قلوب المتبرعين المصابين بـ«كوفيد ـ 19» آمنة للزراعة

لا تختلف نتائج زراعتها مع القلوب المتبرعة غير المصابة

قلوب المتبرعين المصابين بـ«كوفيد ـ 19» آمنة للزراعة
TT

قلوب المتبرعين المصابين بـ«كوفيد ـ 19» آمنة للزراعة

قلوب المتبرعين المصابين بـ«كوفيد ـ 19» آمنة للزراعة

قد يكون القلب المأخوذ من متبرع متوفى وفي الوقت نفسه مُصابٌ بـ«كوفيد - 19»، قلباً آمناً للزراعة Heart Transplantation في صدر مريض يُعاني من المراحل المتقدمة لفشل القلب... هذا ما طرحته نتائج دراسة أميركية حديثة، هي الأولى من نوعها حول هذا الجانب.
الدراسة الجديدة المدعومة من قِبل قسم جراحة القلب والأوعية الدموية بجامعة بنسلفانيا، تم تقديمها ضمن فعاليات الجلسات العلمية لمؤتمر رابطة القلب الأميركية 2022 الذي عُقد في الفترة ما بين 5 إلى 7 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي. وفي عرضها الإخباري لهذه الدراسة، وضعت رابطة القلب الأميركية AHA العنوان «تبدو قلوب المتبرعين المصابين بفيروس (كوفيد – 19) آمنة للزراعة». وأضافت، أن «ذلك آمن تماماً مثل قلوب الأشخاص الذين لا يعانون من ذلك (المرض)، وفقاً لتحليل قصير المدى لأول عمليات زرع من هذا القبيل تم إجراؤها في الولايات المتحدة». وأن هناك حاجة إلى دراسات تبحث في الآثار الصحية المحتملة «طويلة المدى» للقلوب من المتبرعين المصابين بفيروس «كوفيد - 19».
- التعايش مع «كورونا»
تأتي هذه الدراسة لتعطي مزيداً من الدعم العلمي للتوجهات الطبية في التعايش مع مرض «كوفيد - 19»، وذلك بمحاولات تخطي حاجز اعتبار المصابين بهذا المرض غير ملائمين للتبرع بالأعضاء. كما تأتي بعد دراسة سابقة، وأولى من نوعها أيضاً، حول زراعة الكلى Kidney Transplantation من متبرعين مُصابين بـ«كوفيد - 19»، وهي دراسة باحثين من مركز زراعة الأعضاء في كليفلاند كلينيك، وتم نشرها ضمن عدد مايو (أيار) الماضي من مجلة جراحة المسالك البولية Journal of Urology. وكانت بعنوان «زراعة الكلى من المتبرعين الإيجابيين لـ(كوفيد – 19) - سلسلة من 55 حالة». وأشارت تلك الدراسة إلى أن خطر نقل عدوى «كوفيد - 19» من متبرعين متوفين يحملون هذا الفيروس، هو «صفر». وأن من بين 55 مريضاً تلقوا هذه الكلى من مرضى «كوفيد - 19» متوفين، لم يُصب أي منهم بـ«كوفيد - 19» جراء عملية زراعة الكلى.
وفي الدراسة الجديدة حول زراعة القلب، قال الباحثون «تشير هذه النتائج إلى أننا قد نكون أكثر قوة في الإقدام بشأن قبول المتبرعين الذين يوجد لديهم فيروس (كوفيد – 19)، وذلك عندما يكون ثمة مرضى في حاجة ماسة إلى زراعة عضو القلب». وهذه النتائج اللافتة للنظر، والمشجعة بشكل مبدئي، والتي تم تقديمها يوم 6 نوفمبر في مؤتمر الجلسات العلمية لرابطة القلب الأميركية، تعدّ نتائج أولية حتى يتم نشر النتائج الكاملة في مجلة علمية.
ووفق الإرشادات الطبية لعام 2022 الصادرة عن رابطة القلب الأميركية والكلية الأميركية لأمراض القلب ACC وجمعية فشل القلب الأميركية Heart Failure Society of America، يُوصى بإجراء زراعة القلب للأشخاص الذين تتطور حالة فشل القلب لديهم إلى ضعف القلب المتقدم Advanced Heart Failure، أي المرحلة دي Stage D. ويعاني مرضى المرحلة «دي» لفشل القلب، من أعراض شديدة تعيق وتتداخل مع قدراتهم على التعايش مع متطلبات وراحة عيش الحياة اليومية، مثل ضيق التنفس والتعب والتورم في الساقين أو الكاحلين أو القدمين أو البطن. وحتى مع تلقي أحدث ما هو متوفر اليوم من أدوية ومعالجات، يمكن أن يؤدي قصور القلب المتقدم إلى دخول المستشفى بشكل متكرر نتيجة تراكم السوائل في أماكن مؤثرة من الجسم، كالرئتين على وجه الخصوص، ما يُعيق القدرة على التنفس وبذل الجهد البدني والنوم براحة، بما يُشبه الشعور بالغرق.
وأفادت رابطة القلب الأميركية، بأن قائمة الانتظار لزراعة القلب، تشمل اليوم أكثر من 3 آلاف مريض. ينتظرون توفر قلب من متبرعين متوفين حديثاً. وأن الطلب على زراعة القلب ارتفع بأكثر من الضعف، خلال ما بين أعوام 1988 و2020.
- زراعة ناجحة
