط هدنة قصيرة مع الواقع (الشرق الأوسط)

تُقدّم مسرحية «حبّ في شبه مدينة» قراءة لعلاقة الإنسان بمدينة بات الخراب أحد إيقاعاتها اليومية. وهذه المدينة ليست مكاناً مُحدّداً بترسيم جغرافي، وإنما حالة ذهنية ونفسية مُعلّقة بين ما كان وما لم يكتمل، وبين ذاكرة لم تُشفَ وحاضر عاجز عن إنتاج معنى مستقرّ للحياة.

العمل الذي عُرض على «مسرح المدينة» في منطقة الحمراء البيروتية، من تأليف حسن مخزوم وكتابته، وسينوغرافيا لينا عسيران وتصوُّرها وإخراجها، يضع شخصيتَين في مواجهة مدينة ذات طابع ديستوبي؛ كثيفة الجدران ومسكونة بالوحدة. «هي» و«هو» يلتقيان بوصفهما كائنَيْن يحمل كلٌّ منهما عزلة تُشبه عزلة الآخر. اللقاء اصطدام غُربتَيْن، ومن هذا الاصطدام تُبنى علاقة تتحوّل تدريجياً إلى محاولة متبادلة لتفادي السقوط الكامل في الفراغ.

الحبّ في العمل حالة دفاعية أكثر منه وعداً بالخلاص. هو ردّ فعل إنساني على مدينة تضيق كلما اتّسعت، وتفرض على سكانها أن يبحثوا عن دفء مؤقّت داخل علاقات عابرة، سرعان ما تختبر قدرتها على الصمود. فالعلاقة العاطفية هنا ليست مُصمَّمة لتُنقذ أياً منهما. إنها فقط تؤجّل الانهيار من دون أن تمنح الطمأنينة، لكنها تمنح معنى مؤقّتاً للبقاء.

يشتغل النصّ على مفارقة الزمن بوصفها أحد أوجه العبث اليومي. فالشخصيتان تعيشان زمنَيْن متعاكسَيْن يُمثّلان حاضراً عصيّاً على الانتماء إليه، وماضياً يُستدعى على هيئة ملاذ من ثقل الراهن. وسط هذا التمزُّق، يتقاطع مصير الفرد مع مصير المدينة. فالمدينة، كما الشخصيتان، عالقة بين خوف من مستقبل غامض وارتهان لذاكرة حروب لم تُسمَّ ولم تُحلَّ، فتصبح عبارة: «هذا الوطن مُتعِب جداً»، خلاصة شعورية لحالة عامة، حيث التعب شرط دائم للعيش.

في مدينة تتكاثر فيها الجدران يصبح الاقتراب فعلاً محفوفاً بالتردّد (الشرق الأوسط)

الحوار مُحمَّل بالدلالة ومبنيّ على شذرات اعتراف تتقاطع فيها السخرية السوداء مع الإحباط العميق. جُمل مثل «أصبحتُ حشرة من فرط ما غفوتُ على الرصيف»، أو «تبدأ الثورات في الصباح الباكر، لكنني لم أستيقظ على رنّة المنبّه»، تكشف عن تعطُّل الفعل وفقدان التوقيت. هنا، يفقد الغضب قدرته على التحوّل إلى فعل، ويتأخَّر دائماً كما لو أنّ المدينة سبقت ساكنيها بخطوة إضافية في إنتاج الخيبة.

وينقسم المكان المسرحي بين الداخل والخارج، فيتحوَّل البيت إلى مساحة عزلة، في حين تتجسَّد المدينة على هيئة ضغط دائم لا إفلات منه. النوافذ والضوء والأصوات لغة ثانية موازية للنصّ. فالضوء يُلاحق محاولة الشخصيتَيْن المُتكرّرة للهروب من مواجهة الذات، وسط فقدان القدرة على رؤية النفس بوضوح داخل فضاء خانق يفرض إيقاعه على كلّ حركة.

ويحتلّ الجسد موقعاً مركزياً في العرض، فيُشكّل الإيماء والرقص المعاصر أداة تفكير موازية للنصّ المكتوب. حركة الشخصيتَيْن مُتقطّعة، كأنّ الجسد يسبق الوعي أحياناً أو يعجز عن اللحاق به. وهذا الجسد يتوتّر ويخاف ويرغب في الالتصاق، ثم ينسحب سريعاً. وفي تردُّده، يتحوّل الرقص إلى ترجمة بصرية للعلاقة المأزومة بين الإنسان وفضائه، وصورة ملموسة للتشظّي النفسي الذي تفرضه الأمكنة المُغلقة.

