ارتفاع معدلات الاكتئاب لدى المراهقات

دراسة أميركية ترجح ازدياد تعرضهن للضغوط النفسية

ارتفاع معدلات الاكتئاب لدى المراهقات
TT

ارتفاع معدلات الاكتئاب لدى المراهقات

ارتفاع معدلات الاكتئاب لدى المراهقات

على الرغم من الجهود المبذولة في علاج الأمراض والمشكلات النفسية وازدياد الوعي الطبي بضرورة التشخيص المبكر والتعرف على الحالات التي يمكن أن تتطور إلى مرض نفسي كامل، فإن الأرقام تشير إلى ازدياد معدلات الاكتئاب للمراهقين بوجه عام والفتيات بوجه خاص في عشرة أعوام انتهت بنهاية عام 2014، حيث ازدادت نسبة الاكتئاب إلى 37 في المائة عن المعدلات السابقة، وهو الأمر الذي أشارت إليه دراسة حديثة نشرت في النسخة الإلكترونية من مجلة طب الأطفال journal Pediatrics في منتصف شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الحالي.

اكتئاب الفتيات

وكانت الدراسة التي قام بها باحثون من كلية جونز هوبكنز بلومبرغ للصحة العامةJohns Hopkins Bloomberg School of Public Health، أشارت إلى أن واحدة من كل ست فتيات في مرحلة المراهقة قد اعترفت بتعرضها لنوبات اكتئاب مرة واحدة على الأقل في السنة السابقة للبحث. وتعتبر هذه النسبة شديدة الخطورة، وتشير إلى احتياج هؤلاء المراهقات إلى الدعم والعلاج النفسي على يد أطباء مختصين، وتشير أيضًا إلى أن هناك الكثير من الحالات التي تمر دون تشخيص ودون الالتفات الكافي لها، وهو ما يمكن أن يؤثر بالسلب على الصحة النفسية والعقلية لهؤلاء المراهقات وهو الأمر الذي يجب التعامل معه بجدية شديدة وإيجاد طرق مختلفة للوصول إلى هؤلاء الشباب للحماية من الإصابة بالاكتئاب.
وهناك مخاوف من أن يؤدي الاكتئاب الذي تمر به الفتيات إلى دفعهن إلى الانتحار، خصوصًا أن معدلات الانتحار في المراهقات والسيدات في بدايات العشرينات من أعمارهن في ازدياد مستمر. وأوضحت الدراسة أن مراكز مكافحة الأمراض واتقائها قد أصدر تقرير حديثًا يشير إلى أن معدلات الانتحار في المدارس المتوسطة للبنات (الفئة العمرية من 10 إلى 14 عامًا) تتفوق على معدلات الوفاة جراء حوادث السيارات في هذا العمر. ويعتبر هذا التقرير بالغ الخطورة لا سيما أن هذه الفترة تعتبر في مراحل الطفولة المتأخرة وبالكاد على أعتاب فترة المراهقة، وهو الأمر الذي يعني خللاً في إدراك مشكلات هؤلاء الفتيات الصغار، ومحاولات تقديم الدعم النفسي الكافي لهن.
وقد قام الباحثون بفحص بيانات المراهقين والشباب بشكل عام في الفترة من عام 2005 وحتى عام 2014 من خلال الأبحاث القومية السنوية على الأمور المتعلقة بالصحة النفسية للمراهقين والشباب ما دون الخمسة وعشرين عاما، مثل تعاطي مواد مخدرة أو التعرض إلى نوبات اكتئاب كبرى Major depressive episodes في خلال آخر سنة (المقصود بنوبات الاكتئاب الكبرى الاكتئاب المرضي أو الإكلينيكي بمعنى أن يفقد المراهق اهتمامه أو استمتاعه بالنشاط اليومي العادي مع أعراض الاكتئاب الأخرى مثل الحزن والابتعاد عن الأصدقاء والسلوك الانطوائي لمدة لا تقل عن أسبوعين كاملين). وقام الباحثون بتثبيت العوامل التي من شأنها أن تغير من النتائج تبعًا للفروق الحياتية والمعيشية والتعرض لأمراض معينة، وأي عوامل أخرى يمكن أن تؤدي إلى اختلافات في نتيجة الدراسة.