وقام الباحثون في الدراسة الجديدة، بتحليل البيانات حول 3289 عملية زراعة قلب أُجريت في الولايات المتحدة في الفترة ما بين فبراير (شباط) 2021 إلى مارس (آذار) 2022. وتضمنت أول 84 حالة زراعة قلب من أشخاص ثبتت إصابتهم المرافقة بـ«كوفيد - 19» حال أخذ قلوبهم للزراعة. وفيما بين منْ تلقوا قلباً للزراعة من شخص مُصاب بـ«كوفيد - 19» وشخص غير مُصاب به، قارن الباحثون المضاعفات بعد الجراحة، مثل رفض الجسم للقلب المزروع Organ Rejection، والسكتة الدماغية بعد الجراحة، والحاجة إلى غسيل الكلى نتيجة الفشل الكلوي ما بعد العملية، إلى جانب معدل حول الوفاة خلال فترة الـ30 يوماً التالية لإجراء عملية زراعة القلب. ونظر الباحثون على وجه التحديد في الوفيات الناجمة عن الالتهابات الميكروبية في الرئة والمضاعفات المرتبطة بذلك، وهي مخاوف معروفة لدى الأشخاص الذين أصيبوا بـ«كوفيد - 19».
ولكن بالنتيجة لهذه المقارنات الدقيقة والشاملة، لم يجد التحليل فروقاً ذات «دلالة إحصائية» في النتائج بين المجموعتين، وفق ما أفاد الباحثون. وسواء كان القلب قد أُخذ من شخص إيجابي (أي مصاب) لـ«كوفيد - 19» أم لا، فإن كلتا المجموعتين من مُتلقي الزراعة لديهم معدلات وفاة مماثلة في المستشفى وخلال 30 يوماً من عملية الزراعة للقلب. كما كان لديهم أيضاً معدلات مماثلة من المضاعفات المتعلقة بالعملية الجراحية ذاتها، وكذلك المضاعفات الأخرى المتعلقة بما بعد زراعة القلب.
ونقلت رابطة القلب الأميركية في نشرتها الإخبارية عن الدراسة، تعليق الدكتور إلدرين ف. لويس، رئيس قسم طب القلب والأوعية الدموية في جامعة ستانفورد بكاليفورنيا ورئيس لجنة النشر العلمي بالرابطة والمتخصص في قصور القلب المتقدم وزراعة القلب، بقوله «تقدم هذه النتائج دليلاً على أن النتائج كانت متشابهة في الـ30 يوماً بعد الزراعة بين المرضى الذين تلقوا قلوب متبرعين إيجابية لـ(كوفيد – 19). لذلك؛ يبدو أن المخاطر المحتملة أقل من المتوقع. وفي المقابل، قد يساعد هذا في معالجة النقص في قلوب المتبرعين للزراعة، وتقليل أوقات الانتظار؛ لأن الناس غالباً ما يصابون بالمرض مع تقدم قصور القلب، أثناء انتظار توفر قلب المتبرع».
- انتقاء المرضى الملائمين لتلقي زراعة القلب وواهبيه
> يمكن إجراء عمليات زراعة القلب للأطفال والبالغين حتى سن 70 عاماً، وربما حتى سن 75 عاماً في بعض الظروف.
ولأنها عملية جراحية كبرى، وعلى درجة عالية من التعقيد، ومع ندرة توفر قلوب يُتبرع بها وملائمة للزراعة، فإن عملية زراعة القلب لا تُجرى إلا عندما يتحتم اللجوء إليها حفاظاً على سلامة حياة المريض، ولا تتوفر أي إمكانية له للعيش إلا بزراعة قلب سليم في صدره. وذلك عندما تكون العلاجات الأخرى لمشكلات فشل القلب غير مجدية بالفعل. أي أن زرعة القلب هي العلاج الأخير للأشخاص الذين يعانون من فشل القلب في مرحلته النهائية.
ولدى البالغين، يمكن أن يحصل فشل القلب المتقدّم نتيجة لأي من الأسباب التالية:
- ضعف عضلة القلب، الناجم عن أسباب عدة. أي مرض أصاب عضلة القلب نفسها بالضرر، كالعدوى الميكروبية، أو أحد الأمراض الوراثية، أو دون سبب واضح.
- مرض الانسداد المتقدّم في شرايين القلب التاجية. ما أدى إلى نوبات قلبية تسببت بضرر لا يمكن إصلاحه في القلب.
- مرض صمام القلب المتقدّم.
- عيوب خِلْقية في القلب لا يمكن معالجتها، وأدت إلى فشل القلب في مراحله الأخيرة، الأمر الذي قد يتطلب عملية زرع قلب.
- عدم انتظام ضربات القلب الخَطِرة المتكررة، بما لا يمكن التحكم فيه بواسطة علاجات أخرى.
- عدم نجاح عمليات زراعة القلب السابقة.
وزراعة القلب ليست ملائمة لجميع مرضى فشل القلب، نتيجة أسباب عدة، كوجود أمراض أخرى متقدّمة، أو المرضى الذين ليس لديهم استعداد أو غير قادرين على إجراء تغييرات في نمط الحياة اللازمة للحفاظ على صحة قلب الجديد، أو وجود أمراض ميكروبية مزمنة. ولذا؛ يتم إجراء تقييم شامل لمرضى فشل القلب المتقدّم، قبل وضعهم على قائمة الانتظار لزراعة القلب مستقبلاً. كما يُجري طاقم فريق زراعة القلب تقييماً نهائياً قبيل الزراعة، لتحديد إذا ما كان قلب المتبرِع مناسباً للمريض، وإذا ما كان المريض مستعداً لإجراء الجراحة.