مدينة تُرمَّم جدرانها في حين يظلّ الإنسان معلّقاً في المنتصف (الشرق الأوسط)

تؤدّي الموسيقى مع غناء زياد الأحمدية وحضور العود، دور الذاكرة الصوتية للعمل. فالعود يستدعي ثقل ما لم يُحسَم بعد. نبرته الشرقية الحزينة تتقاطع مع فكرة مدينة تعيش بين رائحة اللافاندر والبارود، وبين محاولة ناعمة لاستعادة الحياة وواقع عنيف يفرض نفسه باستمرار. الغناء يُضاعف أثر المشهد، فنشعر بانبعاث الصوت من عمق المدينة نفسها وليس من خارجها.

لافت أداء الممثّلَيْن روى حسامي وميران ملاعب في قدرته على الإمساك بهذا التوازن الدقيق بين العبث والألم. أداء مشغول على التفاصيل، يُراكم الإحساس بالاختناق، ويترك الشخصيتَيْن مكشوفتَيْن أمام المدينة والجمهور معاً. أمامهما، تلتقي المدينة المُنهَكة من الحروب والإنسان الذي يسكنها بفقدان القدرة على الحسم والعيش في انتظار مفتوح لا يعرف ما سيُنقذه أو متى.

ووسط التقاطع الضاغط، يُقدَّم الحبّ على هيئة أثر إنساني مُثقل بالانكسارات، يحاول أن يثبت وجوده في مدينة لم تعد تمنح سكانها الإحساس بالحياة. مدينة تُنتج علاقات تُشبهها؛ ناقصة، مُتردّدة، ومعلَّقة بين الرغبة في النجاة والاستسلام البطيء لواقع لا يكفّ عن فقدان التوازن.


رسالة ميلادية دافئة من دوق ودوقة ساسكس

لحظة عائلية دافئة في موسم الأعياد (إنستغرام)
لحظة عائلية دافئة في موسم الأعياد (إنستغرام)
TT

رسالة ميلادية دافئة من دوق ودوقة ساسكس

لحظة عائلية دافئة في موسم الأعياد (إنستغرام)
لحظة عائلية دافئة في موسم الأعياد (إنستغرام)

شاركت دوقة ساسكس صورة عائلية جمعتها بدوق ساسكس وطفليهما، مُرفقة برسالة بمناسبة عيد الميلاد. وفي الصورة التي نُشرت عبر «إنستغرام»، يظهر الأمير آرتشي وهو يعانق والده، في حين تنحني ميغان مُمسكة بيد الأميرة ليليبت. ويقف أفراد العائلة على جسر خشبي صغير وسط منطقة غابات. وجاء في الرسالة: «عطلات سعيدة! من عائلتنا إلى عائلتكم».

وبشكل منفصل، أصدر الدوق والدوقة أيضاً بطاقة تهنئة بعيد الميلاد، إلى جانب فيديو لنهاية العام، يُضيء على أنشطتهما الخيرية. ويظهر في الفيديو الأمير آرتشي (6 أعوام) والأميرة ليليبت (4 أعوام)، وهما يساعدان والديهما في إعداد الكعك قبيل عيد الشكر، بالتعاون مع إحدى الجمعيات الخيرية المحلية. ويستعرض الفيديو الأعمال التي نفّذها الدوق والدوقة من خلال «مؤسّسة آرتشويل»، التي غيَّرت اسمها أخيراً إلى «آرتشويل للأعمال الخيرية».

مشاركة بهجة الميلاد (إنستغرام)

وفي إعلان إعادة إطلاق الاسم عبر موقع «آرتشويل»، قال الأمير هاري وميغان إنّ المؤسسة أتاحت لهما ولأطفالهما «توسيع جهودهما الخيرية العالمية بوصفهما عائلة». وكانت المؤسّسة قد أُسِّست عام 2020، عقب تنحّي الزوجين عن واجباتهما الملكية وانتقالهما للإقامة في الولايات المتحدة. وجاء في رسالة بطاقة عيد الميلاد الخاصة بهما: «بالنيابة عن مكتب الأمير هاري وميغان، دوق ودوقة ساسكس، و(مؤسّسة آرتشويل)، نتمنّى لكم موسماً سعيداً من الأعياد وعاماً جديداً مفعماً بالفرح». ويأتي ذلك بعد يوم من إصدار أمير وأميرة ويلز صورة عائلية جديدة، ظهرت على بطاقة عيد الميلاد الخاصة بهما هذا العام، وتُظهر الأمير ويليام وكاثرين مُحاطَيْن بأزهار النرجس، إلى جانب أبنائهما الأمير جورج، والأميرة شارلوت، والأمير لويس. وفي وقت سابق من هذا الشهر، أصدر الملك تشارلز الثالث والملكة كاميلا بطاقة عيد الميلاد الخاصة بهما، مُتضمّنة صورة التُقطت لهما في روما بإيطاليا.