رئيس وزراء إيطاليا في الجزائر لفك تبعية بلاده للغاز الروسي

رئيس وزراء إيطاليا في الجزائر لفك تبعية بلاده للغاز الروسي
TT

رئيس وزراء إيطاليا في الجزائر لفك تبعية بلاده للغاز الروسي

رئيس وزراء إيطاليا في الجزائر لفك تبعية بلاده للغاز الروسي

بحث رئيس الوزراء الإيطالي، ماريو دراغي، أمس في الجزائر مع الرئيس عبد المجيد تبون استيراد كميات إضافية من الغاز الجزائري لتعويض الإمدادات الروسية بالغاز، إثر غزو روسيا لأوكرانيا في 24 فبراير (شباط) الماضي.
ومنذ وصول تبون إلى الحكم أظهر عزما على تكثيف التعاون مع الشريك الأوروبي الكبير، وعلى اعتماد النموذج الإيطالي في مجال المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لتحقيق الإقلاع الاقتصادي المنشود. وقد أحاطت السلطات الجزائرية الزيارة، التي دامت يوما واحدا، بأهمية كبيرة قياسا إلى رغبتها في رفع سقف مبادلاتها التجارية مع روما، وتعزيز تعاونها في مجالات محاربة الإرهاب، والحد من الهجرة الشرعية، وتنسيق المواقف من قضايا سياسية تهم البلدين، وعلى رأسها الأزمة في ليبيا والانتخابات العامة المرتقبة بها، والاضطرابات الأمنية في الساحل وتداعياتها على منطقة جنوب المتوسط. وكانت هذه المواضيع محل نقاش عميق، بين دراغي وتبون مساء أمس، حسب مصادر جزائرية مطلعة على الزيارة.
ورافق دراغي في زيارته وزير التحول البيئي روبرتو شينغولاني، ووزير الخارجية لويجي دي مايو، إضافة إلى الرئيس التنفيذي لمجموعة (إيني) للطاقة كلاوديو ديسكالزي. وقالت صحيفة «كورير ديلاسيرا» الإيطالية إن الهدف من الزيارة توقيع اتفاق لزيادة إمدادات الغاز من الجزائر، التي تعد المورد الثاني لإيطاليا بعد روسيا، والتي تقدر حاليا بـ10 مليارات متر مكعب، تضخ سنوياً عبر خط أنابيب «ترانسميد»، الذي يربط الجزائر بإيطاليا بطول ألفي كلم.
كما نقلت الصحيفة عن دراغي أن بلاده «تعمل على تقليص اعتمادها على الغاز الروسي على وجه السرعة، منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا». مؤكدة أن تنقل دراغي إلى الجزائر «يأتي في سياق محاولات إيطاليا الانعتاق من التبعية للغاز الروسي، إذ اختارت استراتيجية تنويع المزودين. وبالنسبة لرئيس الوزراء، فالجزائر تمثل أول محطة لتجسيد هذه الاستراتيجية، حيث يصل العاصمة الجزائرية الاثنين (أمس) للقاء الرئيس تبون، بهدف التوقيع على اتفاق تزويد على الأقل بـ9 مليارات متر مكعب إضافية من الغاز الطبيعي الجزائري لإيطاليا، حيث يراد رفع قدرات أنبوب ترانسميد من 21 إلى 30 مليار متر مكعب، وهو ما يمثل الثلث من 29 مليار متر مكعب، التي تصل من روسيا من مجموع 75 مليار متر مكعب، تستهلكه إيطاليا سنويا».
ونقلت الصحيفة ذاتها عن مدير عام عملاق الطاقة «إيني» أن «هذا الأمر ممكن، مع فرضية بلوغ 11 مليار متر مكعب إضافية، مع إمدادات مرتقبة من ليبيا أيضا». وضمن هذا «التوجه الطاقوي الجديد»، سيزور دراغي دولا أفريقية أخرى، منها الكونغو وأنغولا والموزمبيق، بهدف إبرام عقود تسمح بتزويد إيطاليا بنحو 5 مليارات متر مكعب.
وخلال زيارته الجزائر في 28 فبراير الماضي، صرح وزير الخارجية الإيطالي، لويجي دي مايو، أن حكومته ملتزمة بزيادة إمدادات الطاقة، ولا سيما الغاز من مختلف الشركاء الدوليين، ومن بينهم الجزائر التي «لطالما كانت موردا موثوقا»، حسبه.
من جهتها، أعلنت مجموعة النفط والغاز الجزائرية المملوكة للدولة «سوناطراك» استعدادها لتزويد أوروبا بمزيد من الغاز، خصوصا عبر خط الأنابيب الذي يربط الجزائر بإيطاليا. وأكد المدير العام للمجموعة، توفيق حكار، أن «للمجموعة قدرة غير مستخدمة على خط أنابيب ترانسميد، يمكن استعمالها لزيادة الإمدادات إلى السوق الأوروبية».
وفي 21 من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، قال تبون خلال مؤتمر صحافي إن بلاده تشبه إيطاليا اقتصاديا. مبرزا أن «النشاط الاقتصادي غير الشرعي كان يمثل نسبة 85 في المائة في إيطاليا بعد الحرب العالمية الثانية، بصرف النظر عمن كان يقف وراء هذه الظاهرة. واليوم بات 85 في المائة من هذا النشاط رسميا»، في إشارة إلى أن الوضع الاقتصادي بالجزائر يشبه الحالة، التي كانت عليها إيطاليا قبل 77 سنة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.