الفلسطينيون ينددون بتشريعات إسرائيلية حول الضم... ويحذّرون من حرائق

منح سموتريتش الصلاحيات على الإدارة المدنية اختبار لعلاقة تل أبيب بالعالم

شبان فلسطينيون يرشقون بالحجارة عربة عسكرية إسرائيلية في بلدة سالم شرق نابلس أمس (أ.ف.ب)
شبان فلسطينيون يرشقون بالحجارة عربة عسكرية إسرائيلية في بلدة سالم شرق نابلس أمس (أ.ف.ب)
TT

الفلسطينيون ينددون بتشريعات إسرائيلية حول الضم... ويحذّرون من حرائق

شبان فلسطينيون يرشقون بالحجارة عربة عسكرية إسرائيلية في بلدة سالم شرق نابلس أمس (أ.ف.ب)
شبان فلسطينيون يرشقون بالحجارة عربة عسكرية إسرائيلية في بلدة سالم شرق نابلس أمس (أ.ف.ب)

بدأت مواجهة سياسية مبكرة بين السلطة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية المرتقبة حتى قبل أن تتشكل رسمياً، وذلك مع دفع الائتلاف الحاكم سلسلة مشاريع في الكنيست الإسرائيلي منحت صلاحيات واسعة للمتطرفين على حياة الفلسطينيين في الضفة.
وقال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ، إن مشاريع القرارات التي أقرتها الهيئة العامة للكنيست تتضمن قراراً سياسياً بالضم الكامل لمناطق ما يسمى «ج» في الضفة الغربية.
ولفت إلى أن هذا يعني شطباً كاملاً لكل الاتفاقيات الموقعة وخرقاً فاضحاً للشرعية الدولية.
وكانت الهيئة العامة للكنيست صادقت بالقراءة التمهيدية على تعديل عدة قوانين، بينها قانون أساس الحكومة يهدف إلى إتاحة تعيين رئيس حزب «شاس» آرييه درعي بمنصب وزير على الرغم من إدانته بمخالفات ضريبية، ومشروع قانون «بن غفير» الذي يتضمن تعديلاً على مرسوم الشرطة، ويخول لوزير الأمن القومي المكلف إيتمار بن غفير تحديد سياسة الشرطة، ومشروع ثالث يمكّن زعيم «الصهيونية الدينية» بتسلئيل سموتريتش من تولي منصب وزير مستقل في وزارة الدفاع يسيطر على الإدارة المدنية المسؤولة عن حياة الفلسطينيين. والمشروع الرابع يجعل من الصعب على أعضاء الكنيست المتمردين الانفصال عن فصائلهم البرلمانية دون عقوبات، وهو مشروع قانون طالب به الليكود على وجه التحديد.
وتعيين وزير مستقل مسؤول عن الإدارة المدنية داخل وزارة الدفاع غير مسبوق في إسرائيل.
والإدارة المدنية التابعة للجيش الإسرائيلي هي الجهة المسؤولة عن تنظيم الاستيطان ومنح تراخيص البناء للفلسطينيين في مناطق تحت السيطرة الإسرائيلية «ج»، وهدم مبانٍ وشق طرق وإصدار تصاريح ومصادرة أراض وإعطاء رخص كهرباء ومياه. وهذا يعني منح «الصهيونية الدينية» المسؤولية عملياً عن حياة الفلسطينيين في الضفة.
وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن ذلك سيمثل اختباراً لعلاقة الحكومة الجديدة مع المجتمع الدولي، وخاصة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
وتعمل الإدارة الأميركية، وكذلك دول أوروبية، بشكل حثيث مع مكتب «المنسق» في الإدارة المدنية، المسؤول عن تنظيم حياة الفلسطينيين في الحكومة الإسرائيلية من أجل معالجة قضايا في المنطقة «ج»، ومتابعة مسائل متعلقة بتعزيز السلطة وتقديم تسهيلات لها.
وكانت الإدارة الأميركية رفضت تعيين سموتريتش وزيراً للدفاع. وأبلغ سفير الولايات المتحدة لدى إسرائيل توم نايدز، نتنياهو هذا الأمر، وحذره من وضع سموتريتش في هذا المنصب، وتعهد بمقاومة أي عملية ضم مستقبلية.
لكن تعيين سموتريتش مسؤولاً عن الإدارة المدنية يشكل التفافاً على الموقف الأميركي.
