ائتلاف المالكي ينسحب من المنافسة في محافظة صلاح الدين

اعترف بضعف حظوظه في الانتخابات المقبلة

TT

ائتلاف المالكي ينسحب من المنافسة في محافظة صلاح الدين

أعلن مكتب ائتلاف «دولة القانون» في محافظة صلاح الدين، أن الائتلاف الذي يتزعمه نائب الرئيس نوري المالكي قرر الانسحاب من السباق الانتخابي في المحافظة استعداداً لاقتراع 12 مايو (أيار) المقبل. وعزا المكتب في بيان، أمس، أسباب الانسحاب إلى «كثرة المرشحين» والرغبة في «إعطاء الفرصة الكافية لبقية الكتل السياسية في المحافظة».
وتسكن محافظة صلاح الدين أغلبية سنيّة مع وجود أقلية شيعية تتمركز في قضائي الدجيل وبلد. وأكد رئيس مكتب «دولة القانون» في صلاح الدين ذو الفقار البلداوي، نبأ الانسحاب عقب اتفاق «مكتب ائتلاف القانون مع مرشحيه في المحافظة على الانسحاب، وهو أمر حاز تأييد وقبول رئيس الائتلاف نوري المالكي».
ولم يسبق لأي ائتلاف سياسي أن أعلن انسحابه من المنافسة الانتخابية في أي محافظة عراقية بهدف فسح المجال أمام منافسيه السياسيين.
ويعترف البلداوي بـ«ضعف حظوظ» ائتلاف القانون الانتخابية في صلاح الدين، ويقول في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «الانسحاب مبادرة لخدمة الكتل الكبيرة، كتلتنا صغيرة وأردنا فسج المجال للآخرين للفوز بمقاعد نيابية، وهناك كثرة في أعداد المرشحين، سواء من السنة أو الشيعة؛ مما يربك سكان المحافظة التي عانت كثيراً بعد سيطرة (داعش) عليها عام 2014؛ وذلك قد يدفعهم إلى العزوف عن المشاركة ففضلنا الانسحاب».
ويشير البلداوي إلى سبب آخر دفع الائتلاف إلى الانسحاب، وهو «عدم اتفاق القوى الشيعية على الدخول في تحالف موحد كي يضمنوا الفوز بمقعد أو مقعدين، وبدلاً عن ذلك دخلوا في ثلاثة أو أربعة تحالفات؛ الأمر الذي يشتت أصوات الناخبين الشيعة، وهم أقلية في المحافظة». ويلفت إلى أن «السياسة منافسة، لكن تعدد القوائم الشيعية يضعف موقفها، وقد طالبنا فعلاً بتشكيل قائمة موحدة فلم يستجيبوا لمطلبنا، فقررنا أن العناد لا يؤدي إلى نتيجة وانسحبنا».
ولعل دخول القوى الشيعية، أو تلك التي يترأسها زعماء شيعة مثل «تيار الحكمة» و«ائتلاف النصر» و«تحالف سائرون» و«تحالف الفتح» بقوائم منفردة في صلاح الدين السبب الأهم وراء انسحاب ائتلاف «دولة القانون»؛ لأنه يخشى عدم حصول الجميع على أي مقعد برلماني في صلاح الدين، وتالياً حرمان المكون الشيعي في المحافظة من أي تمثيل، وذلك ما حصل فعلاً في انتخابات عام 2014، حيث أخفقت القوى الشيعية في الحصول على أي مقعد عربي في قضائي بلد والدجيل الشيعيتين، وحصلت على مقعدين فقط في قضاء طوز خورماتو التابع لمحافظة صلاح الدين، ذهبا إلى النائبين التركمانيين جاسم محمد جعفر (حزب الدعوة) ومعمار أوغلو (منظمة بدر).
من جانبه، يرى المتحدث باسم مجلس شيوخ صلاح الدين، مروان الجبارة، أن قرار انسحاب «دولة القانون»، من السباق الانتخابي في المحافظة «غير مفاجئ». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «شعبية المالكي في قضائي الدجيل وبلد متواضعة، وفي بقية مناطق صلاح الدين تكاد تكون معدومة؛ لذلك هو ذهب إلى خيار الانسحاب لأنه لن يحصل على أصوات تؤهله للفوز بمقعد انتخابي، وتحالفا (النصر) و(الفتح) أكثر حظوظاً في المحافظة».
ويرى الجبارة، أن «حظوظ القوى الشيعية عموماً ضعيفة، ولن تحصل في أي حال على أكثر من مقعد أو مقعدين؛ ذلك أن نفوس قضائي بلد ودجيل تناهز نحو 200 ألف نسمة، أغلبهم في المركز، أما الأطراف فأغلبها من المكون السني».
وحول أبرز القوائم المرشحة في صلاح الدين، يعتقد الجبارة، أن «(ائتلاف النصر) الذي يتزعمه رئيس الوزراء حيدر العبادي لديه حظوظ طيبة؛ لأنه يضم نحو 60 في المائة من المرشحين من الوجوه السنية البارزة في صلاح الدين». كما يشير إلى أن «القائمة الوطنية التي يتزعمها إياد علاوي لديها حظوظ انتخابية جيدة»، لكنه يتوقع أن «لا تزيد المقاعد الانتخابية لأي تحالف عن ثلاثة أو أربعة مقاعد؛ لأن حصّة صلاح الدين تبلغ 12 مقعداً نيابياً فقط».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.