- زراعة القلب... أعقد العمليات الجراحية
> تعدّ عملية زراعة القلب «الأعلى تعقيداً» من بين جميع أنواع العمليات الجراحية الكبرى التي يتم إجراؤها على مستوى العالم.
وعمليات زرع القلب نادرة. وفي عام 2020، تم إجراء أقل من 8200 عملية زراعة قلب في جميع أنحاء العالم. وعمليات زراعة القلب غير شائعة لسببين:
- نقص وفرة قلب المتبرعين، وضرورة أن يكون المتبرع والمتلقي «متطابقين».
- عمليات زراعة القلب هي عمليات جراحية معقدة للغاية. وعلى سبيل المثال في الولايات المتحدة، يوجد أقل من 150 مستشفى تمتلك القدرة على إجراء جراحة زراعة القلب من بين أكثر من 6 آلاف مستشفى.
وجوانب التعقيد فيها لا تتضمن فقط جانب التحدي الجراحي، والتقنيات المتقدمة المستخدمة في استئصال القلب المريض من صدر المريض، ووضع المريض على جهاز القلب الصناعي، ثم استئصال القلب السليم من صدر المتوفى، والحفاظ على حيويته، وبعدها زراعة هذا القلب السليم في صدر المريض. بل ثمة تعقيدات إكلينيكية في التعامل مع حالة المريض نفسه، الذي وصل إلى المراحل المتقدمة جداً في ضعف القلب، وتداعياته ومضاعفاته على الأعضاء الأخرى في جسمه، لتهيئته للدخول في هذه العملية الجراحية الكبرى.
ثم ثمة تعقيدات تتطلب متابعة طبية دقيقة في التعامل مع حالة المريض بعد زراعة القلب السليم في صدره، من نواحي بدء هذا القلب المزروع في العمل، ومتابعة نشاطه وأي مضاعفات قلبية فيه، وتقبّل جسم المريض للقلب المزروع بداخله، وتأثيرات الأدوية الخافضة لنشاط جهاز المناعة لديه كي لا يرفض جسم المريض هذا القلب الجديد، وتعقيدات الوقاية من الإصابة بأي عدوى ميكروبية نتيجة إضعاف جهاز المناعة لديه، وجوانب أخرى من التعقيدات الاكلينيكية في عمل الأعضاء الأخرى في الجسم، ناهيك عن الجوانب النفسية وعودة قدرات ممارسة النشاط البدني والتغذية وغيره.
وعلى الرغم من الخطورة الجراحية لعملية زراعة القلب، وعلى الرغم من جميع جوانب تعقيدات المعالجة الطبية قبلها وخلالها وبعدها، وعلى الرغم من عدم ضمان حصول احتمالات المفاجآت في الانتكاسات الإكلينيكية، فإن فرصة تخطي ونجاة المريض هي بالفعل جيدة، ويرجع ذلك بالدرجة الأولى لعمل الطاقم الطبي في المراحل التي تسبق العملية، وخلالاها، والفترة التالية لها، إلى حين خروج المريض من المستشفى.
ثم بعد ذلك، ثمة مخاطر إكلينيكية أخرى لنجاح استمرار كفاءة عمل القلب المزروع لاحقاً، كرفض الجسم للقلب المزروع بعد حين، وفشل القلب المزروع، والتطور السريع لأمراض الشرايين القلبية في القلب المزروع، والعدوى الميكروبية لأن الأدوية الكابتة للمناعة تجعل الجسم أكثر عُرضة للعدوى، والآثار الجانبية لأنواع من الأدوية التي يتعين على المريض تناولها للحفاظ على سلامة وكفاءة عمل القلب المزروع.
ويفيد أطباء القلب في مايو كلينك بالقول «تختلف معدلات البقاء على قيد الحياة بعد زراعة القلب بناءً على عدد من العوامل. وتستمر معدلات البقاء على قيد الحياة في التحسن على الرغم من زيادة الخطورة لدى مَن أَجروا زراعة القلب من كبار السن. وقد بلغ المعدل الإجمالي للبقاء على قيد الحياة في جميع أنحاء العالم نحو 90 في المائة بعد سنة واحدة، ونحو 80 في المائة بعد خمس سنوات للبالغين».


