الهدوء يعود إلى طرابلس... وباشاغا يدعو لتجاهل «الوحدة»

اللافي يطلق «الرؤية الاستراتيجية لمشروع المصالحة الليبية»

صورة وزعتها حكومة الدبيبة لافتتاحه مع المنفي المقر الجديد لرئاسة أركان قواتها بطرابلس
صورة وزعتها حكومة الدبيبة لافتتاحه مع المنفي المقر الجديد لرئاسة أركان قواتها بطرابلس
TT

الهدوء يعود إلى طرابلس... وباشاغا يدعو لتجاهل «الوحدة»

صورة وزعتها حكومة الدبيبة لافتتاحه مع المنفي المقر الجديد لرئاسة أركان قواتها بطرابلس
صورة وزعتها حكومة الدبيبة لافتتاحه مع المنفي المقر الجديد لرئاسة أركان قواتها بطرابلس

عاد الهدوء الحذر إلى العاصمة الليبية طرابلس، أمس، بعد ساعات من التحشيد الأمني المستمر. وفيما دعا فتحي باشاغا، رئيس حكومة «الاستقرار» الجديدة، الجهات الرسمية للامتناع عن التعامل مع حكومة «الوحدة» المؤقتة، برئاسة غريمه عبد الحميد الدبيبة، باعتبارها «منتهية الصلاحية»، دشن الأخير مقراً لرئاسة أركان قواته.
واستغل باشاغا توقف التحشيدات العسكرية في العاصمة طرابلس، مساء أول من أمس، لحثّ السلطات السياسية والعسكرية والأمنية والمالية على «مواجهة الحقيقة»، واعتبر أن السلطة لا يمكن أن تكون بفرض القوة، أو باحتلال مقارها في العاصمة.
كما دعا الأمم المتحدة إلى دعم الجهود المبذولة لإيجاد حلول ليبية لإجراء الانتخابات المؤجلة، مؤكداً انتهاء المدة القانونية لـ«خريطة الطريق»، التي أقرّها «ملتقى الحوار السياسي» الليبي في مدينة جنيف السويسرية، برعاية الأمم المتحدة.
ورحب باشاغا أمس بالبيان الصادر عن السعودية ومصر، الذي يؤكد على أهمية أن يكون الحل ليبياً - ليبياً للوصول إلى إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية متزامنة، بالإضافة إلى دعم القرارات الصادرة عن مجلس النواب، كونه الجهة التشريعية للبلاد.
وجدد باشاغا في بيان، أمس، شكره لقيادة البلدين، وحرصهما على وحدة واستقرار ليبيا، كما أثنى على جهود مصر في تقريب وجهات النظر، واستضافة مجلسي النواب والدولة للعمل على إطار دستوري توافقي بالتنسيق مع بعثة الأمم المتحدة. وتعهد في رسالة مفتوحة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، ببذل قصارى جهده لإجراء الانتخابات في ليبيا في أقرب فرصة ممكنة، لافتاً إلى أنه حان الوقت لإيجاد حل ليبي لإجراء الانتخابات.
في سياق ذلك، قال باشاغا إنه سيتم خلال الأسابيع المقبلة الإعلان عن تفاصيل خريطة الطريق نحو التعافي، التي تحدد أولويات حكومته، التي ستضمن للشعب الليبي أمنه والحق في اختيار مصيره، وتعبيد الطريق نحو الازدهار الاقتصادي. مطالباً جميع القادة حول العالم الذين يؤمنون بالديمقراطية «العمل معاً لإيجاد حل للتحديات التي تواجه ليبيا».
في المقابل، دشن الدبيبة مع محمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي، باعتباره نظرياً القائد الأعلى للجيش الليبي، المقر الجديد لرئاسة الأركان العامة للقوات الموالية لحكومته في العاصمة، بحضور رئيس الأركان محمد الحداد، ورؤساء الأركان وعدد من القيادات بوزارة الدفاع.
وقال الدبيبة، أمس، إنه تم تكريم الضباط وضباط الصف، المشاركين في المناورة العسكرية بتركيا على جهودهم الإيجابية، ضمن عدة دول شاركت بالمناورة.
وكان المنفي قد بحث، مساء أول من أمس، مع اللواء مصطفى يحيى، عضو ومقرر اللجنة العسكرية المشتركة (5+5)، آخر مستجدات الأوضاع العسكرية والأمنية، وجهود توحيد المؤسسة العسكرية لتكون قوة واحدة، تحافظ على أمن واستقرار البلاد. وقال بيان للمنفي إن يحيى أطلعه على نتائج اجتماعات اللجنة في القاهرة مؤخراً.
بدوره، أكد عبد الله اللافي، نائب المنفي، لدى لقائه أمس سفيرة بريطانيا، كارولاين هوريندل، حرص المجلس الرئاسي على إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية، والوصول إلى اتفاق حول إطار دستوري يضمن نجاحها والقبول بنتائجها، تحقيقاً لرغبة الشعب الليبي في الاستقرار عبر هذا الاستحقاق الانتخابي، مستعرضاً آخر مراحل إطلاق مشروع المصالحة الوطنية، وأعرب عن أمله بدعم محلي ودولي لهذه الجهود.
كما نقل اللافي عن السفيرة البريطانية استمرار دعم حكومة بلادها للمجلس الرئاسي، ودعم مشروع المصالحة، الذي يعمل على تحقيق الاستقرار، والمساهمة في دفع كل الأطراف المشاركة في العملية السياسية إلى التوافق على قاعدة دستورية، تجرى على أساسها انتخابات حرة ونزيهة بمشاركة الجميع.
ومن المقرر أن يعلن اللافي في مؤتمر صحافي اليوم بالعاصمة إطلاق الرؤية الاستراتيجية لمشروع المصالحة الوطنية، بمشاركة عدد من أعضاء مجلسي النواب والدولة، وممثلي المنظمات الإقليمية والدولية.
في شأن قريب، قالت نجلاء المنقوش، وزيرة الخارجية بحكومة الدبيبة، إنها بحثت أمس، في زيارة مفاجئة إلى قطر مع نائب رئيس مجلس وزرائها ووزير خارجيتها الشيخ محمد عبد الرحمن آل ثاني، مستجدات الوضع في ليبيا، والوصول إلى الانتخابات البرلمانية والرئاسية، ونقلت عنه تأكيده على دعم دولته الكامل للمسار السياسي الليبي، وكل الحلول السلمية، التي تحافظ على وحدة ليبيا واستقرارها وسيادتها، وتحقيق تطلعات الشعب الليبي في التنمية والازدهار.


