محرم إينجه... الغائب الحاضر في سباق الرئاسة التركية  

انسحابه بسبب مزاعم فضيحة أخلاقية قد لا يفيد أياً من المرشحين  

TT

محرم إينجه... الغائب الحاضر في سباق الرئاسة التركية  

رئيس حزب «البلد» محرم إينجه (أ.ب)
رئيس حزب «البلد» محرم إينجه (أ.ب)

 

رغم انسحابه من سباق الرئاسة التركية.. بقي رئيس حزب «البلد» محرم إينجه حاضرا في الانتخابات والأكثر أن انسحابه قد لا يكون مفيدا على الإطلاق لأي من المرشحين الثلاثة الآخرين المتنافسين على حكم تركيا في السنوات الخمس المقبلة.

عقب إعلانه الانسحاب، يوم الخميس الماضي، بعدما تفجرت مزاعم عن تورطه في فضيحة أخلاقية ونشر أحد الحسابات على «تويتر» صورا فاضحة له، أعلن المجلس الأعلى للانتخابات أن اسم وصورة إينجه سيبقيان على بطاقات الاقتراع.

وعشية الانتخابات، عقد المجلس الأعلى للانتخابات اجتماعا، السبت، خلص فيه إلى أن الأصوات التي ستعطى لإينجه في صناديق الاقتراع ستظل سارية، لأنه طلب انسحابه وصل إلى المجلس، الجمعة، وبالتالي اتفق المجلس على تطبيق انسحابه في جولة الإعادة إذا اتجهت إليها الانتخابات الرئاسية.

يرجع ذلك إلى أن انسحاب أي مرشح لا يصبح ساريا بعد إعلان أسماء المرشحين ونشرها في الجريدة الرسمية.

ورد رئيس المجلس الأعلى للانتخابات أحمد ينار، عقب إدلائه بصوته في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي انطلقت الأحد، على سؤال حول مزاعم بشأن خدش بعض بطاقات الاقتراع وتعتيم صورة إينجه بخطوط سوداء، بأن المجلس لم يتمكن من تأكيد صحة هذه الادعاءات.

وأضاف ينار : «ومع ذلك، تم توجيه التحذيرات اللازمة لجميع رؤساء لجان الاقتراع عبر الرسائل القصيرة لتوخي الدقة بشأن هذه الادعاءات».

تحقيقات الفضيحة

أوقفت السلطات التركية 13 شخصا في إطار تحقيق أطلقه مكتب المدعي العام في أنقرة في المزاعم المتعلقة بتورط إينجه في فضيحة جنسية.

وقال بيان لمكتب المدعي العام إنه تم توقيف المشتبهين بتهم الابتزاز والتهديد وتزوير الوثائق ونشر بيانات شخصية وانتهاك الحياة الخاصة، كما صدرت مذكرة توقيف بحق 4 مشتبه بهم موجودين خارج البلاد.

شخص يحمل ورقة اقتراع تُظهر كل مرشحي الرئاسة التركية (أ.ف.ب)

وأعلنت المديرية العامة للأمن في تركيا عن رصد 13 حسابا على منصات التواصل الاجتماعي نشرت منشورات استفزازية تتعلق بـ«إينجه» ومارست أنشطة تضليل إعلامية.

وقال البيان : «تعرض أحد المرشحين للرئاسة التركية السيد محرم إينجه لحملة غرضها النيل من سمعته من خلال مشاركة مستندات وصور مزيفة».

وأضاف: «نتيجة للدراسات التي أجريت على الصور المنشورة تبين أنها مأخوذة من مواقع أجنبية مختلفة، وأن المستندات والإيصالات حول تلقيه أموالا (من رئاسة الجمهورية التركية بحسب الادعاءات) هي محتوى مزيف تم التلاعب به بواسطة تطبيقات مختلفة على الإنترنت، وتم العثور على وثائق استفزازية لا أساس لها من الصحة».

