أطفال الريف أكثر عرضة للتسمم بالأدوية

عند تناولها بطريق الخطأ أو من دون وصفة طبية

أطفال الريف أكثر عرضة للتسمم بالأدوية
TT

أطفال الريف أكثر عرضة للتسمم بالأدوية

أطفال الريف أكثر عرضة للتسمم بالأدوية

على ما يبدو أن أطفال المدن الكبرى أكثر حظا من أطفال الأقاليم في العناية الصحية والوقاية من المشكلات الطبية المختلفة. وهذه الظاهرة ليست قاصرة على دول العالم الثالث فقط، إذ يعاني من هذه المشكلة كثير من الدول الصناعية الكبرى والولايات المتحدة على وجه الخصوص. والجدير بالذكر أن مركز مكافحة الأمراض والوقاية كان قد حذر بالفعل من الفارق الملحوظ بين مستوى الخدمات الطبية في المدن الكبرى والأقاليم النائية، حتى إن متوسط الأعمار أقل في المناطق البعيدة عن المدن الكبرى والتي تضم أشخاصا يعانون من البطالة وضيق الأحوال المعيشية.

* التسمم بالأدوية

* وقد أظهرت دراسة أميركية حديثة قام بها باحثون من جامعة بتيرسيبرغ وجامعة كاليفورنيا نشرت في نهاية شهر ديسمبر (كانون الأول) عام 2015 أن الأطفال الذين يعيشون في المناطق الفقيرة الريفية أو بالأحرى البعيدة عن المدنية هم أكثر من غيرهم عرضة للإصابة بحالات التسمم بالأدوية medication poisonings التي تعنى ببساطة حدوث حالة من المشكلات الصحية الإكلينيكية نتيجة لتناول أدوية بعينها ضارة بالصحة سواء كانت للبالغين وتم تناولها عن طريق الخطأ، أو أدوية للأطفال تستخدم في حالات خاصة وتحت رقابة طبية وكانت موصوفة لأطفال آخرين ولا يجب تناول أي جرعة حتى ولو كانت جرعة بسيطة.
ولفظ التسمم بالأدوية يختلف علميا بشكل بسيط عن حدوث مضاعفات طبية نتيجة لتناول جرعة زائدة من العلاج drug toxicity تؤدي إلى مشكلات صحية وحدوث نتيجة عكسية.
الدراسة التي تنشر في النسخة الإلكترونية من مجلة «علم السموم الإكلينيكيClinical Toxicology» في عدد شهر يناير (كانون الثاني) من العام الجاري 2016، أشارت إلى أن المناطق التي تكثر فيها البطالة ويعاني الأطفال فيها من سوء الأحوال الاقتصادية والتي تبعد عن المدينة والتي يعاني معظم قاطنيها من نقص التعليم، ويكون الأطفال فيها أكثر عرضة للإصابة بالتسمم. والحقيقة أن هذه المشكلة على وجه التحديد يمكن أن يعاني منها كثير من البلدان العربية سواء بسبب الفقر والابتعاد عن الأماكن الحضرية في المدن الكبرى أو بسبب غياب الوعي الكافي لكثير من المواطنين، وفي دول كثيرة يمكن أن تذهب الأم إلى الصيدلية مباشرة لشراء العلاج بدلا من زيارة الطبيب التي تضيف تكاليف إضافية أو تقوم بإعطاء الطفل علاجا معينا بناء على نصيحة من أحد أقاربها أو صديقاتها قمن بتجربة العقار نفسه مع أطفالهن من قبل وأثبت فاعلية في العلاج.

