عباس يشترط تراجع إسرائيل عن ممارساتها لإعادة التنسيق الأمني

طالب بلينكن ورئيسي المخابرات المصرية والأردنية بوقف «جنون حكومة نتنياهو المتطرفة»

الرئيس الفلسطيني يتحدث في مستهل اللقاء مع بلينكن (أ.ف.ب)
الرئيس الفلسطيني يتحدث في مستهل اللقاء مع بلينكن (أ.ف.ب)
TT

عباس يشترط تراجع إسرائيل عن ممارساتها لإعادة التنسيق الأمني

الرئيس الفلسطيني يتحدث في مستهل اللقاء مع بلينكن (أ.ف.ب)
الرئيس الفلسطيني يتحدث في مستهل اللقاء مع بلينكن (أ.ف.ب)

قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس، إنه «مستعد للعمل مع الإدارة الأميركية والمجتمع الدولي، من أجل العودة إلى الحوار السياسي، بعد وقف إسرائيل الكامل للأعمال أحادية الجانب».
وأضاف خلال استقباله (الثلاثاء)، في مقر الرئاسة في رام الله، وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، أن «الوقف الكامل للأعمال الإسرائيلية أحادية الجانب، التي تنتهك الاتفاقيات الموقعة والقانون الدولي، هو المدخل الأساسي لعودة الأفق السياسي، وإنهاء الاحتلال وفقاً للمرجعيات الدولية ومبادرة السلام العربية، من أجل صنع السلام والاستقرار والأمن للجميع في منطقتنا والعالم». وتابع: «لقد أبدينا على الدوام الالتزام بقرارات الشرعية الدولية، ونبذ العنف والإرهاب، واحترام الاتفاقيات الموقعة، ونبدي الآن الاستعداد للعمل مع الإدارة الأميركية والمجتمع الدولي لعودة الحوار السياسي من أجل إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين على حدود 1967، بعاصمتها القدس الشرقية».
من جهته، عبر بلينكن عن «حزنه» وقدم «تعازيه» لمقتل فلسطينيين أبرياء. وقال: «اسمحوا لي أن أبدأ بالإعراب عن تعازينا وحزننا على مقتل المدنيين الفلسطينيين الأبرياء، الذين فقدوا أرواحهم في تصعيد العنف خلال العام الماضي». وأضاف: «يعاني الفلسطينيون والإسرائيليون، على حد سواء، من انعدام الأمن المتزايد والخوف المتزايد في منازلهم، وفي مجتمعاتهم وفي أماكن عبادتهم».وقال بلينكن أيضا، إن الفلسطينيين يواجهون «تضاؤلا في آفاق الأمل»، وجدد التأكيد على معارضة الولايات المتحدة لتوسع إسرائيل في الاستيطان، وأضاف، بعد أن كرر دعواته للجانبين إلى تهدئة التوترات، أن «الولايات المتحدة تعارض أي إجراء من أي جانب من شأنه أن يزيد من صعوبة تحقيق حل الدولتين، بما في ذلك التوسع الاستيطاني وعمليات الهدم والطرد من المنازل وزعزعة الوضع التاريخي القائم بالأماكن المقدسة». وتابع: «نعتقد بأنه من المهم اتخاذ خطوات للتخفيف من حدة التصعيد، ووقف العنف وتقليل التوترات، وأيضاً محاولة خلق الأسس لمزيد من الإجراءات الإيجابية للمضي قدماً».

