فيتامين «سي»... هل يقي من الإصابة بنزلات البرد؟

الأفضل تناوله من الغذاء الطبيعي

فيتامين «سي»... هل يقي من الإصابة بنزلات البرد؟
TT

فيتامين «سي»... هل يقي من الإصابة بنزلات البرد؟

فيتامين «سي»... هل يقي من الإصابة بنزلات البرد؟

كثيرًا ما يتم التغني بفيتامين «سيC» على أنه علاج طبيعي لنزلات البرد. كما أن وضع هذه المادة الغذائية في مكملات غذائية يوصف بأنه واعد لتقوية جهاز المناعة. ومن المعروف أيضا أن الدكتور لينوس باولنغ، الحائز على جائزة نوبل، قد زعم أن تناول كميات كبيرة من فيتامين «سي» يساعد في الوقاية من الإصابة بنزلات البرد.

الفيتامين ونزلات البرد

هل هناك ما يدعم هذه المزاعم؟ يقول الدكتور بروس بيسترين، رئيس التغذية الإكلينيكية في مركز بيت إسرائيل ديكونيس الطبي التابع لجامعة هارفارد: «توضح البيانات أن فيتامين (سي) لا يقدم سوى فائدة ضئيلة فيما يتعلق بنزلات البرد الشائعة».
لا تصنع أجسامنا فيتامين «سي»، لكننا نحتاجه لعمل جهاز المناعة، وبناء العظام، وامتصاص الحديد، والتمتع ببشرة سليمة. ونحن نحصل على فيتامين «سي» من الأغذية التي نتناولها، ويوجد الفيتامين بكثرة في الفواكه الحمضية، والفراولة، والخضراوات الخضراء، والطماطم. ويبلغ مقدار الحصة الغذائية منه، التي ينصح بها للرجال، 90 مليغراما يوميًا، وللنساء 75 مليغراما يوميًا.
أما تأثيره على نزلات البرد، فإن الدليل الأكثر إقناعًا حتى اليوم يوجد في مراجعة أجريت عام 2013 اشتملت على 29 تجربة عشوائية شارك به أكثر من 11 ألف شخص عام. واكتشف الباحثون أن احتمال الإصابة بنزلات برد بين الأشخاص الأكثر نشاطًا، مثل عدائي الماراثون، والمتزلجين، وأفراد قوات الجيش، الذين يمارسون تدريبات قاسية في ظروف الطقس البارد، والذين كانوا يتناولون 200 مليغرام على الأقل من فيتامين «سي» يوميًا، تراجعت إلى أقل من النصف. مع ذلك بالنسبة إلى عامة الناس، لم ينجح تناول فيتامين «سي» يوميًا في خفض احتمالات الإصابة بنزلات برد.
الأمر الأكثر تشجيعًا هو أن تناول 200 مليغرام على الأقل من فيتامين «سي» يوميًا قد ساعد على ما يبدو في جعل مدة ظهور أعراض البرد أقصر بمتوسط نسبته 8 في المائة بين البالغين، و14 في المائة بين الأطفال، أي تقليل يوم من فترة المرض على الأقل. ويقول الدكتور بيسترين: «قد يمثل هذا أهمية لبعض الناس، لأن نزلات البرد الشائعة تؤدي إلى خسارة 23 يوم عمل سنويًا».

تناول الغذاء الطبيعي

إن كنت تريد الحصول على فوائد فيتامين «سي»، فأنت بحاجة إلى تناوله يوميًا، وليس فقط عند ظهور أعراض البرد.
هل ينبغي تناول مكملات غذائية؟ من الأفضل الحصول على فيتامين «سي» من الطعام، لأنك تحصل أيضًا على مواد مغذية مهمة أخرى. وينصح بتناول خمس حصص من الفواكه، والخضراوات يوميًا من أجل الحفاظ على الصحة العامة، وحينها ستحصل على ما يكفي من فيتامين «سي»، وذلك بحسب نصيحة بيسترين.
ماذا عن المزاعم التي تقول بأن تناول جرعات هائلة من فيتامين «سي» يمكن أن يساعد في الوقاية من الإصابة بنزلات البرد؟ تشير بعض الدراسات إلى احتمال وجود فائدة، لكن لتحقيق ذلك ينبغي تناول 8 آلاف مليغرام يوميًا.
مع ذلك في حال تناول أكثر من 400 مليغرام من فيتامين «سي»، يتخلص الجسم منه عن طريق البول. ويمكن أن يؤدي تناول جرعة يومية مقدارها ألفي مليغرام أو يزيد إلى الشعور بالغثيان، والإسهال، ووجع البطن، وقد تؤثر على تحاليل السكر في الدم.
*رسالة هارفارد الصحية
خدمات «تريبيون ميديا».



بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)
جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)
TT

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)
جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

وذكرت أن قبل خمس سنوات، سمع العالم التقارير الأولى عن مرض غامض يشبه الإنفلونزا ظهر في مدينة ووهان الصينية، والمعروف الآن باسم «كوفيد - 19».

وتسبب الوباء الذي أعقب ذلك في وفاة أكثر من 14 مليون شخص، وأصيب نحو 400 مليون شخص في جميع أنحاء العالم لفترة طويلة، وكذلك في صدمة للاقتصاد العالمي، وأدرك زعماء العالم أن السؤال عن جائحة أخرى ليس «ماذا إذا ظهرت الجائحة؟»، بل «متى ستظهر؟»، ووعدوا بالعمل معاً لتعزيز أنظمة الصحة العالمية، لكن المفاوضات تعثرت في عام 2024، حتى مع رصد المزيد من التهديدات والطوارئ الصحية العامة العالمية.

وإذا ظهر تهديد وبائي جديد في عام 2025، فإن الخبراء ليسوا مقتنعين بأننا سنتعامل معه بشكل أفضل من الأخير، وفقاً للصحيفة.

ما التهديدات؟

في حين يتفق الخبراء على أن جائحة أخرى أمر لا مفر منه، فمن المستحيل التنبؤ بما سيحدث، وأين سيحدث، ومتى سيحدث.

وتظهر تهديدات صحية جديدة بشكل متكرر، وأعلن مسؤولو منظمة الصحة العالمية تفشي مرض الملاريا في أفريقيا، كحالة طوارئ صحية عامة دولية في عام 2024. ومع نهاية العام، كانت فرق من المتخصصين تستكشف تفشي مرض غير معروف محتمل في منطقة نائية من جمهورية الكونغو الديمقراطية، ويعتقد الآن أنه حالات من الملاريا الشديدة وأمراض أخرى تفاقمت بسبب سوء التغذية الحاد.

وتشعر القائمة بأعمال مدير إدارة التأهب للأوبئة والوقاية منها في منظمة الصحة العالمية، ماريا فان كيرخوف، بالقلق إزاء وضع إنفلونزا الطيور، فالفيروس لا ينتشر من إنسان إلى إنسان، ولكن كان هناك عدد متزايد من الإصابات البشرية في العام الماضي.

وقالت إنه في حين أن هناك نظام مراقبة دولياً يركز بشكل خاص على الإنفلونزا، فإن المراقبة في قطاعات مثل التجارة والزراعة، حيث يختلط البشر والحيوانات، ليست شاملة بما فيه الكفاية.

وتؤكد أن القدرة على تقييم المخاطر بشكل صحيح «تعتمد على الكشف والتسلسل وشفافية البلدان في مشاركة هذه العينات».

تعلمت البشرية من جائحة «كورونا» أن لا شيء يفوق أهمية الصحتَين الجسدية والنفسية (رويترز)

وتقول إن جائحة «كوفيد - 19» تركت أنظمة الرعاية الصحية في جميع أنحاء العالم «مهتزة حقاً»، وتبعتها قائمة طويلة من الأزمات الصحية الأخرى.

وأضافت: «بدأت الإنفلونزا الموسمية في الانتشار، وواجهنا الكوليرا، والزلازل، والفيضانات، والحصبة، وحمى الضنك. إن أنظمة الرعاية الصحية تنهار تحت وطأة العبء، وتعرضت القوى العاملة الصحية لدينا على مستوى العالم لضربة شديدة، ويعاني الكثيرون من اضطراب ما بعد الصدمة. ومات الكثيرون».

وقالت إن العالم لم يكن في وضع أفضل من أي وقت مضى عندما يتعلق الأمر بالخبرة والتكنولوجيا وأنظمة البيانات للكشف السريع عن التهديد.