ضغوط نفسية

شملت الدراسة فحص بيانات 176245 مراهقًا تتراوح أعمارهم بين 12 وحتى 17 عامًا وأيضًا بيانات 180.459 من الشباب تتراوح أعمارهم بين 18 وحتى 25 عامًا، وتم الحديث مع الجميع، وشرحًا كافيًا لأعراض الاكتئاب، وأيضًا تم سؤالهم عما إذا كانوا قد تعرضوا لهذه الأعراض من عدمه في السنة السابقة للبحث، وذلك بداية من عام 2005 وانتهاء بعام 2014. وفى عام 2005 بلغت نسبة المراهقين الذين عانوا من نوبات الاكتئاب الكبرى في العام السابق للدراسة 8.7 بينما بلغت هذه النسبة 11.3 في عام 2014، وذلك بعد أن كانت النسبة قد ظلت تقريبًا ثابتة في الفترة من عام 2005 وحتى عام 2011، ولكنها ازدادت في الفترة من عام 2012 وحتى عام 2014.
وبالنسبة للفتيات الصغار ازدادت النسبة من 13.1 في المائة في عام 2005 إلى 17.3 في المائة عام 2014 وكانت النسبة الأكبر من اللاتي تعرضن لنوبات الاكتئاب الكبرى للفتيات من ذوي البشرة البيضاء أكثر من أقرانهن من بقية الأجناس سواء أكنوا من الأميركيين من أصل أفريقي أو الآسيويين أما بالنسبة للشابات فكانت نسبة الزيادة بسيطة من 8.8 في عام 2005 لتصل إلى 9.6 في عام 2014 وحتى هذه الزيادة البسيطة كانت في الفئة العمرية من 18 وحتى 20 عامًا، وهو ما يعني أن الفتيات تحت عمر 20 عاما كُنّ الأكثر عرضة لهذه المخاطر. والجدير بالذكر أن هذه الدراسات كانت مبنية فقط على الإجابات الشخصية لمن شملتهم الدراسة دون فحوصات نفسية إكلينيكية.
وأوضحت الدراسة أن هذه الزيادة في نسبة الاكتئاب تعتبر صادمة نظرا لأنه منذ عام 2011 قد زاد الاهتمام بالجانب النفسي بالفعل من حيث زيادة عدد الاختصاصيين النفسيين، وزيادة الحجز في المستشفيات جراء المشكلات النفسية، وزيادة تكلفة العلاج أيضًا إلا أن كل هذه الجهود لم تكن كافية. وأعرب الباحثون عن عدم معرفتهم بالأسباب الحقيقية التي أدّت إلى زيادة نوبات الاكتئاب الكبرى على وجه التحديد خصوصًا للفتيات. ورجحوا أنه من الواضح أن الفتيات يتعرضن لضغوط نفسية أكثر من الذكور في السنوات الأخيرة وعلى سبيل المثال تعرضهم للاستغلال النفسي والعاطفي و«التنمّر» عن طريق الإنترنت Cyberbullying لا سيما أن الدراسة أشارت إلى استخدام التليفونات الذكية من قبل الفتيات بنسبة أكبر من الذكور ودائما ارتبط الاستخدام المفرط للتليفونات الذكية بالسلوك الاكتئابي وقد يكون للعامل الاقتصادي بشكل عام دور في إحباط المراهقين، خصوصًا أن وقت الدراسة تزامن مع التراجع الاقتصادي.

• استشاري طب الأطفال



ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين
TT

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

أثارت التقارير عن زيادة حالات الإصابة بفيروس الجهاز التنفسي البشري المعروف اختصاراً بـHMPV في الصين أصداء قاتمة لبداية مماثلة لجائحة كوفيد - 19 قبل خمس سنوات تقريباً، كما كتبت ستيفاني نولين(*).

ولكن رغم أوجه التشابه السطحية، فإن هذا الوضع مختلف تماماً، وأقل إثارة للقلق، كما يقول خبراء الطب.

وإليك ما نعرفه عن «الفيروس المتحور الرئوي البشري» Human Metapneumovirus المعروف اختصاراً HMPV. ويسمى أحياناً أخرى بـ«الميتانيوفيروس البشري».