وذكر البيان أنه تم الإبلاغ عن تحديد 13 مستخدما لحسابات شاركوا ونشروا هذه الملفات، وتم إرسالها إلى الوحدات ذات الصلة لاتخاذ الإجراءات اللازمة بشأنها.

إشاعة التوتر

أشاعت الفضيحة المزعومة مناخا شديدا من التوتر خيم على الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في الأيام الثلاثة الأخيرة قبل إجرائها، وجرى تبادل الاتهامات بين الحكومة والمعارضة.

واتهم الرئيس رجب طيب إردوغان منافسه مرشح المعارضة كمال كليتشدار أوغلو، بشكل مباشر، بالتورط في الفضيحة من أجل الإطاحة بإينجه من طريقه، ملمحا إلى تعاون بين منافسه وحركة فتح الله غولن، التي نسبت إليها السلطات تنفيذ محاولة الانقلاب الفاشلة على إردوغان في منتصف يوليو (تموز) 2016.

وأبدى إردوغان دعما كبيرا لإينجه وأجرى اتصالا معه أكد فيه استعداد حكومته لدعمه بمختلف الوسائل القانونية.

من جانبه، رد كليتشدار أوغلو على الاتهامات الموجهة إليه بالكشف عن تورط روسيا، التي تربط إردوغان علاقات قوية برئيسها فلاديمير بوتين في أعمال تزوير عميقة تهدف للتأثير على الانتخابات.

وكتب عبر «تويتر» : «أصدقائي الروس الأعزاء، أنتم وراء الفيديوهات والتسجيلات الصوتية المفبركة التي شغلت الرأي العام في بلدنا... إذا كنتم تريدون استمرار صداقتنا بعد الانتخابات، عليكم إبعاد أيديكم عن الدولة التركية... إلى الآن ما زلنا نؤيد التعاون والصداقة بين البلدين».

ورد إردوغان على اتهامات كليتشدار أوغلو لروسيا، الذي أكد أنها موثقة بالأدلة، متوعدا بفضح تفاصيل إبعاده لإينجه عن سباق الرئاسة، قائلا : «ستظهر تفاصيل إبعادك لمحرم إينجه الجمعة أو السبت». وهاجمه بشدة بسبب تصريحاته ضد رسيا وأكد أنه لا يمكنه أن يقبلها وأن مصالح تركيا التجارية تفوق مصالحها مع أميركا.

اتهامات لأميركا

وإذا كان كليتشدار أوغلو اتهم روسيا، التي نفت أي تدخل لها في الانتخابات في تركيا، فإن الحكومة التركية اتهمت أميركا بالوقوف وراء تسريب الفضيحة المزعومة لإينجه.

وحمل وزير الداخلية التركي، سليمان صويلو أميركا و«تنظيم غولن» المسؤولية عن انسحاب إينجه من الانتخابات الرئاسية.

صويلو اعتبر أن «التهديدات والابتزاز والأشرطة والتسجيلات التي رأيناها، ليست وليدة اليوم، فبعض الوكالات الدولية أعدت مثلها واستخدمتها في الماضي. وبفضلها أصبح أحدهم (كليتشدار أوغلو) رئيس حزب سياسي (الشعب الجمهوري). وتزعم الحزب بعد أن أطاح برئيسه السابق دنيز بايكال. رغم إعلانه مسبقاً أنه لن يترشح لزعامة الحزب»، وهو ما كرره إردوغان أيضا.

وأضاف صويلو: «أميركا تدخلت في هذه الانتخابات منذ البداية، وقال الرئيس جو بايدن إنهم فشلوا في التدخل بتركيا عن طريق انقلاب عام 2016، وهذه المرة سينفذون مساعيهم من خلال الانتخابات».