وقال موقع «تايمز أوف إسرائيل» إن سموتريتش، المتوقع أن يتولى المنصب الجديد في وزارة الدفاع، مؤيد شديد للاستيطان ويدافع عن ضم أراضي الضفة الغربية.
واتهم وزير الدفاع المنتهية ولايته بيني غانتس التحالف المقبل بمحاولة إنشاء وزارة دفاع موازية تكون مسؤولة عن الضفة الغربية، وحذر من أنه لم يتم تحديد حدود السلطة بوضوح في مسودة اتفاقيات الائتلاف.
وأضاف أنه إلى جانب الصلاحيات الموسعة الموعودة لبن غفير في وزارة الشرطة -المقرر أن تشمل نقل قسم حرس الحدود في الضفة الغربية من قيادة الجيش الإسرائيلي إلى الشرطة- فإن توزيع مسؤوليات وزارة الدفاع على هرميات قيادية مختلفة سيضر بالأمن. وقال لأعضاء الائتلاف المقبل: «من أجل تشكيل حكومة، أنتم تفككون الأمن».
ويرى مراقبون في إسرائيل أن تكليف وزير متطرف بالمسؤولية عن بناء المستوطنات في الضفة الغربية قد يخلق وضعاً شبيهاً بالضم. ومخاطباً سموتريتش، قال غانتس إن الضم الفعلي سيكون أسوأ من الضم الرسمي، وتحدى الوزير المقبل إخراج إسرائيل من مأزقها في الضفة الغربية.
وقال غانتس متحدثاً عن الضفة الغربية، التي تخضع لحكم الجيش الإسرائيلي العسكري منذ احتلالها عام 1967، «إذا كانت الرغبة وضع الإقليم تحت السيطرة المدنية، فلا تخترعوا مكاتب وإدارات وتطبقوا قوانين خاصة. أبسطوا السيادة وتعاملوا مع العواقب».
وفشلت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة في صياغة سياسة نهائية تجاه الضفة التي يقطنها ما يقرب من 3 ملايين فلسطيني، ويستوطن فيها أكثر من 500 ألف يهودي بالقوة. وبدلاً من ذلك، واصلت السماح بالاستيطان اليهودي.
وقال غانتس: «حتى رئيس الوزراء المكلف بنيامين نتنياهو يعرف أن الضم الأحادي الجانب سيكون كارثة أمنية ونهاية للرؤية الصهيونية لدولة يهودية وديمقراطية».
وتخشى إسرائيل من أن يخلق دمج السكان الفلسطينيين في الضفة الغربية كمواطنين في الدولة الإسرائيلية، أزمة ديموغرافية تهدد الأغلبية اليهودية. وفي الوقت نفسه، فإن السيناريو البديل هو الضم دون منح الحقوق الكاملة للسكان الفلسطينيين، والذي يعتبره المجتمع الدولي فصلاً عنصرياً، ويرفضونه بشدة، لكنه احتمال لا يخشى بعض أعضاء الأحزاب اليمينية المتطرفة منه.
وقالت وزارة الخارجية الفلسطينية إن «شرعنة وتنفيذ مواقف بن غفير وسموتريتش تهديد مباشر لأمن واستقرار المنطقة، وذلك بعد تشريع الكنيست الإسرائيلي بالقراءة التمهيدية للصلاحيات التي منحها نتنياهو لهما».
وأضافت: «تسريع عمليات الضم التدريجي الصامت للضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، وتصعيد عمليات القتل، وهدم المنازل، وإلغاء الوجود الفلسطيني في عموم المناطق المصنفة (ج)، والمزيد من التعليمات التي تسهل على الجنود إطلاق الرصاص الحي على المواطنين الفلسطينيين العزل، وتغيير الوضع القانوني والتاريخي القائم في المقدسات المسيحية والإسلامية وفي مقدمتها المسجد الأقصى المبارك، يعني حسم مستقبل قضايا الصراع التفاوضية من جانب واحد وبقوة الاحتلال، ووأد عملية السلام، وخيار الحل السياسي التفاوضي للصراع، وإدخال المنطقة في أتون حرائق كبيرة يصعب السيطرة عليها».
وتعمل السلطة على عزل الحكومة الإسرائيلية المقبلة ما أمكن. وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس طالب العالم بعدم التعامل مع حكومة إسرائيلية لا تعترف بالشرعية الدولية.