* انعدام الوعي

* والحقيقة أنه بجانب عدم الوعي في الحصول على العلاج هناك أيضا عدم الوعي في التعامل بشكل صحي وصحيح مع العلاج. ويجب على سبيل المثال ألا يتم ترك الأدوية التي يتناولها البالغون عرضة للوصول إلى يد الأطفال، ويجب على الأمهات مراعاة ذلك وأيضا معرفة الدواء الموجود على وجه التحديد ومعرفة عدد الأقراص المتبقية ولون وشكل القرص ومعرفة الغرض المستخدم في علاجه حتى يكون لدى الأم المعلومات الكافية التي يمكن أن تفيد طبيب الطوارئ في حالة تناول الطفل للعلاج عن طريق الخطأ أو ظهور أعراض مفاجئة على الطفل من دون سبب واضح، مثل القيء أو الإسهال أو الإغماء أو صعوبة التنفس أو تشنجات أو تغير في لون الجلد.
وقد قام الباحثون بتحليل 26.685 من حالات التسمم من سجلات مركز السموم في ببتيرسيبرغ والتي تم تشخيصها على أنها كانت نتيجة لتناول أدوية عن طريق الخطأ لأطفال تحت عمر الخامسة، وذلك في الفترة من عام 2006 وحتى عام 2010. وكانت هذه الحالات تتدرج في الحدة من مجرد اتصالات هاتفية تستدعي نصيحة طبية سريعة لتدارك الخطأ ومعرفة الإجراءات البسيطة إذا كان الطفل في حالة جيدة، وأيضا بعض الحالات الحرجة التي استدعت الحضور إلى المركز أو حتى إلى أقرب مستشفى أو مركز صحي لإسعاف الطفل من التسمم.
وتبين أن معظم الحالات التي استدعت التدخل الطبي كانت بعيدة عن المناطق الحضرية وتتركز في المناطق الفقيرة، حيث تزيد معدلات البطالة بين العائلات القاطنة في تلك المناطق، وخصوصا في الفئة العمرية ما دون الخمس سنوات كانت النسبة أكثر من بقية المناطق بمقدار 3.2 مرة.
وعلى الرغم من أن الباحثين أكدوا أنهم لا يمكنهم الجزم بمعرفة الأسباب التي أدت إلى ارتفاع النسبة بين أطفال الريف، فإنهم أرجعوا ذلك إلى نقص الرقابة في تلك المنازل وعدم الوعي من الآباء، كما أن ارتفاع معدلات الفقر في الأغلب؛ إذ لا يكون هناك في هذه المنازل أماكن خاصة بتجميع الأدوية مثل دولاب معين، وأن هذه الأماكن لا تكون بمنأى عن متناول الأطفال.
وأوصت الدراسة ببعض النصائح الطبية التي يمكن أن تفيد الأمهات بشكل وقائي مثل الاحتفاظ بالأدوية في أماكن مرتفعة بالمنزل لا يمكن للطفل الوصول إليها، وأيضا معرفة تاريخ انتهاء مفعول العقار والتأكد من عدد الأقراص المتبقية، ويمكن كتابة عدد الأقراص المتبقية من كل علبة على الغلاف الخارجي للدواء، بحيث يمكنها من ملاحظة النقص على الفور، وفي حالة تناول الطفل لأي عقار على الأم إبلاغ أقرب مركز للسموم عن الحالة ويمكن كإجراء أولي أن تقوم بعمل شراب ملحي للطفل كمحفز للقيء إذا تم اكتشاف التناول سريعا.

* استشاري طب الأطفال



الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين

الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين
TT

الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين

الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين

مع بداية فصل الشتاء وزيادة احتمالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي واستمرار الحديث عن الأعراض المزمنة لمرض «كوفيد - 19» نُشرت أحدث وأطول دراسة طولية عن الأعراض الطويلة الأمد للمرض أجراها باحثون إنجليز في مستشفى غريت أورموند ستريت للأطفال Great Ormond Street Hospital for Children بالمملكة المتحدة بالتعاون مع عدة جامعات أخرى؛ مثل جامعة لندن ومانشستر وبريستول. وأكدت أن معظم الأطفال والمراهقين الذين تأكدت إصابتهم بأعراض كوفيد الطويل الأمد، تعافوا بشكل كامل في غضون 24 شهراً.

أعراض «كوفيد» المزمنة

بداية، فإن استخدام مصطلح (أعراض كوفيد الطويل الأمد) ظهر في فبراير (شباط) عام 2022. وتضمنت تلك الأعراض وجود أكثر من عرض واحد بشكل مزمن (مثل الإحساس بالتعب وصعوبة النوم وضيق التنفس أو الصداع)، إلى جانب مشاكل في الحركة مثل صعوبة تحريك طرف معين أو الإحساس بالألم في عضلات الساق ما يعيق ممارسة الأنشطة المعتادة، بجانب بعض الأعراض النفسية مثل الشعور المستمر بالقلق أو الحزن.

الدراسة التي نُشرت في نهاية شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الحالي في مجلة Nature Communications Medicine أُجريت على ما يزيد قليلاً على 12 ألف طفل من الذين تتراوح أعمارهم بين 11 و17 عاماً في الفترة من سبتمبر(أيلول) 2020 وحتى مارس (آذار) 2021، حيث طلب الباحثون من الأطفال الذين ثبتت إصابتهم، تذكر أعراضهم وقت إجراء اختبار «تفاعل البوليمراز المتسلسل» PCR المُشخص للكوفيد، ثم تكرر الطلب (تذكر الأعراض) مرة أخرى بعد مرور ستة و12 و24 شهراً.

تم تقسيم الأطفال إلى أربع مجموعات على مدار فترة 24 شهراً. وتضمنت المجموعة الأولى الأطفال الذين لم تثبت إصابتهم بفيروس الكوفيد، والمجموعة الثانية هم الذين كانت نتيجة اختبارهم سلبية في البداية، ولكن بعد ذلك كان نتيجة اختبارهم إيجابية (مؤكدة)، فيما تضمنت المجموعة الثالثة الذين كانت نتيجة اختبارهم مؤكدة في البداية، ولكن لم يصابوا بالعدوى مرة أخرى لاحقاً، وأخيراً المجموعة الرابعة التي شملت الذين كانت نتيجة اختبارهم مؤكدة في البداية ثم أصيبوا بالعدوى مرة أخرى لاحقاً.