وتضيف أن توسيع قدرات التسلسل الجينومي في معظم البلدان في جميع أنحاء العالم، وتحسين الوصول إلى الأكسجين الطبي والوقاية من العدوى ومكافحتها، تظل «مكاسب كبيرة حقاً» بعد جائحة «كوفيد - 19». وهذا يعني أن إجابتها عمّا إذا كان العالم مستعداً للوباء التالي هي: «نعم ولا».

وتقول: «من ناحية أخرى، أعتقد أن الصعوبات والصدمة التي مررنا بها جميعاً مع (كوفيد) ومع أمراض أخرى، في سياق الحرب وتغير المناخ والأزمات الاقتصادية والسياسية، لسنا مستعدين على الإطلاق للتعامل مع جائحة أخرى، ولا يريد العالم أن يسمعني على شاشة التلفزيون أقول إن الأزمة التالية تلوح في الأفق».

وتقول إن عالم الصحة العامة «يكافح من أجل الاهتمام السياسي، والمالي، والاستثمار، بدلاً من أن تعمل الدول على البقاء في حالة ثابتة من الاستعداد».

وذكرت أن الحل الطويل الأجل «يتعلق بالحصول على هذا المستوى من الاستثمار الصحيح، والتأكد من أن النظام ليس هشاً».

هل الأموال متاحة للاستعداد للوباء؟

وجد وزير الصحة الرواندي الدكتور سابين نسانزيمانا نفسه يتعامل مع تفشي مرضين رئيسيين في عام 2024: حالة الطوارئ الصحية العامة في أفريقيا، و66 حالة إصابة بفيروس «ماربورغ» في بلاده.

ويشارك في رئاسة مجلس إدارة صندوق الأوبئة، الذي أُنشئ في 2022 كآلية تمويل لمساعدة البلدان الأكثر فقراً على الاستعداد للتهديدات الوبائية الناشئة.

ويحذر نسانزيمانا مما إذا وصل الوباء التالي في عام 2025 بقوله: «للأسف، لا، العالم ليس مستعداً، ومنذ انتهاء حالة الطوارئ الصحية العامة بسبب (كوفيد) العام الماضي، حوّل العديد من القادة السياسيين انتباههم ومواردهم نحو تحديات أخرى، ونحن ندخل مرة أخرى ما نسميه دورة الإهمال، حيث ينسى الناس مدى تكلفة الوباء على الأرواح البشرية والاقتصادات ويفشلون في الانتباه إلى دروسه».

وقال إن صندوق الأوبئة «يحتاج بشكل عاجل إلى المزيد من الموارد للوفاء بمهمته»،

وفي عام 2022، بدأت منظمة الصحة العالمية مفاوضات بشأن اتفاق جديد بشأن الجائحة من شأنه أن يوفر أساساً قوياً للتعاون الدولي في المستقبل، لكن المحادثات فشلت في التوصل إلى نتيجة بحلول الموعد النهائي الأولي للجمعية العالمية للصحة السنوية في 2024، ويهدف المفاوضون الآن إلى تحديد موعد نهائي لاجتماع هذا العام.

جائحة «كورونا» غيّرت الكثير من المفاهيم والعادات (إ.ب.أ)

وتقول الدكتورة كلير وينهام، من قسم السياسة الصحية في كلية لندن للاقتصاد: «حتى الآن، أدت المحادثات في الواقع إلى تفاقم مستويات الثقة بين البلدان»، ولا يوجد اتفاق حول «الوصول إلى مسببات الأمراض وتقاسم الفوائد»، وكذلك الضمانات التي تُمنح للدول الأكثر فقراً بأنها ستتمكن من الوصول إلى العلاجات واللقاحات ضد مرض وبائي مستقبلي، في مقابل تقديم عينات وبيانات تسمح بإنشاء هذه العلاجات».

وتشير الأبحاث إلى أن المزيد من المساواة في الوصول إلى اللقاحات في أثناء جائحة «كوفيد - 19» كان من الممكن أن ينقذ أكثر من مليون حياة.

وذكرت وينهام: «الحكومات متباعدة للغاية، ولا أحد على استعداد حقاً للتراجع».

وقالت آن كلير أمبرو، الرئيسة المشاركة لهيئة التفاوض الحكومية الدولية التابعة لمنظمة الصحة العالمية: «نحن بحاجة إلى اتفاق بشأن الجائحة يكون ذا معنى».