مقالات ذات صلة

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

المشرق العربي اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

في اليوم الثاني لزيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سوريا، التقى وفداً من الفصائل الفلسطينية الموجودة في دمشق، بحضور وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان. وأكد رئيسي، خلال اللقاء الذي عقد في القصر الرئاسي السوري أمس (الخميس)، أن بلاده «تعتبر دائماً القضية الفلسطينية أولوية في سياستها الخارجية». وأكد أن «المقاومة هي السبيل الوحيد لتقدم العالم الإسلامي ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي»، وأن «المبادرة، اليوم، في أيدي المجاهدين والمقاتلين الفلسطينيين في ساحة المواجهة».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي «مستعربون» بزي نسائي تسللوا إلى قلب نابلس لقتل 3 فلسطينيين

«مستعربون» بزي نسائي تسللوا إلى قلب نابلس لقتل 3 فلسطينيين

قتلت إسرائيل 3 فلسطينيين في الضفة الغربية، الخميس، بعد حصار منزل تحصنوا داخله في نابلس شمال الضفة الغربية، قالت إنهم يقفون خلف تنفيذ عملية في منطقة الأغوار بداية الشهر الماضي، قتل فيها 3 إسرائيليات، إضافة لقتل فتاة على حاجز عسكري قرب نابلس زعم أنها طعنت إسرائيلياً في المكان. وهاجم الجيش الإسرائيلي حارة الياسمينة في البلدة القديمة في نابلس صباحاً، بعد أن تسلل «مستعربون» إلى المكان، تنكروا بزي نساء، وحاصروا منزلاً هناك، قبل أن تندلع اشتباكات عنيفة في المكان انتهت بإطلاق الجنود صواريخ محمولة تجاه المنزل، في تكتيك يُعرف باسم «طنجرة الضغط» لإجبار المتحصنين على الخروج، أو لضمان مقتلهم. وأعلنت وزارة

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي مشروع قانون إسرائيلي يتيح لعوائل القتلى مقاضاة السلطة واقتطاع أموال منها

مشروع قانون إسرائيلي يتيح لعوائل القتلى مقاضاة السلطة واقتطاع أموال منها

في وقت اقتطعت فيه الحكومة الإسرائيلية، أموالاً إضافية من العوائد المالية الضريبية التابعة للسلطة الفلسطينية، لصالح عوائل القتلى الإسرائيليين في عمليات فلسطينية، دفع الكنيست نحو مشروع جديد يتيح لهذه العائلات مقاضاة السلطة ورفع دعاوى في المحاكم الإسرائيلية؛ لتعويضهم من هذه الأموال. وقالت صحيفة «يسرائيل هيوم» العبرية، الخميس، إن الكنيست صادق، بالقراءة الأولى، على مشروع قانون يسمح لعوائل القتلى الإسرائيليين جراء هجمات فلسطينية رفع دعاوى لتعويضهم من أموال «المقاصة» (العوائد الضريبية) الفلسطينية. ودعم أعضاء كنيست من الائتلاف الحكومي ومن المعارضة، كذلك، المشروع الذي يتهم السلطة بأنها تشجع «الإرهاب»؛

«الشرق الأوسط» (رام الله)
المشرق العربي تأهب في إسرائيل بعد «صواريخ غزة»

تأهب في إسرائيل بعد «صواريخ غزة»

دخل الجيش الإسرائيلي في حالة تأهب وقصف بدباباته موقعاً في شرق مدينة غزة، أمس الثلاثاء، ردّاً على صواريخ أُطلقت صباحاً من القطاع بعد وفاة القيادي البارز في حركة «الجهاد» بالضفة الغربية، خضر عدنان؛ نتيجة إضرابه عن الطعام داخل سجن إسرائيلي.

