وزير خارجية تركيا يكشف عن «لقاء سريع» مع نظيره السوري في بلغراد

استبعد اتصالاً قريباً بين إردوغان والأسد ودعا إلى «مصالحة» بين المعارضة والنظام

نسوة يعملن في فرز حبّات الفستق الحلبي في مصنع بمدينة مورك في ريف حماة وسط سوريا أمس (رويترز)
نسوة يعملن في فرز حبّات الفستق الحلبي في مصنع بمدينة مورك في ريف حماة وسط سوريا أمس (رويترز)
TT

وزير خارجية تركيا يكشف عن «لقاء سريع» مع نظيره السوري في بلغراد

نسوة يعملن في فرز حبّات الفستق الحلبي في مصنع بمدينة مورك في ريف حماة وسط سوريا أمس (رويترز)
نسوة يعملن في فرز حبّات الفستق الحلبي في مصنع بمدينة مورك في ريف حماة وسط سوريا أمس (رويترز)

كشف وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو عن إجرائه حديثاً قصيراً مع وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، على هامش الاجتماع رفيع المستوى لدول عدم الانحياز، بمناسبة الذكرى الستين لتأسيسها الذي عقد في بلغراد في أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي.
وقال جاويش أوغلو، في كلمة مساء الخميس في ختام أعمال المؤتمر الـ13 لسفراء تركيا في الخارج الذي عقد بالعاصمة أنقرة على مدى 4 أيام، إنه أجرى لقاء سريعاً مع نظيره السوري فيصل المقداد، العام الماضي، على هامش قمة حركة عدم الانحياز في بلغراد، مشيراً إلى أنه «كان لقاء سريعاً للدردشة».
وأضاف أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يقترح على تركيا، منذ زمن بعيد، التواصل مع الرئيس السوري بشار الأسد. وتابع: «بوتين والمسؤولون الروس قالوا لنا منذ فترة طويلة دعونا نوصلكم بالنظام... كانت هناك لقاءات بين أجهزة المخابرات في البلدين لفترة... الآن بدأت مرة أخرى... تتم مناقشة قضايا مهمة في هذه الاجتماعات».
وقال جاويش أوغلو: «في سوريا هناك نظام وهناك معارضة، ومع مرور 11 عاماً، مات الكثير من الناس، وترك العديد من الناس بلادهم، هؤلاء يجب أن يعودوا... لا يمكن لأحد أن يساعد في البناء دون وقف إطلاق النار، ونحن بصفتنا تركيا، سنبذل قصارى جهدنا، لكن وقف إطلاق النار في قلب كل هذه الأمور، لذا سوف نسرع جهودنا في هذا الشأن».
وأضاف وزير الخارجية التركي: «علينا أن نصالح المعارضة والنظام في سوريا بطريقة ما وإلا فلن يكون هناك سلام دائم... يجب أن تكون هناك إدارة قوية لمنع انقسام سوريا، والإرادة التي يمكنها السيطرة على كل أراضي البلاد لا تقوم إلا من خلال وحدة الصف».
واستبعد جاويش أوغلو فكرة إجراء اتصال هاتفي بين الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ونظيره السوري بشار الأسد في الوقت الحالي، قائلاً إن «الأمر غير وارد حالياً».
وذكرت صحيفة «تركيا» المقربة من الحكومة التركية، الثلاثاء، نقلاً عن مصادر وصفتها بالمطلعة، أنه قد يكون هناك اتصال هاتفي بين إردوغان والأسد قريباً، بناء على اقتراح من بوتين خلال لقائه مع إردوغان في سوتشي الأسبوع الماضي.
وكان جاويش أوغلو، أكد قبل قمة سوتشي، التي عقدت يوم الجمعة، أن أنقرة على استعداد لتقديم «دعم سياسي لا محدود» للحكومة السورية في إخراج الإرهابيين من شمال سوريا، في إشارة إلى «وحدات حماية الشعب» الكردية، أكبر مكونات تحالف «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، التي تهدد تركيا، منذ مايو (أيار) الماضي، بشن عملية عسكرية ضدها في منبج وتل رفعت لاستكمال إقامة مناطق آمنة بعمق 30 كيلومتراً في عمق الأراضي السورية جنوب الحدود التركية لتشكيل حزام أمني في المنطقة.
وزعمت «قسد»، في بيان أمس، أنها نفذت 3 عمليات «نوعية»، الاثنين الماضي، استهدفت تحركات الجيش التركي على الحدود الملاصقة لمدينة ماردين شمال سوريا، وكذلك دباباته وآلياته، مشيرة إلى أن إحدى العمليات أسفرت عن مقتل 7 جنود أتراك وإصابة جنديين آخرين بجروح، فيما أسفرت العمليتان الأخريان عن مقتل 16 جندياً.
في غضون ذلك، ألغت القوات التركية، الخميس، دورية مشتركة مع نظيرتها الروسية كان مقرراً تسييرها بريف الدرباسية بمحافظة الحسكة ضمن الدوريات المعتادة بين الجانبين منذ توقيع تفاهم «سوتشي» الموقع في 22 أكتوبر (تشرين الأول) 2019 بشأن وقف عملية «نبع السلام» العسكرية التركية التي استهدفت مواقع «قوات سوريا الديمقراطية» في شمال شرقي سوريا.
