اللغة العربية... الثانية في شوارع فرنسا لكنها ثُلث «الصينية» في المدارس

الخوف من ارتباطها بالإرهاب أبعد بعض الطلاب عنها

الرئيس الفرنسي ووزير التعليم في إحدى المدارس غرب فرنسا (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي ووزير التعليم في إحدى المدارس غرب فرنسا (أ.ف.ب)
TT

اللغة العربية... الثانية في شوارع فرنسا لكنها ثُلث «الصينية» في المدارس

الرئيس الفرنسي ووزير التعليم في إحدى المدارس غرب فرنسا (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي ووزير التعليم في إحدى المدارس غرب فرنسا (أ.ف.ب)

في القرن التاسع عشر وصف المفكر الفرنسي، إرنست رينان، اللغة العربية بأنها «لغة سلسة، ممتازة، وغنية بالمفردات، فضلاً عن دقة معاني مفرداتها ومنطق بنائها اللغوي الجميل». واليوم أصبحت هذه اللغة هي الثانية المنطوق بها في فرنسا، كما أنها أدخلت كثيراً من مفرداتها في لغة الشارع العامية (Slang) في فرنسا. ولكن رغم وجود خمسة آلاف فرنسي من أصول عربية - غالبيتهم من المغرب والجزائر وتونس - فإن تدريس اللغة العربية في المدارس الفرنسية ضئيل للغاية، لا تتعدى نسبته 0.2 في المائة من عدد الطلاب الدارسين للغات أجنبية في المدارس الثانوية. بل إنها أصبحت منذ أحداث 11 سبتمبر (أيلول) 2001 تثير شبهات حول الطلاب الدارسين لها، بسبب قضايا الإرهاب.
وبالطبع تظل اللغة الإنجليزية هي المفضّلة كلغة أجنبية في المدارس الفرنسية، لكن الصينية أضحت الأسرع انتشاراً بين طلاب اللغات الأجنبية، إذ تضاعف عدد دارسيها خلال العقد الماضي ثلاثة أمثال. وحسب مجلة «ذي إكونوميست» البريطانية فإن عدد دارسي اللغة الصينية حالياً في المدارس الفرنسية يبلغ 39 ألفاً، بينما لا يتعدى دارسو العربية 13 ألفاً فقط، أي ثُلث الصينية رغم وضع العربية كلغة ثانية في الشارع الفرنسي مقابل غياب كامل للغة الصينية في البلاد.
وفي محاولة لتغيير هذا الوضع طالب وزير التعليم الفرنسي، جان ميشيل بلانكي، في وقت سابق من هذا الشهر بتوسيع تدريس اللغة العربية في المدارس الفرنسية، واصفاً إياها بأنها «لغة أدبية عظيمة جداً ويجب تعلمها، بل لا ينبغي أن يقتصر ذلك على من هم من أصول مغاربية أو من بلدان ناطقة بالعربية». وأضاف بلانكي أن التوسّع في تدريس العربية في المدارس الحكومية يضمن أيضاً طريقة تدريسها ويبعدها عن المساجد والمراكز الدينية حيث لا يوجد مراقبون تعليميون، فضلاً عن إمكانية تعرض التلاميذ لأفكار التيارات المتطرفة دينياً. والواقع أن عدد الشباب المسلم الذين يتلقون دروس اللغة العربية في المساجد والروابط الدينية قد ازداد في الفترة الأخيرة.
أما اللغة الصينية فقد راحت تتوسع في كثيرٍ من مدارس الدول الأوروبية بسبب النمو الكبير والسريع للاقتصاد الصيني الذي أصبح الآن ثاني أكبر اقتصاد بعد الولايات المتحدة. فحتى في بريطانيا، التي تسود لغتها العالم، أوضح استطلاع للرأي أن أكثر من ثلاثة أرباع قادة الأعمال يعتقدون أن تعلم اللغة الصينية الفصحى سيمنح الشباب ميزة كبيرة في حياتهم المهنية، مشيرين إلى انفتاح الاقتصادي الصيني على العالم بعدما كان لعقود طويلة مغلقاً على نفسه.
كما أوضح الاستطلاع، الذي قام به معهد التعليم التابع لجامعة لندن (UCL) أن نسبة التأييد لتعلم اللغة الصينية بين أصحاب العمل تزداد كلما ازداد رأسمال الشركة، إذ عبّر 31 في المائة من أصحاب الشركات الكبرى عن اعتقادهم بأن الصينية ستصبح ضرورية لعدد من الأعمال التجارية البريطانية، خصوصاً إذا انسحبت بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ووسّعت علاقاتها التجارية مع الاقتصادات الكبرى في العالم مثل الصين.
بريطانيا تخسر 65 بليون دولار سنوياً بسبب نقص المهارات اللغوية بين القوى العاملة.
وأوضح المعهد أن عدد التلاميذ الدارسين للغة الصينية في الشهادة الثانوية البريطانية حالياً يبلغ 4014 تلميذاً مقابل 130509 تلاميذ يدرسون اللغة الفرنسية. لذا فقد أقام المعهد بالتعاون مع المجلس البريطاني (British Council) حملة لزيادة عدد دارسي الصينية إلى خمسة آلاف طالب بحلول عام 2020. وتوضح إحصاءات المعهد أن عدد طلاب المدارس الثانوية الذين يتعلمون اللغات الأجنبية في المدارس البريطانية قد انخفض، مما سبب مخاوف حول القدرة التنافسية العالمية لبريطانيا، خصوصاً بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي. ويرى بعض رجال الأعمال البريطانيين أن بريطانيا تفقد نحو 50 بليون جنيه إسترليني (65 بليون دولار) سنوياً بسبب نقص المهارات اللغوية بين القوى العاملة.
وكان رئيس الوزراء البريطاني السابق ديفيد كاميرون قد دعا الشباب البريطانيين، إلى التخلي عن تقليد تعلمهم اللغتين الفرنسية والألمانية واستبدالهما باللغة الصينية، وذلك عقب زيارة قام بها إلى الصين في عام 2013، وشرح بعدها نظرته المستقبلية بأن الاقتصاد الصيني أصبح يرتبط تدريجياً بالاقتصادات الغربية الرأسمالية.
وأضاف كاميرون قوله للبريطانيين: عندما يصل أطفالنا الذين يولدون اليوم إلى المدرسة ستكون الصين قد أصبحت أكبر سوق اقتصادية في العالم. لذلك حان الوقت للنظر إلى ما وراء اللغتين الفرنسية والألمانية وتعليم أكبر عدد من الأطفال لغة المندرين الصينية. ولدعم هذه الفكرة، استشهد كاميرون بالرئيس الجنوب أفريقي السابق نيلسون مانديلا قائلاً: مثلما قال مانديلا مرة: إذا رغبت مخاطبة شخص بلغة يفهمها وتدخل إلى دماغه، فخاطبه بلغته التي تدخل إلى قلبه.