رئيس حزب «البلد» محرم إينجه (أ.ف.ب)

ورغم أن إينجه لم يتهم أحدا، فإنه لمح إلى المعارضة قائلا إنه انسحب حتى لا يعلقوا خسارتهم للانتخابات على رفضه الانسحاب منها. كما أكد تقصير الدولة في حمايته.

لكن محاميه ذهب إلى اتهام المعارضة صراحة، قائلا : «لن نصوت لصالح أعداء الوطن وللذين تحالفوا مع جماعة غولن وحزب العمال الكردستاني (يقصد بذلك تحالف المعارضة التركية كليتشدار أوغلو)».

 

ما تأثير إينجه؟

ولا يبدو أن تأثير إينجه على نتيجة انتخابات الرئاسة سيكون كبيرا أو ملموسا، على أية حال، فبحسب نتائج استطلاعات الرأي الأخيرة التي نشرت حتى قبل تفجر مزاعم الفضيحة الجنسية، حدث تراجع كبير في شعبيته إلى مستوى أقل من 2 في المائة.

وقال مراقبون إن هذا هو الدافع الحقيقي لإينجه، المعروف بعناده وتصلبه، إلى اتخاذ قرار الانسحاب من السباق الرئاسي، لأن استطلاعات الرأي الأخيرة أشارت إلى أن أصواته بدأت تتجه إلى مرشح الرئاسة عن تحالف «أتا» القومي، سنان أوغان، وليس إلى كليتشدار رأوغلو أو إردوغان.

بناء على ذلك فإن أصوات إينجه لن تؤثر في تحديد الفائز بالانتخابات، بحسب المراقبين، لا سيما أن أصوات سنان أوغان لا تتجاوز 3 في المائة بكثير، كما أن هناك حقيقة واضحة وهي أن أي مرشح للرئاسة لا يملك كتلته بالكامل من الأصوات وهناك تداخل شديد في توزيع الأصوات.

واتفقت غالبية المحللين والمراقبين على أن تأثير أصوات إينجه الوحيد ربما يكون في حسم الانتخابات الرئاسية من الجولة الأولى لصالح كليتشدار أوغلو أو إردوغان.

 

 


مقالات ذات صلة

انتخاب أوزيل رئيساً لحزب «الشعب الجمهوري» للمرة الرابعة في عامين

شؤون إقليمية زعيم المعارضة التركية خلال خطاب أمام المؤتمر العام الـ39 لحزبه في أنقرة (حساب الحزب في إكس)

انتخاب أوزيل رئيساً لحزب «الشعب الجمهوري» للمرة الرابعة في عامين

تعهد زعيم المعارضة التركية رئيس حزب «الشعب الجمهوري»، أوزغور أوزيل، بانتزاع حزبه السلطة في البلاد بالانتخابات المقبلة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية رئيس حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزيل يتوسط قيادات وأعضاء بارزين في افتتاح المؤتمر العام الـ39 في أنقرة في 28 نوفمبر (حساب الحزب في «إكس»)

«الشعب الجمهوري» يسعى لتثبيت زعامة أوزيل للمعارضة التركية

انطلق في أنقرة، الجمعة، المؤتمر العام العادي الـ39 لحزب «الشعب الجمهوري» بعد موجة من التحقيقات والضغوط القضائية التي وصلت إلى حد المطالبة بإغلاقه.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية متظاهرون في إسطنبول يرفعون لافتات للمطالبة بإطلاق سراح إمام أوغلو (حزب الشعب الجمهوري - إكس)

تركيا: محكمة تقبل لائحة الاتهام ضد رئيس بلدية إسطنبول المحتجز

قبلت محكمة تركية لائحة اتهام بحق رئيس بلدية إسطنبول المعارض المحتجز أكرم إمام أوغلو ومئات آخرين في إطار تحقيقات في شبهات فساد في البلدية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية تجمع لأنصار حزب الشعب الجمهوري في منطقة عمرانية في إسطنبول 5 نوفمبر للمطالبة بإطلاق سراح أكرم إمام أوغلو (حزب الشعب الجمهوري - إكس)