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي وساطة عربية ـ أممية تعيد الهدوء إلى غزة بعد جولة قتال خاطفة

وساطة عربية ـ أممية تعيد الهدوء إلى غزة بعد جولة قتال خاطفة

صمد اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة الذي دخل حيز التنفيذ، فجر الأربعاء، منهيا بذلك جولة قصف متبادل بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية استمرت ليلة واحدة (أقل من 24 ساعة)، في «مخاطرة محسوبة» بدأتها الفصائل ردا على وفاة القيادي في «الجهاد الإسلامي» خضر عدنان في السجون الإسرائيلية يوم الثلاثاء، بعد إضراب استمر 87 يوما. وقالت مصادر فلسطينية في الفصائل لـ«الشرق الأوسط»، إن وساطة مصرية قطرية وعبر الأمم المتحدة نجحت في وضع حد لجولة القتال الحالية.

كفاح زبون (رام الله)

عناصر من حزب البعث يسلّمون أسلحتهم الخفيفة في دمشق إلى المعارضة المسلّحة

جندي من «حكومة الإنقاذ» التابعة لـ«هيئة تحرير الشام» (يمين) يتسلم سلاح أحد حراس الأمن السابقين بمكاتب حزب البعث بدمشق 12 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)
جندي من «حكومة الإنقاذ» التابعة لـ«هيئة تحرير الشام» (يمين) يتسلم سلاح أحد حراس الأمن السابقين بمكاتب حزب البعث بدمشق 12 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)
TT

عناصر من حزب البعث يسلّمون أسلحتهم الخفيفة في دمشق إلى المعارضة المسلّحة

جندي من «حكومة الإنقاذ» التابعة لـ«هيئة تحرير الشام» (يمين) يتسلم سلاح أحد حراس الأمن السابقين بمكاتب حزب البعث بدمشق 12 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)
جندي من «حكومة الإنقاذ» التابعة لـ«هيئة تحرير الشام» (يمين) يتسلم سلاح أحد حراس الأمن السابقين بمكاتب حزب البعث بدمشق 12 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

في مكتب فرع دمشق لحزب البعث، أَقدمَ أعضاء في الحزب، الذي كان يتزعّمه الرئيس المخلوع بشار الأسد، على تسليم أسلحة خفيفة، اليوم الخميس، إلى عناصر في المعارضة المسلّحة التي باتت تسيطر على العاصمة.

قال ماهر سمسمية (43 عاماً)، الذي كان مديراً للشؤون الإدارية في «كتائب حزب البعث»، الذارع العسكرية للحزب الحاكم، متنفساً الصعداء: «لم نعد بعثيين». ويضيف: «كنّا مجبَرين على الانتماء (إلى الحزب). بالنسبة لهم ما لم تكن معنا، فأنت ضدنا»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

عنصر من المعارضة السورية المسلّحة يقف خارج مكاتب حزب البعث بدمشق 12 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

وكان الحزب، الذي حكم سوريا على مدى ستين عاماً، قد أعلن، الأربعاء، تعليق أنشطته بعد سقوط حكم بشار الأسد، الأحد، و«تسليم كل الآليات والمركبات والأسلحة» التي يملكها إلى وزارة الداخلية، على أن «توضع كل أملاك وأموال الحزب تحت إشراف وزارة المالية... ويُودَع رِيعها في مصرف سوريا المركزي».

جاء ذلك بعد ثلاثة أيام على سقوط حكم بشار الأسد وفراره إلى روسيا.

ومارَسَ الحزب سياسة الترهيب، وتحكّم بكل مفاصل الحياة، وكان المنتمون إليه بين المَحظيين القلائل الذين يحصلون على وظائف مثلاً وخدمات.

وروى سمسمية أن جميع المسؤولين عنه تواروا عن الأنظار منذ الأحد. قال: «هربوا، اختفوا فجأة».

على مدخل المكتب، وقف مسلّحون يتسلّمون الرشاشات ويكدّسونها فوق بعضها البعض.

مقاتل من المعارضة السورية أثناء مداهمة مكاتب حزب البعث بدمشق 12 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

وقال إن مهمته في الحزب كانت «استقطاب المدنيين ليجري تسليحهم ليقفوا إلى جانب الجيش السوري». وتابع: «فقدنا كثيراً من الشهداء... ذهبوا لأجل قضية لا يعرفون عنها شيئاً».

