دراسة: انتشار مواد بلاستيكية دقيقة في عينات السائل المنوي للرجال

ما يهدد الصحة الإنجابية

الجسيمات البلاستيكية الدقيقة تنتشر في أنسجة الجسم المختلفة (رويترز)
الجسيمات البلاستيكية الدقيقة تنتشر في أنسجة الجسم المختلفة (رويترز)
TT

دراسة: انتشار مواد بلاستيكية دقيقة في عينات السائل المنوي للرجال

الجسيمات البلاستيكية الدقيقة تنتشر في أنسجة الجسم المختلفة (رويترز)
الجسيمات البلاستيكية الدقيقة تنتشر في أنسجة الجسم المختلفة (رويترز)

انخفض عدد الحيوانات المنوية لدى الرجال على مدار العقود الماضية بنسبة نحو 40 في المائة، وتشير الدراسات إلى أن التلوث الكيميائي وراء هذا الانخفاض الحاد.

وبحسب صحيفة «الغارديان» البريطانية، كشفت دراسة حديثة العثور على أجزاء بلاستيكية دقيقة في جميع عينات السائل المنوي البشري التي تم اختبارها، ويقول الباحثون إن إجراء المزيد من الأبحاث حول الضرر المحتمل على الإنجاب أمر «حتمي».

وكانت عينات السائل المنوي مأخوذة من رجال أصحاء خضعوا لاختبارات ما قبل الزواج في مدينة جينان الصينية.

وكشفت دراسة أخرى مماثلة وجود جسيمات بلاستيكية دقيقة في السائل المنوي لستة من أصل عشرة شباب أصحاء في إيطاليا، كما تم العثور على الملوثات في جميع العينات المأخوذة من الخصيات البشرية التي تم اختبارها في الدراسة التي نُشرت في شهر مايو (أيار) الماضي.

هذا إلى جانب اكتشاف جسيمات بلاستيكية دقيقة في دم الإنسان والمشيمة وحليب الأم، مما يشير إلى انتشار التلوث على نطاق واسع في أجسام البشر، وتبين أن تلك الجسيمات الدقيقة تسبب ضرراً للخلايا البشرية في المختبر.

كما أفادت الدراسات التي أجريت على الفئران بأن المواد البلاستيكية الدقيقة قللت من عدد الحيوانات المنوية وتسببت في حدوث تشوهات واضطرابات هرمونية.

ومن المعروف أن الناس يستهلكون الجزيئات الصغيرة عن طريق الطعام والماء وكذلك يستنشقونها في الهواء.

وقال نينغ لي، من جامعة تشينغداو في الصين: «بما أن الأبحاث الناشئة تشير بشكل متزايد إلى التعرض للمواد البلاستيكية الدقيقة كعامل محتمل يؤثر على صحة الإنسان، فإنه من الضروري فهم مدى علاقة التلوث بالصحة الإنجابية»، مضيفاً: «تظهر الدراسات التي أجريت على الفئران انخفاضاً كبيراً في عدد الحيوانات المنوية القابلة للحياة وزيادة طفيفة في تشوهات الحيوانات المنوية، مما يشير إلى أن التعرض للبلاستيك الدقيق قد يشكل خطراً تراكمياً مزمناً على الصحة الإنجابية للذكور».

ومن بين الأضرار المحتملة للجزيئات البلاستيكية أيضاً هو أنها قد تسبب التهاباً في الأنسجة.

وفي مارس (آذار) الماضي، حذر الأطباء من آثار محتملة تهدد الحياة بعد اكتشاف زيادة كبيرة في خطر الإصابة بالسكتة الدماغية والنوبات القلبية والوفاة المبكرة لدى الأشخاص الذين تلوثت أوعيتهم الدموية بالبلاستيك المجهري.

وقال لويجي مونتانو، من جامعة روما، الذي قاد الدراسة الإيطالية، إن «التدخل لوقف الزيادة الهائلة في النفايات البلاستيكية بات أمراً ضرورياً».

وقال مونتانو: «يتعين اتخاذ إجراءات لتجنب حدوث أضرار دائمة إضافية للكوكب وجسم الإنسان، وإذا كان التلوث البلاستيكي الدقيق يؤثر على العملية الإنجابية، كما هو واضح بانخفاض جودة الحيوانات المنوية المسجلة في العقود الأخيرة على مستوى العالم؛ فقد يكون الأمر أسوأ بالنسبة لجنسنا البشري في المستقبل غير البعيد».