مقالات ذات صلة

أطعمة تقلل من خطر الإصابة بـ14 نوعاً مختلفاً من السرطان

صحتك استهلاك الأطعمة التي تحتوي على «أوميغا 3» و«أوميغا 6» مثل الأسماك الزيتية يقلل معدل خطر الإصابة بالسرطان (جمعية الصيادين الاسكوتلنديين)

أطعمة تقلل من خطر الإصابة بـ14 نوعاً مختلفاً من السرطان

وجدت دراسة أن استهلاك «أوميغا 3» و«أوميغا 6»، وهي الأحماض الدهنية التي توجد في الأطعمة النباتية والأسماك الزيتية، قد يؤثر على معدل خطر الإصابة بالسرطان.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق الغضب لا يزال يشكل حافزاً مهماً للنجاح في العالم الحديث (رويترز)

الأشخاص الغاضبون «أكثر ميلاً للنجاح»... كيف؟

كشف أحد علماء الأعصاب أن الأشخاص الغاضبين أكثر ميلاً للنجاح، وقال الدكتور جاي ليشزينر إن الشعور بالغضب قد يكون «محركاً مهماً» للنجاح في العالم الحديث.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم صورة تحت المجهر الإلكتروني والتي قدمها المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية في عام 2024 لجزيئات فيروس جدري القردة باللون البرتقالي الموجودة داخل الخلايا المصابة باللون الأخضر (أ.ب)

كندا ترصد أول إصابة بسلالة فرعية من جدري القردة

أكدت وكالة الصحة العامة الكندية أمس (الجمعة) رصد أول حالة إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة في كندا لدى شخص في مانيتوبا.