تركيا: إمام أوغلو يطالب ببث محاكمته على الهواء مباشرة

طالب رئيس بلدية إسطنبول المحتجز أكرم إمام أوغلو ببث محاكمته بتهمة الفساد على الهواء مباشرة عبر تلفزيون الدولة الرسمي.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية مقر حزب «الشعب الجمهوري» (رويترز)

تركيا: الادعاء العام يطلب إغلاق حزب «الشعب الجمهوري»

طلب الادعاء العام في إسطنبول إقامة دعوى أمام المحكمة الدستورية لإغلاق حزب «الشعب الجمهوري» وأصدر لائحة اتهام ضد إمام أوغلو.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

موازنة إسرائيلية تخدم الاستيطان بالضفة الغربية

مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

موازنة إسرائيلية تخدم الاستيطان بالضفة الغربية

مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

​اتفق وزيرا المالية والدفاع في إسرائيل على تقليص ميزانية وزارة الدفاع التي طلبتها الأخيرة في إطار إعداد الموازنة العامة لعام 2026، من 144 مليار شيقل، إلى 112 (34.63 مليار دولار) وبما يمثل زيادة وصلت إلى نحو 20 ملياراً على ميزانية العام الحالي 2025، بما يخدم بشكل أساسي المشاريع الاستيطانية في الضفة الغربية على حساب حاجة الجيش لقوات أكبر مع عجز التجنيد.

وأقرت الحكومة الإسرائيلية بالموازنة التي بلغت 662 مليار شيقل، بعجز 3.9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.

ووفقاً لصحيفة «يديعوت أحرونوت» فإنه تم الاتفاق على حزمة بقيمة نحو 725 مليون شيقل، توزع على 3 سنوات، بهدف تعزيز الأمن في الضفة.


إعلام «الحرس الثوري» يتهم روحاني بـ«خدمة إسرائيل»

صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
TT

إعلام «الحرس الثوري» يتهم روحاني بـ«خدمة إسرائيل»

صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف

اتهمت وسائل إعلام تابعة لـ«الحرس الثوري» الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني ومقربيه بـ«تقديم الخدمة لإسرائيل»، وذلك بعد أسبوع من تصريحات أدلى بها وشكك فيها بقدرة إيران على حماية أجوائها وردع أي هجمات جديدة، إذا ما تجددت الحرب التي شهدتها البلاد لمدة 12 يوماً في يونيو (حزيران).

واحتجت وكالة «تسنيم»، رأس الحربة في إعلام «الحرس الثوري»، بشدة على خطاب روحاني الأخير، وعلى توصياته التي دعا فيها إلى منع تكرار الحرب.

وتزامن الهجوم الإعلامي مع بروز مؤشرات سياسية لافتة، إذ عاد اسم روحاني إلى واجهة الجدل الدائر حول هوية المرشح المحتمل لخلافة المرشد علي خامنئي، فيما المشهد الداخلي يزداد توتراً مع دخول ملف الخلافة مرحلة استقطاب أشد.

وبدأت الحرب عندما شنت إسرائيل ضربات على مقار القيادة العسكرية، خصوصاً «الحرس الثوري»، قبل أن تطول منشآت عسكرية ونووية ومسؤولين وعلماء في البرنامج النووي. وردت طهران بإطلاق صواريخ باليستية وطائرات مسيّرة.

وعنونت الوكالة ملحقها الأسبوعي لتحليل التطورات المهمة بعنوان «العمل لصالح إسرائيل»، واضعة صورة روحاني على الغلاف. واتهمته بتقديم «تفسيرات نرجسية ومشحونة بالغرور» حول مزاعمه بأنه منع وقوع حرب على إيران عبر الدبلوماسية خلال توليه مناصب سابقة. وتساءلت: «هل كان روحاني يدعي أنه لم يكن هناك أي رادع غير مفاوضاته يمنع الحرب؟ وأن أميركا وإسرائيل كانتا في كامل طاقتيهما آنذاك، وأن إيران لم تكن تمتلك أي قدرة ردعية، وأنه وحده بمنطقه السقراطي والأرسطي حال دون اندلاع حرب كبيرة؟».