مقالات ذات صلة

دراسات: الصحة القلبية الوعائية باتت أكبر عامل خطر للإصابة بالخرف

صحتك أشارت الأبحاث الجديدة إلى أن الصحة القلبية الوعائية أصبحت بشكل متزايد عامل خطر رئيسياً للإصابة بالخرف (رويترز)

دراسات: الصحة القلبية الوعائية باتت أكبر عامل خطر للإصابة بالخرف

تشير الأبحاث الجديدة إلى أن الصحة القلبية الوعائية أصبحت بشكل متزايد عامل خطر رئيسياً للإصابة بالخرف، في حين تراجعت عوامل الخطر الأخرى المعروفة مثل التدخين.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
صحتك الاعتماد المستمر على الهواتف الذكية سيعرض قدرة الناس على التحدث والتواصل بعضهم مع بعض للخطر (رويترز)

مهارة معرفية «أساسية» تهددها التكنولوجيا... ما هي؟ وكيف تحافظ عليها؟

يفتقد الأشخاص هذه الأيام للمهارات المعرفية والاجتماعية التي يحتاجونها لـ«حياة شخصية ومهنية مزدهرة»، كما يقول عالم النفس التنظيمي ريتشارد ديفيس.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك التصلب الجانبي الضموري يسبب فقدان القدرة على حركة العضلات (معهد فال ديبرون للبحوث في برشلونة)

الرياضة تحمي الذكور من مرض عصبي خطير

أفادت دراسة نرويجية، بأن ممارسة الرياضة في سن مبكرة، تحد من إصابة الذكور بمرض عصبي خطير هو التصلب الجانبي الضموري، في وقت لاحق من الحياة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
صحتك وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت جزءاً لا يتجزأ من حياة المراهقين (جمعية علم النفس الأميركية)

5 عوامل تجعل وسائل التواصل سبباً لاكتئاب المراهقين

كشفت دراسة أميركية أن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن يكون له تأثير مختلف على الاكتئاب بين النشء خلال فترة المراهقة حتى مرحلة الشباب.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك قد يفقد المصابون بالتصلب المتعدد القدرة على المشي وحدهم أو المشي عموماً (جامعة واين ستيت)

المشي إلى الخلف يختبر الإصابة بمرض خطير

طوّر باحثون من جامعة «واين ستيت» الأميركية، منهجية جديدة لقياس قدرة الأفراد على زيادة سرعتهم في المشي للخلف.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

الاستغناء عن الأملاح قد يجدد نشاط الكلى

تحتوي الكلى على خلايا البقعة الكثيفة (الأخضر - الأصفر) التي تنظم عملية تجديدها وإصلاحها (جامعة جنوب كاليفورنيا)
تحتوي الكلى على خلايا البقعة الكثيفة (الأخضر - الأصفر) التي تنظم عملية تجديدها وإصلاحها (جامعة جنوب كاليفورنيا)
TT

الاستغناء عن الأملاح قد يجدد نشاط الكلى

تحتوي الكلى على خلايا البقعة الكثيفة (الأخضر - الأصفر) التي تنظم عملية تجديدها وإصلاحها (جامعة جنوب كاليفورنيا)
تحتوي الكلى على خلايا البقعة الكثيفة (الأخضر - الأصفر) التي تنظم عملية تجديدها وإصلاحها (جامعة جنوب كاليفورنيا)

كشفت دراسة جديدة أجراها باحثون من جامعة جنوب كاليفورنيا الأميركية أنه يمكن أن يؤدي الاستغناء عن الأملاح والتخلص من السوائل الزائدة بالجسم إلى تحفيز عمليات تجديد الكلى وإصلاحها.

وأظهرت نتائج الدراسة المنشورة في «جورنال أوف كلينيكال إنفيستيجيشين» (Journal of Clinical Investigation) أن هذه الاستجابة الفطرية تعتمد على مجموعة صغيرة من خلايا الكلى توجد في منطقة تعرف باسم «البقعة الكثيفة» (MD)، يمكنها استشعار مستويات الأملاح والتحكُّم في عمليات ترشيحها، وفي إفراز الهرمونات، والوظائف الرئيسية الأخرى لهذا العضو الحيوي.