«الشرق الأوسط» (مونتريال)
المشرق العربي فلسطيني يحمل طفلة صغيرة مصابة داخل مستشفى كمال عدوان في قطاع غزة (أ.ف.ب)

وزارة الصحة: كل مستشفيات غزة ستتوقف عن العمل خلال 48 ساعة

حذرت وزارة الصحة في قطاع غزة من توقف جميع مستشفيات القطاع عن العمل أو تقليص خدماتها خلال 48 ساعة بسبب نقص الوقود، إذ ترفض إسرائيل دخوله للقطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)
صحتك سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

تعتمد الأوساط الطبية بالعموم في تحديد «مقدار وزن الجسم» على عدد الكيلوغرامات بوصفه «رقماً»

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)

استشارات طبية: المغنيسيوم والنوم... وعدم تحمّل دواء خفض الكوليسترول

استشارات طبية: المغنيسيوم والنوم... وعدم تحمّل دواء خفض الكوليسترول
TT

استشارات طبية: المغنيسيوم والنوم... وعدم تحمّل دواء خفض الكوليسترول

استشارات طبية: المغنيسيوم والنوم... وعدم تحمّل دواء خفض الكوليسترول

المغنيسيوم والنوم

• ما تأثير تناول المغنيسيوم الغذائي بالعموم، أو أقراص مكملات المغنيسيوم، على النوم؟

- هذا ملخص أسئلتك. والواقع أن إحدى الدراسات الطبية الواسعة النطاق قد كشفت أن تناول المغنيسيوم بكميات صحية يرتبط بنوم عدد طبيعي من الساعات. وعلى النقيض من ذلك، فإن تناول المغنيسيوم بكميات أقل ارتبط إما بمدة نوم أقصر أو أطول من الطبيعي.

ولكن تجدر ملاحظة أن الجرعة المثلى من المغنيسيوم للنوم تعتمد على عدة عوامل، بما في ذلك العمر والأمراض المصاحبة التي قد تكون لدى الشخص.

وبالأساس، ووفقاً للمبادئ التوجيهية الطبية الحديثة، يوصى بتناول ما بين 310 و360 مليغراماً يومياً من المغنيسيوم للنساء، وما بين 400 و420 مليغراماً للرجال. وتحتاج النساء الحوامل إلى ما بين 350 و360 مليغراماً من المغنيسيوم يومياً.

وأشارت إحدى الدراسات الإكلينيكية إلى أن تناول 500 مليغرام يومياً من مستحضرات أدوية مكملات المغنيسيوم، لمدة 8 أسابيع، يزيد من مدة النوم (Sleep Duration)، ويقلل من زمن فترة «كمون بدء النوم» (Sleep Latency)، وذلك لدى كبار السن. وتُعرّف فترة «كمون بدء النوم» بأنها الفترة الزمنية اللازمة للانتقال من حالة اليقظة التامة إلى حالة النوم وفقدان الوعي.

ومع ذلك، يجدر أيضاً ملاحظة أن هناك أنواعاً مختلفة من مستحضرات أدوية مكملات المغنيسيوم في الصيدليات، بما في ذلك أكسيد المغنيسيوم، وسترات المغنيسيوم، وهيدروكسيد المغنيسيوم، وغلوكونات المغنيسيوم، وكلوريد المغنيسيوم، وأسبارتات المغنيسيوم. وكل نوع من هذه الأنواع من مكملات المغنيسيوم له معدل امتصاص مختلف.

ولذا يُنصح كبار السن (وفق ما تسمح به حالتهم الصحية والأمراض المرافقة لديهم) الذين يعانون من الأرق، بتناول ما بين 320 و729 مليغراماً من المغنيسيوم يومياً من نوع أكسيد المغنيسيوم أو سترات المغنيسيوم. وهذا يمكن التأكد منه عبر سؤال الصيدلي.