وأضافت: «هل خروج ترمب من الاتفاق النووي كان بسبب عدم تفاوض روحاني؟ وماذا عن الحالات التي لم يُمنَع فيها الهجوم؟ لماذا لم يمنع اغتيال قاسم سليماني؟ ولماذا لم يمنع اغتيال محسن فخري زاده؟»، وهو مسؤول الأبعاد الدفاعية في البرنامج النووي سابقاً، الذي قتل على يد مسلحين، في هجوم نسب إلى إسرائيل نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2020.

وكان روحاني قد انتقد الأسبوع الماضي فرض الأجواء الأمنية المتشددة، قائلاً إن البلاد بحاجة «إلى أجواء آمنة وليست أمنية». وحذر من بقاء إيران في حالة «لا حرب ولا سلام»، مستشهداً بتصريحات المرشد علي خامنئي. وأضاف: «الأمن يخلق الثقة والطمأنينة، أما الأمننة فتزيل الثقة وتثير قلق الناس. نحن لا نريد فضاءً أمنياً، بل فضاءً آمناً».

وأشار روحاني إلى حاجة البلاد لتعزيز الردع في مختلف المجالات، داعياً إلى «ترميم القدرات الردعية» لمواجهة «مؤامرات الأعداء». وقال إن إيران تفتقر اليوم إلى «الردع الإقليمي الواسع»، مشيراً إلى أن أجواء دول الجوار، بما فيها العراق وسوريا ولبنان والأردن، باتت «تحت نفوذ الولايات المتحدة وإسرائيل»، ما جعل التحرك الجوي المعادي حتى حدود إيران «آمناً وخالياً من العوائق». وأضاف أن استمرار الاتفاق النووي كان سيمنع اندلاع حرب الـ12 يوماً، معتبراً أن الأعداء استخدموا الملف النووي «ذريعة للهجوم». وانتقد فشل الحكومات اللاحقة في إعادة إحيائه.

ورأى روحاني أن «أسوأ خيانة للقيادة هي التقليل من الحقائق أو المبالغة فيها»، مؤكداً وجود «أعداء أقوياء وخطرين». وحذّر من الاعتقاد بأن «جميع المشكلات انتهت بعد حرب الـ12 يوماً». وأضاف: «صمدنا وقاومنا، لكننا أيضاً تعرضنا لضربات وواجهنا مشكلات. وبالطبع وجّهنا ضربات للعدو كذلك. غير أن ذلك لا يعني أنّ الأمر لن يتكرر، فمنع تكراره يعتمد علينا».

وهاجمت «تسنيم» مواقف روحاني معتبرةً أنها «تصب عملياً في مصلحة إسرائيل لأنها تبرئ العدو وتلقي بالمسؤولية على الداخل، وتقدّم منطقاً يجعل إسرائيل خارج دائرة اللوم». واعتبرت أن مواقفه «تشكل عملياً عملية سياسية ضد الوحدة المقدسة، وتعمل لصالح إسرائيل، وإن قدّمت في إطار يبدو واقعياً وحريصاً على البلاد».

وقالت الوكالة إن كلام روحاني عن الردع الإقليمي، «ليس خاطئاً، لكن من الغريب أن يصدر منه هو تحديداً؛ فإذا كان يؤمن بذلك، فهل يقرّ بأن عدم دعم حكومته الكافي لجهود إنهاء الأزمة في سوريا عامَي 2013 و2014 كان تقصيراً خطيراً ربما يقترب من مستوى الخيانة؟ كانت إحدى أكبر شكاوى الجنرال قاسم سليماني عدم تعاون حكومة روحاني في الملف السوري، وكان يخرج من بعض الاجتماعات باكياً، إلى أن تدخّل المرشد وأمر بالثبات».