ما «الفيروس المتحور الرئوي البشري»؟

إنه أحد مسببات الأمراض العديدة التي تنتشر في جميع أنحاء العالم كل عام، وتسبب أمراض الجهاز التنفسي. وهو فيروس شائع؛ بل شائع جداً لدرجة أن معظم الناس يصابون به وهم ما زالوا أطفالاً وقد يعانون من عدة إصابات في حياتهم. وفي البلدان التي تشهد شهوراً من الطقس البارد، يمكن أن يكون لفيروس الجهاز التنفسي البشري موسم سنوي، تماماً مثل الإنفلونزا، بينما في الأماكن الأقرب إلى خط الاستواء، فإنه ينتشر بمستويات أقل طوال العام.

هذا الفيروس يشبه فيروساً معروفاً بشكل أفضل في الولايات المتحدة، «الفيروس المخلوي التنفسي»، RSV الذي يسبب أعراضاً تشبه إلى حد كبير تلك المرتبطة بالإنفلونزا وكوفيد، بما في ذلك السعال والحمى واحتقان الأنف والصفير.

معظم عدوى فيروس HMPV خفيفة، تشبه نوبات البرد الشائعة. لكن الحالات الشديدة يمكن أن تؤدي إلى التهاب الشعب الهوائية أو الالتهاب الرئوي، وخاصة بين الرضع وكبار السن والأشخاص الذين يعانون من ضعف المناعة. أما المرضى الذين يعانون من حالات الرئة السابقة، مثل الربو أو مرض الانسداد الرئوي المزمن أو انتفاخ الرئة، فهم أكثر عرضة لنتائج وخيمة.

منذ متى كان الفيروس موجوداً؟

تم التعرف على الفيروس في عام 2001، لكن الباحثين يقولون إنه انتشر بين البشر لمدة 60 عاماً على الأقل. ورغم أنه ليس جديداً، فإنها لا يحظى بالقدر نفسه من التعرف على الإنفلونزا أو كوفيد - 19 أو حتى الفيروس المخلوي التنفسي، كما يقول الدكتور لي هوارد، الأستاذ المساعد لأمراض الأطفال المعدية في المركز الطبي لجامعة فاندربيلت.

أحد الأسباب هو أنه نادراً ما تتم مناقشته بالاسم، إلا عندما يتم إدخال الأشخاص إلى المستشفى بسبب حالة مؤكدة منه.

ويضيف هوارد: «من الصعب حقاً التمييز بين السمات السريرية والأمراض الفيروسية الأخرى. إننا لا نختبر بشكل روتيني فيروس الجهاز التنفسي البشري بالطريقة التي نفعلها لكوفيد - 19 أو الإنفلونزا أو الفيروس المخلوي التنفسي، لذا فإن معظم حالات العدوى لا يتم التعرف عليها ويتم إرجاعها إلى أي عدوى تنفسية موجودة».

كيف يصاب الشخص بالفيروس التنفسي البشري؟

ينتشر الفيروس في المقام الأول من خلال الرذاذ أو الهباء الجوي من السعال أو العطس، ومن خلال الاتصال المباشر بشخص مصاب أو من خلال التعرض للأسطح الملوثة - وهي نفس الطرق التي يصاب بها الناس بنزلات البرد والإنفلونزا وكوفيد-19.

هل يوجد لقاح أو علاج له؟

لا يوجد لقاح ضد فيروسات الجهاز التنفسي البشري. ولكن هناك لقاح ضد فيروس الجهاز التنفسي المخلوي، ويجري البحث حالياً لإيجاد لقاح يمكنه الحماية ضد الفيروسين بجرعة واحدة، لأنهما متشابهان. لا يوجد علاج مضاد للفيروسات مخصص لفيروسات الجهاز التنفسي البشري؛ إذ يركز العلاج على إدارة الأعراض.

ماذا تقول الصين عن انتشاره؟

أقرت السلطات الصينية بارتفاع حالات الإصابة بفيروس الجهاز التنفسي البشري، لكنها أكدت أن الفيروس كيان معروف وليس مصدر قلق كبير. ويذكر أن فيروس كورونا المسبب لمرض كوفيد - 19 كان مسبباً جديداً للأمراض، لذا لم تتمكن أجهزة المناعة لدى الناس من بناء دفاعات ضده.

وفي مؤتمر صحافي عقدته مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها في الصين في 27 ديسمبر (كانون الأول)، قال كان بياو، مدير معهد الأمراض المعدية التابع للمركز، إن حالات الإصابة بفيروس الجهاز التنفسي البشري آخذة في الارتفاع بين الأطفال الذين تبلغ أعمارهم 14 عاماً أو أقل. وقال إن الزيادة كانت ملحوظة بشكل خاص في شمال الصين. وأضاف أن حالات الإنفلونزا زادت أيضاً.

