سعد المهدي
TT

انتهى الموسم.. فهل يمكن أن يستمع بعضنا لبعض؟

ذكرت أنه من المناسب جدًا مناقشة كل ما جرى في الموسم الكروي السعودي بعد أن أناخ الموسم ركابه، وأخذ محاربوه نفسًا عميقًا، فتلك فرصة للإصغاء، وحالة مثالية للظن الحسن عند النقاش والتحاور.
ومن ذلك قلت ما قلته في الزاوية الماضية عن وضع التحكيم والحكام، ولا أريد أن أزيد أكثر بعد أن أظهر استفتاء برنامج «في المرمى» على قناة «العربية» أن الدوليين فهد المرداسي ومرعي عوادي وشكري الحنفوش وهم نخبة الحكام كانوا الأسوأ أداء من بين بقية الحكام المشاركين في إدارة مباريات الموسم!!
نعم فالغالبية من الذين شاركوا في الاستفتاء وهم أكثر من ثلاثين ألفًا انقادوا خلف عواطفهم، مما يعني أن تقديرهم للأسوأ أو الأفضل لا يتعدى أمرين إما مناصرة أو معاداة، ذلك هو واقع الاستفتاءات في كل المجالات يجب القبول به في الحالين، ولا أدري ما ذنب الزميل بتال القوس حين يلومه أو يشكك في عمله ممن لم تعجبهم النتائج دون أن يتنبهوا إلى أن ذلك من صنع المستفتين من الجماهير، أو أن ينسوا أن المرداسي الذي أظهره الاستفتاء «الأسوأ» كان في الاستفتاء ذات الموسم الماضي «الأفضل»؟!.
أنا مثلا أرى أن (جورجيو دونيس) مدرب الهلال المقال الأفضل أولاً وليس ثالثًا، لكنني أتفهم لماذا كان ثالث «الأسوأ» في نفس الاستفتاء، لأنني مؤمن بأن تصويت الجماهير يعتمد على قاعدتي المناصرة أو المعاداة دون ثالثة التقييم وهي الموضوعية، السويسري غروس والبرتغالي غوميز واليوناني دونيس، قدموا عملاً فنيًا لافتًا، لكن غروس ودونيس حققا بطولات الموسم الأربع بفضل أنهما يدربان فريقين يملكان إمكانية تحقيق البطولة، وأمام (غوميز) الموسم المقبل اختبار حقيقي بعد أن انتقل من تدريب الرابع التعاون إلى حامل اللقبين الأهلي.
أما لماذا «دونيس» هو الأفضل عندي؟ فالسبب يعود لأنه يندر أن يأتي للهلال مدرب ينفذ منهجيته الفنية التي تعيد ترتيب أوراقه من جديد وبحسب فلسفة وفكر المدرب وليس بناء على ما سبقه، أو نزولا عند أسلوب اعتاده الفريق أو طبيعة أداء عناصره، من ذلك قام «دونيس» ببناء استراتيجيته الفنية من خلال طريقة لعب جديدة 1 / 6 / 3 وأكثر من خطة لاستثمار الطريقة بتوظيف عناصر غير من فاعليتها وتأثيرها، وصنع فريقًا مخيفًا يسجل في أي وقت وعن طريق أي لاعب.
لكن ما لذي جرى وجعل «دونيس) مدربًا سيئًا ليس في نظر بعض الجماهير بل حتى عند كثير من الفنيين والمحللين الكرويين؟! أعتقد أن أحد الطرفين أثر على الآخر، لقد بلغت دهشت المحللين بما يقدمه «دونيس» حدًا لا يوصف وبالإمكان العودة إلى ما قالوه عنه من عبارات إعجاب وإشادة ما زالت ترن في الأسماع، وليكن ذلك درسًا لمن يحاربون من أجل الاستقرار الفني الذي يصنع منهجه وفكره في سنوات وليس في أشهر!
التحضير القوي المبكر استعدادًا لدور ربع نهائي آسيا و(السوبر) مكن الهلال من أن يكون منجزًا ومدهشًا، وبلغ ذروته في نهائي كأس ولي العهد، ثم دخل بعدها في منطقة انعدام وزن، فقط من لهم خبرة في مجال اللياقة البدنية والتحضيرات الذهنية والنفسية والنجاعة التكتيكية يمكن فهم ما جرى والحكم من خلاله على عمل «دونيس»، الذي كاد أن يسقط مقولة «الهلال يصنع المدربين»، ويصنع للهلال مرحلة جديدة تختلف عن سابقيها!