وبعد أن وصلت القوات الروسية إلى معبر شيريك الحدودي قادمة من مطار القامشلي، والتقت القوات التركية هناك، تم إبلاغها بإلغاء الدورية. وتوجهت القوات الروسية بعد ذلك إلى قرية قنيطرة وسط تحليق لطائرتين روسيتين في الأجواء، بحسب ما أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان».
وشهدت الحسكة تصعيداً من جانب القوات التركية خلال الأيام القليلة الماضية، حيث قتل طفل وأصيب آخرون بجروح، الأربعاء، جراء قصف بري تركي على بلدة القحطانية شرق القامشلي. كما قتل مدني بقصف بري تركي على قرية السلماس بريف تل تمر، فيما قتل 4 من العسكريين جراء ضربتين جويتين من قبل طيران مسيّر تركي على الحزام الشمالي للقامشلي يوم الثلاثاء. وأصيب مدني في ناحية عامودا، وعنصران من قوات النظام بالقصف على موقع عسكري في قرية قرمانية بريف الدرباسية. وتعرضت 17 قرية وبلدة لقصف مباشر من قبل القوات التركية المتمركزة داخل الأراضي التركية، كما طال القصف نحو 8 مواقع في ريف الحسكة.
في الوقت ذاته، قصفت القوات التركية المتمركزة في منطقة «نبع السلام» بقذائف المدفعية قريتي كور حسن وعريضة في تل أبيض الغربي، وقرية الهيشة في ريف عين عيسى شمال الرقة، الخميس، استمراراً لتصعيد الهجمات على مناطق سيطرة «قسد» في شمال وشرق سوريا.
وبحسب «المرصد السوري»، لحقت أضرار كبيرة بمحطة لمياه الشرب، نتيجة القصف التركي على محيط قرية الهيشة في ريف عين عيسى شمال الرقة.
كما قصفت القوات التركية وفصائل «الجيش الوطني السوري» الموالي لها محيط قرية الدبس بريف عين عيسى.
إلى ذلك، واصلت تركيا استهدافاتها بالطيران المسيّر لعناصر «وحدات حماية الشعب» الكردية، أكبر مكوّنات «قسد»، حيث قتل مدني بشظايا صاروخ، أمام منزله، بالقرب من موقع استهداف طائرة مسيّرة تركية سيارة كانت تقل قيادياً وعنصراً آخر ضمن التشكيلات التابعة لـ«قسد»، بصاروخين، في قرية ملا سباط بريف القامشلي.
وشهدت مناطق شمال وشمال شرقي سوريا تصعيداً لضربات الطيران المسيّر التركي عقب قمة طهران الثلاثية حول سوريا التي عقدت في 19 يوليو (تموز) الماضي بين الرؤساء الإيراني إبراهيم رئيسي والروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب إردوغان، حيث جرى الحديث عن «ضوء أخضر» روسي - إيراني وتنسيق استخباري أيضاً لتوجيه ضربات تركية نوعية ضد المسلحين الأكراد بهدف إضعاف «قسد» وشل قدراتها، بدل تنفيذ عملية عسكرية تلوّح بها أنقرة منذ مايو (أيار) الماضي في منبج وتل رفعت لاستكمال إقامة مناطق آمنة بعمق 30 كيلومتراً في الأراضي السورية، لتكون بمثابة حزام أمني على حدود تركيا الجنوبية.
وأعلنت روسيا وإيران رفضهما للعملية، على أساس أنها ستؤدي إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة ولن تخدم سوى التنظيمات الإرهابية، بينما أعلنت أميركا رفضها لها لأنها ستشكل خطراً على القوات المشاركة في العمليات ضد تنظيم «داعش» الإرهابي. وتعتبر الولايات المتحدة «الوحدات» الكردية حليفاً وثيقاً في الحرب على «داعش» بينما تعتبرها أنقرة امتدادا لـ«حزب العمال الكردستاني»، المصنف تنظيما إرهابيا، في سوريا. ويشكل الأمر محور خلاف مستمر بين أنقرة وواشنطن.
وقتلت القوات التركية قبل يومين أحد قيادات الصف الأول في «حزب الحياة الحرة» الكردستاني (بجاك) المناهض للنظام في إيران بضربة نفذتها طائرة مسيّرة في القامشلي بمحافظة الحسكة شمال شرقي سوريا، وسط معلومات عن تنسيق بين الاستخبارات التركية والإيرانية.
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن القيادي، وهو إيراني الجنسية، توفي، الأربعاء، متأثراً بجروح أصيب بها قبل 4 أيام جراء استهداف مسيّرة تركية لسيارة في منطقة الصناعة ضمن مدينة القامشلي بالحسكة. وأضاف «المرصد» أن القيادي الذي كان مستهدفاً بالعملية، تمت متابعته من عامودا إلى القامشلي واستهدافه هناك، وأن المعلومات المتوافرة أشارت إلى تنسيق مخابراتي بين الجانبين الإيراني والتركي لاستهدافه.


مقالات ذات صلة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إنَّه «لا يعلم ما إذا كانت سوريا ستعود إلى الجامعة العربية أم لا»، وإنَّه «لم يتسلَّم بصفته أميناً عاماً للجامعة أي خطابات تفيد بعقد اجتماع استثنائي لمناقشة الأمر».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».