درعا على موعد مع تسويات جديدة

مدينة درعا البلد الخاضعة لاتفاق التسوية في جنوب سوريا (الشرق الأوسط)
مدينة درعا البلد الخاضعة لاتفاق التسوية في جنوب سوريا (الشرق الأوسط)
TT

درعا على موعد مع تسويات جديدة

مدينة درعا البلد الخاضعة لاتفاق التسوية في جنوب سوريا (الشرق الأوسط)
مدينة درعا البلد الخاضعة لاتفاق التسوية في جنوب سوريا (الشرق الأوسط)

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية.
مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عدداً من وجهاء بلدات ومدن المحافظة، لإجراء تسويات جديدة مغايرة للتسويات السابقة تستهدف المطلوبين للأجهزة الأمنية داخل سوريا وخارجها، وأنه لن يتم فتح مراكز لإجراء تسويات كما حدث في التسويات الماضية وإنما تسجيل الأسماء الراغبة لدى مخاتير القرى والبلدات والمخافر الشرطية الموجودة في مناطق التسويات، وأنه على الشخص المطلوب الراغب بإجراء تسوية لوضعه تسليم قطعة سلاح يملكها إذا كان اسمه من ضمن المطلوبين الذين يملكون سلاحاً غير شرعي، مع إمكانية طرح تأجيل عن السحب للخدمة العسكرية للمطلوبين للخدمة العسكرية الإلزامية في مناطق التسويات ومنحهم إذناً للسفر في مرحلة لاحقة، وادعت اللجنة وجود مطلوبين تابعين لجماعات متشددة في مناطق بدرعا لم تحددها ومجموعات تعمل بتجارة وترويج المخدرات سوف يتم ملاحقتهم، وتنفيذ أعمال عسكرية للقضاء على هذه المجموعات، وطالبت اللجنة الأمنية التابعة للنظام مناطق التسويات بتسليم السلاح الموجود، معتبرة أنه سلاح غير شرعي ومنتشر، وكان سبباً في استمرار وتصاعد حالة الانفلات الأمني في المحافظة».
وأشار إلى أن أحد وجهاء درعا في أحد الاجتماعات الأخيرة تحدث عن «غطاء من الأجهزة الأمنية لمجموعات كانت سبباً في استمرار الانفلات الأمني وتجارة وترويج المخدرات ووصول خلايا تنظيم (داعش) للمحافظة، وسط وعود من لجنة النظام بمعالجة الأمور»، مشيراً إلى أن «الجانب الروسي الراعي لاتفاق التسوية في المنطقة لم يحضر الاجتماعات الأخيرة».
واعتبر المصدر أن سبب تكرار التسويات في جنوب سوريا أنها محاولات من قوات النظام السوري لفرض سيطرة جديدة على المناطق الجنوبية التي تُعتبر سيطرته فيها شكلية منذ دخولها اتفاق التسوية في عام 2018. ورد عدم نجاح التسويات في المنطقة (رغم أن التسوية المطروحة هي الرابعة) إلى «الطريقة التي انتهت بها الحرب في جنوب سوريا، خصوصاً في محافظة درعا، أي حالة اللاحرب واللاسلم، وإنما هدن طويلة وخفض تصعيد للمناطق التي خضعت لاتفاق التسوية في عام 2018، أدت إلى عدم الاستقرار في المحافظة وخلل كبير بوضعها الأمني، وانتشار الولاءات والتشكيلات والمجموعات المختلفة».
وذكر أنه «مع انطلاق التسويات الأولى 2018 تشكلَ في محافظة درعا فصائل ومجموعات تابعة لحميميم، مثل اللواء الثامن، وأخرى تابعة للأجهزة الأمنية والفرقة الرابعة التي يقودها ماهر الأسد شقيق الرئيس السوري، المتهمة بالدعم من (حزب الله) وإيران، وحتى تنظيم (داعش) و(حزب الله) لا يزالان مستمرين في البحث عن موطئ قدم لهم في المنطقة، ونتيجة الخروقات بالاتفاق من قبل عدة أطراف أبرزها الأجهزة الأمنية، وعدم التقدم بملف المعتقلين القدامى، حيث إن أعداداً قليلة التي خرجت منذ تطبيق اتفاق التسوية الأول عام 2018 من المعتقلين القدامى، وغالباً ما يفرج عن معتقلين حديثاً في التسويات التي تكررت، والتهميش الخدمي وسوء الوضع الاقتصادي والمعيشي، كانت كلها أسباباً مجتمعة لابتعاد الثقة بالاتفاق مع دمشق حتى الآن».
وأجرت قوات النظام السوري في درعا تعزيزات وتحركات عسكرية في بعض مناطق التسويات بدرعا ومناطق من بادية السويداء الشرقية مؤخراً، مع طرح التسويات الجديدة، حيث أرسلت قوات النظام تعزيزات عسكرية إلى أطراف مدينة طفس واليادودة غرب درعا مؤخراً، وعملت على تثبيت نقاط عسكرية جديدة هناك وقطع الطريق المهم الواصل بين طفس واليادودة، إضافة إلى مداهمات نفذتها على مناطق تسكنها العشائر البدوية قرب بلدة المسيفرة والحراك بريف درعا الشرقي، وتحصين معظم النقاط العسكرية في مناطق التسويات، وسط مخاوف بين الأهالي من عمليات عسكرية جديدة تطلقها قوات النظام في المنطقة، كما يحدث عادة مع طرح التسويات الجديدة.


