العالول: سنلغي كل الاتفاقيات مع إسرائيل

نائب عباس في «فتح» يصف خطة كوشنر بـ«وعد بلفور جديد»

TT

العالول: سنلغي كل الاتفاقيات مع إسرائيل

وصف مسؤول فلسطيني الشق الاقتصادي من خطة السلام الأميركية التي أعدها جاريد كوشنر، مستشار وصهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بأنه يشبه «وعد بلفور» جديد، مهدداً بإلغاء أشكال الاتفاقيات مع إسرائيل كافة، بعد يوم من نشر الخطة، وقال إن الفلسطينيين ليسوا بحاجة لها من أجل بناء بلدهم، وإنما بحاجة للسلام.
وقال محمود العالول، نائب الرئيس محمود عباس في قيادة حركة فتح: «بناءً على خطة كوشنر، فإن ورشة البحرين لن ينتج عنها شيء يذكر»، وجدد موقف الرئيس الفلسطيني محمود عباس الرافض لأي نقاش اقتصادي قبل التسوية السياسية، قائلاً: «رفضنا السلام الاقتصادي عشرات المرات؛ الأساس هو الحرية والاستقلال والسيادة»، وأضاف: «الورشة ستكون شكل من أشكال الاستعراض الأميركي الذي فشل سلفاً، ولم يعد ممكناً أن نثق في الأميركيين». وهدد العالول بأن السلطة الفلسطينية ستلغي كل أشكال الاتفاقيات مع إسرائيل «في وقت قريب».
وموقف نائب عباس جاء بعد يوم من كشف بنود الشق الاقتصادي لخطة السلام الأميركية، الذي سيُناقش خلال مؤتمر يرأسه كوشنر يومي الثلاثاء والأربعاء في البحرين، ويقاطعه الفلسطينيون. وقالت الوثائق إن خطة «السلام من أجل الازدهار» تتضمن منح 50 مليار دولار، وتشمل 179 مشروعاً للبنية الأساسية وقطاع الأعمال. كما تدعو الخطة إلى استثمارات ضخمة من أجل تحسين إنتاج الكهرباء، وإمدادات مياه الشرب، ومعالجة مياه الصرف الصحي، في الأراضي الفلسطينية في ظل تردي الخدمات الأساسية.
لكن الخطة التي ستُبحث في البحرين لا تتضمن الشق السياسي من النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني، متفادية ذكر أي اتفاق سياسي بين الطرفين. وتقول إدارة ترمب إنه سيتم الكشف عن الجانب السياسي من الخطة في وقت لاحق من هذا العام، ربما في نوفمبر (تشرين الثاني)، بعد الانتخابات المرتقبة في إسرائيل، وتشكيل الحكومة الجديدة.
ومن جانبها، قالت وزارة الخارجية الفلسطينية إنه «يوماً بعد يوم، تتكشف حقيقة النوايا والمواقف الأميركية المُعادية للشعب الفلسطيني وحقوقه، فيما يمكننا تسميته بوعد ترمب المشؤوم، أو وعد بلفور 2، الذي ينكر وجود الشعب الفلسطيني كأمة وكدولة، ويلغي حقائق الصراع والتاريخ والجغرافيا، ويتعامل مع الشعب الفلسطيني كـمجموعة سكانية وجدت بالصدفة في هذا المكان الذي منحته إدارة ترمب للإسرائيليين، متبنية بذلك الرواية الإسرائيلية بحذافيرها».
وأضافت الخارجية أن «المشروع الاقتصادي الأميركي، تحت اسم الازدهار، يُشكل امتداداً لهذا الموقف الأميركي المنحاز بالكامل للاحتلال وسياساته، في إعادة إنتاج استعمارية لمقولات ومفاهيم ومرتكزات وعد بلفور المشؤوم، وهو ما يعني أن هذا المشروع لا يتحدث عن اقتصاد الدولة الفلسطينية ومقوماته، إنما يُحاول تبييض الاحتلال والاستيطان، وما يتم من عمليات تهويد للأرض الفلسطينية، بما فيها القدس الشرقية المحتلة ومحيطها، مغلفاً محاولاته هذه بالحديث عن رزمة من المشاريع الإغاثية لمجموعة عرقية تحت السيادة الإسرائيلية ترتبط اقتصادياتها، وفقاً لرؤية ترمب وفريقه المتصهين، بشكل كامل باقتصاد دولة الاحتلال، وتابعة له».
ورأت الخارجية أن إدارة ترمب تعيد إنتاج الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي بقوالب جديدة، ولا تسعى إلى حله بأي شكل كان. أما وزير المالية الفلسطيني شكري بشارة، فقال إن الفلسطينيين لا يحتاجون لاجتماع البحرين لبناء بلدهم، بل يحتاجون إلى السلام. والرفض الفلسطيني القاطع للخطة الأميركية ليس جديداً، لكنه تصاعد وبدا أكثر حدة مع إعلان كوشنر للشق الاقتصادي من الخطة. واتفقت الفصائل الفلسطينية على مواجهة الخطة الأميركية، إذ أعلنت حركة «فتح» يوم الثلاثاء يوم مواجهات، فيما أعلنته «حماس» يوم إضراب شامل.
وفي قطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة «حماس»، وتفرض عليه إسرائيل حصاراً محكماً، تنص الخطة على هبات وقروض بفوائد متدنية بقيمة 590 مليون دولار لتحديث محطة إنتاج الكهرباء في غزة، واستحداث عشرات آلاف الوظائف. كما تقترح الخطة دمج الاقتصاد الفلسطيني مع اقتصادات الدول العربية المجاورة. وتستخدم الخطة هبات تصل إلى 900 مليون دولار لتحسين محطات شحن البضائع، وشق طرقات خاصة للحد من الوقت الذي تستغرقه عمليات الشحن التجاري عبر الحدود، وخفض كلفتها. وتتضمن أيضاً شق طرقات حديثة، مع إمكانية إقامة خط للسكك الحديدية يربط بين الضفة الغربية وقطاع غزة، في محاولة للاستجابة لمطالبة الفلسطينيين بإقامة دولة متواصلة جغرافياً. وتضع الخطة 500 مليون دولار من الهبات لإقامة جامعة جديدة ذات مستوى عالمي في الضفة الغربية أو في قطاع غزة. كما تنص على تخصيص 30 مليون دولار لإعداد النساء، بهدف رفع حصتهن ضمن القوى العاملة من 20 إلى 35 في المائة. وتركز الخطة على القطاع السياحي، مع تخصيص 1.5 مليار دولار من القروض المتدنية الفوائد، و500 مليون دولار من الهبات، لتطوير المواقع السياحية، والترويج للسياحة في الأراضي الفلسطينية.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.