وللتوضيح، استخدمت العديد من الدراسات مؤشر جودة النوم في بيتسبرغ (PSQI) كمقياس أساسي للنوم لتقييم تأثير مكملات المغنيسيوم المختلفة. وتمت مقارنة تأثيرات أنواع أكسيد المغنيسيوم وكلوريد المغنيسيوم وسترات المغنيسيوم وأسبارتات المغنيسيوم، على جودة النوم.

وأشارت هذه الدراسات إلى أنه من بين جميع مكملات المغنيسيوم، تعمل أقل جرعة من أكسيد المغنيسيوم على تحسين جودة النوم. وعلى النقيض من ذلك، لم يُظهر كلوريد المغنيسيوم أي تحسن كبير في النوم. ويمكن لمكملات حبوب أسبارتات المغنيسيوم أن تعزز النوم فقط عند تركيز مرتفع للغاية يبلغ 729 مليغراماً.

كما يجدر كذلك ملاحظة أنه ليس من الضروري الحصول على المغنيسيوم من خلال تناول مستحضرات أدوية مكملات المغنيسيوم فقط؛ لأنه أيضاً موجود في أنواع مختلفة من الأطعمة، وبكميات وفيرة تلبي حاجة الجسم وزيادة. ولذا يمكن أن يلبي الاستهلاك المنتظم للأطعمة الغنية بالمغنيسيوم المتطلبات اليومية. وعلى سبيل المثال، يمكن للمرأة غير الحامل البالغة من العمر 40 عاماً تلبية توصيات تناول المغنيسيوم اليومية، بتناول كوب واحد من الكينوا المطبوخة أو كوب واحد من السبانخ المطبوخة أو نحو 30 غراماً من مكسرات اللوز.

ورابعاً، تجدر ملاحظة ضرورة استشارة الطبيب قبل تناول مكملات المغنيسيوم، لسببين رئيسيين. الأول: أن تناول مستحضرات أدوية مكملات المغنيسيوم قد يتفاعل مع أدوية أخرى. وعلاوة على ذلك، فإن تناول جرعة عالية من مكملات المغنيسيوم يمكن أن يسبب الغثيان والإسهال والتشنج العضلي لدى بعض الأشخاص. وعلى النقيض من ذلك، فإن تناول كميات أكبر من المغنيسيوم من مصادر غذائية يعد آمناً إلى حد كبير لأنه يتم هضمه ببطء أكبر ويفرز الزائد منه عن طريق الكلى.

ولا توجد إجابة محددة حتى اليوم لتفسير ذلك الدور الدقيق للمغنيسيوم في تنظيم النوم. وعلى الرغم من أن الأمر غير مفهوم بشكل جيد، فقد اقترح العلماء كثيراً من الآليات التي يمكن من خلالها التأثير على النوم. ومن ذلك الدور النشط للمغنيسيوم في «ضبط» مدى استثارة الجهاز العصبي المركزي. وتحديداً دوره في «خفض» استثارة الجهاز العصبي عبر تأثير المغنيسيوم على النوم من خلال مشاركته في تنظيم نظام جابا (GABA) في الدماغ.

وأيضاً الدور النشط للمغنيسيوم في تحفيز استرخاء العضلات من خلال خفض تركيز الكالسيوم داخل خلايا العضلات. وكذلك تأثيره على مناطق تشابك الأعصاب بالعضلات.

كما يُطرح علمياً تأثير المغنيسيوم على تنظيم الساعة البيولوجية وعلى إفراز هرمون الميلاتونين، وهو هرمون النوم الذي يفرزه الدماغ بكميات متصاعدة من بعد غروب الشمس وانخفاض تعرّض الجسم للضوء. وقد أظهرت دراسات أن نقص المغنيسيوم يقلل من تركيز الميلاتونين في البلازما، ما قد يعيق سهولة الخلود إلى النوم.

كما أشارت الأبحاث الحالية إلى أن مكملات المغنيسيوم تقلل من تركيز الكورتيزول في الدم (هرمون التوتر)، وبالتالي تُهدئ الجهاز العصبي المركزي وتتحسن جودة النوم.