مقالات ذات صلة

دراسة تكشف: مدرستك الثانوية تؤثر على مهاراتك المعرفية بعد 60 عاماً

الولايات المتحدة​ دراسة تكشف: مدرستك الثانوية تؤثر على مهاراتك المعرفية بعد 60 عاماً

دراسة تكشف: مدرستك الثانوية تؤثر على مهاراتك المعرفية بعد 60 عاماً

أظهر بحث جديد أن مدى جودة مدرستك الثانوية قد يؤثر على مستوى مهاراتك المعرفية في وقت لاحق في الحياة. وجدت دراسة أجريت على أكثر من 2200 من البالغين الأميركيين الذين التحقوا بالمدرسة الثانوية في الستينات أن أولئك الذين ذهبوا إلى مدارس عالية الجودة يتمتعون بوظيفة إدراكية أفضل بعد 60 عاماً، وفقاً لشبكة «سكاي نيوز». وجد الباحثون أن الالتحاق بمدرسة مع المزيد من المعلمين الحاصلين على تدريب مهني كان أوضح مؤشر على الإدراك اللاحق للحياة. كانت جودة المدرسة مهمة بشكل خاص للمهارات اللغوية في وقت لاحق من الحياة. استخدم البحث دراسة استقصائية أجريت عام 1960 لطلاب المدارس الثانوية في جميع أنحاء الولايات المتحدة