مقالات ذات صلة

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي الأردن يوسّع مشاورات «عودة سوريا»

الأردن يوسّع مشاورات «عودة سوريا»

أطلق الأردن سلسلة اتصالات مع دول عربية غداة استضافته اجتماعاً لبحث مسألة احتمالات عودة سوريا إلى الجامعة العربية، ومشاركتها في القمة المقبلة المقرر عقدها في المملكة العربية السعودية هذا الشهر. وقالت مصادر أردنية لـ«الشرق الأوسط»، إن اجتماع عمّان التشاوري الذي عُقد (الاثنين) بحضور وزراء خارجية مصر والسعودية والعراق والأردن وسوريا، ناقش احتمالات التصويت على قرار عودة سوريا إلى الجامعة العربية ضمن أنظمة الجامعة وآليات اعتماد القرارات فيها. وفي حين أن قرار عودة سوريا إلى الجامعة ليس مقتصراً على الاجتماعات التشاورية التي يعقدها وزراء خارجية مصر والسعودية والعراق والأردن، فإن المصادر لا تستبعد اتفاق

شؤون إقليمية الأسد ورئيسي يتفقان على «تعاون استراتيجي طويل الأمد»

الأسد ورئيسي يتفقان على «تعاون استراتيجي طويل الأمد»

بدأ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي أمس (الأربعاء) زيارة لدمشق تدوم يومين واستهلها بجولة محادثات مع نظيره السوري بشار الأسد تناولت تعزيز العلاقات المتينة أصلاً بين البلدين. وفيما تحدث رئيسي عن «انتصارات كبيرة» حققتها سوريا، أشار الأسد إلى أن إيران وقفت إلى جانب الحكومة السورية مثلما وقفت هذه الأخيرة إلى جانب إيران في حرب السنوات الثماني مع إيران في ثمانينات القرن الماضي. ووقع الأسد ورئيسي في نهاية محادثاتهما أمس «مذكرة تفاهم لخطة التعاون الاستراتيجي الشامل الطويل الأمد». وزيارة رئيسي لدمشق هي الأولى التي يقوم بها رئيس إيراني منذ 13 سنة عندما زارها الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
العالم العربي أميركا تعلن استهداف قيادي كبير في «القاعدة» بسوريا

أميركا تعلن استهداف قيادي كبير في «القاعدة» بسوريا

أعلنت القيادة المركزية الأميركية في بيان أن الولايات المتحدة استهدفت قيادياً كبيراً في تنظيم «القاعدة» بضربة في شمال غربي سوريا. لكن معلومات ميدانية أشارت إلى أن الضربة قتلت «راعي أغنام». وذكرت القيادة المركزية في البيان «في الساعة 11:42 صباحاً بالتوقيت المحلي يوم 3 مايو (أيار)، نفذت قوات القيادة المركزية الأميركية ضربة من جانب واحد في شمال غربي سوريا استهدفت قياديا كبيرا في (القاعدة)».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

اجتماع لبناني - سوري يبحث ملفات مشتركة ويخرق جمود العلاقات

الشرع وميقاتي (أ.ف.ب)
الشرع وميقاتي (أ.ف.ب)
TT

اجتماع لبناني - سوري يبحث ملفات مشتركة ويخرق جمود العلاقات

الشرع وميقاتي (أ.ف.ب)
الشرع وميقاتي (أ.ف.ب)

شهدت العاصمة السورية دمشق اجتماعاً رفيع المستوى بين رئيس الإدارة السورية الجديدة، أحمد الشرع، ورئيس الحكومة اللبنانية، نجيب ميقاتي، الذي زارها على رأس وفد رفيع لبحث الملفات المشتركة، في أول تواصل رسمي بين البلدين، وأول زيارة لرئيس حكومة لبناني إلى سوريا منذ اندلاع الأزمة في عام 2011. وانتظر رئيس حكومة تصريف الأعمال، نجيب ميقاتي، انتخاب رئيس جديد للبنان قبل تلبية دعوة قائد الإدارة السورية الجديدة، أحمد الشرع، لزيارة سوريا.