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

لماذا لا تتدخل مصر عسكرياً في اليمن؟

سفن حاويات تعبر قناة السويس المصرية في وقت سابق (رويترز)
سفن حاويات تعبر قناة السويس المصرية في وقت سابق (رويترز)
TT

لماذا لا تتدخل مصر عسكرياً في اليمن؟

سفن حاويات تعبر قناة السويس المصرية في وقت سابق (رويترز)
سفن حاويات تعبر قناة السويس المصرية في وقت سابق (رويترز)

أعاد نفي مصري لتقارير إسرائيلية عن استعداد القاهرة شن هجمات عسكرية ضد جماعة «الحوثي» في اليمن، تساؤلات بشأن أسباب إحجام مصر عن التدخل عسكرياً في اليمن، رغم ما تعانيه من تداعيات اقتصادية جراء هجمات «الحوثي» على السفن المارة في البحر الأحمر.

وأكد خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أن «مصر لا تفضل أن تقوم بأعمال عسكرية خارج حدودها»، وأشاروا إلى أن القاهرة «تدرك أن توترات البحر الأحمر سببُها استمرارُ الحرب في غزة»، ومن هنا فهي تُفضل «الطُرق الدبلوماسية لوقف الحرب».

ونفى مصدر مصري مسؤول، الأحد، ما تناولته تقارير إعلامية إسرائيلية عن «قيام مصر باستعدادات بهدف التدخل العسكري في اليمن».

وذكر المصدر المصري المسؤول، في تصريحات أوردتها قناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية، أن مثل هذه التقارير، وما تتضمنه من معلومات «مُضللة»، ليس لها أساس من الصحة.

وادعت تقارير إسرائيلية أن «مصر تستعد لضرب الحوثيين بعد تكبدها خسائر اقتصادية كبرى جراء تصاعد التهديدات ضد هيئة قناة السويس التي تعد شرياناً حيوياً للتجارة العالمية».

كما زعمت التقارير أيضاً أن مصر «أبدت رغبة متزايدة في لعب دور فعال في الصراع اليمني، مع تجهيز طائرات لتنفيذ عمليات جوية تستهدف الحوثيين، الذين أثاروا مخاوف متزايدة حول سلامة الملاحة عبر البحر الأحمر».