والاثنين، قال بلينكن في مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، بعد محادثاتهما في القدس الغربية، «نحض الأطراف جميعاً الآن على اتخاذ خطوات عاجلة لاستعادة الهدوء ونزع فتيل التصعيد». وقال: «نريد أن نتأكد من وجود بيئة يمكننا فيها، كما آمل في مرحلة ما، أن نخلق الظروف للبدء باستعادة الشعور بالأمن للإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء».
- رسالتا تضامن
وكان عباس التقى بلينكن بعد لقائه مباشرة رئيسي جهازي المخابرات المصرية عباس كامل، والأردنية أحمد حسني، اللذين نقلا رسائل دعم وتضامن من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والملك الأردني عبد الله الثاني، أبديا فيها الحرص على الأمن والاستقرار في المنطقة.
ووصل كامل وحسني إلى رام الله، مستبقين وصول بلينكن، في خضم حراك مكثف لإيقاف التدهور الأمني ومنع تحوله إلى مواجهة أكبر. وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط»، «إن جهداً أميركياً أردنياً مصرياً منسقاً انطلق في محاولة لفرض الهدوء في الضفة الغربية، ويركز على مباحثات مع الإسرائيليين والفلسطينيين من أجل خفض مستوى التوتر بكل الطرق الممكنة، بما في ذلك استعادة التنسيق الأمني إلى مستواه الكامل».
وبحسب المصادر، فإن الرئيس عباس «أبلغ محادثيه جميعاً، بمن فيهم مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية وليام بيرنز، الذي التقاه قبل يومين في رام الله، بأنه لا يدفع باتجاه التصعيد، ومستعد لاستئناف التنسيق الأمني، وحتى الذهاب إلى مفاوضات سلام فوراً، لكن الذي يدفع المنطقة إلى الانفجار هو جنون الحكومة الإسرائيلية اليمينية وسياساتها المتطرفة».
وطلب عباس «وقف الإجراءات الإسرائيلية أحادية الجانب، بما فيها إلغاء العقوبات على السلطة الفلسطينية، ووقف اقتطاع أموال الضرائب، ووقف اقتحامات المناطق الفلسطينية، ووقف دفع خطط بناء استيطاني في الضفة الغربية، ولجم المستوطنين في القدس والضفة، وإبقاء الوضع القائم في المسجد الأقصى دون أي تغييرات أو استفزازات».
وقال عباس لبلينكن: «ما يحدث اليوم تتحمل مسؤوليته الحكومة الإسرائيلية؛ بسبب ممارساتها التي تقوض حل الدولتين، وتخالف الاتفاقيات الموقعة، وبسبب عدم بذل الجهود الدولية لتفكيك الاحتلال، وإنهاء منظومة الاستيطان، وعدم الاعتراف بالدولة الفلسطينية وحصولها على عضويتها الكاملة في الأمم المتحدة». وانتقد عباس أيضاً، الموقف الأميركي من الصراع، وقال لضيفه: «إن استمرار معارضة جهود شعبنا الفلسطيني في الدفاع عن وجوده وحقوقه المشروعة في المحافل والمحاكم الدولية، وعدم توفير الحماية الدولية لشعبنا، هما سياسة تشجع المحتل الإسرائيلي على مزيد من ارتكاب الجرائم وانتهاك القانون الدولي». ويأتي ذلك «في الوقت الذي يتم فيه التغاضي، من دون رادع أو محاسبة، عن إسرائيل التي تواصل عملياتها أحادية الجانب، بما يشمل الاستيطان، والضم الفعلي للأراضي، وإرهاب المستوطنين، واقتحام المناطق الفلسطينية، وجرائم القتل، وهدم المنازل، وتهجير الفلسطينيين، وتغيير هوية القدس، وانتهاك الوضع التاريخي واستباحة المسجد الأقصى، وحجز الأموال، وما يرافق ذلك من عمليات التطهير العرقي والأبارتهايد». وتحدث عباس عن قراره «وقف التنسيق الأمني» مع إسرائيل وقال إنه جزء من جملة من القرارات، «بدأنا في تنفيذها حماية لمصالح شعبنا، بعد أن استنفدنا كل الوسائل مع إسرائيل، لوقف انتهاكاتها، والتحلل من الاتفاقيات الموقعة، وعدم الالتزام بوقف أعمالها أحادية الجانب». وقال: «شعبنا لن يقبل باستمرار الاحتلال للأبد، ولن يتعزز الأمن الإقليمي باستباحة مقدساته، ودهس كرامته، وتجاهل حقوقه المشروعة في الحرية والكرامة والاستقلال».
وانتقاد عباس للإدارة الأميركية، يأتي في سياق إحباط عام في رام الله من عدم ضغط الولايات المتحدة على إسرائيل بما فيه الكفاية، لوقف سياساتها المدمرة، وعدم التزامها بوعود سابقه للفلسطينيين متعلقة بإعادة فتح القنصلية الأميركية في القدس، وإعادة فتح مكتب منظمة «التحرير» في واشنطن.
ولا يعول الفلسطينيون كثيراً على الجهد الأميركي بالنظر إلى استمرار الحكومة الإسرائيلية في سياستها، لكنهم سينتظرون أي تغيير في تل أبيب قبل أن يطلقوا أحكامهم النهائية على نتائج الجهود الأميركية.
وقال مسؤول فلسطيني لصحيفة «إسرائيل اليوم»، إنه «إذا كان لدى الرئيس عباس انطباع بأنه يتم اتخاذ خطوات فعلية لتنفيذ هذه المطالب، فسوف يفكر في إعادة التنسيق الأمني مع إسرائيل».
وطرح بلينكن وقبله بيرنز، عودة التنسيق الأمني، ورد عليهما عباس: «إن أجزاء من نظام التنسيق الأمني مع إسرائيل مستمرة، على الرغم من إعلان تجميد كامل للتعاون الأمني الأسبوع الماضي، في أعقاب هجوم دامٍ للجيش الإسرائيلي في جنين قُتل خلاله 10 فلسطينيين».
وقال عباس لبيرنز، بحسب مسؤول مطلع تحدث إلى «القناة 12» الإسرائيلية، «إن تبادل المعلومات الاستخباراتية مع إسرائيل - وهو مكون رئيسي للعلاقات الأمنية الحساسة – مستمر، وإن قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية ستواصل عملها في المناطق الفلسطينية، لكن التنسيق الأمني سيعاد بالكامل بمجرد عودة الهدوء».