غلاف النشرة الأسبوعية لوكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» الذي يتهم روحاني بتقديم الخدمة لإسرائيل

ورداً على ما قاله روحاني عن «الأمننة»، أضافت الوكالة: «أليس هو أدرى من الجميع بأن حكومته كانت من أكثر الحكومات ذات الطابع الأمني؟ فالوزير الوحيد غير الأمني تقريباً كان وزير الاستخبارات نفسه». وفي إشارة إلى خلفية روحاني، أضافت أن «امتلاك خلفية أمنية ليس عيباً، لكنه مناقض لأسلوب النصائح الذي يقدّمه روحاني الآن».

وفسرت تصريحات روحاني على أنها رد غير مباشر على خطاب متلفز للمرشد علي خامنئي في 27 نوفمبر، حذر فيه من الانقسام الداخلي، مكرراً روايته بأن الولايات المتحدة وإسرائيل «فشلتا» في تحقيق أهداف الحرب، وداعياً الإيرانيين إلى الحفاظ على «الاصطفاف الوطني». وقال: «الخلافات بين التيارات والفئات أمر وارد، لكن المهم أن يقف الجميع معاً في مواجهة العدو».

وخلال ولايتيه الرئاسيتين (2013 – 2021)، كان روحاني قد طرح مراراً شكوكه في دقة المعلومات التي يتلقاها المرشد من مقربيه، في محاولة للنأي بنفسه عن انتقادات تُوجّه إليه بوصفه معارضاً لمواقف خامنئي.

وخلال الأشهر الخمسة الماضية، واجه روحاني اتهامات من خصومه، بينهم نواب في البرلمان، بأنه يسعى لتولي منصب المرشد إذا تعذر على خامنئي ممارسة مهامه لأي سبب، بما في ذلك تعرضه لمحاولة اغتيال من قبل إسرائيل.

وبرزت انتقادات الشهر الماضي على لسان رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف، الذي اتهم روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف بـ«الإضرار بالعلاقات الاستراتيجية مع موسكو». وردد نواب شعار «الموت لفريدون» في إشارة إلى لقب روحاني العائلي. وقال النائب المتشدد أمير حسين ثابتي: «أتمنى أن تتصدى السلطة القضائية لقضايا إساءة التصرف من قبل حسن روحاني، حتى يعود من يفكر في المناصب العليا إلى مكانه الحقيقي خلف قضبان السجن».

وبعد نشر تصريحات روحاني الأخيرة، طرحت الاحتمالات تولي روحاني لمنصب المرشد، مرة أخرى لكن هذه المرة في وسائل إعلام إصلاحية، إذ قال المنظر الإصلاحي صادق زيبا كلام إنه «عندما طرحت قضية خلافة المرشد تدريجياً، حسن روحاني قال لنفسه خلال فترة رئاسته: ماذا ينقصني عن بقية الأشخاص الذين تطرح أسماؤهم للخلافة، ما الذي ينقصني عن مجتبى خامنئي ومن طرحت أسماؤهم، في رأيي روحاني محق، فهو أكثر جدارة من الآخرين على صعيد تجربته التنفيذية».

وبالتزامن مع هذا الاهتمام الإصلاحي، نشر رجل الأعمال بابك زنجاني رسالة شديدة اللهجة على منصة «إكس» هاجم فيها إمكانية تولي روحاني أي دور سياسي مستقبلي، قائلاً إن إيران «تحتاج إلى قوة شابة، متعلمة وفعالة»، لا إلى «أصحاب الشهادات المزيفة». وأضاف: «سيأخذون هذا الحلم معهم إلى القبر... سنطهر إيران من العجز ومن المديرين غير الأكفاء». وحذر: «السلاح الذي تعطل في لحظة المعركة، إن عدتم وربطتموه على خصوركم من جديد، فأنتم تستحقون الموت!».