قام الباحثون باستخدام مصطلح كوفيد الطويل الأمد عند فحص بيانات ما يقرب من ألف طفل من الذين تأكدت إصابتهم بالمرض ووجدوا بعد مرور عامين أن نحو 25 - 30 في المائة فقط من إجمالي المراهقين هم الذين لا يزالون يحتفظون بالأعراض المزمنة، بينما تم شفاء ما يزيد على 70 في المائة بشكل كامل. وكان المراهقون الأكبر سناً والأكثر حرماناً من الخدمات الطبية هم الأقل احتمالية للتعافي.

25 - 30 % فقط من المراهقين يظلون محتفظين بالأعراض المزمنة للمرض

استمرار إصابة الإناث

كان اللافت للنظر أن الإناث كن أكثر احتمالية بنحو الضعف لاستمرار أعراض كوفيد الطويل الأمد بعد 24 شهراً مقارنة بالذكور. وقال الباحثون إن زيادة نسبة الإناث ربما تكون بسبب الدورة الشهرية، خاصة أن بعض الأعراض التي استمرت مع المراهقات المصابات (مثل الصداع والتعب وآلام العضلات والأعراض النفسية والتوتر) تتشابه مع الأعراض التي تسبق حدوث الدورة الشهرية أو ما يسمى متلازمة «ما قبل الحيض» pre-menstrual syndrome.

ولاحظ الباحثون أيضاً أن أعلى معدل انتشار للأعراض الطويلة الأمد كان من نصيب المرضى الذين كانت نتائج اختباراتهم إيجابية في البداية، ثم أصيبوا بالعدوى مرة أخرى لاحقاً.

قال الباحثون إن نتائج الدراسة تُعد في غاية الأهمية في الوقت الحالي؛ لأن الغموض ما زال مستمراً حول الآثار التي تتركها الإصابة بالفيروس، وهل سوف تكون لها مضاعفات على المدى الطويل تؤدي إلى خلل في وظائف الأعضاء من عدمه؟

وتكمن أهمية الدراسة أيضاً في ضرورة معرفة الأسباب التي أدت إلى استمرار الأعراض في الأطفال الذين لم يتماثلوا للشفاء بشكل كامل ونسبتهم تصل إلى 30 في المائة من المصابين.

لاحظ الباحثون أيضاً اختلافاً كبيراً في الأعراض الملازمة لـ«كوفيد»، وعلى سبيل المثال هناك نسبة بلغت 35 في المائة من الأطفال الذين ثبتت إصابتهم في البداية، ثم أصيبوا مرة أخرى بعد ذلك، لم تظهر عليهم أي أعراض على الرغم من إصابتهم المؤكدة تبعاً للتحليل. وفي المقابل هناك نسبة بلغت 14 في المائة من المجموعة التي لم تظهر عليها أي أعراض إيجابية عانت من خمسة أعراض أو أكثر للمرض، ما يشير إلى عدم وضوح أعراض كوفيد الطويل الأمد.

هناك نسبة بلغت 7.2 في المائة فقط من المشاركين عانوا بشدة من الأعراض الطويلة الأمد (5 أعراض على الأقل) في كل النقط الزمنية للدراسة (كل ثلاثة أشهر وستة وعام وعامين)، حيث أبلغ هؤلاء المشاركون عن متوسط خمسة أعراض في أول 3 أشهر ثم خمسة في 6 أشهر ثم ستة أعراض في 12 شهراً ثم خمسة في 24 شهراً بعد الإصابة، ما يؤكد ضرورة تقديم الدعم الطبي المستمر لهؤلاء المرضى.

بالنسبة للتطعيم، لم تجد الدراسة فرقاً واضحاً في عدد الأعراض المبلغ عنها أو حدتها أو الحالة الصحية بشكل عام ونوعية الحياة بين المشاركين الذين تلقوا التطعيمات المختلفة وغير المطعمين في 24 شهراً. وقال الباحثون إن العديد من الأعراض المُبلغ عنها شائعة بالفعل بين المراهقين بغض النظر عن إصابتهم بفيروس «كورونا» ما يشير إلى احتمالية أن تكون هذه الأعراض ليست نتيجة للفيروس.

في النهاية أكد العلماء ضرورة إجراء المزيد من الدراسات الطولية لمعرفة آثار المرض على المدى البعيد، وكذلك معرفة العواقب الطبية للتطعيمات المختلفة وجدوى الاستمرار في تناولها خاصة في الفئات الأكثر عرضة للإصابة؛ أصحاب المناعة الضعيفة.

* استشاري طب الأطفال