مقالات ذات صلة

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

المشرق العربي اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

في اليوم الثاني لزيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سوريا، التقى وفداً من الفصائل الفلسطينية الموجودة في دمشق، بحضور وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان. وأكد رئيسي، خلال اللقاء الذي عقد في القصر الرئاسي السوري أمس (الخميس)، أن بلاده «تعتبر دائماً القضية الفلسطينية أولوية في سياستها الخارجية». وأكد أن «المقاومة هي السبيل الوحيد لتقدم العالم الإسلامي ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي»، وأن «المبادرة، اليوم، في أيدي المجاهدين والمقاتلين الفلسطينيين في ساحة المواجهة».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي «مستعربون» بزي نسائي تسللوا إلى قلب نابلس لقتل 3 فلسطينيين

«مستعربون» بزي نسائي تسللوا إلى قلب نابلس لقتل 3 فلسطينيين

قتلت إسرائيل 3 فلسطينيين في الضفة الغربية، الخميس، بعد حصار منزل تحصنوا داخله في نابلس شمال الضفة الغربية، قالت إنهم يقفون خلف تنفيذ عملية في منطقة الأغوار بداية الشهر الماضي، قتل فيها 3 إسرائيليات، إضافة لقتل فتاة على حاجز عسكري قرب نابلس زعم أنها طعنت إسرائيلياً في المكان. وهاجم الجيش الإسرائيلي حارة الياسمينة في البلدة القديمة في نابلس صباحاً، بعد أن تسلل «مستعربون» إلى المكان، تنكروا بزي نساء، وحاصروا منزلاً هناك، قبل أن تندلع اشتباكات عنيفة في المكان انتهت بإطلاق الجنود صواريخ محمولة تجاه المنزل، في تكتيك يُعرف باسم «طنجرة الضغط» لإجبار المتحصنين على الخروج، أو لضمان مقتلهم. وأعلنت وزارة

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي مشروع قانون إسرائيلي يتيح لعوائل القتلى مقاضاة السلطة واقتطاع أموال منها

مشروع قانون إسرائيلي يتيح لعوائل القتلى مقاضاة السلطة واقتطاع أموال منها

في وقت اقتطعت فيه الحكومة الإسرائيلية، أموالاً إضافية من العوائد المالية الضريبية التابعة للسلطة الفلسطينية، لصالح عوائل القتلى الإسرائيليين في عمليات فلسطينية، دفع الكنيست نحو مشروع جديد يتيح لهذه العائلات مقاضاة السلطة ورفع دعاوى في المحاكم الإسرائيلية؛ لتعويضهم من هذه الأموال. وقالت صحيفة «يسرائيل هيوم» العبرية، الخميس، إن الكنيست صادق، بالقراءة الأولى، على مشروع قانون يسمح لعوائل القتلى الإسرائيليين جراء هجمات فلسطينية رفع دعاوى لتعويضهم من أموال «المقاصة» (العوائد الضريبية) الفلسطينية. ودعم أعضاء كنيست من الائتلاف الحكومي ومن المعارضة، كذلك، المشروع الذي يتهم السلطة بأنها تشجع «الإرهاب»؛

«الشرق الأوسط» (رام الله)
المشرق العربي تأهب في إسرائيل بعد «صواريخ غزة»

تأهب في إسرائيل بعد «صواريخ غزة»

دخل الجيش الإسرائيلي في حالة تأهب وقصف بدباباته موقعاً في شرق مدينة غزة، أمس الثلاثاء، ردّاً على صواريخ أُطلقت صباحاً من القطاع بعد وفاة القيادي البارز في حركة «الجهاد» بالضفة الغربية، خضر عدنان؛ نتيجة إضرابه عن الطعام داخل سجن إسرائيلي.