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم العربي مصر: نفي رسمي لـ«إلغاء مجانية» التعليم الجامعي الحكومي

مصر: نفي رسمي لـ«إلغاء مجانية» التعليم الجامعي الحكومي

نفت الحكومة المصرية، أمس السبت، عزمها «إلغاء مجانية التعليم الجامعي»، مؤكدة التزامها بتطوير قطاع التعليم العالي. وتواترت أنباء خلال الساعات الماضية حول نية الحكومة المصرية «إلغاء مجانية التعليم في الجامعات الحكومية»، وأكد مجلس الوزراء المصري، في إفادة رسمية، أنه «لا مساس» بمجانية التعليم بكل الجامعات المصرية، باعتباره «حقاً يكفله الدستور والقانون لكل المصريين».

إيمان مبروك (القاهرة)
«تشات جي بي تي»... خصم وصديق للتعليم والبحث

«تشات جي بي تي»... خصم وصديق للتعليم والبحث

لا يزال برنامج «تشات جي بي تي» يُربك مستخدميه في كل قطاع؛ وما بين إعجاب الطلاب والباحثين عن معلومة دقيقة ساعدهم «الصديق (جي بي تي)» في الوصول إليها، وصدمةِ المعلمين والمدققين عندما يكتشفون لجوء طلابهم إلى «الخصم الجديد» بهدف تلفيق تأدية تكليفاتهم، لا يزال الفريقان مشتتين بشأن الموقف منه. ويستطيع «تشات جي بي تي» الذي طوَّرته شركة الذكاء الصناعي «أوبن إيه آي»، استخدامَ كميات هائلة من المعلومات المتاحة على شبكة الإنترنت وغيرها من المصادر، بما في ذلك حوارات ومحادثات بين البشر، لإنتاج محتوى شبه بشري، عبر «خوارزميات» تحلّل البيانات، وتعمل بصورة تشبه الدماغ البشري. ولا يكون النصُّ الذي يوفره البرنامج

حازم بدر (القاهرة)
تحقيقات وقضايا هل يدعم «تشات جي بي تي» التعليم أم يهدده؟

هل يدعم «تشات جي بي تي» التعليم أم يهدده؟

رغم ما يتمتع به «تشات جي بي تي» من إمكانيات تمكنه من جمع المعلومات من مصادر مختلفة، بسرعة كبيرة، توفر وقتاً ومجهوداً للباحث، وتمنحه أرضية معلوماتية يستطيع أن ينطلق منها لإنجاز عمله، فإن للتقنية سلبيات كونها قد تدفع آخرين للاستسهال، وربما الاعتماد عليها بشكل كامل في إنتاج موادهم البحثية، محولين «تشات جي بي تي» إلى أداة لـ«الغش» العلمي.

حازم بدر (القاهرة)
العالم العربي بن عيسى يشدد على أهمية التعليم لتركيز قيم التعايش

بن عيسى يشدد على أهمية التعليم لتركيز قيم التعايش

اعتبر محمد بن عيسى، الأمين العام لمؤسسة منتدى أصيلة، ووزير الخارجية المغربي الأسبق، أن مسألة التعايش والتسامح ليست مطروحة على العرب والمسلمين في علاقتهم بالأعراق والثقافات الأخرى فحسب، بل أصبحت مطروحة حتى في علاقتهم بعضهم ببعض. وقال بن عيسى في كلمة أمام الدورة الحادية عشرة لمنتدى الفكر والثقافة العربية، الذي نُظم أمس (الخميس) في أبوظبي، إن «مسألة التعايش والتسامح باتت مطروحة علينا أيضاً على مستوى بيتنا الداخلي، وكياناتنا القطرية، أي في علاقتنا ببعضنا، نحن العرب والمسلمين».

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.