وقال إن الحالات قد ترتفع خلال عطلة رأس السنة القمرية الجديدة، في نهاية يناير (كانون الثاني)، عندما يسافر العديد من الناس ويتجمعون في مجموعات كبيرة.

لكن كان قال بشكل عام: «بالحكم على الوضع الحالي، فإن نطاق وشدة انتشار الأمراض المعدية التنفسية هذا العام سيكونان أقل من العام الماضي».

وأظهرت البيانات الصينية الرسمية أن حالات فيروس التهاب الرئة البشري كانت في ارتفاع منذ منتصف الشهر الماضي، سواء في العيادات الخارجية أو في حالات الطوارئ، وفقاً لـ«وكالة أنباء شينخوا» الرسمية. وقالت الوكالة إن بعض الآباء ومستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي لم يكونوا على دراية بالفيروس وكانوا يطلبون المشورة عبر الإنترنت؛ وحثت على اتخاذ الاحتياطات الهادئة والعادية مثل غسل اليدين بشكل متكرر وتجنب الأماكن المزدحمة.

في إحاطة إعلامية روتينية يوم الجمعة الماضي، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية أن حالات الإنفلونزا والفيروسات التنفسية الأخرى تزداد بشكل روتيني في هذا الوقت من العام ولكنها «تبدو أقل حدة وتنتشر على نطاق أصغر مقارنة بالعام السابق».

وقال المسؤولون الصينيون الأسبوع الماضي إنهم سيضعون نظام مراقبة للالتهاب الرئوي من أصل غير معروف. وسيشمل النظام إجراءات للمختبرات للإبلاغ عن الحالات وللوكالات المعنية بمكافحة الأمراض والوقاية منها للتحقق منها والتعامل معها، حسبما ذكرت «هيئة الإذاعة والتلفزيون» الصينية.

ماذا تقول «منظمة الصحة العالمية»؟

لم تعرب «منظمة الصحة العالمية» عن قلقها. واستشهدت الدكتورة مارغريت هاريس، المتحدثة باسم المنظمة، بتقارير أسبوعية من السلطات الصينية أظهرت ارتفاعاً متوقعاً في الحالات.

«كما هو متوقع في هذا الوقت من العام، أي شتاء نصف الكرة الشمالي، فإن هناك زيادة شهرية في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وكذلك RSV وفيروس الميتانيوفيروس» هذا، كما قالت هاريس عبر البريد الإلكتروني.

هل يجب أن نقلق؟

التقارير الواردة من الصين تذكرنا بتلك التي وردت في الأيام الأولى المربكة لجائحة كوفيد، ولا تزال «منظمة الصحة العالمية» تحث الصين على مشاركة المزيد من المعلومات حول أصل هذا التفشي، بعد خمس سنوات.

لكن الوضع الحالي مختلف في جوانب رئيسة. كان كوفيد فيروساً انتقل إلى البشر من الحيوانات ولم يكن معروفاً من قبل. أما فيروس الإنسان الميتانيوفيروس هذا فقد تمت دراسته جيداً، وهناك قدرة واسعة النطاق لاختباره.

هناك مناعة واسعة النطاق على مستوى السكان من هذا الفيروس على مستوى العالم؛ لم تكن هناك مناعة لكوفيد. يمكن لموسم فيروس الإنسان الميتانيوفيروس الشديد أن يجهد سعة المستشفيات -وخاصة أجنحة الأطفال- لكنه لا يرهق المراكز الطبية.

وقال الدكتور سانجايا سينانياكي، المتخصص في الأمراض المعدية وأستاذ مشارك في الطب في الجامعة الوطنية الأسترالية: «ومع ذلك، من الضروري أيضاً أن تشارك الصين بياناتها حول هذا التفشي في الوقت المناسب». «يتضمن هذا بيانات وبائية حول من يصاب بالعدوى. وسنحتاج أيضاً إلى بيانات جينومية تؤكد أن فيروس HMPV هو السبب، وأنه لا توجد أي طفرات كبيرة مثيرة للقلق».

* خدمة «نيويورك تايمز»