ميقاتي مغادراً بيروت (أ.ف.ب)

وعلى رأس وفد رسمي رفيع، وصل ميقاتي السبت إلى دمشق؛ حيث عقد مع الشرع مشاورات لحلحلة مجموعة من الملفات العالقة، خصوصاً بعد إشكالات واشتباكات حدودية بين الجيش اللبناني ومسلحين سوريين في الأسابيع الماضية، وكذلك بعد قرار الإدارة الجديدة في دمشق مطلع العام فرض قيود غير مسبوقة على اللبنانيين الذين يرغبون في الدخول إلى أراضيها، في إطار المعاملة بالمثل.

ملف النازحين

ووضع لبنان وسوريا خلال اللقاء هواجسهما على الطاولة. وقال ميقاتي خلال مؤتمر صحافي عقده مع الشرع: «تجمع بلدينا علاقات تاريخية وندية بين الشعبين، وسوريا هي البوابة الطبيعية للبنان إلى العالم العربي، وما دامت سوريا بخير فلبنان بخير».

وأضاف ميقاتي: «واجبنا أن نفعّل العلاقات على قاعدة الاحترام المتبادل، ومن الملح معالجة ملف النزوح وعودة النازحين إلى سوريا. هذا الملف يضغط بشكل كبير على لبنان برمته، ولمستُ تفهماً له، وتطرقنا إلى الوضع بين البلدين على الحدود لمنع أي أعمال تسيء إلى أمنيهما، وهذه الزيارة هي فاتحة خير، وما لمسته من السيد الشرع عن علاقة البلدين يجعلني مرتاحاً».

وعبّر ميقاتي عن ارتياحه لوضع سوريا، والعلاقات اللبنانية - السورية، مشدداً على أنه «على سلّم الأولويات الآن ترسيم الحدود مع سوريا، وهذا قد يأخذ بعض الوقت، ويجب ضبط الحدود ضبطاً كاملاً لوقف أي محاولة تهريب، وسنتعاون عبر تشكيل لجنة مشتركة لترسيم الحدود».

مصافحة بين الشرع وميقاتي على مرأى من أعضاء الوفدين (

التهريب والحدود

من جهته، قال الشرع: «نعطي فرصة لأنفسنا لنبني علاقات جدية قائمة على احترام البلدين وسيادة لبنان وسوريا التي ستقف على مسافة واحدة من الجميع، ونحاول أن نعالج كل المشكلات بالتفاصيل، وتحدثنا عن الودائع السورية في البنوك اللبنانية، والتهريب والحدود، واتفقنا على لجان مختصة تدرس الوضع». ولفت إلى أن «هناك كثيراً من الأمور العالقة، والملفات التي تحتاج إلى وقت لعلاجها، والأولوية الآن للوضع الداخلي وحصر السلاح بيد الدولة، وطمأنة الدول المجاورة، وعلى رأس ذلك موضوع الحدود».

وأضاف الشرع: «كان هناك شبه توافق في لبنان على الرئيس جوزيف عون، ونحن ندعم خيارات التوافق على صعيد الرئاسة وعلى أي صعيد»، مشيراً إلى أنه «ستكون هناك علاقات استراتيجية مع لبنان تُبنى على قواعد سليمة، ونبحث عن حلول هادئة لأي مشكلة».

وشارك في الاجتماع من الجانب اللبناني وزير الخارجية والمغتربين عبد الله بوحبيب، المدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء إلياس البيسري، مدير المخابرات في الجيش العميد طوني قهوجي، ونائب المدير العام لأمن الدولة، العميد حسن شقير. وعن الجانب السوري شارك وزير الخارجية أسعد شيباني، ورئيس الاستخبارات أنس خطاب، ومدير مكتب الشرع علي كده.

عناق بين الشرع وميقاتي (أ.ف.ب)

عون في جو الزيارة

وأشار النائب في تكتل «الاعتدال الوطني» أحمد الخير إلى أن الزيارة تم بثها بعد الأحداث الأمنية التي شهدتها الحدود اللبنانية - السورية، وتُرك للرئيس ميقاتي تحديد توقيتها، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه فضّل حصولها بعد انتخاب رئيس للجمهورية لاستئذانه قبل الذهاب؛ لذلك فإن الرئيس عون في جو هذه الزيارة، ويُدرك تماماً أهميتها للبنان وسوريا على حد سواء.

واستغرب الخير حديث البعض عن أنه لا دولة في سوريا لإتمام هذه الزيارة، لافتاً إلى أن «المجتمعين العربي والدولي سارعا للانفتاح على سوريا الجديدة، واعترفا بالحكم الانتقالي هناك، فكيف، بالأحرى، نحن بصفتنا بلداً جاراً تجمعنا مصالح شتى»، وأضاف: «اليوم سوريا ولبنان عادا معاً إلى كنف الدولة والمؤسسات وإلى موقعيهما الطبيعي في الحضن العربي».