وزنجاني، الذي اعتقل في عهد حكومة روحاني بتهمة الفساد الاقتصادي وصدر بحقه حكم بالإعدام، أطلق سراحه العام الماضي وعاد إلى نشاطه الاقتصادي، في خطوة ربطها مراقبون بسعي طهران للالتفاف على العقوبات، فيما تربطه حالياً علاقات وثيقة بـ«الحرس الثوري».


نتنياهو يسخر من محاكمته بتهم فساد ويصفها بـ«المهزلة»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
TT

نتنياهو يسخر من محاكمته بتهم فساد ويصفها بـ«المهزلة»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

ندّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بقضايا الفساد المرفوعة ضده، ووصفها بأنها «مهزلة»، ودافع في مقطع فيديو عن طلبه عفواً رئاسياً مثيراً للجدل.

ونُشر الفيديو، الذي تبلغ مدته 3 دقائق مساء الخميس، بعد أسبوع من طلب نتنياهو رسمياً العفو من الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ، عادّاً أن محاكمته تؤدي إلى تقسيم الأمة.

كما أرسل الرئيس الأميركي دونالد ترمب الشهر الماضي رسالةً إلى هرتسوغ يحضه فيها على إصدار عفو عن نتنياهو.

وندّد رئيس الوزراء الإسرائيلي في المقطع بمحاكمته، ووصفها بأنها «محاكمة سياسية» تهدف إلى إجباره على ترك منصبه، نافياً مجدداً ارتكاب أي مخالفات.

ويُتهم نتنياهو في قضيتين بعقد صفقات للحصول على تغطية إيجابية من وسائل إعلام إسرائيلية، ويُتهم في قضية ثالثة بقبول أكثر من 260 ألف دولار في شكل هدايا فاخرة، شملت مجوهرات وشمبانيا، من مليارديرات مقابل الحصول على خدمات سياسية. وكانت قضية فساد رابعة قد أسقطت في وقت سابق.

متظاهرون خارج مقر إقامة بنيامين نتنياهو في القدس يطالبون بعدم منحه العفو (رويترز)

في الفيديو، رفع نتنياهو دمية على شكل شخصية الكرتون «باغز باني»، ساخراً من المدعين العامين الذين أشاروا إلى تلقيه دمية للشخصية هديةً لابنه قبل 29 عاماً بوصفها دليلاً ضده. وقال: «من الآن فصاعداً، ستُعرف هذه المحاكمة باسم محاكمة باغز باني».

ونفى تلقيه السيجار هدية «من صديق»، وعدّ بأن سعيه لضمان تغطية إيجابية من «موقع إنترنت من الدرجة الثانية» أدّى بدلاً من ذلك إلى «التغطية الصحافية الأكثر كراهية وعدائية وسلبية التي يمكن تخيلها في إسرائيل».

يُذكر أن نتنياهو هو أول رئيس وزراء إسرائيلي في السلطة يخضع للمحاكمة بتهم فساد.

وقد تطلبت المحاكمة التي بدأت عام 2019، الإدلاء مؤخراً بشهادته 3 مرات أسبوعياً، وهو يرى أن ذلك يمنعه من ممارسة الحكم بشكل فعال.

وتابع: «هذه المهزلة تُكلّف البلاد ثمناً باهظاً. لا أستطيع تقبّل ذلك... لذلك طلبت العفو».

وقد كشفت هذه القضايا عن انقسامات حادة في المجتمع الإسرائيلي.

والاثنين، قبل آخر مثول لنتنياهو أمام المحكمة، تظاهر أنصار ومعارضون له خارج محكمة تل أبيب، وارتدى بعضهم بدلات السجن البرتقالية للإشارة إلى أنه يجب سجنه.