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي وساطة عربية ـ أممية تعيد الهدوء إلى غزة بعد جولة قتال خاطفة

وساطة عربية ـ أممية تعيد الهدوء إلى غزة بعد جولة قتال خاطفة

صمد اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة الذي دخل حيز التنفيذ، فجر الأربعاء، منهيا بذلك جولة قصف متبادل بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية استمرت ليلة واحدة (أقل من 24 ساعة)، في «مخاطرة محسوبة» بدأتها الفصائل ردا على وفاة القيادي في «الجهاد الإسلامي» خضر عدنان في السجون الإسرائيلية يوم الثلاثاء، بعد إضراب استمر 87 يوما. وقالت مصادر فلسطينية في الفصائل لـ«الشرق الأوسط»، إن وساطة مصرية قطرية وعبر الأمم المتحدة نجحت في وضع حد لجولة القتال الحالية.

كفاح زبون (رام الله)

محامون دوليون يلاحقون ثروات آل الأسد

أرشيفية للأسد وزوجته أسماء في قصر الإليزيه بباريس 14 يوليو 2008 (أ.ف.ب)
أرشيفية للأسد وزوجته أسماء في قصر الإليزيه بباريس 14 يوليو 2008 (أ.ف.ب)
TT

محامون دوليون يلاحقون ثروات آل الأسد

أرشيفية للأسد وزوجته أسماء في قصر الإليزيه بباريس 14 يوليو 2008 (أ.ف.ب)
أرشيفية للأسد وزوجته أسماء في قصر الإليزيه بباريس 14 يوليو 2008 (أ.ف.ب)

يقود محامو حقوق الإنسان الجهود للعثور على أصول ثروات قامت عائلة الأسد بتخزينها على مدى نصف قرن من الحكم الاستبدادي، بغرض استردادها لصالح الشعب السوري، بحسب ما أوردت صحيفة «وول ستريت جورنال».

وبنت عائلة الأسد شبكة واسعة من الاستثمارات والمصالح التجارية على مدى عقود، منذ استولى الأب حافظ الأسد على السلطة في عام 1970. ووفقاً لمسؤولين أميركيين سابقين ومحامين ومنظمات بحثية حققت في ثروات العائلة الحاكمة السابقة، فقد تم رصد مشتريات دولية قام بها أقارب الرئيس المخلوع بشار الأسد، مثل عقارات رئيسة في روسيا وفنادق بوتيك في فيينا وطائرة خاصة في دبي.

وقال أندرو تابلر، المسؤول السابق في البيت الأبيض الذي حدد أصول أفراد عائلة الأسد من خلال العمل على العقوبات الأميركية: «ستكون هناك عملية مطاردة دولية لأصول النظام. لقد كان لديهم الكثير من الوقت قبل الثورة لغسل أموالهم. وكان لديهم دائماً خطة بديلة، وهم الآن مجهزون جيداً للمنفى».

وقال تقرير الصحيفة الأميركية، إنه لا أحد يعرف الحجم الدقيق لثروة عائلة الأسد، ومن هو تماماً العضو في العائلة الذي يسيطر على هذه الأصول. غير أن تقريراً صادراً عن وزارة الخارجية في عام 2022، ذكر أنه من الصعب تحديد رقم حجم الثروات، لكن التقديرات تقول إن ثروة عائلة الأسد تصل قيمتها العليا إلى 12 مليار دولار، وأقل تقدير لها قد يصل إلى مليار دولار.

جانب من الكبتاغون الذي تم العثور عليه (أ.ف.ب)

وقال التقييم إن الأموال تم الحصول عليها غالباً من خلال احتكارات الدولة والاتجار بالمخدرات، وخاصة الأمفيتامين والكبتاغون، وإعادة استثمارها جزئياً في خارج نطاق القانون الدولي. واستمرت ثروة عائلة الأسد في النمو، في حين عانى السوريون العاديون من تأثير الحرب الأهلية في البلاد التي بدأت في عام 2011. وحسب البنك الدولي، فإن نحو 70 في المائة من السكان يعيشون في فقر، وذلك في عام 2022.

وكان العديد من أقوى الشخصيات في النظام الأمني من ذوي العقلية التجارية، ولا سيما زوجة بشار الأسد المولودة في بريطانيا، أسماء (الأخرس)، وهي مصرفية سابقة في «جي بي مورغان». وقال توبي كادمان، وهو محامٍ متخصص في حقوق الإنسان ويعمل في لندن، كما يعمل مع منظمة «غيرنيكا 37» للعدالة الدولية، والذي حقق في أصول الأسد: «كانت الأسرة الحاكمة خبيرة في العنف الإجرامي مثلما كانت خبيرة في الجرائم المالية».