عدم تحمّل دواء خفض الكوليسترول

• تناولت دواء خفض الكوليسترول، وتسبب لي بالتعب وآلام العضلات... بمَ تنصح؟

- هذا ملخص أسئلتك عن تناولك أحد أنواع أدوية خفض الكوليسترول من فئة أدوية الستاتين، وتسببه لك بآلام عضلية. وأول جانب من النصيحة هو التأكد من وجود هذه المشكلة المرتبطة بأدوية الستاتين بالفعل؛ لأن من المهم تناول أدوية خفض الكوليسترول وعدم التوقف عنها، إلا لضرورة.

ولذا لاحظ معي أن أدوية فئة ستاتين (مثل ليبيتور أو كرستور) تُعد الخط الأول لمعالجة ارتفاع الكوليسترول. إلا أن بعض المرضى قد يعانون من آثار جانبية، إما أن تمنعهم من استخدام أحد أدوية الستاتين على الإطلاق، أو تحد من قدرتهم على تحمل الجرعة اللازمة منها لخفض الكوليسترول كما هو مطلوب ومُستهدف علاجياً. وهو ما يُطلق عليه طبياً حالة «عدم تحمّل الستاتين».

ووفق ما تشير إليه الإحصاءات الطبية، فإن «عدم تحمّل الستاتين» قد يطول 30 في المائة من المرضى الذين يتناولون أحد أنواع هذه الفئة من أدوية خفض الكوليسترول. وعدم تحمل الستاتين يشير إلى مجموعة من الأعراض والعلامات الضارة التي يعاني منها المرضى وتتخذ عدة مظاهر. والشكوى الأكثر شيوعاً هي أعراض: إما آلام (دون اللمس والضغط) أو أوجاع (عند اللمس والضغط) أو ضعف أو تشنجات عضلية مختلفة. وتؤثر عادةً على مجموعات العضلات المتناظرة (على الجانبين) والكبيرة والدانية في القرب إلى منتصف الجسم.

وقد يرافق ذلك ارتفاع أنزيم العضلات أو عدم حصول ذلك. كما قد يتسبب بمشاكل في الكلى، أو لا يتسبب بذلك.

ولذا يحتاج الأمر تشخيص وجودها والتعامل الطبي معها لدى مريض ما، وأيضاً تنبه المرضى إلى «بوادر» ظهورها ووضوح في كيفية تعاملهم معها.

ووفق ما تشير إليه المصادر الطبية، تم تحديد عوامل خطر الإصابة بالألم العضلي المرتبط بالستاتين، بما في ذلك التقدم في السن، والجنس الأنثوي، والتاريخ العائلي للإصابة بالألم العضلي المرتبط بالستاتين، وتعاطي الكحول، والأمراض الروماتيزمية، ونقص فيتامين دي المُصاحب. كما أن بعض الأدوية يمكن أن تزيد من المخاطر: الكولشيسين (مضاد التهابات)، فيراباميل أو ديلتيازيم (أدوية قلبية)، الفايبريت (لخفض الدهون الثلاثية)، كلاريثروميسين والإريثروميسين (مضادات حيوية).

ولكن التشخيص الإكلينيكي لهذه الحالة قد يَصعُب على الطبيب. ومع ذلك قد يكون ارتفاع مستوى أنزيم العضلات (الكرياتين كيناز) مشيراً إلى وجود هذه المشكلة. إلا أنه عادة ما يكون مستوى أنزيم العضلات (الكرياتين كيناز) طبيعياً؛ أي دون وجود التهاب وتحلل في الخلايا العضلية. وهنا يلجأ الطبيب إلى مدى وجود العوامل التي ترجح التشخيص الإكلينيكي للاعتلال العضلي المرتبط بالستاتين، والتي منها:

· ألم أو ضعف في العضلات الكبيرة القريبة، يتفاقم بسبب ممارسة الرياضة.

· تبدأ الأعراض بعد 2 إلى 4 أسابيع من بدء تناول الستاتين.

· زوال الأعراض خلال أسبوعين من التوقف.

· تعود الأعراض خلال أسبوعين بعد إعادة تناول الستاتين.

· ظهور الأعراض عند تعاقب تناول نوعين مختلفين أو أكثر من الستاتينات؛ حيث يتم وصف واحدة منها على الأقل بأقل جرعة.

ووفق عدة مُعطيات، يتعامل الطبيب المتابع لحالة الشخص المعين مع هذه المشكلة لكل مريض على حدة.