قال بيتي بيتردي، أستاذ علم وظائف الأعضاء وعلم الأعصاب في كلية كيك للطب بجامعة جنوب كاليفورنيا: «لا يوجد علاج حالياً لهذا المرض الصامت. وبحلول الوقت الذي يتم فيه تشخيصه، تكون الكلى قد تعرضت لأضرار لا رجعة فيها، لتحتاج في النهاية إلى علاجات بديلة، مثل غسل أو زرع الكلى».

وأضاف بيتردي الذي قاد الدراسة، لموقع الجامعة، (الجمعة): «نسعى إلى إيجاد علاج لمرض الكلى، فهو وباء عالمي متزايد يؤثر على واحد من كل 7 بالغين، وهو ما يعني 850 مليون مريض في جميع أنحاء العالم».

ولمعالجة هذا الوباء المتنامي، اتبع بيتي بيتردي والباحثة الأولى للدراسة الدكتورة جورجينا جيارماتي وزملاؤهما نهجاً غير تقليدي، وبدلاً من دراسة كيفية فشل الكلى المريضة في التجدد، ركز العلماء على كيفية تطور الكلى السليمة.

قال بيتردي: «طورت الطيور والثدييات خلايا البقعة الكثيفة التي تُعد البنية الكلوية الأكبر والأكثر كفاءة، للحفاظ على نفسها والتكيف مع الظروف البيئية، ولضمان البقاء على قيد الحياة، وهذه هي الآليات التي نستهدفها ونحاول محاكاتها في منهجنا البحثي الجديد».

ومع أخذ هذا التاريخ التطوري في الاعتبار، قام فريق البحث بإطعام الفئران بالمختبر نظاماً غذائياً منخفض الملح جداً، إلى جانب إعطائها دواءً شائعاً يسمى علمياً بـ«مثبط الإنزيم المحول للأنجيوتنسين» والذي أدى إلى انخفاض مستويات الملح بالجسم.

اتبعت الفئران هذا النظام لمدة تصل إلى أسبوعين فقط، لأن الأنظمة الغذائية منخفضة الملح للغاية يمكن أن تسبب مشاكل صحية خطيرة إذا استمرت على المدى الطويل.

لاحظ الباحثون نشاطاً متجدداً في منطقة البقعة الكثيفة، يمكنهم منعه والتحكم فيه عن طريق إعطاء أدوية تتداخل مع الإشارات المرسلة منها، وهو ما يؤكد الدور الرئيسي الذي تلعبه تلك المنطقة في تنظيم عملية التجديد بالكلى.

كما حددوا كلاً من الخصائص الجينية والهيكلية لتلك المنطقة، التي كانت مشابهة بشكل مدهش للخلايا العصبية، ما عدّوه «اكتشافاً مثيراً للاهتمام، لأن الخلايا العصبية تلعب دوراً رئيسياً مشابهاً في تنظيم عملية تجديد الأعضاء الأخرى، مثل الجلد».

واستطاع باحثو الدراسة أيضاً رصد إشارات محددة من جينات معينة تلعب دوراً حيوياً في تجديد خلايا الكلى، ووجدوا أنه يمكن تعزيز هذه الإشارات عن طريق اتباع نظام غذائي قليل الملح لتجديد بنية الكلى ووظيفتها.

ولاختبار الإمكانات العلاجية لهذه الاكتشافات، قام العلماء بعلاج الفئران المصابة بنوع معين من مرض الكلى المزمن، بخلايا البقعة الكثيفة المزروعة مع مستويات منخفضة الملح، حيث أدى العلاج إلى تحقيق تحسُّن كبير في بنية الكلى ووظيفتها.

وهو ما علَّق عليه بيتي بيتردي، بقوله: «إننا نشعر بقوة بأهمية هذا الأسلوب البحثي الجديد في التفكير بإصلاح الكلى وتجديدها»، مشدداً على أنهم «واثقون تماماً بأن هذا الأمر سينتهي قريباً بنهج علاجي قوي وجديد للغاية».