صورة لأسماء الأسد في إحدى غرف «قصر الشعب» (رويترز)

ومن المرجح أن يكون العثور على هذه الأصول وتجميدها أمراً صعباً. فقد شنت الولايات المتحدة حملة عقوبات مطولة ضد نظام الأسد، الأمر الذي أجبر رجاله على إخفاء ثرواتهم خارج الغرب ومن خلال الملاذات الضريبية.

وقد أمضى المحققون الذين قادوا عملية البحث عن المليارات التي خبأها الرئيس العراقي صدام حسين، والرئيس الليبي معمر القذافي، سنوات في ملاحقة الأشخاص المرتبطين بالديكتاتوريين، والتنقل بين الشركات الوهمية، ورفع الدعاوى القضائية الدولية لاستعادة الأموال، ولكن نجاحهم كان محدوداً، بحسب «وول ستريت جورنال» التي نوهت بأن من بين ما يقدر بنحو 54 مليار دولار من الأصول التي تراكمت لدى النظام الليبي السابق، على سبيل المثال، لم يتم استرداد سوى القليل جداً، بما في ذلك عقار في لندن بقيمة 12 مليون دولار، و100 مليون دولار نقداً في مالطا.

غير أن الفرق القانونية نجحت في تأمين تجميد بعض الأصول المتعلقة بثروة عائلة الأسد. ففي عام 2019، جمدت محكمة في باريس ممتلكات بقيمة 90 مليون يورو - أي ما يعادل 95 مليون دولار - في فرنسا يملكها رفعت الأسد، عم بشار الأسد الذي أشرف على حملة قمع وحشية للمعارضة في عام 1982. وقضت المحكمة بأن الأصول تم الحصول عليها من خلال غسل منظم للأموال العامة المختلسة.

رجل الأعمال السوري رامي مخلوف (فيسبوك)

وكان حافظ الأسد قد وضع صهره محمد مخلوف، الموظف المتواضع في شركة طيران آنذاك، ليكون مسؤولاً عن احتكار استيراد التبغ المربح في البلاد.

وأصبح ابنه رامي مخلوف فيما بعد الممول الرئيس للنظام بأصول في البنوك والإعلام والمتاجر المعفاة من الرسوم الجمركية وشركات الطيران والاتصالات، وبلغت ثروته ما يصل إلى 10 مليارات دولار، وفقاً لوزارة الخارجية. وقد فرضت الحكومة الأميركية عقوبات على مخلوف في عام 2008 بسبب استفادته من الفساد العام لمسؤولي النظام السوري ومساعدته.

وقال بوردون، المحامي الباريسي الذي حقق في أصول الأسد، إنه من المتوقع أن آل مخلوف يجنون الأموال نيابة عن الرئيس، ويمولون النظام وعائلته الحاكمة عند الحاجة. وأضاف بوردون: «آل مخلوف هم أمناء سر آل الأسد».

وذكر رامي مخلوف في طلب للحصول على الجنسية النمساوية، حصل عليه «مشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد»، وهو منظمة غير ربحية لمكافحة الفساد، أن عائلة مخلوف اشترت أيضاً فنادق بوتيك بقيمة 20 مليون يورو في فيينا، وامتيازاً مرتبطاً ببار «بوذا»؛ الصالة الراقية في باريس.

موسكو سيتي... وهو حي ضخم فيه مساكن فاخرة ومقرات شركات لعائلة الأسد ويُعتقد أنهم يسكنون هنا

وبحسب تحقيق أجرته مجموعة مكافحة الفساد «جلوبال ويتنس» في عام 2019، فإن أفراد عائلة مخلوف يمتلكون أيضاً عقارات بقيمة 40 مليون دولار تقريباً في ناطحات سحاب فاخرة في موسكو. وفي عام 2020 توترت العلاقة الاقتصادية في قلب النظام السوري؛ فقد همّش بشارُ الأسد رامي مخلوف علناً. ولا تزال ظروف خلافهما غامضة.

وقالت وزارة الخارجية الأميركية، إن أسماء الأسد وعائلتها جمعوا «ثروات غير مشروعة على حساب الشعب السوري من خلال سيطرتهم على شبكة واسعة النطاق غير مشروعة، لها روابط في أوروبا والخليج وأماكن أخرى». وقال بوردون، محامي حقوق الإنسان في باريس: «لدينا واجب استعادة الأموال للشعب السوري».