على غرار ماهر سمسمية، سلّم فراس زكريا (53 عاماً) سلاحه أيضاً. وقال الرجل، الذي كان موظفاً في وزارة الصناعة: «طُلب منّا تسليم السلاح، ونحن نؤيد هذا الأمر... نحن متعاونون لمصلحة هذا البلد».

ومِثل كثيرين غيره، روى زكريا أنه كان مرغَماً على الانتماء للحزب ليتمكّن من الحصول على وظيفة في الدولة. وأضاف: «بحكم وجودنا في هذا البلد، كان ينبغي أن نكون في حزب البعث العربي الاشتراكي لنحصل على أي عمل».

وفي عام 2012، جرى إقرار دستور جديد في سوريا ألغى الدور القيادي للحزب الحاكم، وحلّت مادة نصّت على «التعددية السياسية» محل المادة الثامنة التي تشدّد على دور الحزب «القائد في الدولة والمجتمع». لكن كان ذلك فقط على الورق.

في يوليو (تموز) 2024، فاز الحزب مجدداً بغالبية مقاعد مجلس الشعب، في رابع انتخابات مثيرة للجدل، بعد اندلاع النزاع في عام 2011.

مقاتل من المعارضة السورية يحطم لافتة في مكاتب حزب البعث بدمشق 12 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

صور ممزقة

في مقرّ القيادة المركزية لحزب البعث بوسط دمشق، لم تبقَ إلا صور ممزقة لبشار الأسد، وسيارات مهجورة أمام الحزب، وأوراق مبعثرة، ومكاتب فارغة، ومسلّحون من «هيئة تحرير الشام» يقفون حراساً للمكان.

خلا المقر من جميع المسؤولين والعاملين فيه. هناك كان يجتمع بشار الأسد، الأمين العام للحزب، مع الأعضاء والقيادات.

في الباحة الخارجية، تمثال لحافظ الأسد محطّم على الأرض، وسيارات فارهة صينية الصنع يبدو أنها كانت لمسؤولين في الحزب، أُوقفت في الخارج، جرى تحطيم نوافذها وأبوابها.

في الطابق الأرضي للمبنى، لوحة على الجدار لحافظ الأسد، وابنه باسل الأسد الذي قضى في حادث سير، مع شخصيات أخرى. وهي الصورة الوحيدة لعائلة الأسد التي نجت من التمزيق والتكسير، بعد أن دخل متظاهرون ليلة سقوط حكم حزب البعث، المقرّ.

في مكتب من مكاتب المبنى المؤلف من طبقات عدّة، أوراق تكدّست في مكتبات أو تبعثرت عشوائياً على الأرض، إحداها مؤرخة في 12 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، عبارة عن اقتراح من فرع حلب لحزب البعث لـ«طرد» رفاق بسبب «خيانتهم الوطن والحزب، من خلال تعاملهم مع العصابات الإرهابية المسلحة وقيامهم بالتدريس في مدارس ما يسمى (الائتلاف المعارض)».

تمثال محطّم للرئيس السوري الراحل حافظ الأسد خارج مكاتب حزب البعث بدمشق 12 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

بقيت فناجين من القهوة وقِطع خبز وطعام مكانها في غرفة أخرى من غرف المقر، وكأن من تركها غادر على عجلة.

في طابق تحت الأرض، يقول المسلّحون، الذين يحرسون المكان، الآن، إنه كان يستخدم سجناً، وقد تبعثرت هراوات وبطاقات وبزّات عسكرية على الأرض.

في مستودع خارجي، عثر المسلّحون على صناديق تحتوي على قنابل يدوية ذات صناعة روسية.

وعدد البعثيين في سوريا غير معروف.

وقال مقبل عبد اللطيف (76 عاماً) إنه كان مجبَراً على الانتماء للحزب، مضيفاً أنه عضو في حزب البعث منذ أن كان في المدرسة. وتابع: «لو سار حزب البعث بشكل صحيح، لكانت البلاد بخير».

وأضاف: «في الستينات، كان حزب البعث حقيقياً... البعث الحقيقي الذي نعرفه هو اشتراكية ومحبة والكبير مثل الصغير، هذا ما نعرفه عن حزب البعث الاشتراكي لا الإقطاعي».