نيران اشتعلت في ناقلة نفط استهدفها الحوثيون بالبحر الأحمر خلال وقت سابق (رويترز)

ومنذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 غيّرت شركات شحن عالمية مسارها، متجنبةً المرور في البحر الأحمر، إثر استهداف جماعة «الحوثي» اليمنية السفن المارة بالممر الملاحي، «رداً على استمرار الحرب الإسرائيلية ضد قطاع غزة»؛ ما دفع شركات الشحن العالمية لتغيير مسارها، متجنبةً المرور في البحر الأحمر.

وعدَّ الخبير العسكري المصري، اللواء سمير فرج، التقارير الإسرائيلية، «محاولة للضغط على مصر ودفعها للعب دور في اليمن». وقال إن «مصر لن تشارك في أي عمل عسكري في اليمن»، مشيراً إلى أن القاهرة «تدرك أن السبب وراء التوترات في البحر الأحمر ليس في الحوثي أو في اليمن؛ بل في استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة». وأضاف فرج: «لو توقفت الحرب الإسرائيلية في غزة سوف تتوقف الهجمات على السفن بالبحر الأحمر».

واتفق معه مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير حسين هريدي، وقال إن «المشكلة ليست في (الحوثي)، فما يحدث جزءٌ من حرب مفتوحة بين إيران وإسرائيل، و(الحوثي) مجرد أداة، والقاهرة لن تتعامل مع الأدوات ولن تتورط في هذا الصراع».

وأضاف أن «القاهرة تؤمن بالحلول الدبلوماسية لأزمات المنطقة، ولن ترسل قواتها خارج الحدود، لا سيما مع إدراكها حجم التوترات على جميع حدودها، سواء في غزة أو ليبيا أو السودان».

وفي ديسمبر (كانون الأول) 2023 شكّلت الولايات المتحدة الأميركية، تحالف «حارس الازدهار» للرد على هجمات «الحوثي»، لكن مصر لم تعلن انضمامها له، وهو ما فسره خبراء آنذاك بأن القاهرة «تفضل المسار الدبلوماسي لحل الأزمة».

سفينة شحن خلال عبورها قناة السويس المصرية في وقت سابق (رويترز)

وحسب أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، الدكتور أحمد يوسف أحمد، فإن رفض مصر التدخل عسكرياً ضد «الحوثي» في اليمن «دليل على موضوعية السياسة المصرية». وقال إن «مصر هي الخاسر الأكبر من هجمات الحوثي، لكنها على مدار أكثر من عام لم تدنها، واقتصرت التصريحات الرسمية على التأكيد على ضرورة تأمين الملاحة في البحر الأحمر».

وأرجع أستاذ العلوم السياسية ذلك إلى أن «مشاركة مصر في أي تحالف حالياً ضد الحوثي قد ينظر له البعض على أنه دعم لتل أبيب في حربها على قطاع غزة».

وسبق وأشارت مصر مراراً إلى تأثر حركة الملاحة بقناة السويس بالتوترات الإقليمية. وتراجعت إيرادات قناة السويس من 9.4 مليار دولار (الدولار الأميركي يساوي 50.7 جنيه في البنوك المصرية) خلال العام المالي الذي يبدأ من يوليو (تموز) 2022 حتى نهاية يونيو (حزيران) 2023، إلى 7.2 مليار دولار خلال العام المالي 2023 - 2024، حسب ما أعلنته هيئة قناة السويس في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، نهاية الشهر الماضي، إن «إيرادات قناة السويس شهدت انخفاضاً تجاوز 60 في المائة مقارنة بعام 2023، مما يعني أن مصر خسرت ما يقرب من 7 مليارات دولار في عام 2024».

وذكرت مجلة «إسرائيل ديفنس»، الصادرة عن الجيش الإسرائيلي، في تقرير نشرته في أكتوبر الماضي، أنه «رغم ما تعانيه مصر من خسائر بسبب توترات البحر الأحمر، فإنها ترفض القيام بعمل عسكري ضد جماعة الحوثي»، وأشارت حينها إلى أن «القاهرة تضع الاعتبارات الاستراتيجية والخوف من التصعيد الإقليمي والعلاقات السياسية مع العالم العربي فوق أي اعتبار».